من موال للنظام السابق الى معارض له، الى داع لإسقاطه بتدخل أجنبي ثم الى مناهض للاحتلال “اعلاميا”، مارس دورا لمناهضة الاحتلال الايراني السافر في العراق، قبل ان يتحول الى مؤيد له ومدافع عنه… انه مشعان الجبوري حرباء السياسية العراقية وواحد من اشد ادلة فساد الزمان وتبدل احوال الدهر.
لم أجد في كل السير الذاتية لاي مشتغل في عالم السياسية اشد تلونا ونفاقا من هذا الافاق الذي حيّر علماء النفس، لشدة ما يحمله من قدرة على تغيير جلده، وفي كل مرة ينسى هذا المشعان اننا في زمن التكنلوجيا، وان مواقفه السالفة لا يمكن ان تمحى من الذاكرة البشرية او الرقمية.
حياة مشعان ركاض الهوليودية بدأت من كونه صحفي في جريدة الثورة التابعة لحزب البعث في سبيعينيات القرن الماضي، وبما يمتلكه من قدرة على التملق والكذب فقد حاز على ثقة جهات نافذة في النظام السابق قبل ان يغدر بها ويسرق ملايين دولار ويهرب الى سوريا عام 1989 حيث سلم المخابرات السورية معلومات مهمة حول العراق في فترة توتر العلاقات بين البلدين.
وفي الفترة التي سبقت احتلال العراق ارتمى هذا المأفون في احضان الي آي اي عن طريق السفارة الامريكية في دمشق حيث كسب ثقة الأمريكان، وهكذا كان على رأس قواتهم التي دخلت الموصل بعد الاحتلال، فكوفئ بتعيينه محافظا لنينوى.
دخل بعدها الجبوري الجمعية الوطنية (البرلمان المؤقت) كنائب ثم اتهم بالفساد باختلاس مبلغ 200 مليار دينار عراقي من الاموال المخصصة لتجهيز القوات العراقية, ليتحول بعدها الى العمل الاعلامي لتلميع تاريخه الاسود, فأسس قناة الزوراء التي قدمت نفسها على انها مناهضة للاحتلالين الامريكي والايراني, لكن سرعان ما انكشفت الخدعة ليطلق بعدها قناة الرأي التي كانت اللسان الناطق لمخابرات الاسد ومنافحة عن سياسته في المنطقة, هذه القناة صمتت صمت القبور تجاه ماكان يسميه سابقا بالاحتلال الصفوي وميليشياته في العراق ولبنان, كما كان لها دور مضاد من احداث الربيع العربي في ليبيا وسوريا, في حين كان مشعان يطبل ويزمر دعما للمظاهرات في البحرين والمعارك التي خاضها الحوثيون في صعدة, بل ويدعو الى تصعيد الموقف في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية .
بعد كل هذا … وبعد ان انفضح الدور الايراني مع نظام الاسد، عاد مشعان الى العراق بناء على صفقة مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ولكون القضاء العراقي نزيه لدرجة لا تصدق!!!، فقد تمت تبرئة مشعان من جميع التهم الموجهة اليه، ولأن لهاثه وراء السلطة ليس له حد فقد عاد من جديد الى العملية السياسية ليكون نائبا في البرلمان، وأطلق قناة الشعب التي يمجد فيها ببطولات المالكي ويوزع فيها صكوك الغفران على من يريد، مستعملا لسانه السليط في الجرح والتعديل، وهو المتهافت الساقط المروءة، فأنى لفاقد الشيء ان يعطيه؟!
ازورا وإخلافا وغدرا وخسة وجبنا، أشخصا لحت لي ام مخازيا؟ّ!
مشعان الذي يفتقر لابسط معايير الغيرة والشرف, والذي كان يوما ما يتبجح امام القنوات الفضائية بلعن وشتم كل “صفوي حقير” كما يقول هو, صار اليوم منافحا يبحث عن قاسم سليمان لكي يحييه على مواقفه “النبيلة” تجاه العراق, كما صار يعتذر عن طائفية السنة ويدعو الى قطع يد الكرد, ليس حبا في وحدة العراق كما يدعي, بل لان اولياء نعمته الحاليين هم من يريدون ذلك, واقول الحاليين لانه لا يعلم كم سيطول حبل مودته معهم, واذا تضاربت المصالح مرة اخرى, فسنسمع مشعان بما لديه من صلف ووقاحة, يؤيد حق الكرد في دولة قومية, او نراه اميرا في داعش, او ربما قياديا في جماعة بوكو حرام, او كاهنا مع الديلي لاما, فحيثما تكون المصلحة الدنيئة, فثم مشعان الجبوري…