منذ قرابة نصف قرن، ويوم العراقيين أسوء من سابقه، ومعظم ساستهم لا يجدون؛ إلاّ التغوط في مياه راكدة على مفاهيم حكم الأزمات، والتكهنات تراود مستقبلهم المجهول، مع رفاهية طبقة سياسية، وشعب يتحمل تبعات إنطواء الذات السياسية؛ على بناء نفسها من جرف شعبها؟!
ما ذنب شعب يُظلم، ولماذا يتحمل سوء الإدارة وصراع السلطة، وكيف يقبل أن يكون حطب لنار تحرق الدولة وساكنيها؟!
فسر الساسة كل الأحداث وتراكم التعثرات؛ على أنها مؤامرة خارجية؟! وذنب الشعب؛ وجوده في بقعة يعاديها عالم لا يُريد خيراً، ويتمنى رؤيته جائعاً مقتولاً تابعاً لسلطة تجثم على رقابه، وساسة لا يقبلون التزحزح عن الكراسي؛ مهما زحفت أفواج لخلع مقابضه؟!
أستمر التآمر ومن يدعيه ينفيه بنفسه، وكأن السلطة حق إلهي وقربانه إذلال الشعب، وتجويعهم وزجهم حروب عبثية؟! وعليهم الإدلاء بأصواتهم الى فئة صوّر مثاليتها؛ إعلام هائل الأمكانيات؛ بأنها الوحيدة الى طريق مستقبل مشرق؛ وإلاّ البديل داعش والبعث والمنبطحين، وصدقت شريحة تلك الخطابات الرنانة، وملأت الأسماع شعارات لا وجود لها في أرض الواقع.
كل يوم في نظر بعض الساسة سباق إنتخابي؛ وإلا لا يعقل أن تكون داعش لوحدها إستطاعت السيطرة على ثلث أرض العراق، وما كان إنخفاض أسعار النفط يؤثر بهذا الشكل الكبير وينذر بأزمة إقتصادية؛ لولا وجود مقدمات إهدار المال، والعراق مجبر على مجابهة عسكرية وإستحقاقات وظائف، ولا فرصة للمتربصين؛ إلاّ إشاعة الفوضى وتكهن سوداوية المستقبل؛ علّ الشعب يندم ويتمنى العودة الى أيامهم الخاوية؟ّ!
من سذاجة بعض حديث الشارع؛ أنه يندم على الدكتاتورية بذريعة عدم وجود مفخخات، ويتناسى حروب وحصار ومآسي الحماقة، كما لا يفوت هؤولاء عن مقارنة الأزمة الإقتصادية بما سبقها؛ حتى يصف حالي الحكومة بأن لا بركة فيها، وحظها السيء طرد النعمة، والأفضل العودة الى الماضي، وإعتقادات لا تملك إجابة شافية؛ هل بعودة الدكتاتورية ينتهي الإرهاب، وهل ما قبل حكومة العبادي؛ يملك إرادة رفع أسعار السوق العالمية؟! وفي كلا الحالتين، لا أمان والحاكم إرهابي، ولا فائدة في الثانية؛ وأن إرتفع سعر البرميل الى 200 دولار، والسراق من أهل الدار؟!
إن الأسباب هي ذاتها الرافضة للديموقراطية، وقواها تعمل بيديها ورجليها وليلها ونهارها لإسقاط التجربة، ولو خُيرت بين إسقاط الحكومة وداعش؛ لإختارت إسقاط الحكومة؛ كمدخل؛ بدعوى محاربة داعش يبدأ بالخلاص من الحكومة؟!
يتستر داعش بملابس القوات المسلحة؛ مثلما يتنكر ساسة سرقوا العراق وفتحوا الثغرات لدخول الإرهاب؛ بملابس الوطنية؟!
هي ليست وحدها داعش من يُحارب العراقيين، وبما أن الحرب على الفساد توازي حرب الإرهاب، والفاسدين هم سبب لدخول داعش، وأخطر منهم، ولأن معظم طبقات المجتمع تعرف أن داعش عدواً؛ لكن الخوف ممن يتمظهر بالوطنية ويتبطن بالداعشية، وهمه إسقاط الحكومة، سواء كان حزبه حاكم أو أي جهة سياسية منافسة؟!