28 مايو، 2024 12:05 م
Search
Close this search box.

تناقضات كتابة تاريخ وفاة النبي  ومظاهر ألآنقلاب ” داعش مثالا ”  

Facebook
Twitter
LinkedIn

وما محمد ألآ رسول قد خلت من قبله الرسل أفأن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ” – 144- أل عمران –
لم تناقش ظاهرة ألآنقلاب على العقب التي تحدث عنها القرأن الكريم وأثبتها كنص من نصوصه المباركة المنزهة عن التلاعب والتحريف , ولآن ألآنقلاب على العقب هو أنحراف خطير لايمكن أن يفسر ألآ بالكفر بماجاء به رسول الله “ص” منزلا من عند الله تعالى , والكفر بما جاء به رسول الله “ص” هو كفر بالله وبما أنزله للبشرية رحمة على لسان نبيه خاتم ألآنبياء والمرسلين , والكفر في اللغة هو ” الستر ” والستر هو حجب الحقائق المتعلقة بتفاصيل ما أنزله الله تعالى للناس على لسان رسله وأنبيائه من علم صار أمانة عند أوصياء ألآنبياء عليهم السلام , وقد أتضح ذلك جليا بالنسبة للعلماء والمحققين عند وصي رسول الله “ص” وهو ألآمام علي بن أبي طالب الذي كان الضحية ألآولى للآنقلاب على العقب الذي حدث مباشرة عند أقتراب التحاق النبي “ص” بالرفيق ألآعلى وبعد وفاته مباشرة , أن المتتبع لتهذيب سيرة أبن هشام التي كتبها عبد السلام هارون سنة 1987 م الموافق 6صفر 1408 هجرية , والتي قامت بطباعتها مكتبة السنة في القاهرة , يجد ألتباسا واضحا في طريقة الحديث عن ألآيام ألآخيرة من الحياة الشريفة لرسول الله “ص” قبل وفاته وأرتفاعه للرفيق ألآعلى , هل كان رسول الله “ص” مريضا ؟ هل فعلا تعرض رسول الله “ص” لسم دس في طعامه ؟ وما مقدار صحة الرواية التي تقول بأن يهودية وضعت سما للشاة المطبوخة التي قدمت لرسول الله “ص” والرواية لم تذكر في تهذيب سيرة أبن هشام , ولسان الرواية ضعيف , فلا يصح أن يوصف رسول الله “ص” بما وصفته الرواية من أنه يحب من الشاة الكراع , وأن اليهودية وضعت السم بالكراع فأكل منه رسول الله “ص” ومضغه ثم أخرجه من فمه ؟ ولذلك يذهب البعض الى أن رسول الله “ص” مات مسموما ؟ وهو أمر غير مستبعد , ولكن ليس بصيغة هذه الرواية فبعض أئمة أهل البيت ألآطهار عليهم السلام قضوا مسمومين كألآمام الحسن عليه السلام دست له السم زوجته جعدة , وكالامام موسى بن جعفرمات مسموما في سجن السندي بن شاهك في بغداد أيام هارون الرشيد  وألآمام علي بن موسى الرضا مات مسموما أيام المأمون العباسي ودفن في خراسان ” مدينة مشهد حاليا ” , وأبن أسحاق في سيرة التي أخذ عنها أبن هشام يقول : أن رسول الله “ص” خرج الى بقيع الغرقد وهي مقبرة أهل المدينة من جوف الليل فأستغفر لهم , ثم رجع الى أهله , فلما أصبح أبتدئ بوجعه من يومه ذلك – 289- تهذيب سيرة أبن هشام , وناقل الخبر هو أبو مويهبة مولى رسول الله .

والذي يتابع ما نقل عن مرض رسول الله “ص” الذي توفي فيه وأنتقل الى الرفيق ألآعلى , يجد أن السيدة عائشة زوج رسول الله وأم المؤمنين هي من تصدرت لسان حال الروايات عن حادثة وفاة رسول الله “ص” مع عدد من الصحابة , ومن يتمعن بأقوال كل واحد منهم يمكنه أن يخلص بنتائج لاترضي المزاج العام لآغلب المسلمين اليوم , ولآن الحق أحق أن يتبع لذا سأقوم بأستعراض بعض ماقيل حول وفاة رسول الله “ص” لنتبين معنى ألآنقلاب على العقب الذي سنجده واضحا جليا في مواقف بعض من كانوا مع رسول الله “ص” أو بالقرب منه , أو من أزواجه الاتي منحهن الله تعالى لقبا هو أمهات المؤمنين كرامة لرسول الله “ص” كما جاء في سورة ألآحزاب -53- قال تعالى ” …  وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا أن ذلكم كام عند الله عظيما ” – 53- ألآحزاب – ولكن زوجات ألآنبياء غير معصومات من الخطأ وهذا مما لم يأخذ به بعض المسلمين لاسيما الذين وقعوا في ممارسة ألآنقلاب على العقب والذين غالوا في التودد والتقديس لبعض نساء النبي دون بعض حتى ليبدو للمتابع والمراقب أن بعض نساء النبي منحن درجة العصمة لدى فريق من المسلمين وذلك خلافا لقوله تعالى ” ضرب الله مثلا للذين كفروا أمرأة نوح وأمرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما ” والخيانة هنا هي خيانة ألآمانة الرسالية وليست خيانة الشرف , مثلما منحت شخصيات أخرى درجة القداسة في حين أن ما موجود في سيرة أبن هشام يخالف ذلك التقديس , وسيرة أبن هشام هي خلاصة لسيرة أبن أسحق , وكلا السيرتين هما خلاصة لما كتبه مؤلفو السير وهم من فريق واحد , فأول من كتب السيرة من هذا الفريق هو عروة بن الزبير بن العوام “92 ” هجرية , وأبان بن عثمان “105 ” هجرية , ووهب بن منبه ” 110 ” هجرية وشرحبيل بن سعد “123 ” هجرية , وأبن شهاب الزهري ” 124 ” هجرية , وعبد الله بن أبي بكر بن حزم ” 135″ هجرية , ثم جاءت طبقة أخرى منها موسى بن عقبة ” 141″ هجرية , ومعمر بن راشد ” 150 ” هجرية , ومحمد بن أسحاق ” 152 ” هجرية , وطبقة أخرى منها زياد البكائي ” 183 ” هجرية , والواقدي صاحب المغازي ” 207 ” هجرية , وأبن هشام ” 218 ” هجرية , ومحمد بن سعد صاحب الطبقات ” 230 ” هجرية   ص11- تهذيب سيرة بن هشام –

نعود الى أسماء الشخصيات التي تصدرت رواية ما جرى لرسول الله “ص” قبيل وفاته , وبعد وفاته , وعلاقة تلك ألآسماء بألآنقلاب على العقب , فأول تلك ألآسماء هي شخصية زوج النبي “ص” أم المؤمنين عائشة حيث تقول : ” رجع رسول الله “ص” من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي , وأنا أقول : وا رأساه ؟ فقال : بل أنا والله ياعائشة , وا رأساه ؟ ثم قال : وما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك ؟ قلت : والله لكأني بك لو قد فعلت ذلك لقد رجعت الى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك – تهذيب سيرة أبن هشام – ص 290 – هذا المستوى من الحديث لايتناسب مع مقام رسول الله “ص” ولا يليق بمستوى زوجة لرسول الله “ص” لاتفكر ألآ بالغيرة من بقية نساء النبي , ثم أن النبي “ص” وكل ألآنبياء لايليق بهم عندما يتعرضوا لمرض أو مكروه يشكوه للناس , لآن الشكوى للناس هي شكوى على الله تعالى وهي تذهب ألآجر , وما جرى بين النبي يعقوب والراهب حيث شكا يعقوب للراهب أن سبب هرمه هو ” الهم ” ثم التفت يعقوب الى أنه بذلك شكا الله فخر راكعا وطلب التوبة مما صدر عنه ؟ فأذا كان يعقوب “ع” على هذا المستوى من الورع , فخاتم ألآنبياء والمرسلين وهو أفضل ألآنبياء أولى أن لايشكو من صداع أو أي ألم أخر الآ لربه تعالى .

