23 ديسمبر، 2024 2:03 ص

تناسل المحكي الغرائبي / ترهين السارد

تناسل المحكي الغرائبي / ترهين السارد

(عندما يكون رأسك في طريق.. وأسمك في طريق أخر )
للروائي اسماعيل فهد اسماعيل ..
من خلال (طرفة بن الوردة) الى الشاعر قاسم حداد
(*)

في القراءة الاولى يرى القارىء نفسه مقذوفا ، يكابد حركة انتباذية يفعلّها النص ..فالعلاماتية بارزة على سطح النص وفي طبقاته وشعرية السرد : تستوقف القارىء النوعي ازاء( اشارات ورموز محفورة أعلى الأقواس الجرانتيتية …طلاسم..أو مفردات لغة لكائنات غير أرضية../155) ورواية..(..رأسك..أسمك) في أحدى مستوياتها: منولوغ متنوع كثيف الظلال..منولوغ يستعيد ديالوجات مبتورة مع الانثى / القرين / الظل / الهاتف ..(آخر ماتتذكره وقتها..أنّك تطلعت لامتداد قدميك أمامك ولاتدري إن غالبتك غفلتك أو نومك،لتتنبّه لك وأنت في البياض .،،أنّى لي بهذا الضباب الكثيف ؟،،/ 13) والكثافة تخلع كثيرا من الليل على هذا الضباب وبشهادة السارد المشارك (أضرب في بياض دامس !/14)..لكن في قراءة أخرى متأنية سيلتقط القارىء : درسا روائيا ..ويقول لنفسه هذه رواية ، ليستوعب الدرس الروائي الجديد تشترط قارئا ينسى ماقرأ من روايات ،فهي رواية جديدة لامن ناحية الاصدار بل من ناحية فعل التروية والفضاء الروائي ، بأختصارهذه الرواية تبادر لحراثة المفهوم الروائي من أجل تقويض التقنية الروائية الراهنة وبالتالي تقوم بغراسة مفهومها هي للرواية

(*)

كقارىءسأتماهى في السارد وهو يتطلع في الجدار. يدقق فيما هو قريب من الارض لعلي (أوفّق لرؤية مايفيد بوجود علامة او إشارة دالة على مدخل خفي ،أو بوابة سرّية / 65)..وسأعمد كقارىء الى تثبيت نقاط دالة استعملها مصباحا يدويا تضيء قراءتي للرواية :

*الصرح

*السدرة

*النرد

*البيت

*السلّم

*البئر

*البحيرة

*القرين

*المرأة

*الهاتف

(*)

من خلال الغرائبي يتناسل السرد وينداح الفضاء الروائي، بدءا بالعنونة الشعرية التي تعلن برزخا يحوّل الواحد الى مثنوية غرائبية تستفز استجابة القارىء وتساؤله: كيف لايحمل الرأس اسم صاحبه؟ ومن المتسبب في هذا البرزخ الذي صيّر الرأس في طريق واسمه صاحب الرأس في طريق أخرى..ومفردة طريق تحيل الى المشي معجميا وبالتالي يمكن للمفردة التمرد على قاموسيتها بالانزياح الصوفي أو الشعري ..الخ وفي الوقت نفسه لم نقرأ للشخصية الوحيدة في الرواية اسماً بل حتى انثاه حين تلتقيه لاتناديه بأسمه !!

(*)

أستعين بلوحة الغلاف بأعتبارها هدباً من أهداب النص – حسب جيرار جينيت – : في اللوحة السيادة للظلام (ليل كما لو أنه الليل كلّه / 32ص)..ومساقط الضوء(لاتصنع ظلالا لماتقع عليه / 112) تركز على الاغلفة الحمر للمكتبة ،بين الاغلفة تتجسد خبرات معرفية ..لكن (المعرفة عصيان يخل بأتساق النصّ/ 22)..ومساقط الضوء ،تكشف عن ثلاثة رجال حليقي الرؤوس ،عراة الصدر،منكفئين في جلستهم على منضدة مغطاة بالظلام : الرجل الاول ارتكز رأسه على قبضة يده اليمنى ،يده الثانية ترتكز على اصابع الكف المفتوحة ،الرجل الوسط رأسه يتوسده ساعديه ،الرجل الثالث مقارنة بالرجل الوسط ،المسافة بين ذراعيه اوسع ..بالنسبة للعونة مكتوبة باللون الابيض فوق سواد اللوحة ،اللون الاحمر يصبغ فقط مفردتي : طريق وهل الطريق هو الأمل؟ الهاوية؟ /ص69 ..أم هناك مثنوية أخرى للمفردة ذاتها بشهادة السارد..(الطريق بما تضمره ..هي وأنا، /81) وهناك ايضا (..وحشة الطريق /106)..والحلم يمنح الطريق ويمنح السارد سؤالا..(لماذا يظّل الحلم ماثلا في طريق يطول ..؟!/ 172)

(*)

الغرائبي في الرواية ،يستعمله الروائي اسماعيل بمهارة عالية وهو غرائبي بالنسبة لمن لايؤمن إلاّ بقوانين الطبيعي ..ومن جهة ثانية علينا ان نعي..(مامن شيء مرئي حين نكون فيه ،الإنسان ذاته ليس مرئيا حين يكون في ذاته../ إنطونيو بورشيا)في الرواية تكمن مهارة الروائي بتلقائية اقناع القارىء (على اعتبار عالم الشخصيات كعالم شخصيات حية ) ويصل الاقناع حد التماهي مع الشخصية الوحيدة التي تعلن (يجهدني التلفّت نحو الجهات..أخالني الكائن الوحيد المتحقق في المكان ..الآن /70)

(*)

حركةالسارد المشارك في الرواية، حركة واعية (اكتشافك..يحيلك وعياً /120) فهو يعي أنه ( سجين الأين !!/ 113) كما انه يعي..(هنا..المكان والزمان..ميزتهما السرمدية،وأنت لاتعاني أيما أحاسيس بجوع أو عطش أو تعب/ 79) إذن هي حركة لاسيزيفية فيها(باق في المثابرة ،طموحك يعززه توقك

المستحيل /71) فالسارد يعي جيدا..(الساعي الى ذاته من خارجها كالباحث عن إبرة في كومة قش ../73) وان (كينونة الشيء بكينونة المكان / 113) وهكذا يبدأ السارد في فتح( كوّة على الذات ،لتبدأ أبوابنا كافة – بما فيها باب صرحنا – استجابتها لنا../73)..حركة السارد و مشروطة بأستشارة النرد / الأستخارة ..منذ الصفحات الاولى : النرد ..الاستخارة ..الهاتف ..الظل ..القرين : من اسماء الانثى التي يحتار السارد في تميز ها أحياناً :هل هي النسبي / الذاتي ؟ أم هي المطلق / الموضوعي ؟(هل هي غائبة ..أم أنّها الغياب ذاته ؟!/56) ولهذه الانثى مديات لاتحصى والعلاقة بينهما متكافئة .هي لاتعكس اشعة السارد كما يعكس القمر أشعة الشمس (تنشده لدى رصدك لجانب من الافق الغربي وهو يتمخّض عن شمسين متجاورتين متشابهتين حجما وقدرة،تبدوان لك كما لو أن الواحدة منهما توأم يحاكي توأمه ../57)ويُفسر هذا الاعجاز ،مقبوسا من قاسم حداد(الشمس وحدها تستطيع أن تُقلّد شمسا مثلها )..في الصفحات الاخيرة من الرواية سيعرف السارد المشارك ومن خلاله سيعرف القارىء ان هذا السارد يعرف الاقل مما جرى عليه مقارنة بأنثاه – وفق تنظيرات جون بيون حول السرد الروائي – هاهي تخاطبه في (سفر التمكين ) وهو نهاية الرحلة (كلماتك التي تخاطبني بها وأنت في الغياب..هي السبب وراء بكائي)..(طوال عصور غيابك كنت أراك وأسمعك )( من غير علمك رافقتك في ارتحالك الموصول )..(انكشافي عليك ..)(أمدّني بالصبر وقدرة الاحتمال !)(نحن الآن ،نجوس في الكون المجاور) وحين يسألها هو عن الصرح ،فيذهله استطرادها (عندما يُصار الى فراغ النص من جوهره تسود الخرافة)..ويتأكد غياب السارد المشارك حين يسألها (ماذا بشأن ثالثنا ..صغيرنا؟!) وستجيبه الانثى بهامش من أسى عاتب (أنت من ولاّه مهمّة حفظ السلالة !)..بالطريقة السردية هذه يحصل القارىء على سردين *سرد مبثوث بضمير المخاطب نحو السارد المشارك ولهذا السرد كل الاسفار بإستثناء الصفحات التالية (172- 183)

(*)

*من الصفحة 172 يحصل القارىء والاصح يحصل السارد المشارك على وجيز مسردة ماجرى : له / لها/ ولصغيرهما ..والسرد الثاني وجيز وضروري لتبيان ماجرى اثناء غياب / الذكر

*وهناك سرد رئيس يسبق الاول والثاني ،يمكن اعتباره السرد / الأم ..(في البدء كان النص ../49)

يومض عبر الصفحات التالية ( /22/ 26/ 32/44/ 51/ 64/ 71/ 73 / 157 /…)

*وهناك إتصاليات النص الجوانية ..(ففي وقت عمد أوّلها تنكب ضمير المتكلم .،،أنا،، يقيناً منه بأنه من يمتلك حق التناص ّ،لجأ الثاني الى الأخذ بضمير الثالث الغائب ،،هو،، كمن يزمع إحالة مسؤولية متوقّعة على مجهول ،أو أنه ينفرد – لما يشاء – بضمير الجماعة..،،نحن ،، مما أو قعك – أنت السارد – تحت طائلة السرد، لمّا يكون ملتبس المعنى

(*)

يتجلى النور ساردا للأشياء / 58ص :

*تحس ّبالضوء يتسرّب فيك .يتشّربك .لتجدك مضاءً من الداخل .

*أديم الأرض صار غيره،الألوان باتت غيرها

*صرحك ..يذهلك..جداره المواجه آل بشفافية رائقة ،وأنّه – جراء النور الجديد باذخ القدرة –

تراءى مضاءً تلقائياً

*سدرتك العملاقة – تراها في التو – مكسوّة بأوراق داكنة الخضرة .

النور كسارد كان تاليا ..السارد الاول للأشياء كان الحجر وقد انتبه له قبلنا جميعا والتقطه برهفه كله

الشاعر الجاهلي الذي ادرك الاسلام (تميم بن مقبل ) في قوله (لو ان الفتى حجرٌ/ تنبو الحوادث عنه وهو ملمومُ) في(سِفر الحضور) يلتقط السارد/ المشارك سردية الحجر :

*للأحجار مهرجانها !! بعضها – أثناء تقافزها هادفة لأن تتبادل مواقعها – لامست برهافة

فائقة أجزاء من جسدك /48

*الاحجار بانتشارها العفوي..

*على السارد مهمة كبرى: ان يسرد الحجر بيتا ،وهو سرد مشروط :

(النبوءة التي يحتكم لها بناء البيت تشترط توافر العناصر الثلاثة :السدرة والماء والصخرة../ 97)

والصخرة وحدة سردية (قادمة من الفضاء السحيق..رّبما/ 98) والبيت هو المثابة الكبرى (بيتك مكان يباهي الكون وتقلّده هندسة الفراديس /103) ..هو (بيتي العتيق /147) وحينما يسرد السارد الحجر بيتا

فأنه سيقوم بنفي النفي الذي نقض عنونة الرواية من خلال مثنوية انتاج :

*سرعة الانجاز

*أن لاامنح هاتفي ذريعته يباغتني في الراحة

وهكذا (تضع لأسمك الأسباب

تضع له رأسك المكنوزة بخبرة الخرائط وشهوة العمل

مأسوراً بقديم الجراح/ 123)

(*)

من خلال تجميع شذرات سرد البيت سيتأرج صوبي كقارىء تلك السردية الكبرى للنبي ابراهيم الخليل (ع)..ومفردة سدرة لاتحيلني إلاّ الى (سدرة المنتهى ) فالمؤلف بدافع إيحائي فضّل مفردة سدرة

وبناء البيت :أمرٌ صادر والسارد يعي ذلك ..(هو الأمر الرسالة ولامفر من الامتثال !!/98)..(يبقى عزاؤك أو سلوانك الآني ممثلا بتحققك في كونك مرصودا لأداء الرسالة الموكلة../99) ولايحق له الاختيار (أفعل ..ثم أسأل !!/105) وبناء البيت لابد منه وإلاّ(يغيض ماؤك..وتضيع منك أنثاك في الأبد !)

*للصرح سردياته في هندسة المكان ومايلي الصرح مشروط به ..(إذا تحقق للصرح المعني أن يوجد، فإن بناء (ألماتحت) يتشكّل سراديب ودهاليز وسبلاً متفاوتة، متوازية أو متقاطعة، وأخرى لولبية../44)

*أما تلك الصخرة فهي بمنزلة شخصية روائية ..(هناك تفرّع محدد ،محروس بصخرة بازلتية جبّارة يسري بأي عابر من عابريه – بإرادتهم أو بمعزل عنها – نحو كوكب آخر مأهول بكائنات ذكية من ذوات الدم الازرق /44-45) ..

(*)

يكتمل السارد ثانية بأنثاه بعد فراقين ( فقدانك الاول لها امتد ستة عقود..فقدانك الثاني..عمّر قرونا، تلتها أخرى..زمن مسفوح../147) لكن ليس وفق الروزنامة المتعارف عليها بل بتوقيت زمن كوني آخر..(يومه السرمدي الواحد بقرون عشرة /68)..هنا نكون مع اتصالية النص الاول في الوجود كما نكون مع الانزياح عن الاتصالية ذاتها..بعد لحظة الاكتمال. . يسأل نفسه (لماذا الاستخاره ؟/ 182) ثم يتخلص السارد من النرد ويرميه (نحو الكوة الكائنة في الصخرة / 182)..

(*)

حركة السارد في الفضاء الروائي تبدأ أفقيا على المستوى الجغرافية، وتبدأ على المستوى النفسي / الجواني بحركة تراجعية نحو زمن سابق (يوما ما…كنت هنا /17) لكن هل كان ذلك جغرافياً أم في عالم الذر،المشار إليه بالتورية :

(- في المكان المعيّن !

– معيّن ؟!

– متن النص ./ ص18) وإذا كان الامر كذلك فمن حقه ان يتساءل (ولماذا كتب عليك أن تعيش خلل حياتين متجاورتين منفصلتين بقدر ماهما متضادتين ؟!/ 25) وهاهو يواصل مساءلة نفسه (سبق أن كنت هنا)(كان ذلك قبل قيام هذا الصرح/ 43) ولأن للزمن حالته التي لايحد ها قياس فهو..(بسرمديته الماثلة عصي على القياس /67) هاهو يحاول ان يحدده بعلامة مادية ذات ابعاد (كنت بصدد بناء البيت !/43)..

(*)

السرد يثّبت ثم يمحو ماسرده بشعرية صادمة ..في بداية سيرورة الرواية، يكون السارد المشارك : دهِشا أمام غرائبية جماليات المكان ..(بدا لك وكأنه سكب من حجر كرستال على هيئة قالب ضخم، تشوبه نتوءات أشبه بعروق العنصر، مما يصادفه الواحد في أعماق الجبال، ليشكل جانباً من صرح مهول /14)..مع نهاية الرحلة حين يسأل نفسه (ماذا عن الصرح الكرستال؟) يكون ردها بطريقتها هي(عندما يُصار الى فراغ النص من جوهره تسود الخرافة ../176)..وثمة محذوف بين ص14 وص176 وسأحاول صياغته كسؤال : هل الصرح نتاج بارانويا السارد؟ ام نتاج مخيال جمعي من (تفاسير وفتاوى واجتهادات…لاحصر../176)

(*)

تنتقل سيرورة الرواية الى طبقات جوانية .. مادام (الحياة تعاش مرتين ،إحداهما في الداخل /37)..لكن هل يمكن ان يكون ذلك ؟(بصرف النظر عن العلاقة الملتبسة بين الداخل والخارج../112)..الامر الثاني فعل السرد الذي تتضافر جديلته من اجناسيتين واحدة شعرية (ممهورة بشعر قاسم حداد) .وهنا تكون البصمة بوصلة السرد الممزوج بالشعر العائد ملكيته للشاعر قاسم حداد ..كنت أتمنى ان لايقوّس المقبوس من شعر الشاعر والاكتفاء بالتنويه دون التنصيص في حاشية /ص13 .. ربما التطويق الشعري يضفي على سيرورة الرواية بعدا يحتاجه القارىء النوعي .. وهناك نص ثان تتغذى منه الرواية ..نص يتوارى / يومض ثم يفكك شفرته بنفسه ، الاضحية / التقدمة بالابن وفق قراءة الاب أما وفق قراءة الأم ستكون التقدمة من الانعام.. وهكذا تتوالى سلطة الرمز /148 .أثناء محاولة الرواية في تأثيل اتصالية عذراء بين المرئي/ اللامرئي وحسب سؤال السارد (متى تنكشف الستر غير المرئية عما هو مرئي ../168)

(*)

يتسيد التعامل مع ضمير المخاطب وهناك صوت الهاتف ومايسرده النرد على السارد ..وضمن هذا السياق يصلنا البوح السردي التالي (صرت – وهنا وجه المفارقة – أشبه ماتكون بتوأمين يتلبس احدهما الثاني ،يستنطقه أو ينطق نيابة عنه ،يحاوره ،ولايأنف عن زجره ….هذه المفارقة ولّدت مثيلة لها،جراء عدم اتساق صيغ التخاطب بين أثنين متضادين ضمن كيان واحد أنت (أيني منيّ؟!) / 67) ثم تبدأ عملية المحاصصة في ضمائر السرد (67)

(*)

في السفر الاخير ..(سفر التمكين / 153) فكأننا امام قراءة جديدة للفردوس المفقود .. وتلك القراءة/ الكتابة كمغامرة روائية متفردة ..غَرس َ الروائي اسماعيل نجماتها في سموات الاسفار ..(المعرفة عصيان يخلّ باتساق النصّ..فأن حضرت توجب طردك من قلب النص الى هامشه !!/22) لكن المعرفة صيرورة تتجاوز الذات ذاتها ،،والانسان هو التجاوز ،، كما علمنا رأس البروليتاريا كارل ماركس والتجاوز لايكون دون تكاليف (شهيد وعي أول /26)

(*)

كقارىء..كنت من المتتبعين لقصائد الشاعر قاسم حداد ،منذ ديوانه (خروج رأس الحسين من المدن الخائنة) واحتفيت ُ بتكرار قراءة كتابه الاهم (طرفة بن الوردة) وفي هذا الكتاب يزواج الشاعر بين القصيدة / السرد من خلال خط افقي يفصل الصفحة وسيختفي هذا الخط الافقي عند العنوان الفرعي (في رفقة السيد الضخم ،،كتاب الشعراء،،/267) وبعد العنوان الفرعي التالي (نحيب الجبل وهو يحنو ،، كتاب الشهادات ،،/317)..يظهر خط عمودي أحمر في الثلث الثالث من الصفحة ،يختفي الخط الاحمر عند ص348 ويعود الخط الافقي الاسود مع ص359 والعنوان الفرعي بالأحمر (المديح في البهو ،،دفتر الملك ،، ) يليه خط افقي ،تحته نقرأبالأزرق (النصف الثالث للولع ،،كتاب التاويل ) وهكذا سيتناوب الخطان الافقي / العمودي حتى نهاية المطبوع في ص524

شعر ..

سرد..

وهكذا يكون الشاعر بوظيفتين واحدة شعرية والاخرى سردية /سيرية لحياة طرفة ..

الروائي اسماعيل يمكث في روايته ساردا ويلتقط احجار كريمة من الشاعر قاسم ..والعلاقة بين شعر قاسم وسرد اسماعيل كالعلاقة بين الشذرة والخاتم ، يلتقط السارد اسماعيل شذرات شعرية من قصائد قاسم ويثبّتها في قلادة سرده الروائي…

(*)

حركة النص : تتجاور ثم تتفارق عن النص الشعري / نص قاسم حداد ..وحسب السارد (أشبه ماتكون بتوأمين ،يتلبس أحدهما الثاني، يستنطقه، أو ينطقه نيابة عنه، يحاوره،…أو يندمج الاثنان بهما /67)..

(*)

في (سفر التمكين ) سيمّكن النص استجابة فعل القراءة وسنحصل على مفاتيح / مفلات .لإقفال الرواية من حوارهما :(هم باقون يقروّن لك بأنك الجّد الأول /177) (صاروا الأخوة الاعداء!) (أتبعوا نهجا تكرهه منهم..أخذوا يفتكون ببعضهم البعض ) (ابتدعوا وسائل لقتل النفس ،بغية إفناء عدد أكبر منهم !)

(*)

تتمفصل الرواية في ستة أسفار ..وتبدأ الرحلة من (اللازمان ..حيث انغمار الوقت في العنصر والعنصر عبر الوقت ..في سرمدية المكان ..أثنان لاثالث لهما ../21) وتنتهي الر حلة عبر مكابدات وفقدانات لاحدود لها وصولا الى المابين ثم تجاوزه انتهاءً الى سعادات (ثنائية الكائن / 183)..وهي رحلة يتماهيان الفيزيقي / الميتافيزيقي والجغرافي يجسد التاريخي والطبيعي يحيل الى الميثالوجيا وهكذا فالبيت بنسخته الاولى كان هناك في الاعالي ،وبشهادة الأنثى ..(رفعت رأسها مشيرة باتجاه فوق واصلت موّضحة : بيتك هناك / 176).. لكن البئر التي هناك ، في ذلك (الوقت الهجين ،تعجز عن تحديد موقعه من النهار ،حيث الاضاءة الباهتة الضاربة الى الصفرة ،فأن رفعت رأسك نحو الاعلى شّع جدار الصرح عاكساً أنوارا برونزية مبهرة ../15) ..هذه البئر :يتدفقها ماءٌ من ،،هنا ،، أرضية :(دار في بالك لحظتها أن البئر الاولى التي حفرتها في موقع ما..فوق تستقي ماءها من هذه البحيرة../157) لحظتها كان السارد يكابد من حالتيّ فقدان للأنثى القرين ..الانثى ..حامل الرحم /ص18 وهي(المرأة القرين /52) والسارد هو هو بتنويعاته (أنا الأين /17) (هل أنا كذلك ؟!/ 37)(أنا..المشهد/ 46)(أنا..من المابين /46)(أنا في اليقظة!/ 51)(أنت منذ الحب../51) (أيني منّي ؟!/ 56) (أنا البيت /129) (أنا أنت /178) لكن كل تلك الانوات لاتجيب على السؤال الضرورة (ياأنت..من أنت ؟!/ 23) وضمن السياق : الجدار الماثل / الحجب الكرستالية / السدرة الجرداء العملاقة .. تعدد الانوات في الذات الانسانية الواحد يومى ء الى تعدد سعاة البريد الالهي الذين سعوا لإصلاح البشر ..وفي كل

الأصلاحات هي محاولات لإستعادة الضروري المفتقد ،فقد (كان للإنسان جنة بعيدة عن هذا العالم وقد أضاعها ، حين أراد ان يقترب بها من هذا العالم / ص43/ بورشيا)

(*)

الروائي اسماعيل مثلما تنقلت جغرافية رواياته بين البصرة، النيل، الكويت، الشياح..هاهو يحاول ان يختزل في نصه تاريخ البشرية ، لكن ليس كما فعل الهرم الشامخ نجيب محفوظ في ملحمته (أولاد حارتنا) بل كما يجب ان يفعلها اسماعيل فهد اسماعيل وفق أجتراحه وتفرده.. فتحصن بضمير المخاطب الذي صار بصمته، ولجأ الى الاختزال في الشخوص والاسلوب والمونتاج…والتفصيل حين يشترط الموضوع فهو القاص والروائي والكاتب بقامته الانسانية الفريدة في عطائها..

*إسماعيل فهد إسماعيل/ عندما رأسك في طريق..واسمك في طريق / مسعى للنشر والتوزيع /الصفاة – دولة الكويت

*قاسم حداد / طرفة بن الوردة /المؤسسة العربية للنشر/ بيروت/ ط1/ 2011

*انطونيو بورشيا/ أصوات / ترجمة وتقديم : وليد السويركي/ دار أزمنة/ 2015/ عمان