غداً ذكرى ثورة 14 / تموز / 1958 , فيها يسترجع العراقيون ذاكرتهم … يتعضون … ثم يعيدوا قراءة دروس الأحداث , يذرفوا دموع الندم وخيبات الأمل , الفرص التي لا يحافظوا عليها , تهدر ويهدر معها الحاضر والمستقبل , هوة السياسات والبرامج والشعارات والأدعاءات التي سقطوا او اسطوا فيها يعاد حفرها الآن سعة وعمق .
ثورتهم كانت … وزعيمهم كان … فجر مسقبل ومكاسب وانجازات سبقت الزمن وخلقت زمن فيه حاضر يليق بهم ومستقبل بأنتظار اجيالهم , غفلة افراح وتفائل واحلام وآمال بحجم العراق ـــ وثقة في غير محلها !!! ـــ .
قومچي خانهم ويساري خذلهم وفتوى استغفلتهم وقطار زنات اخترق غيبوبتهم فحدث المحذور , انقلاب اسود لوجوه لونتها صلافة العهر , اختطف الذي لا يتكرر , ثورة وزعيم , ولم يبق امام عيون الأبرياء سوى الدرس وذاكرة مؤثثة بالعبر والتجارب , على قارعتها حثالات تتكرر , لعبة جديدة يقامر فيها اللاعبون القدماء بوحدة وطن ونسيج مجتمع وكيان دولة , ثم يرسمون خارطة تقسيم يلعبون فيها ادوار مؤجرة , طوائف ومذاهب وقوميات وخطوط عزل جغرافي ثقافي نفسي , واغتراب تام لهوية الأنتماء , حدود ملغومة ببارود الأحقاد والكراهية لأرض عراقية يتنازع عليها عراقيوا الأفتراض , مؤخراتهم كما كانت في احضان ذات المشاريع التي اغتصبت اجمل احلام الأبرياء لأجمل مراحلهم ـــ ثورة وزعيم ـــ .
العراقيون في مزادات الوطن , شهود زور على سماسرة العملية السياسية وهم يساومون على حروف عراقهم, جنوبه ووسطه ( شيعي ) غربه ( سني ) وشماله كوردي , اجزاءه تتحلل من داخل كل مكون فيه , يستهلكها الشذوذ في مواخير التبعية والأرتزاق وشروط العمالة المذلة , يتصارع على ثروات وسلطات جنوبه ووسطه صبيان الطائفة الملونة بالسذاجة والرعونة والغباء المطلق , غربه السني استنسخ وحدته واشتراكيته ورسالة عروبته الخالدة بداعش الموت اليومي , شماله الكوردي مؤارب الأبواب لمرور الزنات على الجسد العراقي اوالأقامة في المبغى الأربيلي لأنجاب المزيد من لقطاء التقسيم .
14 / تموز / 1958 , ذكرى ثورة وزعيم مرا ولن يتكررا , في هذه الذكرى الخالدة يواجه العراقيون مصيرهم النفطي , متنازعون … حول ماذا .. ومنذ متى وكيف … ؟؟؟؟ , في عراق كان للعراقيين والوافدين الذين اقاموا واستقروا امنين على ترابه , احتضن الجميع على كامل جغرافيته , قوانين التوحد والتعايش السلمي فيه لا تسمح لمن يدعي , ان هناك اجزاء تخصه واخرى تخص غيره مهما كان , من اهله او ممن تقادمت فيه اقامتهم , ومن يتجاهل الألتزام واحترام الأقامة وتقاليد الوفاء , عليه المغادرة حراً الى حيث اتا , العراق لم يتوسل احداً للنزوح اليه , لكن من يدخله يكتسب الأقامة والأمان والعيش الكريم .
العراقيون يستعيدون الآن ذاكرتهم المؤثثة بأنجازات ثورة 14 / تموز , وخصال زعيم كريم نزيه كفؤ شجاع لم يتكرر , انه رمز ومثال لمحاكمة سلوك العابرين على جسد مصيرهم , يعيدون مشهد الأحداث ورموز وتواريخ وشعارات وارتباطات ومغامرات وخيانات لكامل عفش القطار الأمريكي , الذي اخترق العراق صبيحة 08 / شباط / 1963 الأسود , عتمة الخيانة والموت الشباطي تتكرر الآن بذات الصيغ والأساليب لذات الوجوه والكيانات الفاسدة عائلياً وحزبياً وعشائرياً , مكلفة بأغتيال الهامش المتواضع للحريات الديمقراطية التي سمحت وتورطت فيها الأدارة الأمريكية ’ وبعد ان جعل منها العراقيون واقعاً , تحاول الآن استرجاعها ( سرقتها ) او الألتفاف عليها , بذات الرموز المشبوهة تاريخياً , فكانت دسائس الفوضى الخلاقة وتوقيتات الفتن حتى تفرض التقسيم على الواقع العراقي , فجندت لتلك المهمة رهطاً من لقطاء العملية السياسية التي فُصلت اقليمياً ودولياً على مقاس العراق حاضراً ومستقبلاً .
منطق الخيانة عورة , فالمعترضون على الولاية الثالثة للسيد المالكي , كمرشح عن اكبر كتلة برلمانية , ومحاولة تحجيم دور ائتلاف دولة القانون والقوى المتحالفة معه , حول مشروع حكومة الأغلبية البرلمانية , يقايضون الآن وحدة العراق شعباً ووطناً مقابل بعض المكاسب الطائفية والقومية , قيادات الجنرال البرزاني , جعلت من اربيل حدوداً مخترقة لتركيا واسرائيل والسعودية وقطر مع العراق , وفي اربيل فتحت عصابات البعث والقاعدة وداعش , مكاتب لها وادارات لعملياتها وانطلاق لأنتحارييها وعبوراً لأسلحتها ومفخخاتها .
في الموصل ومناطق غربية اخرى تمددت الحواضن وتمردت قوى الردة البعثية والمرتشين ودواعش وسلفيين , زاحفة بأتجاه تفتيت وحدة العراق واعادة تقاسمه مع الجنرال المنفلت .
من الغباء فصل الأيمان عن الوطنية , ومن لم يكن وطنياً صادقاً, لا يمكن لأيمانه الا ان يكون كاذباً مهما كان لون عمامته , من داخل التحالف الوطني ومن حصل اصوات ناخبي الجنوب والوسط ـ مع الأسف ـ يلعبون ادوار الطوابير الأمامية لمؤامرة التقسيم , وعلى اسرتهم مر الجنرال مسعود لأغتصاب كركوك .
الشيء الذي نرغب الأشارة اليه , ان المعادلة على الأرض , لا تشبه ما هو متراكم في مخيلة الحالمين , فالقوى الخيرة من داخل الحكومة والدولة والمجتمع تحت تصرفها الآن كتلة برلمانية هي الأكبر , وشارع عراقي استيقظ على غدر المتأمرين وحجم خيانتهم , وثلاثة ملايين شاب وطني متطوع , واصدقاء اوفياء سيجهزون جيشنا ومتطوعينا بأحدث الأسلحة ومعها افضل المدربين , وهناك تضامن دولي اقليمي وعربي , وثروات تؤهل العراقيين الى اعادة بناء دولة تتمتع بالهيبة ـــ الأمر يحتاج لجرأة وشجاعة المتصدرين للمسؤولية ـــ بعدها سيعيد الحالمون ترتيب اوراق هزائمهم , مسعود البرزاني وقومچييه يعرفون الطريق الى اين , وسيسلكوه كما سلكوه مراراً , حيث ( نقطة الصفر ) التي يستحقون , خونة الموصل والمناطق الغربية الأخرى من بعثيين وداعشيين وتكفيريين , سيعاد تأديبهم واصلاح بعضهم عبر تفعيل اجتثاثهم , وهذا سيحصل من قبل المخلصين لوحدة وطنهم من بين بنات وابناء الموصل والمناطق الغربية ذاتها , ان زمن المساومات والتوافقات والتحاصصات , سيصبح ماض سيء السمعة .
ونحن نستذكر ثورة 14 / تموز / 1958 , وزعيمها الشجاع الشهيد عبد الكريم قاسم , نعيد التأكيد , على ان مشروعها الوطني سيشرق عاجلاً في عيون ملايين العراقيات والعراقيين , وسصبح الغروب والغياب مستحيلاً .