والحديث الثاني لعائشة زوج النبي “ص” كما عن يعقوب بن عتبة , عن محمد بن مسلم الزهري , عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة , عن عائشة قالت : فخرج رسول الله “ص” يمشي بين رجلين من أهله , أحدهما الفضل بن عباس , ورجل أخر , عاصبا رأسه , تخط قدماه حتى دخل بيتي , قال عبيد الله : فحدثت هذا الحديث عبد الله بن العباس , فقال : هل تدري من الرجل ألآخر ؟ قال : قلت : لا : قال علي بن أبي طالب ؟ ومن حق القارئ والمتابع أن يسأل : لماذا لم تذكر عائشة أسم الرجل ألآخر الذي كان يتكأ عليه أذا كان هو علي بن أبي طالب وهو أبن عم رسول الله “ص” وزوج أبنته فاطمة ؟ ولا نريد أن نذكر بقية فضائل علي بن أبي طالب من أيمان بالله ورسوله وجهاد في سبيل الله كما ذكرها القرأن الكريم ” أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن أمن بالله واليوم ألآخر وجاهد في سبيل الله لايستون عند الله والله لايهدي القوم الظالمين ” 19- التوبة – وذهب أغلب المفسرين الى أنها نزلت في علي بن أبي طالب عليهما السلام .

والرواية التي يرويها الزهري في وجع رسول الله “ص” وأنه “ص” قال : أنظروا هذه ألآبواب الافظة في المسجد فسدوها ألآ بيت أبي بكر , فأني لا أعلم أحدا كان أفضل في الصحبة عندي يدا منه ” – 294 – تهذيب سيرة أبن هشام – وما رواه محمد بن جعفر بن الزبير , عن عروة بن الزبير وغيره   من العلماء , أن رسول الله “ص” أستبطأ الناس في بعث أسامة وهو في وجعه , فخرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر , وقد كان الناس قالوا في أمرة أسامة : أمر غلاما حدثا على جلة المهاجرين وألآنصار ؟ فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل , ثم قال : أيها الناس : أنفذوا بعث أسامة , فلعمري لئن قلتم في أمارته لقد قلتم في أمارة أبيه من قبله , وأنه لخليق للآمارة , وأن كان أبوه لخليقا لها ” – 295- تهذيب سيرة أبن هشام – ومعلوم أن أبابكر وعمر بن الخطاب كانا ممن شملتهم أمارة أسامة , بينما كان علي بن أبي طالب قد أستبقاه النبي “ص” على المدينة المنورة , من هنا تتبلور لنا مظاهر التناقض في كتابة التاريخ ألآسلامي , وهذا التناقض هو الذي أسدل عليه   الستار من جانب الذين أنقلبوا على العقب على مظاهر ألآنقلاب على العقب مما جعل ألآنقلاب غير منظور اليه وكأنه لم يحدث وهي مخالفة للنص القرأني  الذي ذكر وقوع ألآنقلاب بصيغة فعل الماضي تأكيدا على وقوعه , فحديث الزهري عن فتح باب أبي بكر فقط يتناقض مع عدم رضا رسول الله “ص” عن الذين لم ينفذوا بعث أسامة .

وعن عائشة قالت : كان رسول الله “ص” كثيرا ما أسمعه يقول : ” أن الله لم يقبض نبيا حتى يخيره ” قالت : فلما حضر رسول الله “ص” كان أخر كلمة سمعتها منه وهو يقول : بل الرفيق ألآعلى من الجنة ” قلت أذا والله لايختارنا ؟ وهنا نقول : أذا كان الله تعالى لايقبض نبيا حتى يخيره , فهل من المعقول أن الله تعالى يقبض نبيا من أنبيائه دون أن يكون له وصيا من بعده , لاسيما  وقد عرفنا أن لكل نبي وصي يخلفه في أمته , فكيف يعقل أن ينتقل خاتم ألآنبياء والمرسلين الى الرفيق ألآعلى دون أن يوصي لمن بعده , ولا نريد هنا أيراد الروايات التي وردت بحق وصي وخليفة رسول الله “ص” ولا ألآيات التي نزلت بذلك ومنها ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتمتت عليكم نعمتي ورضيت لكم ألآسلام دينا ” وكيف يكتمل الدين وتتم النعمة بدون وصية من رسول الله “ص” عن الله تعالى لمن يخلفه من بعده في ألآمة ؟

