هناك نزعة متوحشة مدمرة متظافرة الجهود والمرامي تسعى لتمزيق العرب شرّ ممزق , وهي تجري وفقا لخطط وبرامج سلوكية تؤهل الناس نفسيا وعاطفيا , وتشحنهم بالطاقات الإنفعالية اللازمة للوصول إلى الهدف المرسوم.
إنها توجهات مرتبطة بمصالح إقليمية ودولية , وغيرها من الرغبات والطموحات الفردية والفئوية والشخصية.
وهذه النزعة تسعى بأساليب توافقية خلاصتها البحث عن المشتركات اللازمة ما بين الأعداء , لإفتراس العرب وتدمير وجودهم الجغرافي والتأريخي والفكري والعقائدي , ومحق لغتهم وكل ما يشير إليهم ويحدد معالم هويتهم.
الهجمة قاسية والجهود وحشية متواصلة متفاعلة متداخلة , مقنّعة بالديمقراطية , والبحث عن تأكيد ما هو مضلل ومشوش ومزعزع لأركان القيم والتقاليد والمعايير , التي مضت عليها أمة العرب على مدى القرون , وفي التفاعلات الحاصلة المتطورة والآليات والمفردات اللازمة لمسيرة إتلاف العرب وما يتصل بهم من المواصفات والملامح والمميزات.
ويبدو أن الهجمة على الجغرافية في ذروتها وكذلك التأريخ والدين والإنسان.
هجمة ناسفة شديدة مروعة , جعلت الإنسان العربي يشقى بعروبته ودينه ووطنه , فيتجرد من علاماته الفارقة , وما يدل عليه ويشير إلى كيانه ومعانيه.
وتم الإجهاز على الدين الإسلامي بالمسلمين العرب أنفسهم , وأصبح القول بالإسلام غريبا , فلا بد من الفئة والطائفة والحزب المدعي بدين.
فما عاد مقبولا القول بأني عربي أو عراقي أو سوري او ليبي أو يمني , بل لا بد من القول بأني من هذه الفئة والطائفة والحزب.
وهذا إندحار مروع للجغرافية ونسف فظيع للتأريخ وإقتلاع سافر لجذور الدين.
ولهذا تم تمرير مصطلحات مدروسة بعناية كالقول ( العرب+ الفئة) أو (الفئة – العرب) , وتم تكرار هذه المصطلحات حتى تحولت إلى ثوابت راسخة في عقول ونفوس الناس , وروجت لها وسائل الإعلام , ووضعت في دساتير تهدف للوصول إلى الغايات المرسومة.
وبعد أكثر من عشرة سنوات من التضليل والشحن العاطفي السلبي , والتجسيد الطائفي والتحزبي والتخبط في ميادين الكراسي , والتلهي بالثروات , تجدنا أمام مفترق طرق مولود من رحم تلك المسيرة المرسومة بإحكام , والتي تمضي نحو الغايات المأمولة والأهداف المطلوبة.
فالعرب لا عرب
والدين لا دين
والوطن لا وطن.
بل ما هو موجود مخلوقات لا يمكنها أن تعرف العيش المشترك , وما عليها إلا أن تتحول إلى كينونات متصاغرة إلى أقصى ما يمكن , وتابعة للآخرين , وأن يكون دينها التحارب وسفك الدماء والإتيان بالبشائع والآثام , وديدنها تشويه الله والكتاب والرسول , وأن تعلن عداوتها لذاتها وموضوعها وعقيدتها.
ولا بد لهذه الموجودات أن تفنى ببعضها وتستسلم لإرادة الآخرين.
فلماذا أنتم في دول وأوطان أيها العرب , إنها من مخترعات المنتصرين بالحرب العالمية الأولى , وأن عليكم أن تكونوا في جحور ظلماء , وتأنسوا بسفك دمائكم وتخريب أماكنكم , التي يجب أن لا تكون ذات إسم وعنوان.
فأوطانكم أوهام وعروبتكم بهتان ودينكم يذيقكم الويلات.
فمَن أنتم؟
أنتم موجودات مجهولة , أوطانكم أكذوبة ودينكم سقر!!
تلك هي الرسالة الواضحة المحجبة بالديمقراطية.
وهكذا هي المساعي الحثيثة ترمي وتستهدف وتريد.
فهل أدركتم أوطانكم وهويتكم واعتصمتم بحبل الوطن والعروبة والدين والإنسانية , أم أنتم لمفترَسون؟!!