27 ديسمبر، 2024 3:44 م

تكفير علي .. بين السياسة ووعاظ السلاطين

تكفير علي .. بين السياسة ووعاظ السلاطين

قد يستغرب البعض من هذا العنوان، فهل هناك من يتجرأ على تكفير علي؟ وإذا كانت مصالح أهل السياسة تتعارض مع قيم علي ومبادئه ومنهجه، فهل يُعقل أن يكون هناك من رجال الدين من يُكفر علي؟ وهل دين الإسلام إلا سيرة علي؟ وهل القرآن إلا علي؟ فهو القرآن الناطق الذي جسد كل قيم وتوجيهات القرآن من خلال سلوكه العملي، فكيف بمن يدعي أنه ينتمي للإسلام وأنه أحد دعاة الإسلام، كيف يُكفر علي؟ وهو ذروة الإسلام وسنامه، أليست هذه من المفارقات العجيبة؟ وحتى إن العقل يكاد يرفض التصديق بمثل هذا الأمر كون فاعله سيكون مفضوحاً بكفره وخروجه عن دين الإسلام، بل عن التوحيد بكل دياناته، بل أكثر من ذلك بخروجه عن كل قيم الإنسانية مهما كانت اعتقادات حاملها.

لكن العقل يعود ليعترف بأن للطُهر والقيم والمبادئ أعداء وحساد وشياطين يعملون ليلاً ونهاراً سراً وعلانيةً بصراحة القول وبلحنه لأجل تحجيمهم ومحاصرتهم ووأدهم لأن في الطهر والقيم والمبادئ نهاية للأشرار ونهاية للمستأكلين باسم الله ونهاية للصوص الدين ونهاية للمتسلطين وسُراق قوت الفقراء ونهاية لاستضعاف الإنسان وعبوديته للإنسان.

ومن أشهر أمثلة وعاظ السلاطين في التاريخ والذي ما زالت سمومه تسري في جسد الأمة لهذه اللحظات ما يتبين لنا في منهاج السُّنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية لابن تيمية ، ج77، فصل قال الرافضي: البرهان الثاني عشر: … وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ… الرَّابِعُ : إنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيَجْعَلُ لِلَّذِينِ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وُدًّا، وَهَذَا وَعْدٌ مِنْهُ صَادِقٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لِلصَّحَابَةِ مَوَدَّةً فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ، لَاسِيَّمَا الْخُلَفَاءُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، لَاسِيَّمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ; فَإِنَّ عَامَّةَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَانُوا يَوَدُّونَهُمَا، وَكَانُوا خَيْرَ الْقُرُونِ ، وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عَلِيٌّ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَانُوا يُبْغِضُونَهُ، وَيَسُبُّونَهُ وَيُقَاتِلُونَهُ .

ويعلق احد علماء الدين من المحدثين والذي يحقق في التاريخ والتراث والعقائد على هذا الكلام بقوله: (تعرف ابن تيمية من لحن القول، يبغض عليًا ( عليه السلام ) أشدّ البغض، لا يعتبره من الصحابة، يقول: ” وهذا وعد منه صادق ” ما هو الوعد؟ إن الله يجعل للذين امنوا وعملوا الصالحات ودًا، محبة للصحابة من الذين أمنوا وعملوا الصالحات ، فجعل لهم مودة في قلب كل مسلم، وعليّ المسكين (سلام الله عليه) ليس فقط لم تجعل له مودة في قلب كل مسلم من عموم المسلمين وإنما لم تُجعل له مودة في قلوب خواصّ المسلمين !! ، عند الصحابة لم تُجعل له المودة فكيف عند باقي المسلمين!! يا علي، يا مظلوم ، سلام الله عليك يا علي عندما يبغضك مثل هؤلاء المنافقين) .

وعلى المسلمين الذين يعرفون معنى ومكانة علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن يواجهوا انحراف وعاظ السلاطين من القدماء والمعاصرين لأن تركهم في الساحة بدون مواجهة يعني بالنتيجة تمزق المجتمعات وضياع الأوطان وموت القيم والمبادئ والأخلاق وسيادة الهمجية وتحجر العقول