ليس بالشيء الجديد على مستوى العمل السياسي ظهور بوادر صراعات وخلافات ومناكفات ما بين المتصدين للعملية السياسية وربما اصبحت تلك الممارسات عرفاً في السياسي، فبعد التغيير في العراق عام 2003 م , ونتيجة لأسباب داخلية ومؤثرات خارجية جعلت من الواقع السياسي العراقي عرضة للمناكفات السياسية والتي اثرت بدورها على مختلف انشطة المجتمع وانتقلت بوادرها على المستوى الشعبي، فتلك الخلافات اصبحت تشكل عبئاً يدفع ثمنه المواطن البسيط من الناحية الامنية والخدمية وغيرها، واحدى بوادر الصراع ما بين الاقطاب السياسية هو التنافس الانتخابي وتحوله الى صراع ما بين تلك القوى والسبب وراء ذلك التالي :-
1- غياب الارادة الحقيقية لدى غالبية الاحزاب والقوى والتيارات السياسية لبناء دولة المؤسسات والقانون.
2- عدم تفعيل قانون الاحزاب السياسية والذي اقره البرلمان العراقي في عام 2015 والذي بدوره ينظم عمل الاحزاب السياسية من حيث التأسيس وشروط المشاركة وضوابط عمل تلك الاحزاب والقوى السياسية، وهذا الامر يعد خرقاً كبيراً وذلك لان القانون يعد اللبنة الاساسية لعمل وتنظيم تلك الاحزاب وبالتالي في حالة وجود احزاب وقوى منتظمة وملتزمة بالقانون بطبيعة الحال سينتج عملية سياسية افضل والعكس صحيح.
3- كثير من الاحزاب والقوى السياسية تمتلك اجنحة مسلحة وهذا خرق كبير وربما ينذر بحرب مباشرة ما بين تلك القوى، وربما اللجوء للسلاح لفرض ارادات وبالتالي تقويض العمل السياسي السلمي.
4- قصور في قانون الانتخابات ذاته فالمشكلة هنا ان انظمة الانتخابات السابقة وربما حتى القادمة هي وجدت من اجل انظمة معينة تتناسب ومقياسها وظروفها، فكان المفروض مراعاة حالة وظرف وتجربة العراق وإيجاد نظام انتخابي يحاكي الظروف الحالية، اما ما حصل فإن الكتل السياسية اوجدت انظمة تتناسب مع طموحها وتسعى للتعديل عليها بحسب طبيعة المرحلة التي تمر بها تلك الكتل وبالتالي قصور واضح عن ايجاد نظام انتخابي ينتج نخبة سياسية تنتشل الواقع مما هو عليه.
5- التبعية للخارج : بعض الاحزاب تنساق لما تطلبه بعض الدول الخارجية وربما بشكل علني او سري وهذه يسبب شرخاً وطنياً نتيجة لتفضيل مصلحة الخارج على الداخل وتلك الدول هي تبحث عن مصالحها على حساب المواطن البسيط.
6- ضعف في تطبيق القانون او سريانها على بعض دون البعض الاخر وهذا تغييب لمبدأ العدالة فلو طبق القانون على الجميع بنفس المستوى ومحاسبة المفسدين من الاعلى الى الادنى لكان الحال افضل بكثير.
7- ضعف في الوعي الشعبي فبالرغم من تعدد الدورات الانتخابية ومرور المواطن وخوضه لتلك التجارب إلا ان الوعي الانتخابي والسياسي بشكل عام لا يزال دون مستوى الطموح وربما هناك تعمد من بعض المسؤولين ومحاولتهم التشويش وخلط الاوراق واللجوء للأساليب الملتوية لجذب الناخبين نحوهم.
جميعها اسباب ادت الى انحراف في بعض مسارات العملية السياسية وجوهرها العملية الانتخابية، واخطر ما فيها اصطفاف الكتل السياسية خلف المسميات الطائفية والقومية لتحقيق هدفها وهذا يجعل من العملية السياسية تراوح مكانها وإعادة الامور لنفس دوارها دون تغيير يذكر وبالتالي ربما يقتصر التغيير على بعض الوجوه فيما يبقى الاطار العام ذاته والعودة لتقاسم السلطة على اسس طائفية وقومية، وفي الوقت الراهن وفي مرحلة الاستعداد المبكر للانتخابات يحدث صراع وتنافس واحتدام في مختلف المستويات وفي الوقت ذاته تقوم بعض الجهات السياسية بحملات ترويجية سواء ما يتعلق بسير العمليات العسكرية ضد الارهاب الداعشي او البعض يتخذ من مخيمات النزوح منطلقاً كما وان الكرد يصعدون من لهجتهم باتجاه انفصال الدولة الكردية المزعومة.
بشكل عام فإن الصدام والتنافسي الانتخابي القادم ربما سيكون الاكثر خصومة نتيجة لوجود متغيرات وأحداث لم تتوافر في السابق منها عنصر الحشد وبعض الاطراف تحاول الصاقه بها لمكاسب انتخابية كما وان الكتل لم تبقى محافظة على نفس وضعها مسبقاً فالتحالف الشيعي يعاني من مشاكل وانسحابات واكبر المنسحبين هم التيار الصدر، كما وان اتحاد القوى السنية تشتت لعدة قوى فيما ان التحالف الكردي يشهد احتدام داخلي ويرجح البعض لدخوله بأكثر من قائمة في الانتخابات القادمة، وهذه الانقسامات ربما تصب في مصلحة الكتل الصغيرة للصعود والبروز كما وإنها تحد من التوتر الطائفي، لكن يبقى الحل اولاً واخيراً بيد المواطن فهو يمتلك زمام المبادرة في اعطاء امانة الصوت لمن يستحق وبهذا يكون ضمانه له ولأجياله.