17 نوفمبر، 2024 4:48 م
Search
Close this search box.

تكريد كركوك مرة أخرى

تكريد كركوك مرة أخرى

يبدو أن ساسة أخوتنا الكرد لم يجدوا عند دونالد ترامب شيئاً مما لوّح لهم به الخبيث باراك أوباما ، ولذلك راحوا يستعجلون الأمور ويستغلون الظروف الراهنة وينفذون ما كانوا قد بيّتوه !
فما أن عاد السيد العبادي من سفرته الأمريكية حتى أعلن نيجرفان بارزاني عن موعد تقريبي لإجراء استفتاء حول موضوع ” الإستقلال ” عن العراق والخروج من خيمته . ولم يمض سوى يوم أو يومين على هذا الإعلان حتى رفعت أفاعي كركوك علم إقليم كردستان على المباني الرسمية في المدينة ، بتأييد معلن من حزب السيد البارزاني .
والواقع أن السيد محافظ كركوك ، وشريكه السيد رئيس مجلس المحافظة ، استغلا ظروف انشغال الحكومة الاتحادية بمحاربة داعش ، وعملا معاً طوال العامين الماضيين على تهجير السكان العرب منها ومما جاورها من قرى وبلدات بشتى أنواع الضغوط والمضايقات والتهديدات ، وبذرائع مفتعلة ، بهدف ( تكريد ) ما يمكن تكريده من المنطقة ، في وقت كانت فيه تصفية بعض الشخصيات العربية تجري على قدم وساق .
وهاهم ساسة الكرد ونوابهم في البرلمان يتضافرون اليوم رغم خلافاتهم على شرعنة إجراءات التكريد ، دون أي سند دستوري مما يزعمون .
إن كركوك ، على وفق الدستور ، من الأراضي المتنازع عليها ، وهي ما تزال ، دستورياً ، تحت ولاية الحكومة الاتحادية وسلطتها ، ومحافظها وأعوانه ما زالوا موظفين من موظفي هذه الحكومة شأنهم شأن موظفي المحافظات الأخرى ، وهذا يلزمهم بأداء واجبهم الوظيفي بأمانة وإخلاص ، وهو يعني أن قوانين الدولة والتعليمات الصادرة بموجبها تنطبق عليهم كما تنطبق على غيرهم من الموظفين إن هم أساءوا التصرف ، بما في ذلك العقوبات ، ابتداء من العزل حتى لفت النظر .
لهذا ولأن كركوك ليست مدينة كردية خالصة بل مدينة متنوعة الإثنيات كما يعرف الجميع ، فإن جميع إجراءات تكريدها ، بما في ذلك رفع علم كردستان على مبانيها الحكومية ، هي إجراءات باطلة ، لا دستورية ، ولا شرعية ، وتصرفات انفرادية وانتهازية متهورة ، إن لم نقل مخالفات وظيفية سافرة .
وإذا كان تنفيذ المادة (140) من الدستور قد تأخر عن موعده لسبب أو لآخر وتأخر معه تقرير مصير الأراضي المتنازع عليها ، فهذا لا يعطي الساسة الكرد حق التصرف من طرف واحد ، والتهور في اتخاذ مثل هذه الإجراءات ، بدل الحوار والتفاوض والتفاهم ، أو اللجوء إلى القضاء إذا لزم الأمر .
بقي أن نقول : إن الساسة الكرد يعرفون جيداً أن حلم تأسيس دولة كردية مستقلة ما يزال بعيد المنال ، لأسباب يعرفونها هم أكثر مما نعرفها ، فهو حلم غير مرحب به على الصعيدين الإقليمي والدولي ، في المرحلة الراهنة في الأقل ، ولذا فإن التلويح بإجراء الإستفتاء حول الإستقلال ليس سوى قعقعة فارغة ، لا تقدم ولا تؤخر ، ولكنها تسهم في توتير الأجواء وشحنها ، والأفضل أن تحل المشاكل العالقة بين الحكومة الإتحادية وحكومة الإقليم بالحوار والتفاهم وليس بالأساليب الإستفزازية .
وبعد ، فأظن أن الحكومة الاتحادية مطالبة باتخاذ إجراءات حازمة مدروسة بحق موظفيها العابثين في كركوك ، وعدم الاكتفاء بالبيان الذي صدر عنها ، فقد كثر هذا العبث وتعددت وجوهه .

نقلا عن صفحته الشخصية ـ فيس بوك

أحدث المقالات