تحاول الأشياء أن تأتي بغير ماهيَ ، بغير لغتها ،بغيررسومها ، أصواتها ،وهي لاتقف عند حد ،
حيث تحاول تكرار نزعاتها تلك وتستبيح مساحاتها المفترضة لا بالقياس المكاني بل بالقياس البصري والروحي عبر الإمتدادين التاريخي والعاطفي وربطهما بمفصل فسيولوجي لتكوين البعد الهرمي للوقائع ، والبعد الإستدراجي للموجودات الآنية التي تتحرك بفعل قياسات محسوبة لتشكيل الخارطة النصية ومقتنيات الصور الشعرية ،أمام المسمىً التراثي مقابل عالم متغير قوامه أمطار الحروب ومدخلاته بين الأمل والفجيعة وتلك معادلة التضاد التي لاتخلو من أموات ومن نوارس ومن يباب ومن زوارق ، من ظلام دامس ويقين ضوء ومن أكفان وحلوى ،
ضمن هذا المدخل ومن بيتٍ في أور تقدم الشاعر ليث الصندوق بمعطياته الحياتية التي دونت ضمن تقادم السنين ولواعجه الشخصية إزاء قضاياه بألحان الصمت وشظايا الأمواج وأردية السُخام من خلال 27 نصا ،إتسمت بالمفارقة وبتحفيز عنصر الأنا وبالوله العاطفي للأشياء الحالمة للفرار من الكوابيس المكررة بداع من حاجاته الكثيرة ومنها الحاجة للنوم والحاجة لسماع ألحان الدموع ومخابئ الأحلام الوديعة في بعدٍ مشبعٍ بالذوبان في الظل :
رحلوا
ساحبينَ الظلال التي أسقطوها
كما بسقط السقفُ فوقَ الرؤوس
ترى سوف نذكر منهم
وقد عصروا ساعة السكر أجفاننا بكؤوس
إطمئنوا
فلن تمسحَ الدَمَ
عن صفحات الليالي
مماحي الشموس ،
إن صوت اليأس يسمع جليا في هذه المجموعة الشعرية مادام الإحتراب قائما في عناصر المفردات حين تنسج مشاهدها الشعرية في ظل سياحة شمولية بين الواقع المعاش وبين تدفقات الأرتال من الطلعات الإستكشافية للمجهر البصري، فضمن دالات تكتنفها تارة العضات السحرية والتي تتصل بالماضي المُعبر والمُكتَشف الجزئيات ، وتارة عبر مقلاع الحاضر وسعيه للتنقيب عن إله الجوع عبر أزمنة تتنقل بين التقديرات المففكة التي نعيشها وبين عشوائية الإحتمالات في وجود الأسباب ثم خلقها بما يضمن الفاعلية الشعرية والجهد الفكري ،وقد ضمن الشاعر ليث الصندوق جديده كشكلٍ من أشكال العلاقات المترفة بقوة إشراقات الخيال وبمسار ردود الأفعال مابين الإنتقالات التدريجية في المشاهد الشعرية .
وضمن ذلك يعود الشاعر ليؤكد أهمية توليد المعاني وتوزيع موجوداته بحدة مابين رغبة غير مستقرة وجدليات موقوتة تترصد بعضها البعض ضمن بنية النص للإنفجار وتأليب اللغة على بعضها البعض ،كدالة لأهمية المضامين المختارة وأهمية تنوعها وأهمية ما يتبع ذلك من الإستطرادات المقننة لتشاغل الجزئي بالسردي ، والسردي بقرينه لإرجاع الحكاية –
الزمن – الوسيلة ، موزعا ذلك على البعض من نصوصه ومنها (جامع الخلفاء ،صرخت من جبال كردستان احبك ،سياج البيت ،بيت في أور ، الجوع … ) إضافة لخصوصيته في إختيار وصلات عبثٍ مقننةٍ في نصوصه الطويلة عبرَ إتمانه على الماضي وأنشداده الى مستقبل الفاجعة ،
لاشك ان هناك فكرة ما لتحريك المسافات تارة كفواصل وتارة كــ إرتدادات تراجعية وهناك بؤر ضوئية تجعل الأمل لصيقا للخراب والجثث ، مذ وشمت الحضارة بيمينها على بيت في أور ،
هامش /
بيت في أور- مجموعة شعرية للشاعر ليث الصندوق