22 ديسمبر، 2024 7:30 م

تكليف الزرفي … قراءة تحليلية

تكليف الزرفي … قراءة تحليلية

بعد مشاهدتي للقاء الاول المتلفز للمكلف بمنصب رئيس الوزراء عدنان الزرفي على قناة العراقية ، وما رافقها من احداث تتعلق باجتماع القوى الشيعية المؤثرة واتفاقهم على استبدال الزرفي بالمرشح مصطفى الكاظمي ، ومن منظور شامل ، اكتب لكم التحليل التالي :

– قدم الزرفي في لقاءه التلفزيوني مجموعة من الرسائل للقوى السياسية الشيعية تحديدا” والى ايران مفادها ان مشروعه مشروع انقاذ النظام السياسي العراقي المهدد بالانهيار نتيجة تصاعد اصوات الاحتجاج بسبب ظروفهم المعاشية السيئة ونقص الخدمات والبطالة .
– بين الزرفي ضمنا” ان مشروعه لا يتضمن محاسبة الفاسدين في الدولة العراقية وحكوماتها السابقة .
– حصر السلاح المنفلت كما اعلنها سابقا” ، لا يتضمن انتزاع السلاح من المليشيات ويقتصر الامر على تهذيب سلوكها في الشارع العراقي .
– اما الرسالة المهمة لايران بان الزرفي سوف يكون احدى القنوات المهمة بين الولايات المتحدة وايران لحل المشاكل العالقة ، وسيفتح المجال امام الاستثمارات الاقتصادية الايرانية والاجنبية .
– تعهد الزرفي ضمنا” بالتواصل ان صح التعبير مع الولايات المتحدة لايقاف اي عمليات عسكرية وقصف داخل العراق مقابل وقف الفصائل لنشاطها المسلح .
– بدهاء اوضح الزرفي استمرار نهج المحاصصة الوزارية ، من خلال اعتماد موظفين كبار في الوزارات وتسليمهم للحقائب الوزراية والذين من المؤكد لهم خلفيات حزبية متبوعة للقوى السياسية ، وهذا ضمان اخر للقوى السياسية ، وفي الوقت ذاته ابرئ ذمته امام المتظاهرين بتقديم مرشحين تكنوقراط مهنيين .
– الزرفي يحاول اقناع القوى السياسية وخصوصا” البرلمانيين منهم بان خيار جيد لقيادة المرحلة القادمة التي من الممكن ان تعيد الثقة بين اعضاء البرلمان والشارع العراقي وتحسينها في امل اعادة انتخابهم وترك العناد والتعصب السياسي الذي من الممكن ان يفاقم الازمة ويوسع الهوة وينهي المستقبل السياسي والاجتماعي للقوى السياسية ، ويبدو انه نجح في اقناع الكثيرين وبالاخص التيار الصدري .
– قد ضمن الزرفي اعتذار مصطفى الكاظمي من قبول الترشيح من خلال علاقته الشخصية به .
– جعل من ( الاقتصاد ) محور لبرنامجه الحكومي والذي لم يطرح فيه اهداف غير ضغط النفقات المهدورة ، واصلاح جزئي لبعض المؤسسات والشركات الحكومية الخاسرة والمترهلة بالوظائف كثيرة المصاريف والنفقات .
– استبعد الزرفي ضمنا” ان يخطط لاي صدامات مع القوى السياسية وحتى القوى المليشياوية وركز على ان يدير الدولة اقتصاديا” وان يكون منقذا” من الازمات المتوقعة وقادرا” على ارضاء الشارع المحتج والمنتفض بدل تحويل الصراع الى صراع سياسي امني ممكن ان يزيد من الازمة ويزيد من زخم الاحتجاج .
– لم نركز بالتحليل على علاقة الزرفي مع القوى السنية والشيعية والتي يبدو انها مضمونة لاسباب ترتبط جزءا منها وتتشابه للاسباب السابقة وبعضها يرتبط بقبول الاطراف السنية والكردية لمرشح ترضى عنه الولايات المتحدة ويبدو انه قادر على كبح جماح القوى الشيعية الراديكالية المفتوحه شهيتها للسلطة ، أي ان يكون عنصر للتوازن والسيطرة على العملية السياسية .

اخيرا” ، يمكنني ان اقول ان عدنان الزرفي اتبع سياسة ( لا تكثر الكلام لكي لا تخطأ ) وانه نجح كثيرا” فيها ، وان رسائله وصلت الى صناع القرار وستحظى خلال اليومين القادميين برضى وقبول من ايران والنجف ، والتي سنتنهي بتكليفه لرئاسة مجلس الوزراء .
اما القوى المعترضة على التكليف ، فسينخفض مستوى التصعيد الاعلامي الرافض تدريجيا” وستقابل ذلك برفضها التكليف شكليا” امام الرأي العام لحفظ ماء الوجه .

يبدو ان عدنان الزرفي يمثل اتجاه وقناعات لمجموعة من البرلمانيين تؤمن بتحسين العلاقة مع الشارع العراقي من خلال القيام ببعض الواجبات الاساسية ، والتي تقف بالضد من بعض القوى السياسية الاخرى المؤمنة بوجوب القبض على السلطة بكل الوسائل ومنها استخدام السلاح ، لذا هو مطمئن وضامن لاصوات عدد غير قليل من البرلمانيين حال عقد جلسة نيل الثقة البرلمانية.