8 أبريل، 2024 4:30 م
Search
Close this search box.

تمرد فاغنر: مؤامرة ام فعل منتج للتغير

Facebook
Twitter
LinkedIn

في العقدين الأخيرين اي منذ بداية القرن الحادي والعشرين؛ يقول اغلب المحللين السياسيين، او من اغلب الكتاب السياسيين؛ من انه لا وجود لشيء او لأمر اسمه مؤامرة؛ بعبارة اخرى ان جميع ما يجري في العالم من تغييرات في الحكومات او في غيرها من التغييرات؛ هي بدوافع داخلية؛ وهذا القول يجافي الحقيقة والواقع الدولي بما فيه من صراعات؛ تدفع الدول الكبرى بالزرع المتبادل لأدوات التغيير والضغط وهز اركان السلطة والمجتمع في الاستهداف المتبادل. في هذا.. لا قصد التغييرات والتحولات التي تحدث بفعل التطور التاريخي او ان الاوضاع ونضوجها وارتفاع سقوف وعي الناس الذي يضغط باتجاه؛ الحاجة الى تغيير الاوضاع بما يجعل منها منصة او قاعدة لانطلاقة جديدة؛ كرافعة للأوضاع تلبي او حتى تسبق وعي الشعب من قبل القوى الحية، الفاعلة في المجتمع؛ في تهيئة البيئة لهذا التطور لجهة تعميقه وتوسعته. الامر الأخير او التغييرات الأخيرة لها في الكثير منها مبرراتها المقنعة تماما؛ وهي خارج اطار المؤامرة، لأنها جاءت بفعل داخلي وليس بتأثير خارجي. في اغلبها يجري تمرير التغييرات بهدوء او بهامش من العنف قليل جدا؛ لأن الأوضاع تكون قبل بدء التغييرات متهيئة في جميع الصعد؛ للتحول والتغير، كما ان كوابح السلطة بالوقوف في وجه هذه التغييرات والتحولات تكون ضعيفة ومساحة حركتها تكون صغيرة جدا، وربما في البعض من حالات التغييرات لا تجد لها مكانا للوقوف عليه؛ لمواجهة هذه التغييرات. لكن في المقابل مساحة المؤامرة هي الغالبة في الوقت الحاضر ومنذ قرن من الآن. عليه فان المؤامرة موجودة تماما، اما الحديث عن عدم وجودها فهو حديث غير واقعي ابدا؛ ويدفع بحركة الواقع خارج التحليل الحيادي والمنصف في الوصول الى الحقيقة. في تحليل الاحداث الأخيرة في روسيا التي تخوض حربا مصيرية في اوكرانيا؛ نتائجها سوف يتقرر على ضوئها مصير روسيا، وليس مصير الرئيس الروسي بوتين، كما انه ومن الجانب الثاني؛ ان نتائجها سوف يتقرر على ضوئها مصير الولايات المتحدة الامريكية تحديدا ولا اقصد هنا مصيرها كدولة عظمى فهذا الامر له شأن اخر، بل ان ما اقصده هو قيادتها للعالم وتحكمها بمصائر الكثير من الدول والشعوب على ظهر كوكبنا هذا. اولا وقبل كل شيء من المستحيل ان تنهزم روسيا او ان روسيا بوتين يسمح بهذه الهزيمة ان تحدث. في هذه الحالة، حين تلوح في الافق اشارات الهزيمة، وطبقا للعقيدة العسكرية الروسية سوف تستخدم سلاحها النووي التكتيكي، وهذا الامر تدركه امريكا ويدركه الغرب الامريكي. ثانيا وبصرف النظر عن تصريحات مسؤولي امريكا والغرب الامريكي في اتجاه دعم اوكرانيا غير المحدود؛ هؤلاء المسؤولون في امريكا وفي الغرب الأمريكي عندما يعرفوا ان الحرب في اوكرانيا وصلت الى نقطة او محطة التفجير الكارثي؛ سوف تتغير مواقفهم باتجاه ايجاد منصة او قاعدة للتفاوض. هذا يعني ان تحصل روسيا على جميع اهدافها من عملية الغزو لأوكرانيا او حسب تسمية الروس لها من انها عملية عسكرية خاصة في اوكرانيا. لهذا ومن وجهة نظري المتواضعة ان ما حدث في روسيا مؤخرا من تمرد شركة فاغنر العسكرية؛ هو ربما، وربما كبيرة جدا، مؤامرة ضد روسيا بوتين؛ للمعطيات الموضوعية والواقعية التالية: اولا الاعلام الامريكي والغربي الامريكي الذي تحرك بسرعة البرق من دون ان ينتظر النتائج وكأن رئيس فاغنر سوف يطيح بحكومة موسكو، وليس مقدمة لحرب اهلية. ثانيا المناورات العسكرية الضخمة جدا في كندا وفي السواحل الامريكية قبل ايام من تمرد شركة فاغنر. ثالثا اجتماعات او اتصالات بايدن السريعة جدا من دون ان ينتظر لو لساعة ما سوف ينتج من نتائج، تمرد مجموعة فاغنر؛ مع رؤساء فرنسا وبريطانيا والمانيا وكندا؛ مما يشير الى ان الامر برمته ربما مبيت وان امريكا والغرب الامريكي على علم مسبق به، وبأهدافه. ثالثا المسؤولون في امريكا وفي الغرب الامريكي؛ اكدوا بعد ساعة ربما اكثر قليلا؛ ان اهداف رئيس شركة فاغنر العسكرية؛ هو الاطاحة بحكومة بوتين؛ وان نجاح هذا الهدف؛ يتوقف على موقف الحرس الوطني الروسي في الساعات القليلة المقبلة.. رابعا ان تصريحات رئيس شركة فاغنر العسكرية وهي تخوض حربا شرسة في السيطرة على باخموت؛ ادلى بأقوال قال فيها؛ ان ليس هناك اي تهديد من قبل الناتو لروسيا، وما الاقوال عن هذا التهديد ماهي الا من بنات افكار وزير الدفاع التي اقنع فيها بوتين. هذا القول يتقاطع تماما مع الطبيعة التي بها يتم اتخاذ قرار مصيري مثل قرار الحرب في اوكرانيا وعلى ما ينطوي عليه من مخاطر كارثية اذا ما انزلق الوضع وخرج عن السيطرة. تصريح زعيم فاغنر هذا لا يمكن ان يصدر عن مسؤول يحرص على انتصار بلده الذي يخوض حربا سوف تقرر نتائجها؛ مصير هذا البلد. إنما من الممكن ان يتم مناقشة هذه الحرب ومآلها في الغرف المغلقة مع مسؤولي صناعة القرارات الروسية. خامسا التصريحات الأخيرة لاستخبارات روسيا البيضاء والتي بينت فيها؛ ان بولندا واستخباراتها؛ جندت مناوئين او معارضين لحكومة كاوشينكو؛ تقوم بدعم واسناد عمل عسكري في داخل روسيا البيضاء للإطاحة بحكومة كاوشينكو. هذه التصريحات؛ اعتقد لها حظ وافر من الحقيقة، او انها حقيقية وواقعية. عليه؛ اعتقد بدرجة كبيرة جدا، ان لم اقل هي الواقع المتحرك على الارض بعينه، وهو؛ ان الاحداث الاخيرة في روسيا؛ مؤامرة من قبل امريكا والغرب الامريكي على روسيا بوتين.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب