ملاحظة قبل القراءة .
لعل في المقال الكثير من المعلومات الجديدة التي لايعرفها حتى مقتدى نفسه ، وكنت قد استلمت شكوى من بعض القراء بالاطالة في كتاباتي . مراعاة لمشاعر القارئ الذي تعود القراءة على طريقة الاكلات السريعة قسمته الى 9 سندويجات قصيرة يسهل بلعها . اي يستطيع ان يقرأ بعضها ثم يمضي لمراجعة صفحته على الفيس بوك ، او ليتناقر مع اولاده وزوجته ، ويحقق بعض اتصالاته التلفونية ويعود لقضم السندويجة الاخرى دون لن يفقد الوعي بالمطلوب ، مع انه للاسف مستلب الوعي ولا دخل بالاطالة التي يتهمني بها .
تمخض مقتدى فولد جرذاً وسخاً : مشروعات مذابح وحروب اهلية جديدة
تميز تراث ال الصدر في الفكر الشيعي بخاصيتين ،
الاولى والاهم : التجديد والارتقاء بالفكر والفقه الشيعي من الانحطاط الذي التصق به مجتهدي الشيعة وانشغالاتهم بمسائل الحيض وعدد الخرطات وما اليه من توافه الامور التي اسقطت الفقه الشيعي في دنس التوافه من الامور. ارتقى السيد محمد باقر الصدر بالفقه الشيعي الى ايام مجده التي تذكرنا ، باجتهادات جعفر الصادق ، وفلسفة اخوان الصفا ، فكتب اقتصادنا ، فلسفتنا ، البنك اللاربوي في الاسلام . ما وضعه في بؤرة حسد من يسمون انفسهم بالمراجع في ايران الذين وجدوا فيه نزوعا لعودة التشيع الى اصوله عربيا . تامروا عليه لمنعه من السير في برنامجه .لم يستريحوا حتى تسببوا بقتله عندما بدات اذاعة ايران الناطقة بالعربية تنشر مكالماته التلفونية ومخاطباته مع الخميني الى حد دفعت صدام لاعدامه .
لم يكن باقر الصدر تابعا للخميني ، فهو الاعلم الذي يفترض بالخميني تقليده لا العكس ، ولا علاقة له بايران لاحكومةً ولا فقهاً ، لاقبل وصول الخميني للسلطة ولا بعده ، علاقته بالخميني كما وصفها هو لمدير الامن العراقي علاقة عالم بعالم ، او فقيه بفقيه .(كتاب محمد رضا النعماني ، الشهيد الصدر سنوات المحنة ، ص : 227 )
يشكل محمد باقر الصدر ، كما هو محمد حسين كاشف الغطاء، والشيخ مهدي الخالصي وابناءه ، والسيد محمد حسين فضل الله ، والشيخ محمد حواد مغنية ، والشيخ اسد حيدر ، والشيخ الدكتور احمد الوائلي ، والسيد الدكتور مصطفى جمال الدين ، والسيد عبد الزهرة الحسيني و اخرهم محمد محمد صادق الصدر ( والد مقتدى ) ، الخط العروبي الذي ينزع لعودة التشيع لهويته العربية . لذلك حُوربوا جميعاً بطريقة او اخرى .من قبل مراجع التشيع الصفوي في قم خوفا من عودة زعامة التشيع للعرب .
الثاني : تيار محمد محمد صادق الصدر الذي تصدى لاعادة المرجعية لاصولها العربية والحد من ظاهرة الاحتكار الايراني لها ، علناً وبقوة . ما عرضه لصدامات وصراعات مع انصار التيار الايراني . تصاعدت هذه الصراعات عندما طلب الصدر من ابناء المراجع القدامى باعادة ممتلكات المرجعية التي استولوا عليها كأنها املاك شخصية خاصة لابائهم . فكان ان تحرك ضده ابناء الخوئي من لندن ، وجماعة الحكيم في ايران وسوريا ، اصدروا الكتيبات والكراريس ، ونشروا المقالات التي تتهمه بشتى التهم وتسفه مرجعيته ، وتروج بالوقت نفسه لمرجعية السستاني ، مع ان هذا الاخير لايجيد لفظ جملة واحدة بصورة صحيحة باللغة العربية ، ومع ذلك يدعي القدرة على استنباط الحكم الشرعي من القرآن والسنة . كيف ، علمها عند الله والغارقون بالتامر على الشيعة العرب .!؟
كانت لتلك الحملة التي شنها عليه اتباع المرجعية الايرانية دورها الكبير في تشجيع الاطراف التي تتوجس خيفة منه ، لأن تَقدم على اغتياله ، (كنت قد قلت رايي في حينها مشككا ان يكون صدام هو القاتل ، وتؤكد تصرفات ومواقف السستاني من الاحتلال ، رايي هذا ) .
2
عندما وقع الاحتلال ، ولغياب البديل ، لم يكن في الجماعة من هو بدرجة الاجتهاد ، توجهت الانظار لمقتدى ، تكريما واعتزازاً بابيه . من المؤكد كانت هذه التوجهات ترى فيه افضل من يمثل فكر وسلوك ابيه .
التوجه لمقتدى يُظهر التوجهات القبيلية العشائرية التي تعطي الاولولية للنسب ،على حساب المعرفة والعقل ، لان السيد الصدر كان قد اوصى بحياته للشيخ محمد اليعقوبي بالمرجعية من بعده ، لكن الشيخ اليعقوبي وهو رجل مثقف ، واعي ، ، خريج كلية الهندسة ، خبر الحياة بعقل مفكر كما خبر سلوكيات المنافقين الادعياء الانهازيين ، لذلك خافته العصابة التي رشحت مقتدى من ان يقطع عليهم طريق المصلحية والانتهازية النفعية ، فاختاروا الطفل المتخلف الفاشل في اجتياز الثانوية العامة ، خاف عليه ابوه من الخدمة العسكرية فالبسه عمامة ، وتلك احدى هفوات السيد محمد محمد صادق الصدر .
الشيخ محمد اليعقوبي يرى في الزعامة او المكانة التي تبوءها على انها حق طبيعي لجهده وعمله ومثابرته ، لاشك انه لن يترك الانتهازيين والنفعين من استثماره في سرقة المال العام والاستهتار بالمذهب وفقا لاحكام واجتهادات محمد محمد صادق الصدر ، فكان الطفل الاهبل مقتدى خيارهم .
لايدري الانسان اهي مجرد افكار جماعة من النصابين والنفعين في تضخيم صورة مقتدى مقابل التعتيم على مرجعية الشيخ اليعقوبي ، او انها تخطيط مرسوم ومعروف النتائج من المؤسسات والهيئات الدولية المرتبطة بالموساد والسي. اي . ايه .
كان قبول مقتدى ان يتزعم التيار ويتنكر لدور الشيخ اليعقوبي الذي اوصى به ابوه . أول تمرد ومخالفة وخروج من مقتدى على اجتهادات ابيه .
ان سلوكيات وتصريحات مقتدى كانت من البساطة ما يعكس عقلية طفل ساذج لايدرك حجم الموقع الذي تبؤه ، ظلت بسيطة تعكس شخصية من لايعرف فعلا جوهر توجهات ابيه ، ولم يطلع على شئ من فقهه او فقه عمه باقر الصدر اي انه لم يقرأ او يستوعب شئ أجتهادات ابيه .
كانت فتاويه الاولى مصدر للتندر والسخرية مثل تعليقاته عن لعبة كرة القدم وتوصياته المشابهة حتى ان البعض اطلق عليه صفة ( المنغول ، اي المتخلف عقلياً) ، اعتقدَ ان تقليده
لاباه ببعض الكلمات مثل “حبيبي ” تمنحه الحق في زيف ادعاه بانه يمثل توجهات والده محمد محمد صادق الصدر .
جاءت القيادة لمقتدى كضربة حظ فرضها الظرف الذي يمر به العراق ، وتخطيط مرسوم ومحكم من اعداء التشيع والاسلام ، وليس لجهد او فعل او مساهمة فكرية او حتى سياسية تحسب لمقتدى .كان الدور بحجم اكبر كثيراً من القدرات العقلية او الفكرية لمقتدى في وقت من اصعب واكثر الاوقات تعقيدا في السياسة العراقية .فهو لم يُعرفْ عنه انه قدم اي مساهمة فكرية او عملية في خدمة الفكر او الفقه الشيعي ، اواي عمل اخر لصالح طائفته ومريدي ابيه، بل ظل مجهول الاسم حتى الاشهر الاولى من الاحتلال .تقبله انصار ابيه ، بتاثير التفكير الجمعي العشائري الذي يرى الوراثة في قاعدة مشايخ العشائر تقوم على اساس سن الاكبر او الاوحد من ابناء الشيخ الاسبق .
زعموه بأمل ان يكون الاكثر تمثيلا واستيعابا لاطروحات ابيه وعمه . لكنه كان اول الخارجين على هذه الاجتهادات . لعل السلوك الاخر بعد تنكره لمرجعية الشيخ اليعقوبي الذي يعكس سمات الارتداد عند مقتدى عن اجتهادات ابي مقتدى هو انه سلك وظل يسلك نفس السلوك الذي استنكره ابوه على ابناء المراجع الاخرين ، فهو يريد كما اراد ابناء الحكيم والخوئي ان يرثوا المرجعية مكانةً وفقهاً ومالاً . بل تجاوز مقتدى على الاخرين بأن بدأ منذ عامين او ثلاثة يُفتي وهو لم يصل بعد لدرجة الاجتهاد او حتى الاحتياط او التحوط ، التي تؤهله لاصدار الفتوى ، حجتة انه يستنبط فتاويه من اجتهادات ابيه ،وهو لم يقرأ اساساً افكار واجتهادات ابيه ( كما سياتي التفصيل ) تلك بدعة جديدة في تاريخ الفقه الشيعي ، وسخرية واستهزاء بمعنى الاجتهاد والمرجعية لايقبل ان يمارسها الا نصاب ، نفعي ، او متخلف عقلياً بدرجة ( منغول ) .
3
لايعني هذا التقليل من دوره ودور الجماعة ككل في اعلان معارضتهم للاحتلال الى حد الصدام المسلح مع قواته ، رغم ان المرتين التي اصطدم بهما التيار مع القوات المحتلة كانت ردات فعل للدفاع عن الذات تجاه الاستفزازات الاميركية ، الا ان هذا لايلغي قيمة تلك المواجهات التي اثارت الامال في شيوع المقاومة وانتشارها في مدن العراق المختلفة لتتحول الى حرب تحرير شعبية .الا ان المعطيات الاخيرة لهذه المواجهات انتجت العكس تماماً ، حيث تحول مقتدى والتيار كله الى معارضة رسمية لما يسمونه بالعملية السياسية التي رتبها المحتل في ظل ما يطلقون عليه بالعراق الجديد ، ودستور نوح فيلدمان ،ليؤكد الاحتلال ، دعاويه الفارغة ، في انه حقق فعلا الصيغ الديمقراطية المثلى في العراق ، فهناك معارضة ترفضه بالكلام والشعارات ، وتتعاون معه عمليا وتحقق مخططاته ، وتؤكد مصداقية دعواه بنقل العراق الى النظام ديمقراطي ، حكومة ومعارضة تشارك بالفساد ونهب الاموال العامة وتمارس القتل ، وتنتقد الاخرين وتتهمهم بالفساد والسرقة والقتل .
تلاشى ذاك الحماس المتشدد لطرد المحتل ليتحول الى ظاهرة صوتية وشعارات فارغة ، باعلان ما اسماه التيار وقف اطلاق النار من طرف واحد الى حين خروج القوات المحتلة ، مقابل اربع او خمسة مقاعد وزارية وعدد من مقاعد البرلمان . يحتل اتباعه عدد من الوزارات ووكالات الوزارات والسفراء والمدراء العاميين والنواب في البرلمان مثله مثل اي من المجموعات الاخرى التي تعاونت مع الاحتلال وساهمت في تنفيذ مخططاته التخريبية بما يسمى بالعراق الجديد . يعني انه يشارك بفاعلية في الفساد الذي ينتقده في الحكومة . تماما كما تفعل اي معارضة رسمية اخرى في اي دولة من دول العالم الثالث المتخلفة . يمثل هذا الموقف خروجا اخر لمقتدى على سيرة ابيه الذي كان يستهل صلاته ب ( كلا ، كلا ، اميركا ) . اصبحت تحركات مقتدى وتصريحاته اشبه بلعب الاطفال وعنادهم ومعارضتهم لاثبات الذات ، كأنه يريد ان يقول : انا موجود . ينتقد الفساد ونقص الخدمات ووزراءه هم المسؤولين عن الوزارات الخدمية ، يهاجم البرلمان وربع اعضاء البرلمان من انصاره .
دعوات لمظاهرات وانفعالات وتصريحات نارية تتغير الى ضدها بعد فترة دون ان يعرف الانسان ماذا يريد مقتدى ، ولماذا ينقلب على نفسه بعد فترة .
