درجت مجموعات ومجاميع الظلام على منهجية تكميم الافواه التي تختلف معها في الرأي باستخدام التهديدات من خلال اقتحام المؤسسات الاعلامية المختلفة أو اغتيال النشطاء الاعلاميين اصحاب الكلمة الحرة والشجاعة التي لاتخشى في الحق لومة لائم .
ان ماتعرضت له قناة ” يو تي في ” الفضائية من اقتحام لمجموعة مسلحة الخميس المنصرم لمقرها في بغداد، يمثل تجسيداً واقعياً وملموساً لمنهجية تكميم الافواه واسكات الرأي الآخر في الوقت الذي تسعى القوى الوطنية الخيّرة الى تاسيس انموذجاً ديمقراطياً عراقياً تتسع مساحته لجميع الآراء والافكار الوطنية القائمة على مبادىء الديمقراطية الحقيقية وقبول الآخر المشترك ضمن سياقات الاختلاف والتخالف .
ان استهداف المؤسسات الاعلامية والاعلاميين ، يقع في اطار الصراع الجاري في المشهد السياسي العراقي بين منهجين ، منهج التفرد والاقصاء وفرض الرأي الواحد على طريقة الانظمة الدكتاتورية ومنهج يسعى لتوسيع مساحة الآراء والأفكار وتأسيس تقاليد ديمقراطية رصينة يمكن من خلالها الحديث عن عراق ديمقراطي جديد .
ولأن المواجهة هنا بين سلاح منفلت ومجموعات متطرفة لاتقل شأناً عن السلوكيات الداعشية وبين الكلمة الحرّة الداعية الى روح التسامح وحماية الرأي الآخر ، فان من واجب الحكومة الراعية والحامية للدستور ان تنهض بواجباتها الدستورية والقانونية في حماية المؤسسات الاعلامية والاعلاميين من قوى الظلام كيما تستطيع ان تضطلع بواجباتها ، فلا ديمقراطية دون اعلام حر ، ولا ديمقراطية دون التعددية الفكرية والسياسية ، ولا ديمقراطية دون مساحة الأمان الأكثر اتساعاً لقول كلمة الحق والعدل والدفاع عن مبادىء الديمقراطية الحقيقية .
لقد شهدت المنظومة الاعلامية الديمقراطية الحقيقية ومنذ ان حدث مايسمى بالعراق الجديد ، الى اعتداءات مشينة واغلاقات بلا مبرر منطقي وعمليات اغتيال محزنة للاعلاميين الذين ارتفع صوتهم في مواجهة قوى الظلام والدكتاتورية وعودة العراق الى زمن الرأي الواحد والكلمة الواحدة .
وفي مواجهة هذا المشهد كانت ردود افعال حكومية خجولة لم ترتقي الى مستوى خطورة تلك الانتهاكات الخطيرة رافقها أيضاً للأسف الشديد ، عدم اكتراث مثير من قبل منظمات المجتمع المدني المختصة بقضايا الاعلام والتي غالباً ماكانت تكتفي ببيانات شجن تقليدية !
الحقيقة التي يتوجب ان يعرفها الجميع ان لاديمقراطية في العراق والبنادق مصوبة الى رؤوس الاعلاميين من قوى ظلام لاتجد من يردعها ويعيدها الى كهوفها حتى الآن !