واصله ان رجلين كانا شريكين في محل لبيع البقالة، وكان احدهما جشعا، طماعا، شريرا، يشبه الى حد كبير سياسيينا، جاء شريكه يوما بابن صغير له، فبكى الصبي، فاعطاه ابوه شيئا من الجوز واللوز، ليسكته، فاعترض الجشع على ذلك، وقال: ( هذا لازم يتقيّد بالحساب)، فرد صاحبه عليه: ( تره آني كلشي ادري، وتمر التاكله نواه بجيبي)، وهذا مايجري في العراق، السرقة تحت يافطة القانون، والفساد تحت طائلة الشريعة ويملك قوته منها، والا ماذا نسمي تعاقد رئاسة الجمهورية مع جوان فؤاد معصوم كمستشارة لابيها بمرتب خيالي، وهي الوزيرة المتقاعدة بعد خدمة بلغت سنة وثلاثة اشهر، هذا رئيس جمهوريتنا، فكيف نستغرب اذا وصل الفساد الى اصغر موظف.
اليوم فعلا بكيت على العراق، لأني علمت ان هذا البلد سيغدو مجرد خبر من الاخبار، فابناؤه ابناء العقرب، سيأكلونه لامحالة، وعدت مع احزاني التي رآها الجميع، وانا ارى ابن احد المسؤولين الاغبياء، من الذين لم تنفع معهم حتى سرقة اسئلة الامتحان، وقد رسب في الدور الثالث في الصف الثالث المتوسط، وسمعته وهو يقول للمدير: اريد وثيقة لانني تعينت، ومن الطبيعي ان الشاب حصل على التعيين في المكان الذي يديره ابوه، فنصحه المدير ان تعيينه سيكون على شهادة الابتدائية، خنقتني العبرة وتساقطت دموعي، وانا استعرض جوان فؤاد معصوم وابن المسؤول الذي اخشى ان اذكر اسمه، خوفا على المدير وليس على نفسي، ومعها تذكرت ابني الذي لم يحصل على تعيين وهو مهندس وقد احرز معدلا في السادس العلمي قدره 91، ابني وابناء الآخرين من الذين لايملكون الواسطة، او لايؤمنون بها.
تذكرت معها الثورات والافكار والاحزاب، التي طالما سرقت وعادت تضطهد الجياع، وتذكرت الرسالات السماوية التي حرفت، فصارت مدعاة للنبذ والرجم بدل ان ترجم الناس، وتذكرت وتذكرت، ففؤاد معصوم لم يكن سوى انسان اعتاد على الواسطة، ورأى ان الامر لايخرج عن اللياقة عندما يقوم بتعيين ابنته، لأنه يحمل ارث من الاضطهاد وعدم الانتماء، وكذلك صاحبنا المسؤول الذي قام بتعيين ابنه بليلة وضحاها، هذا الآخر يحمل معه جوع الامس وامراض الامس، وهو غير واثق
بالسياسيين ولا بالعملية السياسية، لانه يخشى على ابنه من الجوع مع ضخامة الارصدة التي يمتلكها والسيارات الفارهة.
وتذكرت جوع الشعراء فكان الشاعر حسب الشيخ جعفر معي وهو يتمنى امرأة يفيض بها السرير، وامنية حسب الشيخ مشروعة لاغبار عليها، وهي تختلف تماما عن امنيات معصوم والآخر الذي اخشى ان اسميه، لكن مايبقى محيرا، الى متى تتأجل امنيات الشعب، كيف لصاحب مطعم ان يوظف لديه مهندس كهرباء، اهذا هو قطاعك الخاص سيدي ايها العبادي، أ هذا هو مفهومك عن الاقتصاد، لماذا لاتفكر باسترجاع الكثير من المعامل والشركات الحكومية التي بيعت، لو نفترض انك انعشت صناعة السكائر مثلا، لو حرام، بس حلال يتم استيرادها من الاردن من معامل فلان وفلان، اتدري كم يد عاملة ستستوعب، والمعامل الاخرى التي بيعت والشركات الحكومية، لكن ماذا نقول: وعرابكم حسين الشهرستاني هو من هداكم الى الاستثمار، فحدث الذي حدث، اتظنون ان الشعب غافل عما تفعلون، صدقوني ستحاكمون وستدفعون الثمن وسيستخرج جميع النوى من جيوبكم.