ان موقفه هذا في المشاركة في تنفيذ مخططات الاحتلال ، والمشاركة بالحكومات التي نصبها ، يمثل خروجا على عقائد الشيعة الذين يدعي مقتدى انه يمثلهم ، فائمتهم ينهون عن العمل والتعاون مع حكومات الظلمة . كتب الامام زين العابدين الى احد اتباعه محمد بن مسلم الزهري ، وكأنه يخاطب مقتدى مباشرة ، يقول ” اوليس بدعائهم اياك حين دعوك جعلوك قطبا اداروا بك رحى مظالمهم ، وجسرا يعبرون عليك الى بلاياهم ، وسلماً الى ضلالتهم ، داعياً الى غيهم ، سالكاً سبيلهم ، يدخلون بك الشك على العلماء ، ويقتادون بك قلوب الجهال اليهم ، فلم يبلغ أخص وزرائهم ولا اقوى أعوانهم الا ما دون ما بلغت من أصلاح فسادهم واختلاف الخاصة اليهم ،فما اقل ما اعطوك في قدر ما اخذوا منك، وما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك ، فانظر لنفسك فانه لاينظر لها غيرك ، وحاسبها حساب رجل مسؤول ” (محمد رضا المظفر ، عقائد الامامية ، ص : 112 ).
اني اجزم واثقاً ان هذا المنغولي المتخلف الجاهل مقتدى لم يطلع على تراث ال البيت ، ولا يعرف بوجود هكذا حديث مع انه شائع في كتب الشيعة .
توفرت للغبي الجاهل مقتدى فرصة لم تتوفر لاحد في تاريخ العراق ، لان يكون زعيما لكل الشعب العراقي وليس لطائفة من الشيعة كما حصل للشيخ محمد تقي الشيرازي وابنه محمد رضا المحرك الفعال لثورة العشرين في العراق . الا ان محدودية عقليته وتجربته السياسية والضغوطات المسلطة عليه لعبت دورا في حرمانه من تبؤا هذا المركز الكبير ، الاكبر من حجمه وعقليته ، فانسحب بعد اسابيع قليل من وقف صداماته مع قوات الاحتلال ، من تحالف ضم معه كل من الشيخ جواد الخالصي والشيخ حارث الضاري ، اللذين خططا للقيام بمسيرة يقودها الثلاثة تنطلق من حرم الامامين الكاظمين ، اعلن مقتدى انسحابه منه قبل يومين فقط من الموعد المحدد .
4
لعل زيارته الاخيرة للسعودية في اواخر شهر تموز المنصرم ، تمثل نموذجا اخر من لعبات الاطفال ، ونهم المتكالبين على متع الدنيا واكل اموال السحت ، الذين سيجرون العراق الى نهاية الهاوية ، بحروب اهلية بين الشيعة انفسهم هذه المرة ، لاشك انها ستكون طاحنة واكثر ايذاء عندما يكون المتحاربين من سكان نفس المدن ، او نفس المدينة الواحدة . فالنتائج التي اعلنها مقتدى لزيارته تعني خلق بؤر للصراع والطائفية في كل المدن الشيعية ، بزرع قنصلية للفتنة الشعوبية في النجف . .
ان سكان النجف او كربلاء او اي من مدن الجنوب الشيعية ليسوا انبياء او اولياء معصومين من الخطأ، وليسوا بذاك الوعي الذي يحصنهم من الانزلاق في الفتن التي ستزرعها مراكز الاستثمار او القنصليات السعودية التي يقول مقتدى انه اتفق عليها مع محمد بن سلمان .
هي مدن تجمع خليط من الناس فيهم الخير الصالح ، مقابل الشرير الخبيث . الغني والفقير ، الانتهازي والملتزم ، الواعي المدرك لحقائق الامور والجاهل الذي ينفعل بكلمة . وهي مدن ينتشر بها الفقراء الذين يرون بعينهم ان مقتدى وعمار وحفنة اشباههم واتباعهم من رجال الدين ياكلون ويسرقون اموال فقراء الشيعة العرب ليبنوا بها القصور ، ويهربوها الى الخارج ، كله باسم ابي عبد الله الحسين وابيه علي وامه السيدة الزهراء . فما الذي يمنع ان يكون من يبجحون انهم انصار الصدر ، غدا وهابيين مقابل راتب 500 دولار شهريا .وهل سيضر السعودية لو وزعت رواتب شهرية بمقدار 100 مليون دينار شهريا .
هناك مثل شائع في مدن الجنوب الشيعي في توصيف المرتزقة والنفعيين ، ممن يتظاهر بالحزن على الامام الحسين ويلطم على صدره متظاهرا بهذا الحزن ، يقول المثل ” الدك على الهريسة مو على الحسين ” .
الهريسة اكلة يتم توزيهعا في مناسبات اللطم ( او الدك ، او الضرب على الصدر ) مجانا ، بعد الانتهاء من موكب اللطم . من سيمنع هؤلاء المستلبة حقوقهم من رجال الدين والمتاسلمين ان يدكوا غدا منزل مقتدى نفسه ، فهو سيغدو ب 500 دولار كما يقول عنه ابن عبد الوهاب كافر ، مرتد يستحق القتل.
ان الارهابي اسامة بن لادن تمكن من ان يفرض نفسه و يسيطر على الشعب الافغاني الفقير ، باستثمارات مماثلة .
كمثل لامكانيات خلق الفتنة ، ستعرض السعودية غدا بناء جوامع خاصة للسنة ( لاادري من قسم الجوامع الى سنية وشيعية ، مع ان الرب واحد ، والجميع يقول بالشهادتين ) في النجف او اي من مدن الشيعة في الجنوب ، هل يستطيع مقتدى ان يعترض ، سيقطعون الامدادات المالية عنه وعن انصاره ومرتزقته .
5
قام دين الوهابية على اسس شعوبية كارهة لكل ما هو مسلم او عربي تحت غطاء النزعة لفرض التوحيد ، وقتل كل عربي لايوافقهم على رايهم لانه مشرك كافر ، شيعي او سني او من طوائف اخرى . حدد شريعتهم بوقت مبكر عبد العزيز بن سعود ، عندما ثار عليه بعض اتباعه مطالبين الذهاب الى فلسطين لنصرة ثورة 1936 ، اجابهم عبد العزيز ليقنعهم ” ان الانكليز يريدون اعطاء فلسطين لليهود والشريف حسين لايريد ذلك… أما نحن فلا علينا من وحدة البلدان العربية ولاعلينا من فلسطين ، لان اهل فلسطين والبلدان العربية جميعهم من الكفار ولا يصلحون لنا، ما دمنا نحارب كفار شمر واهل حائل والحجاز والحسا وغيرها ، فكيف بنا اذاجاؤا الينا كفار فلسطين ومصر والشام والعراق واهل المغرب والعياذ بالله ” ( ناصر السعيد ، تاريخ ال سعود ، ص :560 ) .
مقتدى ، هو اول هؤلاء الكفار ، فهو عربي ، وهو مسلم ، والطامة الاكبر انه شيعي ، رافضي ، صفوي ، من ابناء المتعة ، كما ينعته البعض من الطائفيين ، واتباع دين الشعوبية الوهابية . يعني انه يستحق القتل الحلال عندهم .
يبرر البعض زيارة مقتدى بانها يمكن ان تكون خطوة باتجاه الحد من مواجهة النفوذ الايراني ، واخرى يمكن ان تحقق تقارب اسلامي مع الوهابية .
ليس بالضرورة ان يكون الموقف من الاطماع الايرانية في العراق او التصدي لتوجاتها نحو استخدام المذهب في السياسة لتحقيق هذه الاطماع ، ان يتحول الانسان الى صف التحالف والتعاون مع حلف الشعوبية الاميركي – الصهيوني – السعودي . من امثلة الموقف الديني الملتزم المعارض بقوة لتسلط الايرانيين على المرجعية الشيعية، هو موقف السيد محمد حسين فضل الله ، ولم يضطر او يتنازل للتحالف مع تحالف الشعوبية الاميركي – الصهيوني – الوهابيالسعودي .
ان القوات الاميركية التي جاءت لتدمير العراق وقتل وتشريد ملايين العراقيين ، لم تاتي من ايران او سوريا بل من السعودية ، ثم السعودية والكويت .
ان تدمير العراق لادخل له بالنفوذ الايراني الحالي بالعراق ، بل هو تطلع شعوبي سعودي ظهر في اوائل الستينات في الرسالة التي ارسلها الملك فيصل الى الرئيس الاميركي جونسون مناشدا اياه بتدمير جيوش ثلاث دول عربية ، مصر ، سوريا والعراق . في حينها كان حاكم العراق هو عبد السلام عارف المتهم من قبل الشاه ومراجعه بانه طائفي سني . وحكام كل من مصر وسوريا كانوا من السنة .
كما كشف الرئيس العراقي صدام حسين في خطاب له في اواسط التسعينات ( يمكن الاطلاع عليه في اليوتوب )، ان الملك فهد طلب من احد الرؤوساء العرب عام 1984 التعاون معه لتقسيم العراق الى ثلاث دول وتدمير قواته العسكرية بنفس الوقت الذي كان فيه العراق وجيشه يقاتل ايران لمنع تغلغلها والحد من .اطماعها في الوطن العربي
ان ايران لم تدخل العراق لتصبح احدى اهم قوى النفوذ فيه، بقدراتها الخاصة بل باتقاق او مواقفة اميركا نفسها لتحقق الاهداف الاميركية – الصهيونية في تقسيم العراق . ( سبق ان وضحنا هذا في عدة مقالات سابقة ، وبكتابنا الطائفية في الوطن العربي : العراق نموذجا ، الذي سينزل للاسواق في نهاية شهر ايلول )
6
الوهابية ليست مذهبا سنيا ، ولا هي تفسير او اجتهاد جديد لاي من المذاهب السنية ، هم يعتبرون السنة ، واهل العراق منهم خاصة في عداد المشركين ، فكما للشيعة اضرحة يقيمونها لأئمتهم، فان للسنة هناك ضريح الامام ابو حنيفة النعمان ، والشيخ عبد القادر الكيلاني في بغداد ، والسيد احمد الرفاعي في مدينة الرفاعي ، وعشرات المراقد لاولياء يعتقدون ان لهم كرامات يتشفعون بها عند الخالق ، يقدموا لها الذبائح والنذور .ويتشارك سكان الضلوعية مع سائر قرى مدينة بلد مع اهل المدينة في اضفاء القدسية واتيان الخوارق على قبر السيد محمد بن الامام علي الهادي ، كما يعتز اهل سامراء بخدمة الامامين العسكريين ، وينتسب الكثير منهم للامامين .
تلك امور تبلغ حد الشرك والكفر في دين الوهابية . يستحق من يقول او يتمسك بها القتل ، يعني ان سنة العراق على الاقل مشمولين بمشروعات القتل هذه .
لم يهدم الوهابيون قبور ائمة الشيعة في البقيع لانهم نواصب ، على طريقة الفهم الشيعي للنصب ، بل لانهم نواصب شعوبيون كارهين لكل ما هو عربي ومسلم ، لم يسلم من كرههم وعدائهم للاسلام حتى قبور الخلفاء الراشدين ، قبر ثاني اثنين في الغار ممن خاطبهم الرحمن ” لاتحزن ان الله معنا ” ، خليفة النبي الاول ابو بكر الصديق . وابنته سيدة نساء العالمين التي طهرها الله بكتابه الكريم . وقبر بطل العروبة وقائدها ورافع رايتها على العالمين ، محطم الامبراطوريات الكبرى الفارسية والرومانية ، عمر بن الخطاب ، الذي خاطبه الامام علي بن ابي طالب ، ” انت اصل العرب ” ، ” ليس للمسلمين من مرجع يرجعون اليه من بعدك ” . انها حرب على تراث العرب والاسلام .
ان ال سعود وشيخهم ابن عبد الوهاب اجلاف شعوبيين محكومين باصولهم اليهودية ( كما اثبت ذلك المناضل الحجازي ناصر السعيد في كتابه تاريخ ال سعود ) .يظل الرس دساس . كانت اخر افضالهم في التعبير عن العداء للاسلام ، و الولاء للماسونية العالمية انهم رفعوا ( تحت حجة تحديث الكعبة المكرمة ) نصب الماسونية المعروف عالميا ، والموجود في الكعبة الكرمة منذ التاريخ كرمز للشيطان ، وبناء حائطاً بدله ، لامعنى ولا دلالة له .
7
بالمقابل يبلغ مقتدى الصدر حد النجاسة وفقاً لاجتهادات ابيه محمد محمد صادق الصدر ، ولا احد غيره ، الذي يرى في مجموعة فتاويه او رسالته الفقهية الموسومة ” ما وراء الفقه ، الجزء الاول ، ص : 168 ” في الجزء الخاص بتعريف ( الكافر ) يقول :” ان الناصب لنا اهل البيت فهو شرهم ( يقصد الكفار )، فأن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقاً أنجس من الكلب، وان الناصبي لنا أهل البيت لايخس منه ” . ونجاسة الكلب نجاسة عينية اي انه حتى لو كان الكلب في عرض النهر او البحر فهو نجس .
ليس هناك بين المذاهب الاسلامية السنية الاربع من يناصب العداء ال البيت ، بل كلها تقدس ال البيت وتحترمهم لقرابتهم من النبي .ان اثنين من ائمة السنة المعروفين والاكثر شيوعاً في الولاء بين المسلمين االامام الامام الشافعي وابو حنيفة النعمان ، كانا متهمان بالتشيع لما يظهرانه من حب لال البيت واعتراف لحقهم في الحكم . تعرض كل منهم الى السجن والتعذيب بتهمة التشيع .
ما لم يعرفه الشيعة وحتى بعص السنة ان الامام ابو حنيفة النعمان قد سجن في زمن الامويين كما في زمن العباسيين متهما بدعم الحركات الثورية الشيعية ، حركة زيد بن علي في زمن الامويين ، وحركة محمد ذو النفس الزكية واخوه ابراهيم بن عبد الله بن الحسن في زمن العباسيين . كان الامام ابو حنيفة يفتي بشرعية القتال معهم ويرسل المساعدات المالية لهم . واذا صحت الرواية التي تقول انه مات مسموما بعد سجنه من قبل المنصور العباسي بسبب تاييده لثورة محمد ذو النفس الزكية ، تكون وفاته مشابهة للروايات الشيعية عن موت الامام موسى بن جعفر ، مع التفضيل لموقف ابو حنيفة النعمان على موقف موسى بن جعفر في ان الاخير كان مسالماً يتحاشى المواجهة والصدام مع العباسيين ، في حين كان الامام ابو حنيفة يجهر ولا يتقي غضب الامويين او العباسيين في دعم ثورات العلويين بالمال والتاييد العلني المطلق الى ان قدم حياته فداء لموقفه . اي ان على الشيعة بدلا من اقامة التعازي على الامام الوديع المسالم موسى الكاظم ، ان يقيموها على الامام الثوري الجرئ ابو حنيفة النعمان الذي مات او قتل مسموما لتمسكه بحق ال البيت في الحكم .
اني اجزم بقوة : ان مقتدى لايعرف هذه الحقائق ، فمن يجهل فتاوى واجتهادات ابيه مع انه يستثمر اسمه لتبرير ما يتبوء به من مكانة . من اين له ان يعرف من هو الامام ابو حيفة النعمان او من هو الامام محمد الشافعي .
على كل حال انتهى موقف النصب هذا بانتهاء عصر الامويين ، وعاد في اواخر القرن الثامن عشر بدين الشعوبية الجديد دين محمد بن عبد الوهاب وال سعود ، الذي مهما اراد ان يغطي هذا حقد العميق على كل ما هو عربي ومسلم بغطاء دينياً او شرعياً بحجة التوحيد . الا انه بسلوكياته منذ ظهوره يعبر عن حقد دفين على ال البيت جميعا بما فيهم زوجاته السيدتين خديجة وعائشة ، واتسع الحقد ليشمل الصحابة الكرام ، فهدموا قبر ابو بكر وعمر وبقية الصحابة ليلغوا من التاريخ العربي – الاسلامي اروع صفحاته المجيدة .
ان حكم من يصافح ناصبي ، او يلامس ثوبه ثوب الناصبي عليه ان يغسل يديه بالماء ليشطفها ، كما يقول ويجتهد بذلك محمد محمد صادق الصدر والد مقتدى ، هذا الذي يتمتع بكل ما هو به من امتيازات باسم اباه .، فهل اعلن مقتدى عن شطف يديه بعد العناق ومصافحة محمد بن سلمان . ان صلاته وفقاً لاحكام اباه باطلة ذلك اليوم ، اذا كان مقتدى يصلي فعلا لانفاقاً ومرآت .