وعن عبد الله بن زمعة بن ألآسود بن المطلب بن أسد , قال : لما أستعز برسول الله “ص” وأنا عنده في نفر من المسلمين , دعاه بلال الى الصلاة , فقال : مروا من يصلي بالناس , فخرجت فأذا عمر في الناس , وكان أبو بكر غائبا , فقلت : قم ياعمر فصل بالناس , فقام فلما كبر سمع رسول الله “ص” صوته , وكان عمر رجلا مجهرا ” أي رفيع الصوت ” , فقال رسول الله “ص” : فأين أبو بكر ؟ يأبى الله ذلك والمسلمون , يأبى الله ذلك والمسلمون ؟ فبعث الى أبي بكر , فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة , فصلى بالناس , قال عبد الله بن زمعة : قال عمر : ويحك ؟ ؟ ماذا صنعت بي يا أبن زمعة ؟ , والله ما ظننت حين أمرتني ألآ أن رسول الله “ص” أمرك بذلك , ولولا ذلك ما صليت بالناس , وهذه الرواية يرويها كذلك محمد بن أبراهيم بن الحارث عن القاسم بن محمد – تهذيب سيرة أبن هشام – ص 297- فأذن نحن أمام موقف لايحسب لعمر بن الخطاب وهو يجرده من كل التقديس والتعظيم الذي يقول به البعض حتى جعلوه وكأنه حقيقة من حقائق الدين والتنزيل وهو ليس كذلك ؟ فالذي يقول عنه رسول الله “ص” في حالة صلاته بالمسلمين : يأبى الله والمسلمون ذلك ؟ يعني أن الرجل لايستحق أن يكون أماما للصلاة , فكيف صار خليفة للمسلمين ؟ ألي ذلك مظهرا من مظاهر ألآنقلاب على العقب ؟

وفيما يخص عمر بن الخطاب قال أبو هريرة : لما توفي رسول الله “ص” قام عمر بن الخطاب فقال : أن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله “ص” قد توفي , وأن رسول الله ما مات , ولكنه ذهب الى ربه كما ذهب موسى بن عمران , فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع اليهم بعد أن قيل :  قد مات , ووالله ليرجعن رسول الله “ص” كما رجع موسى , فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله “ص” : مات .

قال : وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد – حين بلغه الخبر – وعمر يكلم الناس , فلم يلتفت الى شيئ حتى دخل على رسول الله “ص” في بيت عائشة , ورسول الله مسجى في ناحية البيت عليه برد حبرة “
 ثوب من ثياب اليمن ” فأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله “ص” ثم أقبل عليه فقبله , ثم قال : بأبي أنت وأمي , أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها , ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدا ؟ ثم رد البرد على وجه رسول الله “ص” , ثم خرج وعمر يكلم الناس , فقال : على رسلك ياعمر , أنصت , فأبى ألآ أن يتكلم , فلما رأه أبو بكر لاينصت أقبل على الناس , فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر , فحمد الله وأثنى عليه , ثم قال : أيها الناس من كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات , ومن كان يعبد الله فأن الله حي لايموت , ثم تلا ألآية ” وما محمد ألآ رسول قد خلت من قبله الرسل أفأن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ” – تهذيب سيرة أبن هشام – ص 300 –

قال أبو هريرة : قال عمر : فوالله ماهو ألآ أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت ” أي تحيرت ودهشت ” حتى وقعت الى ألآرض ماتحملني رجلاي , وعرفت أن رسول الله “ص” قد مات – نفس المصدر –

ثم يقول عمر لآبن عباس حين تولى الخلافة أتدري يا أبن عباس ما حملني على  مقالتي يوم توفي رسول الله “ص” , قال أبن عباس لا أدري يا أمير المؤمنين , أنت أعلم , قال : فأنه والله أن كان الذي حملني على ذلك ألآ أني كنت أقرأ هذه ألآية ” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ” فوالله أن كنت لآظن أن رسول الله “ص” سيبقى في أمته حتى يشهد عليها بأخر أعمالها ؟ – نفس المصدر – ص 304 – وهذا يعني أن عمر بن الخطاب لم يكن ضليعا بتفسير القرأن الكريم ولا ملما بأياته التي كانت تقول للنبي “ص” ” أنك ميت وأنهم ميتون ” كذلك تفسيره عدم موت رسول الله “ص” برجعة موسى الى قومه دليل على أن عمر لم يكن يعرف تأويل القرأن الكريم الذي قال عنه تعالى ” لايعلم تأويله ألآ الله والراسخون في العلم ” وقال تعالى ” وأسألوا أهل الذكر أن كنتم لاتعلمون ” والراسخون في العلم وأهل الذكر هم أهل بيت النبوة ألآطهار الذين قال عنهم رسول الله “ص” لاتتقدموا عليهم فتهلكوا , ولا تتخلفوا عنهم فتندموا , وهم معلمون فلا تعلمونهم ” ولذلك لايستطيع أحد أن يقول : عند من وعلى من أخذ أئمة أهل البيت ألآطهار من علي بن أبي طالب الذي أخذ علمه من رسول الله “

ص” الى فاطمة والحسن والحسين وأبنائهما المعصومين الى المهدي المنتظر “عج” فأنهم عليهم السلام لم يأخذوا علومهم من أحد سوى رسول الله “ص” ولم يدرسوا على يد أحد كما كان علماء عصرهم يعرفون عند من درسوا وعمن أخذوا ؟

ومن الروايات التي تحتاج الى أعادة نظر لآنها لاتتناسب ومقام النبوة وعلوم رسول الله “ص” التي كان يعلمها لآهل بيته ولآصحابه وللمسلمين , تقول عائشة : لما أرادوا غسل رسول الله “ص” أختلفوا فيه , فقالوا : والله ماندري أنجرد رسول الله من ثيابه كما نجرد موتانا ؟ أو نغسله وعليه ثيابه ؟ فلما أختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل ألآ ذقنه في صدره , ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لايدرون من هو : أن أغسلوا النبي وعليه ثيابه – نفس المصدر – ص 305-

ومن المواقف التي تنقل عن السيدة عائشة كما قال أبن أسحق : حدثني يحيى بن عباد عن عبد الله بن الزبير , عن أبيه عباد قال : سمعت عائشة تقول : مات رسول الله “ص” بين سحري ونحري ” والسحر هو الرئة وما يتصل بها الى الحلقوم ” والنحر أعلى الصدر ” وفي دولتي ” يعني نوبتها ” لم أظلم فيه أحدا , ثم تقول : ومن سفهي وحداثة سني أن رسول الله “ص” قبض وهو في حجري , ثم وضعت رأسه على وسادة , وقمت ألتدم ” أي تضرب صدرها ” مع النساء وأضرب وجهي ؟ – نفس المصدر – ص 299- وهنا لابد من التوقف والتأمل بما قالته السيدة عائشة وهو مروي عنها في تهذيب سيرة أبن هشام وليس في مصدر أخر من المصادر التي يشكك فيها البعض حتى عدوا كل ماترويه الشيعة في فضائل أهل البيت عليهم السلام هي من ألآحاديث الموضوعة كما وجدت ذلك في كتاب الحديث الذي يدرس كمنهج لطلبة الدراسات العليا في كلية ألآمام ألآوزاعي في بيروت , وقد درست أنا ذلك الكتاب وأمتحنت فيه أثناء تقديمي للدراسات العليا .

وهذا الحديث الذي يروى عن السيدة عائشة يناقضه ما يقول به ألآمام علي بن أبي طالب وهو مثبت في نهج البلاغة حيث يقول ألآمام علي “ع” عن لحظة وفاة النبي “ص” ولقد كان رأسه على صدري وفاضت روحه الطاهرة على كفي وأمررتها على وجهي ووليت غسله والملائكة أعواني فريق يهبط وفريق يعلوا وصلينا عليه جماعة , فمن هو أحق به مني حيا أو ميتا ” ومصداقية ألآمام علي بن أبي طالب لايقدح بها أحد , وهو القائل : ماكذبت وما كذبت , وعندما نزلت ألآية القرأنية الكريمة : ” وتعيها أذن واعية ” قال رسول الله “ص” سألت الله تعالى أن تكون أذن علي بن أبي طالب , ثم أن السيدة عائشة هي تعترف بأنها ” سفيهة ” والسفه هو ضعف العقل وقلته , فكيف تعطى كل هذه القداسة وكل هذا الغلو في أحترامها وتعظيمها ؟ ثم هي تقول أنها لطمت وجهها , وضرب على صدرها عندما توفي رسول الله “ص” وهذه ألآعمال نهى عنها رسول الله “ص” وحرمها على المسلمين فكيف بزوجة رسول الله “ص” التي عاشت معه بضع سنين ولم تلتزم بوصاياه ؟ ولكن عندما نستذكر منعها دفن ألآمام الحسن سبط رسول الله وريحانته في الحجرة التي دفن فيها رسول الله “ص” نعلم كم كانت السيدة عائشة تمارس أخطاء أوصلتها للخطأ الكبير ذلك هو قيامها بحرب الجمل ضد خليفة المسلمين الشرعي علي بن أبي طالب عليه السلام .

