19 ديسمبر، 2024 1:11 ص

تكامل الذاتية الوجودية والحرية الشخصية عند نيقولاي برديائيف

تكامل الذاتية الوجودية والحرية الشخصية عند نيقولاي برديائيف

استهلال:

” ليس أمام الفلسفة الشخصية عمل أهم من اكتشاف الواقع الأصيل الذي يختفي وراء ستار العموم المصطنع”1[1]

لقد مارس نيقولاي برديائيف (1874-1948) تأثيرا عميقا على الفكر الفلسفي في الحقبة المعاصرة وذلك ليس من خلال تناولها لقضايا الحرية الخلاقة وبحثه الأساسي في الشأن الإنساني من زاوية وجهه ومعنى وجوده بل عندما ساهم في قيام أنثربولوجيا جديدة تضع الإنسان في مواجهة إمكانية صناعة مصيره بنفسه عن طريق الوعي الباطني بالفعل وتنمية الموهبة الإبداعية وتمكين الذات من الابتكار والتجديد والإضافة.

لقد عُرِفَ على نيقولاي برديائيف التصاقه بالإيمان وانتمائه للمؤسسة الدينية ولكن هذا الارتباط لم يمنعه من ممارسة النقد التاريخي ليس من حيث الماهية والجوهر وإنما من جهة الحضور التاريخي والممارسة السلطوية وتأثير الانفعالات الإعتقادية في السلوكيات الدنيوية وتدخل رجال الدين في الشؤون البشرية.

لقد تميز برديائيف بروحانية نبيلة جعلت يصغي إلى كرامة الإنسان وينادي باستقلالية الإيمان عن التراتبية الهرمية في المؤسسات الدينية وعن الدور المحافظ الذي تؤده التيولويجيا الرسمية تجاه شبكة القيم السائدة.

لقد حملته الروح الثورية إلى رفض الوصاية والقطع مع الظلامية التي تكرس الهرمية والتبعية والوثوقية وتوجه صوب تجديد الإيمان والتعبير عن نبل الشخص الإنساني وإنقاذ الحرية من اكراهات الضرورات.

لقد نحت مفهوم الفلسفة الإبداعية بوصفها حرية خلاقة ترنو إلى المطلق وتأتي قبل الوجود وتتسلح بفضيلة الشجاعة وتمثل المحرك الإلهي الذي يسمح بالحدس ويمنح الذات البشرية معنى الحياة والقدرة على الخلق.

لقد اشتغل على تنمية الشخصية الحرة الخلاقة وبحث عن الوجود الحق واعتمد الحدس كطريق للعمل والالتزام وتناول بالدرس معنى التاريخ وصراع الروح مع الطبيعة وانتبه إلى أن السعادة والكامل هما غاية لا تدرك سوى في الخواتيم وحلم بعصر جديد تنتهي فيه المعاناة والعبودية وتنتصر فيه الحرية. في هذا الإطار، كيف عمل برديائيف على بناء فلسفة دينية ضمن رؤية وجودية للإيمان وقراءة إنسانية للاعتقاد؟ وماهو المعنى الذي منح للمصير الذي ينتظر البشرية في أفقها المنشود؟ وعلى ماذا تتأسس إذن العلاقة بين الإنسان والله؟ وهل تؤثر هذه العلاقة في تجربة الحرية من حيث هي انعتاق وخلاص وتحرر؟ وما علاقة الفلسفة بالإبداع؟ وأي دور للشخص الإنساني في الثورة على السائد واحترام الإلهي في ذاته؟

لا تنحصر الفلسفة بالاهتمام بالظواهر الأنثربولوجية من أجل إدراك أسرار الطبيعة فحسب وإنما تهتم بالشروط الإيتيقية لممارسة الفعل ونحت القيمة واختبار حرية الذات من خلال المشاركة في الخلق الفني والإبداع العملي بالنظر إلى “أن معرفة الحقيقة هي تشارك معها وحياة فيها: إنها أيضا معرفة بالعدالة”2[2]

ما تمت المراهنة عليه من الفلسفة الدينية من طرف نيقولا برديائيف ليس بلوغ المعرفة وإدراك القوانين التي تتحكم في ظواهر الطبيعة ، فهذه مهمة العلم، وإنما الاستناد على تجربة الحرية بماهي فعل الروح من أجل خلق القيم الحقيقية وتدريب الكائن البشري على المحبة والشعور ببهاء الكون وعدالة الله وعنايته.

1- فلسفة دينية ذات نفس وجودي:

” عمق الوجود في ذاته، عمق الحياة، ليس لا طيب ولا شرير ، ولا أخلاقي ولا غير أخلاقي، انه لا يقوم إلا بأن يرمز وأيضا أن يعبر وفق مقولات هذا العالم”3[3]

فلسفة المعرفة والوجود عند نيقولا برديائيف هي فلسفة شخصية والشخصية الإنسانية هي الموضوع الرئيسي للمعرفة الفلسفية والقول بالتقابل بين المعرفة والوجود وبين العقل والواقع يجعل الفلسفة تصل إلى سد لا سبيل إلى تجاوزه والفيلسوف لا يرتاح إلا بأن تصل رؤيته المعرفية إلى ما في الوجود من امتلاء.

يجب أن تكون الفلسفة الوجودية حسب برديائيف إنسانية طالما أن معرفتها بالوجود مستمدة من الإنسان وكل المحاولات التي بذلت لإبعاد الفيلسوف عن التجارب الإنسانية باءت بالفشل وثبت أنها وهمية وزائفة، ولا يمكن للفلسفة الحقيقية منبثقة من شيء آخر لأنها قائمة على أساس من الحكمة الإنسانية، ولذا يجب أن تكون محبة الحكمة تجربة حية يشترك فيها الفيلسوف اشتراكا فعليا مع البعد الاجتماعي والمحيط الطبيعي.

ليس من شأن المجتمع أن يملي شيئا على الفلسفة وإنما من شأن الفلسفة أن تملي أشياء عديدة على المجتمع وفي الواقع توضع الفلسفة على الدوام موضع تساؤل واستنكار من المجتمع وهي من أكثر الجوانب الثقافية والفكرية التي تتعرض للاستهجان والتشكيك، وهذه القطعية المنحدرة من الدين والعلم والرؤية العامية هي أصل المعارضة التي تقف بالمرصاد ضد الفكر المستنير وضد كل ابتكار عقلي ونقد اجتماعي هادف4[4].

يبدو أن المجتمع كله يتحد لكي لنكر على الفيلسوف كما يقول برديائيف حقه في التفكير الحر وفي الواقع لم يسمح للفيلسوف بالتفكير الحر إلا في لحظات قليلة فحسب وحتى الجامعة لا ترضى عن الفيلسوف إلا بشرط أن يلتزم الصمت فيما يتعلق بفلسفته الخاصة وأن يعتني بتدريس تاريخ الفلسفة والمذاهب الفلسفية بينما الفيلسوف الحق لا يقنع بأن يفهم العالم فقط وإنما يسعى بكل جهده إلى تغيير العالم وإصلاح الجامعة.

تنمو الفلسفة من التجربة الحية وأي اكتفاء بالتجريد الخالص يجعل موقف الفيلسوف متخاذلا في علاقة بقضايا الواقع الملموس ويبقي لغته في مجال مشترك مع اللغة الدارجة ولكن لا تقف الفلسفة عند الوظيفة الاجتماعية حسب برديائيف بل توجد وراء كل فكر إرادة مضنية لتحقيق الحياة وإشباع رغبة حسن البقاء.

رسالة الفيلسوف وثيقة الصلة بهموم الناس وقضايا المجتمع ولذلك هو الأكثر تعرضا للاضطهاد والنكران والجحود بالنظر إلى أن الفلاسفة بشكل خاص هم الأوفر حظا من الإهمال من طرف الدولة ولا يمتثلون بيسر للسلطة وتقف الفلسفة وحدها معزولة وما من أحد يتقدم للدفاع عن الفيلسوف في محنته ويفتقر للسند ومعرضا للتنكيل والإقصاء ويتصف بعدم الاستقرار وتصادر أفكاره وتحجب نصوصه عن الناس5[5].

كانت الفلسفة الوجودية عند برديائيف أول من عالج اللاّمعقول الديني بوصفه المشكلة التي لا مفر للعقل من مواجهته وكانت حاولت تعقل التمزق ومقاومة العبث وحملت على العدم وزرعت الأمل أمام الحرية.

لا يمكن للفلسفة من منظور برديائيف إلا أن تكون ذاتية حتى وهي تسعى لكي تكون موضوعية بما أن كل فلسفة صادقة تحمل طابع شخصية الفيلسوف الذي أبدعها وأيضا طالما أن هدف الفلسفة يتحدد من تفكير الفيلسوف في وضعه الاجتماعي ومصيره وأي شعور بالنفور من الفلسفة فهو يحمل في داخله أسوأ فلسفة، و لا يؤدي الفيلسوف وظيفة اجتماعية وحسب بل إن قيمة رسالته يسمو بها على كل الواجبات الاجتماعية.

لقد عمل برديائيف على إدماج الثورة الفلسفية التي فجرها كل من نيتشه وماركس على الميتافيزيقا المثالية ضمن الرؤية المسيحية للعالم بالرغم من انغراس فكره في التراث الأرثدوكسي وتأثره بالغنوص الروحي. كما ساهم في بلورة مشروع الاستيقاظ الحر للتراث الديني في بلده تماشيا مع الحالة الإبداعية التي عرفتها الثقافة التي ينتمي إليها في حالتها الأدبية والفنية والسياسية مع غوركي وتولستوي ودوستوفسكي ولينين.

لقد استعمل برديائيف الفكر الأماني وخاصة فلاسفة الحياة مثل كانط وشيلنغ وصوفية بوهام في حواره مع الثقافة الغربية في سبيل الإسهام في تأسيس الفلسفة الوجودية التي انطلقت قبل ذلك مع سورين كركيجارد. لقد شيّد برديائيف فكره في صورة فلسفة دينية تجمع بين التصوف والعرفان وتتضمن عدة عناصر نبوية وتجعل من المعرفة وظيفة حياتية وتنحت للتجربة الروحانية رمزية دلالية تتحرك ضمن جدلية وجودية بين الإلهي والإنساني وتتعامل مع الفعل الإبداعي على أنه المعنى الوحيد الذي يمكن منحه للتاريخ الحي. كما أن التجارب التي يجريها الإنسان وتتسبب في هيمنة الانفصال والإكراه لا تقدر على النفاذ إلى الواقع.

