29 مايو، 2024 3:04 ص
Search
Close this search box.

تكبـــ تقـسـييييييييييم ــيـــر .. ألله أكبر ..

Facebook
Twitter
LinkedIn

ما معنى أنّك تقول “جمعة نصرة الإمام الأعظم” سوى أنّها تعني عزل طائفي واضح لا علاقة له بالدين بل له علاقة بالطائفة .. والدين غير الطائفة .. الدين جامع والطائفة شظيّة من انفجار الدين وتمزيقه .. فلو دقّقنا جيّداً بهذا الشعار سنجد أن الدين دخل في الطائفة بعد أن كانت الطائفة هي من خرجت من رحم الدين في عمليّة قيصريّة بعد أن عجز الدين عن موائمة العصور اللاحقة , حتّى أنّ الرسول أو علي قال “لا تقسروا أولادكم على أخلاقكم فإنّهم مخلوقون لزمان غير زمانكم ! .. ونعود لموضوعنا .. ما دخل أبا حنيفة بصلاة الجمعة غير أنّ قبره كان جزء من مقبرة “الخيزران” المربّية الفاضلة لهارون الرشيد والمدفونة في هذا المكان بمنطقة الأعظميّة  الّتي كانت آنذاك مساجة واسعة لمرابط خيول جيوش الدولة العبّاسيّة .. ومع مرور السنين بُني جامع ملاصق لقبر أبا حنيفة ومع مرور الوقت والحقب أصبح القبر جزء من الجامع لتمرّ الأعوام والسنون ليصبح في يومنا هذا الجامع جزء من القبر ! ..  ممّا لا تفسير لهذه الحالة الغريبة على الدين .. وكذلك قبور بقيّة الطوائف الأخرى مرّت بنفس ما مرّ به قبر أبا حنيفة نتيجة “التنافس” الطائفي في تلك الحقب من تراجع التقوى في قلوب الناس وانحسارها والّذي أبعد الجميع عن مسالك الدين الحنيف الصحيحة وعاد الشرك بلبوس الدين .. والشرك أخطر من الكفر بنصّ القرآن .. فسقطت بغداد وسقطت غرناطة وسقط الفاطميّون وسقطت سمرقند وسقطت القدس وسقط بيت المقدس وسقطت استانبول وسقط العثمانيّون بعد أن سقط المماليك وتمّ خلال ذلك الانهاير اضمحلال شواخص العظمة لبلاد المسلمين وتمّ سرقة “الحجر الأسود” واقتلاعه من الكعبة أكثر من مرّة كان آخرها سرقته من قبل الفرقة الأباضيّة والهرب به إلى جبال عُمان ومكث عندهم عشرون عاماً ! .. واحتلّت واستباحت ديار العرب ومن كانوا ولا زالوا يسمّون بـ”المسلمين” ومنظّمتهم “الإسلاميّة التابعة لآيزنهاور ! .. ثمّ عندما يتكلّم أحدنا اليوم ويشخّص الخلل الفظيع الّذي يعيشه العرب ومن يطلقون على أنفسهم “المسلمون” وفي التناقض الفظيع ما بين المسلمون الأوّلون والّّذين لأنّهم كانوا مسلمون حقيقيّون كانت مادّة الإسلام تترجم على الأرض تلقائيّاً لعزّة ولهيبة ولنفوذ ولعدل ولقوّة ولبأس شديد بين الأمم ؛ وبين من يطلقون على أنفسهم اليوم مسلمون وللوراء لغاية سقوط بغداد إن لم نقل لأبعد بكثير  أنّهم “مسلمون” في حين لا يمتلكون “مادّة” الإسلام الحقيقيّة الّتي من المفترض تشحن إسلامهم وتترجم كما ترجمت عند ظهور الاسلام .. ثمّ عندما نقول لهم اليوم أنّكم عبّاد للدين وليس عبّاد لله  يتملّكهم الغضب ويتّهمونك بجميع التهم وبأشنع الأوصاف بالكفر وبالشرك وبالإلحاد و”بالطائفية” إن لم تُتّهم بالجاسوسيّة وبأنّك تريد هدم عرى  الإسلام أو مرتد تريد إيقاظ “المؤمنون” من نومهم بالعسل ! … الخ

قبل بضعة أيّام تمّ طرح شعار “جمعة نصرة الإمام الأعظم” .. ألا يشحن هذا الشعار مشاعر الطائفة الأخرى ويأجّج فيهم مشاعر الكراهيّة تجاه مطلقو هذا الشعار وإن أبدو عكس ذلك ! في حين يعمل الشرفاء جهد وسعهم لدفن الفتنة وقبرها إلى الأبد خاصّة بعد أن بدأت غيوم الغفلة تنقشع عن عيون العراقيين بعد أن خدعتهم الأحزاب الدينيّة المتاجرة بالوحي وبجبريل وبمحمد وبآل البيت .. المطالب لا علاقة لها بصلاة أو بغيرها .. المطالب للناس كافّة واستحقاقات على الحكومة مسيحيّون أو مسلمون أو غيرهما .. ومّما يزيد الطين بلّة .. أنّ “الخطيب” المحترق دَمَه لأجل أبا حنيفة يصيح بأعلى صوته وبانفعال لا ينمّ إلاّ عن تراكم دائرة من الجهل تلفّ عقله منذ نعومة أظفاره كأيّ معمّم وتدور فيه و”ممصدّك” أن يحيط به جمهور من الجهلة يصيحون مع كلّ لفظة حماسيّة يصرخ بها ويديه و”غترته” ترتجفان مع صراخه تدعو “المسلمين” لنصرة  الإمام الأعظم”  .. تكبييييييير  ألله أكبر .. تكبييييييير  ألله أكبر بصوت يذكّرنا بخشونة صوت مصطنع تعوّدنا سماعه من تسجيلات مسروقة عن التسجيلات الحقيقيّة الّتي كان يطلّ بها علينا للمقاومون العراقيّون الأصلاء عبر الأنترنت بداية سنين الغزو من الّذين ألحقوا الهزيمة بالجيش الأميركي بعد أن هدّد رامسفيلد الفضائيّات بعدم عرض تسجيلات المقاومة العراقيّة , في سرقة علنيّة من بعض هؤلاء المتظاهرون المجعّرون لأصواتهم  تكبييييييير  ألله أكبر .. فتبدو وكاّنها تدعو للتفرقة قائلةً .. تقسيييييييم الله أكبر …

هذا هو حالنا .. الموتى يحكمون الأحياء من قبورهم رغم مرور مئات السنين .. أيّ شعوب نحن .. أليس فينا رجلٌ “حيّ” رشيد ..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب