6 أبريل، 2024 10:39 م
Search
Close this search box.

تلعفر … بذرةُ الطائفية وغرسها الأول

Facebook
Twitter
LinkedIn

ما أن جثم الإحتلال العالمي للعراق بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية دون تفويض لغزوها من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن حتى سطع نجمي مدينتين من مدن العراق في سماء الجهاد والمقاومة وهما الفلوجة في محافظة الأنبار وتلعفر( المدينة التركمانية) في محافظة نينوى هاتين المدينتين اللتّين مرغتا كبرياء أميريكا وغطرستها بوحل الهزيمة وذُل العار فما من رتل عسكري أمريكي يغادر قاعدته في تلعفر إلاّ ويكون أمام خيارين لا ثالث لهما أما أن يلقى الرتل الغازي حتفه وإما أن يعود إلى قاعدته ممزقاً إلى أشلاء وسط نحيب وبكاء وعويل جنود الرتل اللذين أصبحوا اُضحوكة لأطفال تلعفر ، وإذا ما استعرضنا  الجانب القانوني فإن قتال المحتل لا يُعدُ إرهاباً استناداً إلى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة الذي ُيحرم استخدام القوة، وبالتالي يحرم الحروب العدوانية ولا يعترف بشرعية الآثار التي تترتب عليها وفي الوقت نفسه أجاز حق الدفاع عن النفس بموجب المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة. ومن الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة قد ميزت بين الأعمال الإرهابية والنضال العادل للشعوب الذي تخوضه حركات المقاومة ضد الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والعنصرية، وذلك في القرار الذي اتخذته في كانون الأول عام 1972.
واتخذت المنظمة الدولية في كانون الأول العام 1974 القرار رقم (3214) حول تعريف العدوان، وأجاز التعريف حق الشعوب في النضال بجميع الأشكال بما فيها الكفاح المسلح من أجل الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير، وبالتالي أجازت مقاومة الشعوب للاحتلال أي أجازت المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي الإيراني الصهيوني البغيض.
إن ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ومبادئ وأهداف الشرعية الدولية تدمغ جميع الأعمال العدوانية كالغزو والاحتلال والتدخل في الشؤون الداخلية للدول والاستعمار الاستيطاني بالإرهاب، وتؤيد حق الشعوب والأمم في مقاومة الاحتلال وحق تقرير المصير ونيل الاستقلال الوطني ، إن اشتداد المقاومة ينتج عن إرهاب المحتل والمغتصب للأرض والحقوق والمقدسات، فسياسة الاستعمار الاستيطاني والقتل والتدمير والإبادة الجماعية تدفع بالشعب المحتل إلى الرد على الإبادة الجماعية والاحتلال باللجوء إلى القوة لتحرير الأراضي المغتصبة والمحتلة من نير الاحتلال الأمريكي الذي ولّدّ ويّولد شعوراً كبيراً من الغضب والاستياء الديني والوطني والقومي لدى العرب والمسلمين.
ويميز القانون الدولي أيضاً بين الإرهاب والمقاومة، وهو ينص على تجريم إرهاب الأفراد والدول ويعترف في الوقت نفسه بشرعية المقاومة المسلحة ضد الاحتلال من أجل ممارسة حق تقرير المصير، ويركز على ضرورة ممارسة الشعوب والأمم لحق تقرير المصير فها هي الأمم والشعوب تتخذ من قادة المقاومة والتحرر رموزاً لها ولعل العالم بأسره يشهد للكثير من الأسماء بهذا الفضل على مر التأريخ ، فضلاً عن الجانب الشرعي الذي يُحتم ويوجب الجهاد (جهاد الدفع ) ضد العدو الصائل .
استمرت نكبات الجيش الأمريكي في تلعفر التركمانية ذات الغالبية السُنّية لذا عمد الأمريكان إلى تذكية النعرة الطائفية من خلال الكتابة على جدران جوامع ومساجد أهل السُنّة والجماعة كتابات تنتقص من أصحاب رسول الله وأمهات المؤمنين زوجات النبي محمد (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) ، وكذا الأمر تكتب شعارات تنال من آل بيت النبوة على حسينيات الشيعة فأوشك الإقتتال أن يحدث بين السُنّة الشيعة لولا أن تناخى العقلاء فأقاموا دوريات للحراسة والمراقبة ومن ثم تعقبوا السيارات المدنية التي تكتب الشعارات المسيئة حتى توارت تلك السيارات بعد دخولها القاعدة الأمريكية في تلعفر ، وئِدت الفتنة في مهدها ولكن هل انتهت محاولات الأمريكان لشق الصف العراقي وتمزيق لُحمته الوطنية ودق اسفين الفرقة بين السُنّة والشيعة الجواب كلا …!!!؟؟؟
لذا قام الأمريكان بطرد كل منتسبي الشرطة المحلية والأجهزة الأمنية اللذين ينتمون إلى أهل السُنّة والجماعة وأبقوا على الشيعة وبفعل استمرار العمليات الجهادية ضد الأمريكان وتّتّرُس الغزاة بالشيعة أصبح الجميع هدفاً للعمليات المسلحة ، مع زيادة حجم الخسائر نشب الصراع السُنّي الشيعي في تلعفر ومما فاقم الأمر وزاد الهُوة وساعد على اتساع الشرخ دخول المليشيات الشيعية على خط الأزمة وكذلك تدخل الجيش الذي يشكل الشيعة غالبيته التي تتجاوز 90% في قتال سُنّة تلعفر لتضمحل إثر ذلك أصوات الإعتدال وتتعالى أصوات التطرف فبدء التهجير القسري لتصبح الأحياء مغلقة هذا حيّ للسُنّة وآخر مغلق للشيعة ناهيك عن الهجرة إلى باقي محافظات العراق فأصبحت المادة 4 إرهاب (4 سُنة) وإلى يومنا الحالي ما من معتقل سريّ أو علني إلا وتجد لأهل تلعفر فيه نصيب الأسد .
ما يعنينا الآن كان لي لقاء مع بعض الشخصيات التي لها ثقلها في تلعفر بعضهم أعضاء برلمان وشيوخ عشائر تركمانية ومن بينهم أحد القضاة الذي شغل منصب رئيس الجنايات ومناصب سياسية أخرى بعد فوزه في الإنتخابات ثم اعتزاله العمل القضائي والسياسي لأسباب قد نفصح عنها في مقالات لاحقة بعد استئذان صاحب الشأن ، بادرته بالعديد من الأسئلة التي تعصف بي خاصة في ظل إعلان تلعفر محافظة وانعكاسات الأمر وتداعياته وسنتطرق إلى مقتطفات من حديثه : قال خلال عملي بصفة رئيس جنايات كان يُوتى بالشاب السُني وتلصق به تهمة (4 سُنّة) خاصة بعد أن يُدلي شهود الزور بشهادتهم الكيدية التي تزج به خلف القضبان وإلى حبل المشنقة ومن بين المعتقلين بعضٌ من أفراد عائلتي ، والمفارقة المضحكة المُبكية أن يخاطبني أحد أفراد شرطة تلعفر بقوله : والله لألبسنك (4سُنة) ولن يحميك موقعك القضائي !!!؟؟؟
المهم ولا زال القول لصاحبنا القاضي (حفظه الله) قال : زارني وفدٌ من رئاسة الوزراء مع اشتداد الحرب الطائفية (السُنّية الشيعية) للتباحث عن كيفية الخروج من هذا المأزق بصفتي القانونية والإجتماعية فقلت له بالنص : أبلغ رئاسة الوزراء تحياتي وأبلغهم أن أحياء تلعفر مغلقة فللسُنّة أحياؤهم وللشيعة أحياؤهم لذا أنا اقترح عزل الأحياء السُنّية بحواجز كونكريتية أو أسلاك شائكة والإبقاء على مدخل واحد فقط وعمل باجات وهويات لأهل الحي من السُنّة ولا يُسمح لغيرهم بالدخول وأنا سأقنع كُل السُنّة بهذا المقترح وأتحمل كل التبعات واعتبروا الموافقة قد حصلت علماً أن كُل بيوت أهل السُنة قد جُردت من أي سلاح أو قطعة غيار ولم نعُد نملك سوى سكاكين المطابخ أما سلاح الدولة وكل شيء من موارد الدولة بيد شيعة تلعفر كما تعلمون !!!؟؟؟
اندهش موفد رئاسة الوزراء وقال : إن هذا فيه حيفٌ كبيرٌ عليكم وغـُبنٌ لكم !!!؟؟؟
ليُجيب القاضي : لا عليك نحنُ راضون فقط أكفونا شركم ولنحقن الدماء ونحاول أن نبقي على خيط وصل ٍ مهما كان دقيقاً وإن كان كشَعْرةِ معاوية في قوله : بينني وبين المجنون شعرة أن شدّها أرخيت وإن أرخى شدّيت ولكن لن أقطعها …
عُرض الأمر واستحصلت الموافقة ثم قَدِمت لجنة إلى مدينة تلعفر ولدى عرض الأمر على شيعة تلعفر رُفض الأمر من شيعة تلعفر أنفسهم  جملة ً وتفصيلا ً وقالوا بالنص : من أين سنأخذ بثأرنا …!!!؟؟؟
ما جرى في تلعفر يمكن اسقاطه على سُنة العراق فالسُنة يدفعون الثمن إعتقالا ً وتهجيراً وقتلاً وعلى أعواد المشانق يتأرجحون بحبالها التي لا تميز بين متهم وبرئ ، وها هي الفلوجة وأغلب مدن الأنبار اليوم تقصف بالطائرات والمدفعية والهاونات وبكل الأسلحة والحصيلة اليوم كما أعلنتها المصادر الصحية في الفلوجة فقط 289 بين شهيد وجريح بذريعة محاربة تنظيم (داعش الإرهابي) فأهل السُنّة هم من يدفعون الثمن …!!!؟؟؟
اللهم من أراد بالعراق وأهله فصُب الشر فوق رأسه صباً
اللهم من أراد تمزيق العراق فمزقه شر ممزق
اللهم وأرنا عجائب قدرتك في الظالمين
اللهم أحفظ العراق وأهل العراق

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب