الفلم معاد لأكثر من مرة ، القصة تبدأ بمصّنع محترف للساعات ولِدَ اعمى ، يطلب منه تصنيع ساعة في اكبر محطات نيويورك ، اثناء عمله لتصنيع تلك الساعة وابان الحرب العالمية الاولى يقتل ابنه الوحيد في تلك الحرب ، هذا لم يثنيه على ان ينهي ما بدأه في تصنيع تلك الساعة وبعد ان صنعها وفي يوم الافتتاح وأثناء تشغيلها تبين ان الساعة تعمل بالعكس فاستغرب الحضور الا انه قال امام الحشد المتجمهر انقل هنا كلمته بتصرف ” انا بالعمد صنعت الساعة لكي تعمل بالعكس عسى ان ترجع عقارب الساعة الزمنية لكي يعود ابناءنا الذين قتلوا في الحرب لينيروا منازلهم وليزرعوا الحقول وينتجوا في المصانع ويتزوجوا وينجبوا ويعيشوا حياة طويلة كما ينبغي لا ان يموتوا قصار عمر في حروب عبثية ” بعدها غادر المكان احتجاجا ولم يعرف له خبر !.
منذ امد والعراقيون يموتون في حروب عبثية وقلما تجد عائلة عراقية لم تتوشح بالسواد والحزن العميق بسبب موت احد ابناءها في احدى تلك الحروب كما هو الحال ولكل حرب مبرر . ما يعيشه العراقيون اليوم هو دوامة حرب مستعرة العدو في داخل البيت يحمل نفس الملامح يتكلم بنفس النبرة ويأكل من نفس الزاد ويقتل حين تحين الفرصة مبررا ذلك بتبريرات عدة ، المحصلة موت ودمار وخراب الديار المستفيد هو الجار القريب او البعيد الذي يصله الطشار او هو الذي أصلا قد حرك الجار لزرع فتنة القتل في الدار الذي يلم العائلة ، لو جاز لي تشبيه الوطن ببيت لعائلة فمن الطبيعي ستكبر هذه العائلة التي كانت جميلة ومستقرة ويزداد عدد أفرادها وتتنوع مشاربهم ورؤاهم ويتزوج بعضهم فيدخلون في دوامة المشاكل المستمرة فالكبير منهم صاحب حظوة حسب العرف يأكل ويشرب من خلال الأخوة وأخ اخر عاق يدخل سجن ويخرج من اخر وآخر مشغول في ملذات الحياة وآخر يعمل من اجل ان تستمر العائلة وتبقى صامدة، من المؤكد كما يحدث دائما بان الزوجات سيقومن بدورهن من اجل استقلالهن عن باقي العائلة وكذلك بعض الجيران سيلعبون لعبة السيطرة على تلك العائلة ، والأخ المعيل سيتوقف بعد ان لا يستطيع ان يدبر حاله مع كبر عائلته الشخصية فضلا عن أمور متداخلة سيتقرر كما هي الحالة المتبعة بالانفصال عن البيت الكبير وتكوين أسر جديدة وهذا ما حدث وأسست على غراره البلدان والحضارات . لو جاز لي ايضا أن أضع العراق الحالي محل البيت العائلي فسنجد هناك مقاربة تقترب او تبعد قليلا او كثيرا ، وخصوصا لما يحدث في العراق من مرحلة متقدمة من الصراع التي وصلت بالعراقي ان يقتل أخيه العراقي بدم بارد بل يتلذذ بذلك القتل وهو يعيش معه تحت نفس المظلة وبين نفس الجدران ، فعليه عملية تكوين أسرة جديدة من أب وأم لا محالة لها لكي يعيش الجميع براحة واطمئنان .
اما الاستعارة لموضوعة الفلم فتكمن باني رغم فرحة الانتصار على الارهاب وتحرير تكريت من براثن الارهابين الا ان فرحتي العظمى تكون حين يعود ابناءنا الى اهلهم حيث انتمائهم ليعيشوا حياة طويلة يستحقونها قد مَنّ الله عليهم بها لا ان يحاربوا في أمكنة سيلفظهم او سيقتلهم ابناءها حين المستطاع .
وكما قالوا “افضل طريقة لحل مشاكل المستقبل نجدها في طيات الماضي ”
[email protected]