ومن المفيد التوقف عند مقولة أبي بكر عند وفاة رسول “ص” حيث قال : من كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات ” هذه المقولة تكشف عن فهم خاطئ لسببين : أولهما لم يكن أحدا يعبد رسول الله “ص” أو يدعو لعبادته , أي أن ذلك لم يكن أشكالا موجودا فالحديث عنه بهذه الطريقة هو ترجيح بدون مرجح , ثم أن مفهوم الموت لرسول الله “ص” لايمكن قياسه على موت بقية الناس , فالله سبحانه وتعالى أعطى للشهداء مفهوما في الموت يختلف عن موت بقية الناس , فكيف بموت خاتم ألآنبياء والمرسلين والموعود بالمقام المحمود , أن مقولة أبي بكر أسست مفهوم بشرية الرسول ونزعت عنه قداسة النبوة وحضوره في الملآ ألآعلى حيا يرزق كما قال تعالى عن الشهداء ” بل أحياء عند ربهم يرزقون , أي أحياء وأن كان الناس لايشعرون , ومن قضى صحبة مع رسول الله “ص” كان يفترض فيه أنه قد عرف مفاهيم ألآسلام عن الموت والشهادة , وأذا أستحضرنا قوله تعالى كيف كان رسول الله “ص” عندما كان في الغار ومعه أبو بكر ” لاتحزن أن الله معنا ” يعني أن أبا بكر قد أصابه الحزن والخوف من أن يكشف أمرهم لكفار قريش الذين كانوا يبحثون عنهم من أجل قتل رسول الله “ص” ومثلما لم تدرس تناقضات روايات تهذيب سيرة أبن هشام كذلك لم يدرس معنى ” لاتحزن ” ومن هو الحزين الذي لم يعتقد بأن وجوده مع رسول الله “ص” هو كفيل بأمنه ونجاته لذلك ما كان يجب أن يحزن ؟

ثم أن حصر الرواة أخبار وفاة رسول الله “ص” منذ بداية مرضه والى ساعة دفنه وما جرى في السقيفة , أن حصر تلك ألآخبار لاسيما فيما يتعلق بالصلاة عند مرض رسول الله “ص” حصرها بأبي بكر وعمر بن الخطاب مما يعني أن هناك ميلا وتحيزا مقصودا من قبل من وضع تلك الروايا ليهيئ أذهان المسلمين والناس عموما على تقبل ما أعطي لهما من ألآلقاب والصفات ومنها خلافة رسول الله “ص” وكأن الرسول “ص” لم يكن له رأي في كل ما جرى , وأن أهل بيته ألآطهار الذين نزلت فيهم أية التطهير ” أنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” – 33- ألآحزاب –  وأية المودة ” قل لا أسألكم عليه أجرا ألآ المودة في القربى ” .

وهكذا عندما نجد ماكتب في تهذيب سيرة أبن هشام عن وفاة رسول الله “ص” فيه الكثير من التناقض وفيه الكثير من ألآشياء المعيبة , والعبارات غير المناسبة مثلما فيه أسدال الستار على حادثة ألآنقلاب على العقب , وأن ذلك ألآنقلاب ضيع الكثير من مفاهيم القرأن في ألآصطفاء والذرية الصالحة والعصمة وألآمامة والتقية والشفاعة والناسخ والمنسوخ والبداء مما جعل الكثير من المسلمين لايعرفون ذلك ونتيجة ذلك التجهيل المتعمد ظهرت السلفية كمذهب وهو خطأ يضاف لآخطاء ألآنقلاب على العقب , ثم ظهر التكفير وتأسيس ثقافة العنف التي تبناها بصورة علنية أبن تيمية الذي أخذ عنه محمد بن عبد الوهاب الذي دعا بسلفية أحمد بن حنبل وتكفير وردة أبن تمية في فتواه الحموية في تحريم زيارة قبر الرسول التي ترجع الى رواية تقولها السيدة عائشة التي هي قالت عن نفسها بأنه سفيهة ؟ ومن كل تلك التناقضات وكل ذلك التجهيل ونشر ثقافة العنف ظهرت الوهابية على يد محمد بن عبد الوهاب المولود عام 1703 في نجد من أرض نجد والحجاز التي أصبحت تسمى بالسعودية ظلما وتحريفا للجغرافيا مثلما حرف التاريخ وشوهت المفاهيم ومن الوهابية ظهرت داعش كمحصلة نهائية للمفاهيم الخطأ وللآنحراف الذي أعطى التمكين للسلطة الزمنية شرعية مفترضة لا رصيد لها في كتاب الله ولا أدراك لها في عقول أهل المعرفة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب