أدناه الجزء الثاني من مقال ( تكنولوجيا سرية جداً ) من كتابي الموسوم بـ ( أحترمُ جداً هذا الدين ) والمنشور عام 2021 بأكثر من تسع لغات رئيسية متداولة في العالم :
أعتقدُ أن قضية السيطرة والتحكُم بِملف (الأديان) والموروث الديني في العالم كانت وما تزال هي واحدة مِن القضايا السياسية التي تطوّر مستوى العمل بها الى مستوى متطوّر جداً يُضاهي مستوى التطوّر الكبير جداً الذي حصل في مجالات أخرى كالفيزياء والكيمياء والهندسة وعلوم الفضاء غيرها مِن العلوم، فالتطوّر الهائل الذي حصل في المجالات العلمية كان لابد له أنْ يتعامل مع موضوع حساس ومهم جداً وله صلة مؤثرة في كافة جوانب الحياة البشرية الا وهو موضوع (الدين) والموروث الديني لدى شعوب الأرض، لذا أرى أنّه مِن الصحيح الإعتقاد وبناءاً على دراسة وتحليل لواقع الأحداث المعقدة والخطيرة في العالم طيلة القرون الثلاثة الأخيرة مِن الزمن بأنه كان لابد مِن تَخصيص عقولٍ ذكية سياسية على مستوى العالم للتعامل علناً وسِراً مع مَلَف الدين والموروث الديني والعمل قدْر الإمكان على جعْله يُواكب بإيجابية مُجمل التطوّر الحاصل في حياة الإنسان على سطح الأرض.
أعتقدُ أن نُخبة علماء السياسة الأذكياء القائمين بمهمة السيطرة والتحكم سِرّياً بملف (الدين) والموروث الديني كانوا منذ ثلاثة قرون مضَت وما زالوا لغاية يومنا هذا يدركون جيداً إستحالة قدرة عموم البشر على العيش بحرية وبسلام طالما أنّ هناك نسبة كبيرة مِن سكان الأرض يُميّزون بين إنسان وآخر بسبب الدين أو المذهب الديني الذي يتم توارثوه منذ آلاف السنين، لاسيما وأن هناك نسبة كبيرة ومؤثرة من بعض رجال الدينٍ ممّن يتّجِهون بمهنتم بإتجاه خلْق الكراهية والعداوة بين البشر تحت سِتار تطبيق أوامر وشرائع (الله) المَزّعومة.
أعتقد أن النخبة الذكية السِرّية مِن عُلماء السياسة في العالم والقائمة بمهمة السيطرة والتحكم بملف (الدين) والموروث الديني في مجتمعات الأرض تعمل جنباً الى جنب مع نُخب ذكية سِرّية متعددة آخرى تقوم بمهام السيطرة والتحكّم بملفات الأحزاب والحكومات والتحالفات بين دول العالم وملفات الحرب والسلام وغيرها مِن ملفات السياسة والإقتصاد السياسي، وأنّ عمَل جميع هذه النُخب الذكية السرّية طيلة الثلاثة قرون الماضية ولغاية يومنا هذا كان بمستويات متنامية النوعية والكفاءة بمرور السنين ولغاية يومنا هذا، كما أعتقدُ أنّ عمَل النُخب العالمية السرية الذكية في مجال السياسة والدين هو بالغ الدقة والتعقيد والى الدرجة التي يمكن تشبيه صعوبة فهمه بالصعوبة التي يمكن توقعها عند إنسان لا يعرف عن عِلم الكهرباء والألكترون شيئاً سوى وجود قُطبيّ السالب والموجب بينما هو يحاول فَهْم تفاصيل عمل آلاف الدوائر الكترونية المعقدة لجهاز كومبيوتر حديث وضخم يُعالج مليارات مِن مَلفات البَشَر المُعقدة!
ما نودّ توضيحه هنا أنّ الإعتقاد بوجود نُخَب عالمية ذكية سرية تقود وتتحكم بأوضاع الأديان ومجمل أوضاع السياسة والإقتصاد في العالم منذ ما لا يقل عن ثلاثة قرون ولغاية يومنا هذا لا يعني مثلاً انه لولا هذه النخب لما بقيتْ الأديان لغاية الآن مثلما لا يعني ذلك أنّ وجود هذه النخب هو الذي تَسببَ في نشوب الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية وغيرها مِن الحروب والصراعات في مختلف مناطق العالم، وإنما مِن المُعتقد أنّ هذه النُخب عَملت على برمجة كل المتغيرات المتوقعة في شتى نواحي ونشاطات وصرعات البشر وفْق الزمن الذي يكّفل لتلك النخب حُصول أقل الخسائر وأفضل النتائج لجنس البشر حسْب تصوّرها، فمثلاً نقول أنّ الحرب العالمية الأولى أو أيّ حرب أخرى حدثتْ خلال الثلاثة قرون الأخيرة الماضية فهي كانت لِتحدث في كل الأحوال سواءاً بوجود أو عدم وجود تلك النخب السرية الذكية لكنّ ما أتوقعه هو أنّ تلك النخب الذكية قامت ببرمجة توقيت بدء وانتهاء تلك الحروب أضافة الى قيام تلك النخب بتحديد أوضاع الدُول والتحالفات التي شاركتْ في تلك الحروب أضافة الى تحديد النتائج السياسية والإقتصادية الناتجة مِن تلك الحروب، وهذا يعني أنّ تلك النخب السرية الذكية قامت بالسيطرة والتحَكم بحروب كانت ستنشأ في كل الأحوال ولكنْ تحت ظروف وأوقات ونتائج لا تَخضع لسيطرة ذكية سرية ومركزية، وهكذا يمكننا تصوّر عمَل هذه النخب حينما إبتكرت العقول البشرية النظرية الشيوعية أو أيّ نظرية إقتصادية أو سياسية أو فكرية أخرى، فهذه النخب الذكية قامت مثلاً بإدارة الصراع بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي في القرن العشرين وليكون كلا المعسكرين تحت سيطرتها الكاملة وبالشكل الذي أدّتْ به تلك السيطرة الى الوصول الى أفضل النتائج المطلوبة حسب تصوّر هذه النُخب، علماً أنّ ذلك الصراع بين المعسكرين كان سينشأ بكل الأحوال وسواءاً بوجود تلك النخب السرية الذكية أو بعدم وجودها ولكنه كان سينشأ دون سيطرة مركزية نوعية أو زمنية وربما لكان ذلك الصراع أحدَثَ نتائج سلبية على الوجود البشري حاضراً ومستقبلا حسْب تصوّر النخب الذكية أيضاً، وهكذا يمكننا أيضاً تصوّر عمَل هذه النخب الذكية على أصعدة عمَل جميع الأحزاب السياسية والقوى والموؤسسات الدينية في جميع مجتمعات الكرة الأرضية حيث كانت وما تزال هذه النخب السرية الذكية تُسيطر على تأسيس وعمل وإتجاه كل القوى والأحزاب والشخصيات السياسية أو الدينية في العالم دون أيّ إستثناء، فالكل هو تحت سيطرة وإدارة النخب السرية الذكية في العالم، ويمكن القول تشبيهاً بأن النخب الذكية السرية في العالم هي التي تَخْلق وتُوزّع وتُحرك كل القادة الدينيين والقادة السياسيين وكأنهم أحجار لعبة شطرنج، فمثلاً قد يبدو للجميع في كل أنحاء العالم أنّ القائد السياسي أو الديني (س) هو ضد القائد السياسي أو الديني (ص) بينما أنّ حقيقة الأمر هي أنّ كلا القائديّن وكذا جميع القادة السياسيين ورجال الدين في العالم وبدون إستثناء أيّاً منهم كانوا وما يزالون، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، يُنفذون ما تَطلبُه منهم النُخب الذكية السرية في العالم وهذا ما يدلّ على مدى القدرات المُعقّدة للنُخَب الذكية السرية التي تُدير كل تفاصيل النشاط البشري في كل المجالات السياسية والإقتصادية والدينية، وهنا نُعيد التذكير بإعتقادنا بأنّ أغلب القوى والأحزاب والقادة والشخصيات السياسية أو الدينية في العالم كانت لتنشأ في كل الأحوال وسواءاً أكانت النخب السرية الذكية موجودة أمْ لمْ تكن، لكنّ وجود النُخب السرية الذكية المُفْتَرضة أدّى ويؤدّي الى أنْ تكون تلك القوى والأحزاب والقادة والشخصيات السياسية أو الدينية تحت التحَكّم والسيْطرة المركزية الزمنية والنوعية عليها وبما يخدم خط التطوّر الإنساني نحو الأفضل بأقل الخسائر الممكنة بالأرواح أو الأموال أو الزمن حسب تصوّر تلك النُخب الذكية، وهذا يَدلّنُا بالنتيجة الى أنّ جميع السياسيين الدكتاتوريين وكذا جميع رجال الدين المتشددين والذين يُروّجون للأرهاب في العالم هُم دوماً تحت السيطرة الكاملة للنُخب السريّة الذكية بأساليب شتى والتي قد يكون أضعفِها إحتمالاً بالحدوث هو الصِلة أو الإرتباط المُباشر لبعض اولئك القادة بدائرة النُخَب السرية الذكية، بينما يعمل جميع بقية القادة المتشددين دينياً والقادة السياسيين الدكتاتوريين بصورة غير مباشرة في خدمة النخب السرية الذكية في العالم ودون أنْ يعلموا ذلك بأنفسهم! وكل ذلك لا يعني إنّ الأفكار والأفعال الدينية الإرهابية في العالم ما كانت لِتحصَل لولا تخطيط النخب السرية الذكية بل العكس تماماً حيث أنّ تلك الأفكار والأفعال الدينية الإرهابية كانت لِتحصل في كل الأحوال ولكن بشكل مُدمِّر وغير خاضع للسيطرة حسْب إعتقاد النُخب!