بهذا المعنى تنفتح تجربة المقدس على بعد مغاير من الوجود العميق أكثر نبلا وسموا وتجعل من بعض الروحانيين مصلحين اجتماعيين ومبدعي لأشكال رحبة من الحياة وخالقي لأبهى الأوجه الشفافة والجميلة.

لقد قام برديائيف بتمكين الشخص من تحصيل معرفة تامة وتعميق الصلة بين الباطنية الذاتية والتعالي الروحي وأجاز الاختزال الأنثربولوجي للنزعة الإنسانوية دون السقوط في قتل الإنسان والاكتفاء بالواقعية الروحانية التي تنزل البشر منزلة عالم صغير داخل عالم كبير وتحاول تخليص الفردانية من الجمعانية.

تعتمد الفلسفة الدينية عند برديائيف على نمط روحاني من الوجود تعبر عنه الحرية عبر تراجيديا الشر حيث تكون غير معقولة وأولانية في الآن ذاته وحيث تنبثق بفضل الله من اللاّوجود لكي يتكون الآخر.

لقد بذل برديائيف مجهودات من أجل تفسير السر المخفي للتساهل من طرف الإله أمام الحرية المطلقة للإنسان حقيقة الدراما التي تمزق مشاعر المحبة تجاهه وحاول التعبير عنها بشكل غامض ومتناقض وبعبارات غير منظمة وغير نسقية مثل الرأفة والإحسان والرحمة في مواجهة الشر والإثم والخطيئة.

هكذا اقترن الشروع في تجربة الإبداع باكتشاف وتحقيق القانون الكلي وتحرير الإنسان بالفضيلة والوعي والتخلص من الإثم والتغلب على الذنب وتخطي إمكانية الوقوع في الخطيئة وتهيئة الروح لمعانقة المطلق.

لقد اتضح أن الوجود عند برديائيف لا يحدد إلا من طرف تجربة الحرية وأن السقوط البشري في الأرض قدوما من السماء هو حدث آدمي للروح تلتصق بالمكان والزمان والمادة ويصبح الله يتكلم اللغة البشرية.

على هذا الأساس لا يحمل الإنسان إنسانيته إلا من خلال الله ويمكن للإله أن يفصح عن ألوهيته من غير الإنسان ولكن ميزة الإنسان أنه يمثل تماما كل ممكنات التجسد وأشكال المحايثة بين الألوهية والبشرية.

حينما تنير الروح الحرية الإنسانية يصير العقل قوة خلاقة تصبح قادرة على إتمام تكاملية الكون ويبقي الله في انتظار مجيء الإنسان الحر ليستجيب للمحبة الكونية ويجيب عبر الحب الخلاق على سؤال المصير.

والحق يكون حسب برديائيف “إلى جانب الدين في الصراع الناشب بين الدين والفلسفة حينما تطالب الفلسفة بالحلول مكان الدين في ميدان الخلاص والحياة الأبدية غير أن الحق إلى جانب الفلسفة حينما تتطلع إلى بلوغ درجة في المعرفة أعلى من تلك العناصر الساذجة من المعرفة التي يتضمنها الدين”6[6].

من هذا المنطلق أقر بأهمية الدور الذي تقوم به الفلسفة في تطهير الدين من الشوائب والجهالات والتعصب لدى اللاهوتيين ورجال الدين وحرص على حماية الايمان من النزعات الموضوعية والطبيعية التي تشوه الحقائق الدينية وراهن على الفهم الفلسفي للوحي الالهي لكونه فهم عقلي يقدم لنا مبادئ معرفية هامة.

لقد دشن برديائيف من خلال وجوديته المؤمنة أزمة المعنى التي وقعت فيها الحضارة الصناعية ودعا إلى إعادة تشكيل العلوم الرمزية والوسائط الثقافية قصد إعادة بناء جسور متينة بين الذوات والمجموعات. كما أن معنى التاريخ لا يستمد من العلوم الطبيعية والمباحث القانونية ولا من الفلسفة المادية بل من تجليات الحياة الروحية للمجتمعات ومن رمزية الثقافة الإنسانية ومن الحرية التي تتمتع بها الذوات أثناء فعلها في هذا التاريخ عينه وان النضال الاجتماعي لا قيمة له دون الالتزام الديني واحترام المقدسات والمؤسسات الروحية والقيم الرمزية وان الالتزام الديني لا معنى له دون وعي الأفراد بأهمية التحرر من الاغتراب الاجتماعي ودون التزام بالنضال من أجل العدالة الكونية والمساواة بين الناس في الحقوق والواجبات .

لكن لماذا انتقل برديائيف من الانخراط في الماركسية إلى الدفاع عن إصلاح المؤسسة الدينية والروحية؟ وكيف تساعد الفلسفة الوجودية على بلوغ مستقبل يكون فيه الدين مؤسسة جمهورية خالية من الجحيم؟

2- معنى المصير الإنساني:

” حكاية الجنة والسقوط هي بالتحديد حكاية تكون الوعي في تجربة الروح”7[7]

تحتل مسألة المصير عند نيكولا برديائيف منزلة هامة ومركزية في فلسفته وتحوز على قيمة رمزية في رؤيته للإنسان والتاريخ بسبب ميلاده في أسرة نبيلة وتربيته المنعزلة ذات الحساسية الدينية وكذلك بحكم وجوده عند نقطة يتلاقي الغرب المسيحي في نسخته الأرثدوكسية مع التجربة الروحية للانسانوية الملحدة.

لم يتأخر برديائيف في التمرد على الوسط الثقافي الذي تربى فيه والدخول في صراع مع النزعة الامتثالية ويتبنى أفكارا اشتراكيا وينادي بالحرية الاجتماعية ويحاول الجمع بين النقد الكانطي والالتزام الماركسي. لقد حافظ على مطالبته بتحقيق العدالة الاجتماعية بالرغم من ابتعاده عن ماركس وتأثره المفاجئ بالنزعة التراجيدية عند فريدريك نيتشه وفكرة العبقرية الخلاقة ومشاركته في النهضة الروسية مع عدد من العلماء واعتمد على الوعي الديني المتحفز الذي قام بالتأليف بين المعتقد الروحي والمعنى الديونوزوسي للحياة.

لقد جعل من ضعف المؤسسات الكنسية وفتور الإيمان لدى الطبقات الشعبية بيئة ملائمة لاندلاع الثورة الاجتماعية وإحرازها الانتصار السياسي على الشرائح المحافظة وانتبه إلى انحصار الإحياء الديني في نخبة ضيقة وعدم ملامسته شريحة واسعة من الناس وما ترتب عن ذلك من فقدانه التأثير على المجتمع.

كما قام بنقد فكرة الديمقراطية من منظور ميتافيزيقي واعتبرها تفرغ الناس من فرديتهم وتحطم الإنسان الباطني من أجل منفعة الإنسان الخارجي ويرى أن الإنسان في النظام الديمقراطي يتم تعريفه ميكانيكيا بواسطة مقولة اجتماعية متبلورة جاهزة ويتم إهدار قدرته الخلاقة وطاقته التجديدية وفعله الإبداعي الحر.

من هذا المنظور يتحدد معنى التاريخ من خلال الانكسار الذي أحدثه الوحي الإلهي في النظام الدوري للكون وفي التعاقب المسترسل للأحداث التاريخية والأزمنة الثقافية بالنسبة للإنسان ويجد الزمن التاريخي المعنى الذي كان يفتقده في إطار هذا التوتر الاسكاتولوجي أولا ومن الامتلاء الدلالي للكتاب المقدس ثانيا.

يحرص برديائيف على طرح مسألة المعنى الديني للإبداع من زاوية الوعي للرد على الأزمة التي تعاني منها الحداثة الثقافية التي تتوزع بين العلوم والفنون وتسعى إلى إعادة اكتشاف السر الإبداعي للإنسان.

بهذا المعنى تعتمد التجربة الإبداعية على تسويغ الحياة من جهة القوة والقيمة بالانطلاق من الإيمان الذي يسمح بتشكيل ماهية مختلفة والارتقاء إلى عالم جديد يفيض بالنور والإشراق والعرفان والمحبة واليقين.

” من الضروري لكي تكتشف الشخصية طبيعتها الاجتماعية الحقيقية ورسالتها أن يتحرر وجودها ووعيها من الضغط الاجتماعي ومن تأثير العام الذي يضع حولها القيود ومن تأثير التصورات النوعية الكلية”8[8].

لقد ربط مشكلة المصير بفكرة الزمان وتأثريها في الإنسان من جهة مراوحته بين الجبرية والحرية وبحث في قضية الزمان من جهة متناهي واللاّمتناهي وأدرك أن الذات في علاقة تناقض مع الزمان فهي تحاول السيطرة على الزمان ولكنها تتحول إلى موضوع عابر للزمان وتتدارك ذلك بالبحث عن الأبدية وتتعلق بالروح بغية التغلب على الخوف والفزع من قدوم المستقبل وتترك للحرية امكانية بلوغ علة عليا للوجود.

لقد انتصر برديائيف إلى الفرد على حساب المجموعة وبحث في العلاقة بين الأنا والشخصية ودفع الأنا إلى امتلاك شخصية واثبات ذاته وفرديته عن طريق امتلاك الوجود الذاتي ولكنه نبذ العزلة والانطواء وربط تنميته لشخصيته بربط جسور الاتصال الروحي بالمجتمع وقيامه بمهامه الإصلاحية والتربوية.

لقد فكرة في علاقة الوحدة بالكثرة والواحد والمتعدد ودفع الشخصية في اتجاه التفرد عن العام وتحقيق الخاص مع الحرص على تنمية النوع البشري وصقل الحرية الانسانية التي تسمح له بالانتقال من العدم الى الوجود ولذك صرح بأن ” الشخصية هي التضاد المجسد للفردي والاجتماعي…للحرية والمصير”9[9].

لكن بماذا يمكن تفسير الحضور الدائم في مؤلفات برديائيف للزوج المفهومي: الله والإنسان؟، ثم ماهي الشروط التي ينبغي أن تتوفر لكي تجعل من الإنسان الكامل الصورة الحقيقية والمتشبهة بالذات الإلهية؟

3- الإنسان والله والعالم

” يحرر الإنسان في ذاته مكانا يحتفظ به لله، وانه يعود إلى حضن الله دون منفعة ترتجى منه”10[10]

إذا كانت العصور القديمة والوسيطة قد منحت الامتياز لله على حساب الإنسان وجعلت التيولوجيا تتقدم على حساب الأنثربولوجيا فإن الأزمنة الحديثة قد أعادت الأوضاع إلى نصابها المعرفي ونزلت الإنسان المكانة التي تليق به وجعلت ويتبوأ المنزلة التي يستحقها من حيث هو كائن فان يقتدر على تحدي الآلهة.

لقد تم التخلي عن اله على صورة إنسان يقوم البشر بصنعه وفق ما يتخيلونه واستبداله بإنسان على صورة اله وفق ما يتصورنهم من خلال مركزية الذات وقدرتها على التشريع على الصعيد المعرفي والوجودي.

لا ضير في القول بأن عصر الروح هو عصر الوحي الإنساني وأن الديني لا تشيد حواجز تبقيه مسافات بعيدة عن الحياة وإنما يقوم بحذف كل العراقيل التي تمنع الناس من الكيان في العالم والتدرب على الحياة.

لهذا يتمثل العامل الديني في التجربة الخلاقة والعمل الإبداعي الذي يقوم باختراق العالم الموضوعي والسماح للمحبة والجمال والحقيقة بالانبثاق ضمن إطار رموز ثقافية للبعث وتراجيديا أخروية للأمل.

كما يعود الفضل إلى العامل الديني في توطيد التمدن على التوحش وذلك عندما ساعد على توحيد ظواهر الكون وقام بعقلنة اجتماعية وتقنية للحياة العالمية وتخليص العلم من السحر والأساطير والخرافة والجهل.

بعد ذلك قامت الفلسفة الوجودية المؤمنة ببلورة مصالحة بين الإيمان بالإله والإيمان بالإنسان ودمج بين التيولوجيا والأنثربولوجيا وذلك بغية إنقاذ الإنسان من وهم التيولوجيا وإنقاذ الله من بؤس الأنثربولوجيا.

يرفض برديائيف أن يكون الله سيدا أتوقراطيا ولا حاكما بصورة فوقية ومطلقة للعالم ويرى معرفة الله مقترنة مقترنة بوجود الإنسان والعلاقة المبرمة معه ضمن حياة باطنية يبلورا فيها شكلا من الحضور المتلازم ويقترح وجود قوة إبداعية أصلية تنظم العناية الإلهية وتمنح الإنسان الحرية والنشاط والإبداع.

الاكتشاف الكبير عند برديائيف هو تصوره الله على أنه قريب من البشر ويوجد في دواخلهم والنظر إليهم على أنهم موجودون فيه طالما أن الطبيعة البشرية تشارك وتتقاسم حسب الأول والأكثر الطبيعة الإلهية.

لا يمكن تصور الله دون المرور معرفة الإنسان ويفقد الإنسان معنى حياته إذا ما تصور نفسه خارج الله ، ولذلك الله والإنسان عنصرين وجوديين لا يقبلان القسمة والانفصال، فالله المحبوب والإنسان هو المحب، ولا أحد يمكنه خرق الروابط المتينة التي توحد بينهما، فالإنسان منغرس في الله والله منغرس في الإنسان. على هذا النحو يظهر الإنسان على هيئة علامة مرئية تمثل حقيقة غير مرئية ويشهد على حضور الله.

بيد أن الروح لا ترضها الميتافيزيقا الأخروية ولا الأنثربولوجيا الدينية وذلك لعجزها عن بيان صلة القرابة بين الله والإنسان ولقد كان عيبها الأبرز تقديس الله واحتقار الإنسان وبالتالي يكون من الأجدر أن تدفع التجربة الدينية نحو الاقتراب من سر الحياة الإلهية بغية فهم سر الحياة الإنسانية والبحث عن الإلهي الذي يوجد في الإنسان من حيث هو عنصر تكويني والإقرار بطبيعة مزدوجة (إنسانية وإلهية) للمسيح.

هكذا تتخطى عملية تشكل الطبيعة البشرية نظام العالم الموضوعي الذي تتشكل فيه الأشياء المادية وتقترب من نظام العالم الذاتي الذي يترك للأشخاص حرية الاختيار في عملية صناعة وجودهم وتقرير مصيرهم وذلك بالانطلاق من الصورة الإلهية التي يحملونها في ذواتهم بغية إعادة شحن أنفسهم بطاقتهم الخاصة.

قد تأتي التراجيديا الإنسانية من الانتماء المزدوج للروح والمادة و تزامن حضور الفكر والجسد في طبيعته ولكن هوية البشر تتجلى من حيث هي ميدان تنازع بين قطبين سمائي وأرضي حيث يتواجه الله مع العالم. ولو حاول الإنسان أن يتوجه كليا نحو الله فإنه يعيد تشكيل ذاته ويرتقي من طور طبيعي إلى آخر روحي ويصير مغمورا بالأبدية ويشارك عالما جديدا وبدل تحقيق مملكة البشر يقترب من الانتماء إلى مملكة الله.

لقد اهتدى برديائيف إلى أن الأخلاق الدينية هي أخلاق القوة وتجربة العزيمة وإطلاق للإرادة بالرغم من حضور الانفعالات والعذابات والمثال الزهدي والمحبة وربط بين البعد التراجيدي والأخلاق الطاقوية وبين طبيعة الفعل الإبداعي وبين نقد الوعي المحض وارتقاء الكائن البشري وإحرازه لمطلب الحرية. لا يتحقق الفعل الإبداعي إلا من خلال قدرة العبقري على اكتشاف العناصر التائهة في الوجود واستثمار العذاب البشري في نحت السعادة المرجوة ضمن معاناة تراجيدية يهدم فيها الكائن الثبات وينتشل نفسه من الفوضى في مسار من اللاّاستقرار على العادة والتقاليد ومعاودة التقاط المدهش وشهادة على عالم مختلف.

كما يؤكد برديائيف على وجود ترابط بين الفعل الإبداعي والعبقرية البشرية ويكشف عن العبقري المبدع لا يحكم على العالم بالطرق الفكرية المعتادة ويبدي عدم فهمه للأنظمة المعرفية السائدة ويتحلى بقابلية كونية نحو الأشياء ويسلك دروب متشعبة وينخرط في فعالية إبداعية مضنية ويعتمد على القدرة على التضحية التي توفرها التجربة الدينية ومنظورها الرمزي للحياة ويعبر عن حركة الروح في وحدتها مع الجسد. “نحن لا نستطيع أن نستغني عن الحب في علاقاتنا بالآخرين أو بأنفسنا وليس الشخص الأناني يحب نفسه بالضرورة فقد يحتقر نفسه ولذلك تراه يضمر أشد أنواع الحقد للناس ويكون في حرب مع نفسه”11[11]. لكن هل تقوم الإيتيقا على الرمزية أم على الواقعية؟ وما دور الفعل الإبداعي في بلورة مشاكلها المتعينة؟

4- مفارقات الإيتيقا والانتظار الأخروي:

” ينبغي أن تناضل الإيتيقا من أجل الصورة المثالية للإنسان من حيث هو كائن حر وأصلي وأن تتعارض بشكل صارم مع كل ما يجعلها محددة بواسطة اليومي. اذ أن مثال الإنسان هو قبل كل شيء الشخص.”12[12]

إذا كانت الحياة الإنسانية تتأرجح في وضعها التاريخي بين رذيلة الكذب وفضيلة الصدق وبين الشر الآثم والخير النافع ويداهمها الخوف والانشغال والحنين والغضب وتتراوح بين انفعالات التراخي والاستسلام والتلاشي وبين مهارات الإقبال والنشاط والعزم فإن بناء إيتيقا للفعل الإبداعي في الحياة الأخلاقية تشتغل على تدبير تراجيديا الوعي الشقي وتعتمد الخيال طاقة تأليفية للمتناقضات هو جسر العبور نحو الأبدية.

اذا لم يقدر الإنسان على بلورة نسق المثل التي يطمح إليها في وضعيته التاريخية وحياته السياسية ووجوده الاجتماعي فإنه قد يحاول تجسيمها في نظامه الروحي وتجربته الأخلاقية ووسطه التربوي وإيمانه الديني.

لقد ارتبطت الإيتيقا بمفاهيم الشخص والكرامة والحرية وعينت الحكمة العملية والتعقل الميداني والحذر والفطنة بماهي تدبيرات وفضائل تساعد المرء على التغلب على الأهواء والرذائل لتطوير الذات المنتدبة.

هكذا تعمل الإيتيقا على احترام الاستحقاقات الفردية لدى الكائن البشري مع ترك مساحة للحياة الاجتماعية وتفسح المجال للتلاقي بالغير قصد دعم التعاون والمودة والألفة والصداقة والتبادل والإحسان والتعارف.

تأتي الإيتيقا من أجل إنقاذ الشخص من الضياع في اليومي وتحاول انتشال الظاهرة الروحية والأخلاقية من هيمنة الظروف الاقتصادية وضغط المتطلبات المادية وتوجه أنظار البشرية نحو التعلق بالإلهي وتوظيف الحرية في الإبداع والإحساس بالغير والإنصات إلى نداء الضمير ومبادئ القدسية الطاهرة.

لا ترتكز الإيتيقا التي يعمل برديائيف على تأسيسها على تشكيل الحياة النفسية والمادية بصورة بعدية وإنما تهتم بوضع قواعد جزئية ونماذج فردية للفعل البشري عبر تفهم الحياة الأخلاقية من وجهة نظر رمزية وذلك بجعل مشاعر الشفقة والتراحم والمحبة تنتصر على نوازع التوحش والغضب والضغينة والتدمير.

على هذا النحو تنتصر الرمزية على الواقعية في الفلسفة الإيتيقية عند برديائيف والإبقاء على الواقعية هو تنمية للروحانية وهنا يكمن الطابع الإشكالي وتنبجس المفارقات التي تبدو عليها الإيتيقا عند برديائيف. لهذا يمثل القلب الإنساني المعين الذي لا ينضب للفعل ضمن تقلبات الحياة واضطراب الوجود الاجتماعي ويعتمد على الأبعاد الرمزية ويوظف الخيال الخلاق في معركته ضد الشر والألم والاكراهات الخارجية.

بيد أن الإيتيقا الرمزية تلتقي في الرؤية الأخروية بحثا عن النعيم الأبدي وذلك عن طريق الانجاز الفعلي للالتقاء بين الخالق والمخلوقات والتطابق النسبي بين مملكة الله ومملكة البشر ضمن رؤية جمالية للوجود تزال فيه كل تباعد وافتراق بين الشخص والفكرة وبين الفردي والكوني وبين وجود الإنسان ووجود الله.

” انه من الأهمية بأن نتخطى التصور الانفعالي للأبوكاليبس ، من حيث هو انتظار النهاية والمحاكمة، وينبغي أن نتصورها على أنها نداء من أجل النشاط الإبداعي للإنسان والجهد والاستثمار البطولي”13[13]

لكن إذا كان تحقيق الجمال يستوجب اكتشاف البعد الإلهي في الشخص الإنساني ، فكيف يستلزم معالجة المشاكل المتعينة للايتيقا الفارقية طلب التدخل من طرف الاسكاتولوجيا الختامية ؟ وهل تقدر الرؤية الأخروية للدين على معالجة التناقض بين الحرية البشرية (التخيير) والضرورة الكونية ( التسيير)؟

خاتمة:

” تغزو الحرية العالم ومجموع استعداداته ومنافعه، إنها مؤشر للروح عن هذا التفاعل الأكثر علوا ، إنها الطريق الذي يتبعه المبدعون الروحيون الكبار، طريق التركيز والتضامن الروحي.”14[14]

جملة القول أن نيكولا برديائيف يعد فيلسوف الأبدية وأن هذه الأخيرة لا يمكن إدراكها إلا في الزمن وذلك بالخروج من الزمن طالما أنها تضيء الحاضر وتمنح الوجود الإنساني عمقه الحقيقي وأصالته المستحقة.

لقد رسم لنا رؤية دوستويفسكي للعالم وفكر في إخراج الفرد من العزلة وبناء جسور الاتصال الروحي بينه وبين المجتمع وجعل الحلم الإنساني يتغلب على الواقع المادي وأسس “الأكاديمية الحرة للثقافة الروحية”.

كما فرّق برديائيف بين الروح والنفس ومنح الروح كيفية أكثر اختلاف بصورة دقيقة من النفس ورأى في الأول مصدر انبثاق النور الذي يحقق انصهار النفس في الجسد وتحول الجسد عينه إلى فضاء روحاني.

انه بالاعتماد على جلاء الروح ووضوحها يقتدر المرء على تجاوز اكراهات حقل الطبيعة ويتمتع بالحرية ولذلك يكون الروح نفخة من الله تخترق الإنسان وتبلور وحدة الذات البشرية واستقلاليتها عن الضغوطات. كما يستطيع الإنسان من خلال الروح أن يستهدف أعلى مستويات الألوهية سموا وقداسة دون أن يعرض لأي تغير، بينما كان الجسم والنفس يحجبان عنه الحياة الروحية ويبعدانها عن التحليق في مجاله الخاص.

غاية المراد أن العنصر الإلهي الذي ينتمي إلى الإنسان من حيث أصله ومصدر طبيعته يمثل منبع الشعور بالكرامة والعزة والكبرياء والشرف وعماد الإحساس بالعظمة والتميز والشرف مقارنة مع بقية الكائنات.

ثمة مفارقة عجيبة تتمثل في أن الإنسان بقدر ما يحترم العنصر الإلهي الموجود فيه يصير أكثر إنسانية وبقدر ما يهمل هذا العنصر نتيجة غشاوة طارئة أو يتجاهله نتيجة جحود واع يصير أقل إنسانية بكثير، وبالتالي لا يكون الإنسان إنسانيا عن طواعية ولوحده بل الله هو من أمره بذلك وألزمه السير في طريق تحقيق الإنسانية انسجاما مع البعد الإلهي الموجود فيه ، بما أن الله هو من فرض عليه أن يحترم إنسانيته.

يترتب عن ذلك أن الإنسانية تصير إنسانية إلهية وأن الإلهي من حيث هو متعال بالمقارنة مع الإنسان يبدو متحدا بصورة سرية مع الإنسان في الإنسان الإلهي والإله الإنساني الذي يمثل المسيح طبيعته المزدوجة. ولو قدر للإنسان أن يتخذ الله نموذجا معرفيا ووجوديا فإنه يشكل النموذج المطلق بالنسبة إليه ويقتدر على المشاركة وتقاسم الحياة الروحية والصفات الإلهية وينصاع للأثر الإلهي في طبيعته ويتم عملية الخلق ويستجيب بتلقائية وطواعية للمصير الذي ينتظره ضمن تدافع الإرادات وصيرورة القوى المنتجة للتاريخ.

خلاصة الموضوع أن فكرة الله تحتل مكانة بارزة في فلسفة برديائيف الدينية الوجودية والآية على ذلك أن الوجود البشري لا يمتلك معناه ولا يحوز على هدفه السامي وقيمته إلا عندما يشارك في الحياة الإلهية وبعد إجراء حوار حقيقي بين الإنسان والإله واستحضار الأمر الإلهي بصورة واعية في الفعل البشري.

بيد أن الله يحتاج إلى أن يعاد اكتشافه في كل مرة وينبغي على ذات بشرية أن تكدح إليه وتلاقيه بنفسها ولو لم يتم ذلك تظهر خطورة في تحويله إلى صنم يعبد مثل بقية الأصنام التي تحتل مكانا عاليا لا تنتمي إليه. لقد جانب برديائيف الصواب حينما صرح بان “الله لا يشبه الفكرة التي نكونها عنه في شيء ومطلقا”. فإذا كان كانت الثقافة النقدية قد استندت إلى الهوة العميقة التي تفصل بين الله والإنسان وتعتمد على وعي باله متعال عن الإنسان وبعيد كل البعد عن العالم ضمن مسافة لامتناهية فإن الإحساس بأن الله محايث للإنسان وحال في العالم يسمح للكائن البشري بأن يغير هذه الثقافية الفقيرة من الناحية الرمزية إلى وجود أصيل.

يصرح في هذا السياق طارحا الآسئلة التالية:”واني لمدرك أن هذا الميل إلى التمرد والمعارضة والمخالفة يعرضني لإغراء الاكتفاء الذاتي والغرور… فهل تمردت على الله يوما؟ أليس في مجرد هذا التعبير التمرد على الله ماهو عرضة لسوء الفهم ؟ من المحال على المرء أن يتمرد إلا بالرجوع إلى قيمة نهائية يحكم بها على ما يزعم معارضتها، وباسم هذه القيمة يتمرد ، أعني باسم الله ، الحاكم الأعلى والمنقذ الأكبر.”15[15] في نهاية المطاف كيف يتصور برديائيف المصير الأخروي؟ وماذا ينتظر الإنسان بعد الموت؟ والى أي حد يمثل الخلود في الجنة جزاء مستحقا يوجد ماوراء الخير والشر للجحيم الذي ذاقه الكائن في الدنيا ؟

الإحالات والهوامش:

[1] برديائيف نيقولاي، العزلة والمجتمع، ترجمة فؤاد كامل، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، الطبعة الثانية، 1987.ص43.

[2] Berdiaev )Nicolas( , de la destination de l’homme, essai d’éthique paradoxale, éditions l’âge de l’homme SA, à Lausanne, suisse, et à Renne, France, 1979.p24

[3] Berdiaev )Nicolas( , de la destination de l’homme, essai d’éthique paradoxale. op.cit.p32.

[4] برديائيف نيقولاي، العزلة والمجتمع، مرجع مذكور.ص22.

[5] برديائف نيقولاي، العزلة والمجتمع، مرجع مذكور، ص26.

[6] برديائف نيقولاي، العزلة والمجتمع، مرجع مذكور، ص32

[7] Berdiaev )Nicolas( , de la destination de l’homme, essai d’éthique paradoxale .op. cit.p57.

[8] برديائف نيقولاي، العزلة والمجتمع، مرجع مذكور، ص162.

[9] برديائف نيقولاي، العزلة والمجتمع، مرجع مذكور، ص159.

[10] Berdiaev )Nicolas( , Berdiaev )Nicolas( , le sens de la création, un essai de la justification de l’homme, traduit du Russe par Lucienne Julien Cain, éditions Desclée de Brouwer, 1955.p147

[11] برديائف نيقولاي، العزلة والمجتمع، مرجع مذكور، ص177.

[12] Berdiaev )Nicolas( , de la destination de l’homme, essai d’éthique paradoxale .op.cit.p313

[13] Berdiaev )Nicolas( , de la destination de l’homme, essai d’éthique paradoxale .op.cit.p373

[14] Berdiaev )Nicolas( , le sens de la création, un essai de la justification de l’homme, traduit du Russe par Lucienne Julien Cain, éditions Desclée de Brouwer, 1955.p31.

.

[15] برديائف نيقولاي، الحلم والواقع، ترجمة فؤاد كامل، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، طبعة 1984، ص65.

المصادر والمراجع:

برديائيف نيقولاي، العزلة والمجتمع، ترجمة فؤاد كامل، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، الطبعة الثانية، 1987.

برديائف نيقولاي، الحلم والواقع، ترجمة فؤاد كامل، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، طبعة 1984.

Berdiaev )Nicolas(, les sources et le sens du communisme russe, traduit du Russe par Lucienne Julien Cain, collection idées, editions Gallimard, Paris, 1951,

Berdiaev )Nicolas( , le s

أحدث المقالات

أحدث المقالات