منذ حرب الخليج الأولى والعقوبات التي فرضت على العراق بعد غزو الكويت والبلاد مقسمة حسب القومية عربا وكردا ففي الوقت الذي كنا في العراق باستثناء المنطقة الشمالية نعاني من كل الآثار التي رتبتها الولايات المتحدة الأمريكية ومعها من معها من أطراف المجتمع العربي والدولي على تلك الخطوة العنترية التي قامت بها حكومة العراق آنذاك من حصار وتجويع ونقص في كل شيء وضغوط تمارسها الدولة وتقشف وما لم يعرفه شعب في تاريخ البشرية أعادونا فيها على حد تعبير وزير الخارجية الأمريكي حينها إلى تخلف العصور الوسطى كان إخواننا وأشقائنا في الوطن من الكرد في شمال بلادنا ينعمون بتطور الحياة العصرية بكل معناها وكنا نحسدهم على تلك النعمة فقد كانت تستقطع حصتهم من نفط العراق المصدر وتسلم لهم نقدا عن طريق لجنة مختصة شكلتها الأمم المتحدة لهذا الغرض استطاعوا خلالها من بناء الإنسان قبل المدن وواكبوا التطور الحضاري الإنساني وكان شمال العراق محرم علينا نحن من في الداخل في الوقت الذي كانت تدار فيه مؤتمرات تعمق جوعنا وترسخ تخلفنا .
انتهت تلك الحقبة المرة وعاد شمل الوطن ليلتئم بعد أن اسقط الصنم بينما استمر الفارق بيننا يتعاظم فكل العراق استمر يدفع الضريبة القاسية إلا المنطقة الشمالية وارتفعت نسبة الخصم من 13% إلى 17% من عائدات النفط ومن كل الأموال التي تدخل ميزانية العراق وفي مقارنة بسيطة لبعض تلك الفروق نلاحظ إن منطقتهم لم يطالها القصف الأمريكي وحافظت على بنائها وعمرانها وبناها التحتية بينما تهدمت مدننا واندثرت المعامل على بساطتها وحتى المزارع أصابها الدمار ناهيك عن العمليات الإرهابية الحقيرة التي دمرت ما لم يدمره القصف وحتى مع الانفتاح على العالم بشكل كامل لم ينجح في تغطية حاجات الشعب العراقي في الوسط والجنوب وهذا لا يشكل من الأهمية الشيء الكثير فقد صبرنا على نقص الخدمات كما صبرنا على كل شيء وتشارك قادة البلاد من العرب والكرد في صياغة دستور ثابت للبلاد وشارك الجميع في الاستفتاء عليه وإقراره ولكن تشكلت حكومتان إحداهما في الشمال والأخرى في باقي العراق وهنا بيت القصيد فالقوانين كما يفترض تسري أحكامها على كل العراق لان الدستور لكل العراق لكن ما يحصل في ارض الواقع غير هذا ولا احد من عامة الشعب يعرف السبب .
رئيس الجمهورية من الشمال كردي القومية يتبعه في السلّم الوظيفي وزراء ووكلاء وزراء وأعضاء في البرلمان يرسمون ويقررون التشريعات ومدراء عامون وقادة في الجيش في مختلف الصنوف والرتب وموظفون مدنيون في المناطق العربية والكردية ويعملون في كل مكان في كل أجهزة الدولة ويتملكون العقارات وهذا طبيعي لأنهم أبناء البلد وعراقيون من الدرجة الأولى بلا جدال أو نقاش ولكن في المقابل لهم حكومتهم في الشمال التي لا تخضع للدستور العراقي بأي شكل من الأشكال إلا في رفع علم العراق إلى جانب علم كردستان فقط فلهم دستورهم الذي يختلف عن دستور العراق في اغلب بنوده ولهم وزرائهم ووزاراتهم السيادية (الخارجية والداخلية والدفاع والمالية والنفط ) ولهم شرطتهم وقضائهم ومحاكمهم وأجهزتهم الأمنية وممثلياتهم في خارج العراق وهم يسيطرون على منافذ العراق التي تحده مع جيرانه تركيا وإيران وما يدخلهم من الأموال يعود إلى خزينتهم ولا احد يعرف عنها في الحكومة المركزية شيء بينما يشاركوننا في كل شيء دليل واضح على مدى نفوذهم وسيطرتهم حد الدلال .
في ضوء ما تقدم فان إخواننا الأكراد ومنذ تسعينات القرن الماضي يعيشون الانفصال والاستقلال التام ويحتلون العراق بمعنى كلمة احتلال لأنهم يشاركون العراق في وارداته ولا ينتفع منهم في أي شيء.
أليس من الواجب أن يخضعوا للقرارات البرلمانية التي يشاركون في صياغتها ؟
اليس من الواجب أن تعود الأموال والجبايات إلى خزينة الدولة ؟
اليس من الواجب أن تمثلهم سفارات العراق في الخارج كما تمثل أي مواطن عراقي لا قنصليات ومكاتب خاصة؟
ألا ينبغي لهم الخضوع إلى توجيهات الحكومة المركزية على الأقل إداريا ورئيس الجمهورية منهم كردي ؟
ألف سؤال وسؤال يمكن أن يضعه أي عراقي بسيط كردي أو عربي عن سيطرة حكومة إقليم كردستان على العراق.
أتخطر حين شغل السيد هوشيار زيباري منصب وزير خارجية العراق ( طبعا كما هو معروف كردي القومية ) حصل العراق على قرض من صندوق النقد الدولي استلمت الحكومة منه الدفعة الأولى انبرى النواب الكرد للمطالبة بحصة الإقليم البالغة 17% من القرض .
ترى بعد هذا من يحق له أن يطالب بالاستقلال العراق أم شماله ؟
إن ما يحز في النفس ويؤلمها ما يصدر من إخواننا الكرد ابتداءا من السيد مسعود برزاني رئيس الإقليم إلى المواطن البسيط من تصريحات قاسية مقرونة بالأفعال التي لا تنتهي عند إحراق العلم العراقي أو الاعتداء على المقدسات وشتم الرموز حتى الدينية مع الأسف ونحن أخوان نشترك في كل شيء ونفترق في السياسة التي تتبدل وتتلون كل يوم فهل بإمكانهم العودة إلى لغة العقل والعودة إلى موازنة الأمور وإعادة حسابها