ظل الانسان محكوما بالامل في ان يتطور المنغولي مقتدى مع الوقت وان يتفرغ لقراءة فقه واجتهادات اباه. سافر الى ايران وبقي هناك من 2007 الى اوائل 2011 اي ما يقارب الاربع سنوات . جلست بعد عودته كما هو حال مئات الالاف وربما ملايين من المشاهدين امام شاشات التلفزيون يتابعون وعشرات الاف المستقبلين ، ينتظرون ما هو جديد من تصورات واجتهادات مقتدى التي تفرغ للتامل بها خلال 4 سنوات ، فكانت الخيبة الكبرى أن بدأ مقتدى خطبته بدعاء ، ثم اعقبها بقصيدة من تلك التي يسميها العراقيون ” خرط او بعرورية ” لاوزن ولا قافية او معنى . بعد القصيدة التي سماها هو شعرية ، راح يقرأ ” لطمية ” ويطلب من الجمهور ان يردد وراءه، بعد مقطع او مقطعين اعلن زعله وغضبه من جمهور المستقبلين ( الذين لاشك كانوا ايضا مستغربين هذه السذاجة والتيه والسخرية ) فانسحب من المنصة متهما جمهور مستقبليه بانهم ( جهلة ، جهلة ، جهلة ) ، لتنسحب معه كل الامال والتطلعات المتفائلة بان يطور مقتدى نفسه ويرتقي للدورالذي هو فيه . انه قدم بهذا السلوك نموذجا علمياُ لما يسمى بعلم النفس ب ” الاسقاط” او ” العزو ” ، اي ان ينسب المختل عاطفيا وعقيا ما به من مساوئ ( الجهل ) على الاخرين ويعزوها لجهلهم .
8
لاشك ان المتابعين للشان العراقي ، يتسائلون عن سر هذا الاهتمام الخليجي الذي تفجر فجأة بمقتدى الصدر ، مع انه كان في الواجهة منذ اكثر من 14 سنة ، اليوم ترسل له الامارات العربية طائرة خاصة وبالامس يستقبله من كان يعتبركافرا يستحق القتل.
يمضي الشيخ احمد الكاتب في تصوراته الى القول ان هناك مؤامرة يتم حبكها ، بتضخيم دور المنغولي مقتدى ، ثم اغتياله ، بطريقة واخرى ، واتهام ايران او بقية الشيعة بقتله ، ليتم تضخيم الامر اعلامياً ، ويهرع الهمج الضالين الجهلة لحرق بغداد ونهب بيوت واموال اهلها ، وتدمير اخر معالمها ، بقيادة شعوبية وهابية – صهيونية ، كما حصل عند تفجير مرقد الامامين العسكريين ، حيث تم تهديم بيوت الله وقتل وتهجير عرب العراق من مواطن سكناهم بحجة انهم سنة نواصب وتحت شعار ( يا لثارات الحسين ).بقيادة وتوجيه من اشرف على نسف المرقد الشريف ، باقر صولاغ واسياده من ال الحكيم .
اغرب ما بتوجهات مقتدى الذي قاد جموع غوغاءه لقتل عرب العراق بحجة ثارات الحسين ، انهم يقولون او يتكلمون الان عن دور عملاء ايران في هدم المرقدين الشريفين . والسؤال ما ذنب المواطن العراقي الذي هجر من بيته ، او الجامع الذي دُمر من قبل اتباع هذا المتخلف المنغولي .!؟
ثم بأي حكم يقبل العراقي الابي ان يقبل هذه اليد الوسخة التي صافحت النجاسات ( حسب اجتهادات ابي مقتدى نفسه ) . بدل ان يبصق عليها وقد اختارت الاصطفاف في صف تحالف الشعوبية الصهيونية – الافرنجية – الوهابية السعودية .
9
الملاحظة الاخيرة ، يخطأ فقهياً ومعرفياً من يقول ان مقتدى الصدر يقف ضد ولاية الفقيه الخمينية الايرانية . ففقهاء الشيعة العرب لايقرون بالولاية العامة ،اي حق الفقيه بالحكم او التدخل بالسياسة قبل ظهور المهدي المنتظر . عكس اجتهادات الخميني الذي يرى ان من حق الفقيه ان ينصب نفسه بديلا عن المهدي المنتظر ويقوم بالولاية العامة ، اي الحق بالتشريع والحكم . ان تدخل مقتدى بالسياسة والحكم هو توجه فقهي خميني ايراني دخيل على الفقه الشيعي العربي الذي يحدد دور المجتهد بالولاية الخاصة اي الافتاء بالمسائل الشرعية واستلام اموال الخمس والزكاة لتوزيعها على فقراء ال البيت والشيعة بانتظار خروج المهدي المنتظر .
اي ان مقتدى ليس الا صفوي حد النخاع متنكر او يتلبس التقية ، يبحث عن كسب ملذات الدنيا بلعب هذا الدور المنافق بين الولاء لايران تارة ولمنافسيها تارة اخرى . اسم كبير لايمكن ان يولد الا افكارا جرذية وسخة .!؟
تمخض مقتدى ، وارتجف ليلد ما يتناسب معه منغوليته جرذان وسخة من الافكار الهدامة .