أعتقد وكما يعتقد بذلك العديد مِن المثقفين في العالم أنّ أساليب وقدّرات وكفاءات وتأثيرات النخب الذكية السرية المُفترضة لإدارة كل الأنشطة البشرية المهمة في المجال السياسي والديني تتطوّر بشكل تصاعدي منذ أيام تأسيسها قبل ما يقارب الثلاثة قرون من الزمن ولغاية يومنا هذا.
النخب السرية الذكية المُفترضة والتي تُدير وتسيطر على كل النشاطات البشرية على سطح الأرض تتحكم بموضوع الموروث الديني بين شعوب الأرض بشكل كامل بحيث أنك لا تجد الآن منصباً سياسياً أو إقتصادياً أو دينياً مهماً واحد على سطح الأرض الا وهو يخضع بشكل إرادي أو بشكل غير إرادي الى تَحَكّم وسيطرة النُخَب السرية الذكية التي تُدير كل أمور وجوانب السياسة والموروث الديني في العالم، وربما سيستمر هذا الوضع الى الموّعد الذي تُقرره هذه النُخب لكشف كل تفاصيل وأوراق لعبة السياسة والأديان والموروث الديني.
في صعيد متصل، فأنّ أغلب مثقفي العالم يدركون جيداً أنّ عدم صحة الأديان لا يعني بالضرورة الإقرار بعدم وجود خالق للكون مثلما لا تُحَتِّم رغبة الإنسان في تمنّي وجود (الله) وُجوب تصديق مَنْ إدّعوا قبل آلاف السنين بأنهم يُمثلون الله وأحكامه وتشريعاته.
نُشير أيضاً الى أنّ أغلب مثقفي العالم يُدركون جيداً أنّ إنتقاداتهم لمهنة (رجل الدين) هي ليست إنتقادات لِشخص مَنْ يعمل في هذه المهنة، ففي كل الأحوال يُدرك اولئك المثقفون أنّ الذي يعمل في مهنة (الدين) هو الإنسان له ظروفه وربما قناعاته التي جعلته يعمل في هذه المهنة، وأنّ كل إنسان مُعرّض للخطأ والصواب عند عمله في أيّ مهنة كانت، لذا فأن أغلب مثقفي العالم لا يُعادون رجل الدين الذي يُمارس مهنته الإنسانية والروحانية في منْح الكثيرين مِمّن يلجأون اليه أملا نفسياً مُريحاً بوجود (الله) ووجود حياة أخرى بعد الموت، الا أنّ مُثقفي العالم ينتقدون (مهنة الدين) التي تُمارس جريمة خلْق التمييز والكراهية بين بشر الأرض وفرْض الأحكام الدينية المُتوارثة منذ آلاف السنين عليهم.
أغلب مثقفي العالم يدركون جيداً أنّ الشعوب المتخلفة حضارياً ولاسيما شعوب الشرق الأوسط ما تزال لغاية يومنا هذا تدفع ثمناً باهضاً نتيجةً لإستمرار قيامها بمحاصرة حقوق الإنسان البسيط فيها تطبيقاً لثقافة وأحكام دينية موروثة، في حين أنّ الله خلقَ الإنسان ليعيش حُراً ودون أنْ يتجاوز على الحرية المماثلة للآخرين.
يتبع ..
عرض 808c4d6c-844c-4487-aad4-7f425c48efc3.jpg.