28 ديسمبر، 2024 12:48 م

تكنوقراط  ابيض لـ “اليوم الأسود”

تكنوقراط  ابيض لـ “اليوم الأسود”

حتى قبل سنتين كان كل شئ “دنيا ربيع وجو بديع” عندنا. الرواتب عال العال لا سلم ولا وجع قلب, المخصصات فوق اللازم, الدرجات الوظيفية على “افى من يشيل”. الإيفادات على مدار الساعة لحضور اي مؤتمر وللمشاركة في اي نشاط. البرلمان يشرعن ولا يراقب. والحكومة تنفذ ولا تناقش ولا تناقش “بكسر القاف وفحتها”.           
 لنقر ان هامش النقد سواء عبر وسائل الاعلام او من قبل المواطنين كان واسعا بشان سوء الخدمات والفروق في الرواتب والامتيازات لكن جيب الدولة المليان كان قادرا على الاستيعاب بطريقة او باخرى . التظاهرات الكهربائية ايام الحر القائض  خلال شهري تموز واب من كل عام كان ينظر اليها حكوميا على انها مجرد سحابة صيف , او خلاف لايفسد للود قضية مع المواطن. 
 الميزانية السنوية كانت تعد “عن الحلال والحرام” بعجز وهمي. اسعار النفط المرتفعة كانت قادرة على تغطية كل انواع العجز ماظهر منه ومابطن. كان السعر المعتمد للموازنات هو 90 دولار لنفط يباع ب  110 دولار للبرميل الواحد. اية رهاوة اذن نحن فيها.. فعلا الجو بديع والدنيا ربيع. وحيث اننا “مصوكرين” مقدما فارقا لصالحنا  بحدود 20 دولار للبرميل فان الزيادة المتوقعة في الاسعار  تجعلنا بـ”السيف سايد” تماما. عندها تشمر الحكومة عن ساعديها فتعد ميزانية تكميلية تصبح لدينا وفرة مالية تزيد شهيتنا لاستيراد خيار اردني ولالنكي باكستاني ورمان ايطالي.
هذا ايام الروثمان والدنهل والمزبن .. فماذا عن “ايام اللف” على طريقة مظفر النواب؟
 نعرف جميعا ان كل حكوماتنا بعد عام 2003 مؤلفة من كتل واحزاب وطوائف. لكن  الا لايوجد من بين هؤلاء الحكام تكنوقراط ابيض يمكن ان ينفع في اليوم الاسود؟ كم طبيب ومهندس ورجل قانون وعلوم وتقنيات في مختلف الميادين والمجالات ممن تسلموا مواقع او لايزالون؟  
السؤال الملح هو لماذا لم يخطر على بال اي واحد منهم ان يفكر ويخطط ليس على طريقة ما تلقاه من علم في الجامعات بل على  طريقة امهاتنا وجداتنا من عجائز “كبل” ممن كن يجمعن الفلس الاحمر والدرهم ويضعنه في “الصرة” او “الصندقجة” تيمنا بالمثل القائل “القرش الابيض ينفع في اليوم الاسود”؟.
لماذا لم تفكر طبقتنا السياسية بحجاجها وسادتها واطبائها ومهندسيها مثل تفكير امهاتهم وبيبياتهم باحتمال ولو واحد بالالف بحلول يوم اسود ذات يوم؟ اليس من مسؤولية الحكام وواجباتهم التخطيط لايام العسرة و”فوكاها” لدينا وزارة اسمها التخطيط, بينما العجائز يخططن حتى ليوم “الدفنة” اخذات بعين الاعتبار ان عوائلهن قد لا تتوفر لديهم الاموال الكافية لدفنهن واقامة مجالس الفاتحة على ارواحهن. وطبقا لهذا التخطيط العفوي البسيط فان العجوز حين تموت تكشف عن  احتياطيها المالي.
نكرر السؤال الساذج.. الم يخطر على بال قادتنا ان انهيار اسعار النفط ممكن. الم يفكروا  ان الانخفاض من 120 دولار الى 20 دولار لا يكفي حتى لـ “الدفنة”؟