12 أبريل، 2024 8:28 م
Search
Close this search box.

تكريت .. التحرير الذي سينتج تقسيما !!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

أرسم حدود إقليمك قبل أن يرسمها لك الآخرون ، ما يجري في وسط العراق وغربه هو معارك مؤجلة منذ احتلاله سنة 2003 م ، وربما قبل ذلك بكثير !! منذ أن كانت الرغبة بتقسيم هذا البلد فكرة تختمر في رأس ” بايدن” أو قبلها في رؤوس أنظمة الدول التي اجتهد العراق في تهديدها ومحاربتها ، فدول الإقليم جميعا لا تريد عراقا واحدا قويا ، والدول الكبرى لا تريد عراقا مشاغبا يثير لها المشاكل ، ولا سبيل لهذه الرغبات سوى بتفتيته سياسيا واجتماعيا ، العراقيون أنفسهم أصبحوا مقتنعين الآن بهذا الحل فهم يرددون في أنفسهم : ( أن نعيش في بلد مقسم آمنين خير من أن نعيش في بلد واحد متناحرين ) ، تقسيم العراق كان هو المادة الأولى في دستور “بريمر” العتيد الذي يحكم الدولة منذ الاحتلال ولحد الآن ، فالفدرالية في حقيقتها هي نظام لتوحيد الأجزاء المفككة ، أما إذا ما وضعت في صلب نظام دولة قائمة وموّحدة فهي تعني التقسيم بعينه ، الحساسية نحو تقسيم العراق في أدنى درجاتها اليوم و الجميع كان يدفع باتجاه هذه الفضيحة مع كل هذا الهدم الذي مارسه رجال السياسة والدين منذ أكثر من عقد . أليس غريبا أن يتم تسليم محافظتين كبيرتين ( الموصل وتكريت ) إلى داعش في يومين ؟! ثم أليس الأغرب إن الذين سمحوا بذلك يعودون اليوم لمحاربة داعش ؟ هل كان دخول داعش إلى شمال ووسط العراق تبريرا لحرب تحرير تقوم على تقسيمه كحل حتمي ومقبول من جميع الأطراف ؟!

يجب أن أقول إن الجيش العراقي ومن معه من قوات الحشد الشعبي لن تتقدم باتجاه الموصل مطلقا وإن حدود تقدمها يجب أن لا تتجاوز منطقة تأمين المراقد المقدسة في سامراء !! فهذا بالفعل هو خط الحدود الشمالية للإقليم الشيعي الموعود !! وإن القوات الكردية أيضا لن تتقدم باتجاه الموصل أيضا وسيسمح لها فقط بضم أجزاء معيّنة من سهل نينوى خصوصا مع رغبة الأغلبية المسيحية والإيزيدية في هذا السهل بالانضمام إلى دولة الكرد .. وستبقى الموصل والرمادي بعيدة عن التحرير إلى حين إنشاء الحرس الوطني ليكون القوة الرسمية السنية التي تتولى تحرير تلك المدن وإقامة الإقليم الثالث فيها بعد انسحاب داعش أو القضاء عليها !! وستبقى هناك عقدتان هما كركوك وديالى ، وهاتان العقدتان ستواجهان صعوبات كثيرة في حلّهما ، لكن أيديولوجيا الأحزاب الحاكمة وتدخلات الدول الكبرى ودول الإقليم ستسهم بتذليل تلك الصعوبات ، تقسيم كركوك إلى ثلاثة أجزاء وإلحاق كل جزء منها بالأقاليم الثلاثة يبقى ممكنا ،

ويساعد على ذلك طبيعة التوزيع الطبوغرافي للسكان فيها كما يساعد عليه إن الثروة النفطية فيها لا تتركز في منطقة واحدة وهي متوزعة على جميع أجزاء المحافظة . وبهذا الصدد سيتم إنشاء شبه إقليم للتركمان في طوز خورماتو والقرى الممتدة بينها وبين كركوك وسيكون مرتبطا بالإقليم الشيعي بشكل من الأشكال وبوادر هذا الكيان تلوح مع السماح بتشكيل مليشيا تركمانية في هذا الوقت دون غيره !! أما وجود التركمان في تلعفر فسيكون شيئا من الماضي يتردد في حكايات الآباء لأبنائهم عن هذه الأرض المفقودة ، لأن هذه الفضيحة والكارثة سوف تجعل العراق يشهد موجات تهجير وإعادة توطين كبرى لم يشهدها أي بلد حتى فلسطين نفسها .. أما فيما يتعلق بديالى فسيتم تقسيما إلى ثلاثة أجزاء أيضا وستحرص إيران على أن يكون الجزء المحاذي لحدودها ملحقا بالإقليم الشيعي فهي لا ترغب بجارٍ غير مطمئن يسبب لها المتاعب على حدودها ، وسيكون الجزء الأعلى ( جلولاء والسعدية ) للكرد ، أما الجزء الداخلي ( العظيم وما جاورها ) فسيتصل بالاقليم السني طبيعيا ..

كنت مثل الكثيرين استبعد هذه الدراما المفجعة ، لكنني أدركت اليوم واقعيتها المتحققة ليس لأخلاقيتها وإنما لأن الجميع كان يدفع باتجاهها ، في هذه الأيام أصبحت كثيرا ما أستعيد لقاءً مهمّا جمعني بأحد رجال الدين البارزين والمؤثرين في العراق ( هو أحد المراجع بالتحديد ) ، كان كل كلامه آنذاك عابرا ولا قيمة له عندي إلا كلمة قالها حول سامراء ومصيرها وضرورة تحريرها واستبدال الطبيعة المذهبية لسكانها وإلحاقها بإقليم تأريخي – على حدّ وصفه – يمتد من سامراء إلى الفاو تكون بغداد عاصمته – كما صرّح مسئول في إحدى دول الجوار !! الآن هل تحققت نبؤته – بل قل رغبته وتخطيطه ؟! ربما كثيرا لأن المنطق الحالي في العراق يقول : من حرّر أرضا فهي له !! فهذه الحرب وإن كانت حرب تحرير فهي أيضا حرب تقسيم بالترتيب الفعلي والمنطقي وهي سباق من أجل ترسيم الحدود الجديدة …

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب