تتعدد البحوث وتكتشف الأمصال يوما تلو الآخر وهي في تطور مستمر لكن كثيرون يرون عكس ذلك تماما فيلجأون إلى أساليب تقليدية قديمة و يعدونها الأكثر صواباً ويجدون أن كل هذه البحوث والتطورات في المجالات الطبية ليست إلا هواءا في شبك فيما يرون ان الأدوية والعقاقير الحديثة ليست سوى مواد كيماوية مضاعفاتها أكثر من فوائدها وهذا طبعا حسب اعتقادهم وهذا لا يقتصر على المجتمع العربي بل أن هناك دولاً أخرى لازالت تمارس الطب القديم كالصين والهند وعددا من دول أوروبا فضلا عن بلداننا العربية والتي تعتمد على ما يعرف محليا (طب العرب) أما الطب الصيني فهو طب عالمي وكما معروف بأنه يعتمد على الوخز بالإبر والكي بالنار وتشريح بعض الأجزاء من الجسد بآلات حادة ناهيك عن العقاقير التقليدية التي تعتمد على الأعشاب وبعض الحيوانات ، وبما أننا نتحدث عن الطب التقليدي فلابد أن نتطرق إلى ما يهمنا وما نعيشه في مجتمعنا من اعتماد مباشر أو غير مباشر على الطب البديل فللحجامة تفاصيل كثيرة لم تعرف للعديد ممن يخضعون لهذا النوع من العلاج التقليدي .
انتشرت في السنوات الأخيرة محال بيع الأعشاب واغلب من يديروها هم الحجّامون ممن يملكون الخبرة الكافية في هذا المجال وخلال إعداد التحقيق صعب العثور على حجّام متفرغ للحديث عن الموضوع وتفاصيله بسبب ضغط العمل لكثرة قاصدين هذه المحال وليست جميعها محال بل أن عددا منهم يحجم في بيته وأضحى بيته شبه عيادة طيبة ، أما عن الحجامة في عملية سحب دماء من جسد الإنسان يقال أنها فاسدة وتحتوي على سموم وأمراض حيث يقوم الحجام بوضع كاسة خاصة بهذا الشأن على مكان الألم او بالقرب منه ويقوم بسحب الهواء الموجود في الكاسة عن طريق شي أشبه بمحقان حتى ينتفخ المكان المخصص لحجامة ويتجمع فيه الدم وبعدها تزال الكاسة وتخدش خطوط صغيرة بواسطة شفرة حلاقة فوق الجزء المنتفخ ويعاد وضع الكاسة على ذات المكان ويبدأ بسحب المحقان بشكل بطئ ويترك حتى يخرج الدم يكون على الأرجح داكن اللون يتخثر عن خروجه من الجسد وللحجامة قوانين وأسس لا يمكن تجاوزها كعدم تناول الفطور لمن يخضع للحجامة صباحا والصيام عن الطعام ليوم كامل لبعض الأمراض وتتم العملية بواسطة حجام محترف أو حجامة محترفة بالنسبة للنساء ويجب السير وفق الخارطة اذ ان هناك خارطة خاصة بالحجامة تظهر جسد الإنسان ومؤشر إزاء كل جزء من الجسد وعدد كاسات الدم التي يجب سحبها ومدة الحجامة وكل مرض له قاعدته وتفاصيله كنزلات الزكام والصداع النصفي (الشقيقة ) وآلام المفاصل والضغط والسكر الخ ….
وكانت الحجامة علاج معروف قديما وكان قد أوصى به الرسول الكريم (ص) في حديثه الشريف (( الشفاء في ثلاث ،شربة عسل وشرطة محجم ، وكية نار وانا انهي امتى عن الكي )) صدق رسول الله
لكنه اندثر مع مر السنين وتقدم الإنسان وتطوره وتشكيل منظمات عالمية تعنى بالصحة كمنظمة الصحة العالمية واليونيسيف وغيرها .. ولكن في السنوات الأخيرة عاد المجتمع العراقي خاصة والعربي عامة إلى موروث أجداده ممن برعوا في مجالات الطب والكيمياء والعلوم الأخرى واعيدت معه ممارسة الحجامة وهي ايجابية ان كانت على الطريقة الصحيحة لكنها انحرفت عن مسارها وتحولت الى مصدر قلق لكير من الاختصاصيين في مجال الطب
تاريخ الحجامة وأساسياتها
تعتبر الحجامة كما اسلفنا ذكرا من اقدم العلاجات التي اكتشفها الانسان منذ عصر الاشوريين مرورا بالتاريخ الحديث وصولا الى التاريخ الاسلامي وهذا النوع من علاج يمارس وحسب بعض الكتب التاريخية فان الطب الصيني يعتبر من الحجامة لكنه يتم بواسطة الابر الصينية وان بحسب رسوم بعض المقابر الفرعونية فان الفراعنة ايضا كانوا يمارسون هذا العلاج لكنه ببعض الاختلافات البسيطة ووذكر علماء بارعين في مجال الطب الحجامة كالرازي الذي خصص فصلا من احد كتبه للحجامة وتفاصيلها والزهراوي الذي تكلم عن انواع الحجامة واماكن ممارستها في الجسد .
فبداية لايمكن اجراء الحجامة لمن هم دون السنتين واكثر من خمسة وستين سنة لعدم مقدرتهم على تحمل مضاعفات الحجامة وتتقسم الحجامة الى قسمين الرطب والجاف اذ ان الرطب يتم عن طريق شرط الجلد ووضع الكاسات في الاماكن المحددة من الجسد بحسب نوع المرض وتبدا الدم الفاسد بالخروج وهذا الدم يتعبر دما فاسدا لاحتواه على كريات الدم الحمراء المركبة بالسموم والخبث الجسدي الذي يدخل الجسد من طرق مختلفة ، والجافة تتم بوضع كاسات في طريقة مشابهة للرطبة لكن لا يتم فيها تشريط و خدش الجلد بالشفرة ولا يتم فيها اخراج الدم بل انه يتم شحب الدم داخل الجسم حتى يبدو الجلد منتفخا وذلك لاعادة توازن الدم في الاعضاء ولا تتم الحجامة في الاعضاء الحيوية المهمة في الجسد كالصدر (الاثدية ) او البطن او الوجه وموضع الكليتين او الورك والعانة وذلك لان تلك المناطق حيوية نشطة تحتوي اعضاء مهمة لا يمكن العبث بها وللحجامة فائدة كبيرة في طرح الدماء الفاسدة وتكون داكنة اللون غالبا كما اسلفنا لاحتوائها على كريات دم حمراء مشبعة بسموم تدخل الجسم عن طريق الامراض او الغذاء الغير صحي او من كثرة العلاجات الكيمياوية حاليا ويتم في بعض الاحيان كي بعض المناطق الخاضعة للحجامة في حين يقوم بعض الحجامين باشعال ورقة والقائها في الكاسة لاستنفاذ الهواد الموجود داخل الكاسة التي يتم خلاها تنفيذ العملية
أمراض معدية وسلبيات
للحجامة سلبيات ومضاعفات لا يدركها الخاضعون هذه العملية واولى هذه السلبيات قلة خبرة الحجام فان كان الحجام قليل الخبرة وغير محترف في هذا المجال فانه سيعرض حياة المريض الى الخطر وكما معروف ان الحجامة تتم بواسطة (شفرة حلاقة ) او اداة حادة اذا ما استخدمت خطأ فانه ستقطع وريدا او عصب او جزء حيوي في جسم الانسان العبث به يودي بحية الانسان ، كما ان تلوث الادوات المستخدمة وعدم تعقيمها من شانه نقل الفيروسات والخطرة والتي تنتقل بواسطة الدم كالايدز والتهاب الكبد الفيروسي والامراض الوبائية وهي سريعة الانتشار تتكيف في الاجواء التي تتم فيها تنفيذ عملية الحجامة ، وفي شأن اخر فان زيادة الاسعار بعد ان شهدت هذه العيادات الشعبية او المحال تعد مشكلة اخرى يعانيها المواطن حيث ان الزيادة الملحوظة في اعداد قاصدين الحجامة ادى الى زيادة الاسعار الى الضعف او الضعفين في بعض المناطق بل ان عدد من الحجامين يقوم بوصف اعشاب وخلطات للمريض على انه تنفعه وهي في الحقيقة لا تمت للعملية بصلة بل انه وجدها وسيلة ربح وكسب سريعة مستغلا عدم مبالاة الجهات المختصة وترك السلطات لهذه المحال دون لجان رقابة او سيطرة مختصة بهذا الشأن
شفاء سريع وزهيد الثمن
يقول (عبدالله كاظم ) وهو رجل ثلاثيني انه زبون مستمر لاحد الحجامين حيث انه كان يعاني من مرض الالتهاب المستمر للمفاصل وانه بدأ يقصد الحجامة ويخضع له منذ اكثر من سنة ويقسم انه كان لا ينام الليل من شدة الالم لكن حين اجرى الحجامة لسيقانه وظهرة لمرات متتالية بدأ وضعه في تحسن حتى شفي من مرضه الذي كان يلازمه على مر الوقت علما ان مرضه كان نتيجة ضغط عمله كعامل بناء باجر يومي ويؤكد ان المبلغ لم يتجاوز العشرة الاف دينار وهو مبلغ رمزي اذا ما قورن بكشفيات الاطباء وعلاجاتههم المهلكة .
الانجاب وعلاقته بالحجامة
اما ( عمار الجبوري ) فهو رجل في الاربعين يحدثنا عن تجربته التي حولت حياته تحولا جذريا بعد ان صادفناه في احد محال الحجامة يقول ” كنت قد تزوجت وانا في السابعة والعشرين من عمري واستمريت مع زوجتي لاكثر من خمسة اعوام ونحن ننتظر مولودا لكن ذلك لم يتم ووصف لي احد اصدقائي الحجامة قال بانه تسرع من الانجاب للجنسين لذلك اخذت زوجتي لاحدى الحجامات وانا ايضا خضعت لهذه التجربة واستمرينا لمدة شهرين ونحن نخضع للحجامة بقوانينها وبعد الشهرين يأسنا فتركنا الموضوع وبعد خمسة اشهر من ذلك حملت زوجتي ورزقنا بطفلتنا الاولى شهد وتلاها مولودنا احمد وهي بعد مشيئة الله حيث رزقنا الله بهذين الطفلين بفضل منه وبسبب الحجامة لاننا كنا قد فقدنا الامل من الانجاب .. والله اعلم
التأثر باليوم والتاريخ
(ابو مريم ) وهو حجام محترف له خبرة في هذا المجال وحاصل على شهادة جامعية في طب الأعشاب في حين زوجته تقوم بحجامة النساء في المنزل يتمتع (ابو مريم )بشعبية كبيرة في منطقته لما له من صولات وجولات في هذا المجال وحدثنا يقول ” يجب ان تتم الحجامة بالنسبة للحاجم المحترف في مكان خاص ونظيف وبادوات معقمة بادوات تعقيم طبية وللحجامة ايام معينة وساعات معينة وتواريخ خاصة لان الحجامة تتأثر بالجو واليوم والتاريخ فلو اردنا على سبيل المثال اجراء الحجامة يوم الاربعاء لا يمكننا ذلك لان الخميس هو الافضل لانه يوم مبارك وجميع ايام الله مباركة الا ان الاربعاء يوم تنزل فيه الامراض لايمكننا شق الجسد في يوم كهذا ويجب ان تنفذ الحجامة في درجة حرارة مستقرة دافئة في ساعات محددة وفي اماكن محددة من الجسد على الاغلب الكتفين والساقين والظهر واعلى الرقبة لانها اماكن وقوف وتجمع الدم الفاسد ومن شروط الحجامة عدم تناول الغذاء لمدة لا تقل عن تسع ساعات وعدم المعاشرة الزوجية للجنسين لمدة يومين قبل اجراء الحجامة وعدم اخذ أي عقار طبي لمدة 24 ساعة اضافة الى عدم الاستحمام مباشرة بعد الحجامة لانها تؤدي الى مضاعفات كبيرة والتهابات لجميع اجزاء الجسد ” وهذا ما اجمله الحجام في كلامه من خبرته القديمة في هذا المجال والتي تجاوزت العشرون عاما وبين هذا وذاك تبقى الوقاية خير من العلاج وان كان احدهم يروم اجراء ممارسة طبية قديمة متمثلة بحجامة فلابد له ان يختار الحجام المحترف الذي يدرك خطورة ما يفعل وان حدث غير ذلك فلا خير في حجامة يتم من خلالها تعريض المريض لخطر محتوم .