17 نوفمبر، 2024 2:32 م
Search
Close this search box.

تناقضات منتخبات أسيا أم تناقضات مسلمي أسيا

تناقضات منتخبات أسيا أم تناقضات مسلمي أسيا

أنتهت المرحلة الأهم من التصفيات المؤهلة لكأس العالم القادم في روسيا بتأهل أربعة منتخبات أسيوية بشكل مباشر بأنتظار صاحب المقعد الخامس من الملحق.
المنتخبات الأربعة المتأهلة هي منتخبين من شرق أسيا (اليابان و كورية الجنوبية) و منتخبين من غرب أسيا (أيران و العربية السعودية). منتخبان في شرق أسيا يفصل بينهما بحر و تاريخ من الصراعات و منتخبان في شرق أسيا يفصل بينهما كذلك بحر (الخليج) وتاريخ و حاضر من الصراعات. منتخبا شرق أسيا ينتميان لدولتين أحدهما أكبر مساحة, أكثر سكانا و أقدم تاريخيا كدولة أمبراطورية والاخر حديث التأسيس و أصغر مساحة وسكانا وهنالك ابواب مقارنة مشابهة بين دول منتخبي غرب أسيا مع بعض الفوارق. هذا عن اوجه التشابه التي برزت سريعا ولكن سطحيا لمخيلتي حين طالعت أسماء الدول وفكرت في تناقضات الجغرافية الساسية الاسيوية و عن مدى الخلاف بين هذه الدول بالتحديد التي مثلت قارة أسيا دونا عن باقي اعضاء الاتحاد البالغين 47 عضوا. هذه الخلافات التي أثرت على مواقع ملاعب الذهاب والاياب و الجماهير و اختيار طاقم التحكيم وأمور أخرى. ولكن عند التعمق وجدت أنني فكرت في خلافات الجيوبوليتيك أنطلاقا من عقليتي الشرق أوسطية التقليدية. واقعا ليس هناك صراع تاريخي واحتلال متبادل حصل بين أيران والمملكة السعودية كما حصل بين اليابان وكوريا.
تاريخيا, كوريا الجنوبية (والكوريتين عموما) ما تزال تحتفظ في ذاكرتها بمأسي قتل و أغتصاب وتشريد قامت بها الجيوش اليابانية والتي ما زالت كوريا تطالب بالأعتذارعنها وبالتعويضات (و قد حصلت على جزء كبير منها) وقد يحمل الشعب الياباني أتهاما ضمنيا للكوريين بنكبة اليابان في الحرب العالمية الثانية لأنهم كانوا جزءا من التحالف (سواء لوجستيا أو سياسيا). ويضاف لها أختلاف اللغة والقومية والثقافة بين البلدين. رغم ذلك هذه الصراعات انتهت للدرجة التي كان البلدين فيها يقودان, في التسعينيات من القرن الماضي, حملة لأستضافة مشتركة لكاس العالم الذي نجحوا بأقامته لأول مرة في أسيا في العام 2002. وهذا ما فشلت به دول متجاورة تحمل نفي اللغة والقومية والدين والتاريخ المشترك.
أذن , لا تناقض في شرق أسيا. أذ لم نسمع عن صعوبة أو استحالة لعب أحد المنتخبات في بلد المنتخب الاخر و لا منع جماهيره من السفر للبلد الاخر كما حصل في منتخبات غرب أسيا “الأسلامية” بمجموعها. ياترى ماهو الخلاف الذي يجعل العلاقة بين اليابان و كوريا الجنوبية تبدو رومانسية جدا نسبة للعلاقة بين السعودية وأيران اللتان لم تدخلا في حروب مباشرة حديثا ولم تحتل احدهما الاخرى. العجيب ان الصراع لم يكن حول منتخبات البلدين فقط بل أنه أثر حتى على أختيار الملعب المحايد للمنتخب العراقي المحروم من اللعب ببلده منذ عقود بدون ان يحاول أخوته المسلمين الذين يحاولون أن يكونوا “رحماء بينهم” أن يكسروه فعليا ولو بأقامة بطولة غير رسمية فيما بينهم. عيش و شوف من العبر حتى في الرياضة في الشرق الأوسط الذي يجمعه الدين والتاريخ والجغرافية كما يفرقه أيضا الدين والتاريخ والجغرافية.

 

أحدث المقالات