18 ديسمبر، 2024 7:34 م

تكليف الزرفي والخيارات الصعبة

تكليف الزرفي والخيارات الصعبة

لم أعمد الى الكتابة في الجانب السياسي منذ تكليف السيد محمد توفيق علاوي لتشكيل الحكومة المؤقتة وحتى يومنا هذا.
بعد فشله يعمد رئيس الجمهورية الى تكليف السيد عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة المؤقتة التي أصبحت عصية جدا على الجسم السياسي العراقي وهذا هو السبب الرئيس في عدم الخوض والكتابة وزيادة وجع الرأس في عملية سياسية عرجاء غير كفوءة وليست بالقديرة على احتواء مشكلة واحدة من مشاكل عديدة تعصف بالواقع العراقي منذ العام الماضي ان لم يكن منذ سنتين والى الان وزاد عليها كارثة الوباء اللعين ڤايروس كورونا الذي قام منذ ظهوره وحتى يومنا على شلّ حركة الحياة والاقتصاد والأمن والسياسة والكيان المجتمعي في جميع دول العالم لينذر بمستقبل مجهول المعروف والمعلوم منه فقط هو خسارة الكثير من الضحايا وخصوصا كبار السن الذين قدموا للحياة وبناءها ما لم يقدمه حكام اليوم ليستغنوا عنهم بهذه الطريقة القذرة وفقا لحسابات اقتصادية بحتة .
في خضم كل هذه الأزمات نلاحظ ان تعامل الكيانات السياسية العراقية مع أزمة تشكيل الحكومة مبني على أسس هشة بعيدة عن مصلحة المواطن والحفاظ عليه من تلك الهزات العنيفة عالميًا ،، ان الولاءات الخارجية والمصالح الحزبية وروح الأنا والتفرد في اتخاذ القرارات وضعف البرلمان العراقي كلها عوامل اوصلتنا الى ما هو عليه واقع اليوم الذي اراه من وجهة نظري انه ليس هشا فحسب وانما ينذر بخطورة كبيرة دون مبالاة الكتل السياسية المتصارعة في وقت نرى فيه ان الشعب العراقي يصارع الموت مع الوباء العالمي تحت ضغط اقتصادي قاسٍ جدا بعيد عن اهتمام حكومة تصريف الاعمال .
بعد فشل علاوي بتشكيل الحكومة عمد السيد برهم صالح الى خطوة سياسية غير دستورية خارج السياقات القانونية المعتمدة في النظام البرلماني العراقي فدفع بكتاب تكليف السيد الزرفي ودون الرجوع الى الكتل السياسية التي تمتلك اكثر المقاعد في البرلمان العراقي وهنا بدأت الازمة تتعقد دون أفق الحل ونحن بحاجة ماسة الى الحل في وقت حرج كالذي نمر به فأين هي الإرادة الوطنية الحقيقية والسيد صالح يعلم ان الرفض يترتب عليه مشاكل كبيرة تنعكس على الشارع وربما البعض يرى هنالك اندفاع من بعض الجهات لتأييد الزرفي وأغلبها مبنية على المناكفة السياسية والعداء لهذا الطرف او ذاك والبعض الاخر مبني على مصالح اعطيني لتحصل على تأييدي اضافة الى دخول لغة المؤامرة بوقوف العامل الامريكي وراء هذا الترشيح ظنا ممن هم في أجواءها ان الأمريكان سيقنعون الأطراف المعنية ببيضة القبان وهم الجانب الكردي وبعض السنة ولكن فاتهم ان الأكراد لديهم حساباتهم البعيدة بالعودة الى الاستفتاء والمناطق محل النزاع التي أبعدهم عنها وأفشل استفتائهم فيها رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي الذي ينتمي لكتلته النصر بل رئيس الكتلة في البرلمان هو السيد عدنان الزرفي ومعني منحه الثقة هو الإقرار بتأثير السيد العبادي رئيس تحالف النصر على النظام السياسي العراقي الفيدرالي وهذا لا يمكن ان يحدث او يقبل به على الاقل السياسي المؤثر في القرار الكردي السيد مسعود البارزاني، ولكن هناك من يقول ان التأثير الامريكي في القرار الكردي كبير جدا ما قد يسبب تراجعا في قرار الرفض المبني على الانتقام والثأر من العبادي وهذا احد الخيارات الصعبة امام السيد الزرفي .
اما الخيار الاصعب امام هذا التكليف يتمثل في موقف القوى السياسية التي تنتمي اليها فصائل الحشد الشعبي والقريبة من ايران وما يطلق عليه خط المقاومة امتدادا من ايران الى العراق ثم سوريا ثم لبنان وهذا الخيار تكمن صعوبته بأنه سيكون عقبة سياسية وأمنية بوجه المكلف عدنان الزرفي فيما لو تم الضغط على الأطراف الاخرى وقبلت به لفض نزاع التصويت في البرلمان بحصوله الأغلبية من الاصوات في جلسة منح الثقة وهنا يمكن القول ان الوضع سيتأزم بين الحكومة المدعومة أمريكيا وفق هذا الخيار وبين الجهات السياسية التي تمثل جهات الحشد .
الخيار الثالث الذي يدخل في قائمة الصعوبات هو كيفية الابتعاد عن الدخول في صراع المحاور الذي سيحصل في المنطقة والعالم بعد انتهاء ڤايروس كورونا لان كل الدراسات والتوقعات والقراءات تشير الى هذا التشابك الدولي سياسيا وعسكريا واقتصاديا ومجتمعيا خصوصًا ونحن نعيش بين صراع محتدم منذ سنين طويلة وهو الصراع الامريكي الايراني والصراع الخليجي الايراني ونحن نقع جغرافيا على حدود احد طرفي النزاع بامتداد اكثر من 1300 كم وتأثير ذلك بشكل مباشر على العراق.
لا اظن ان الزرفي يستطيع ذلك ان لم ينحاز لطرف على اخر وهو بحد ذاته مساحة توتر كبيرة تودي بحقبة حكم صاحبها في وقت قصير .
في المقابل هناك تساؤل وهو هل نحتاج الى شخص حازم وصارم في المرحلة المقبلة والجواب بالتاكيد نعم، وهل تتمثل هذه الخصال بالسيد الزرفي؟ وقد يقول البعض نعم تتوفر فيه ولكن ذلك ربما مبني على فترة ممارسته منصب محافظ لمحافظة وهذا ليس قياسًا كونها لا تشبه حكم العراق باكمله ،،
لكنني في المقابل أضع اللوم وأحمّل المسؤولية تلك الكتل السياسية التي تقول انها الاحق بالمنصب وهي لا تستطيع ايجاد شخص مناسب رغم امتلاك العراق من الكفاءات ما لا يحصى لكنها المحاصصة والخوف من المستقبل وعدم الثقة بل وعدم القدرة على الحل السياسي وهو في رأي الشخصي فشل سياسي وعدم قدرة على التخطيط الاستراتيجي .