الحروب في طبيعتها حالات استثنائية ، والاصل هو السلام والحوار وليس القتال ، وتتداخل العوامل النفسية والسياسية والثقافية والاقتصادية والثأرية في قيام الحروب . وتوجد نظريات عديدة في تفسير دواعي الحروب ومن ابرزها نظرية ( الانماط الثقافية ) وطبقاً لهذه النظرية فأن ( الحرب فكرة اجتماعية قد توجد في البناء الثقافي لبعض الدول والمجتمعات اذ تحمل ثقافة عدوانية ضد ثقافة مجتمعات دول اخرى ). وقد ترجع الحروب الى عوامل اخرى ترتبط بالجوانب السايكولوجية او المدركات الحسية لصناع القرار ، وقد تلعب طفرات التفوق العلمي والتكنولوجي للدول اسباباً مباشرة في ممارسة العدوان ومحاولة التوسع على حساب الاخرين وفرض الامر الواقع او ابتلاع الدول الصغيرة . وتعتبر حرب العراق واحتلاله اول حرب في العصر الحديث تكتسب شرعية دولية يعترف بموجبها مجلس الامن الدولي بها ويصدر قرارات لاستمرار الاحتلال وشرعنته .امام هذه الغلطة التي لا تُغتفر للدول الكبرى ماذا حققت هذه الحرب بالرغم من ازالة اعتى نظام في المنطقة ولكن انعكاساتها خلفت انهياراً كاملاً للبنى التحية العراقية تُقدر تكاليفها بـ ( 1000 ) مليار دولار وقتلاً مستمراً بين المدنين العراقيين وبمعدل (500) شخصا شهرياً وتراجع مستوى التعليم والخدمات وارتفاع شريحتي الايتام والارامل . ويُشير معهد ( واطسون ) للدراسات الاولية في جامعة براون ان الحرب اسفرت عن مقتل ( 134 ) الف مدني ويرتفع هذا الرقم الى ( 189) الف اذا اضيف له القوات الامنية والصحفيين والعاملين في المجال الانساني واللوجستي . اما من الجانب المادي بلغت خسائر الولايات المتحدة ( 1,7) ترليون دولار اضافة الى ( 490 ) مليار دولار على شكل مستحقات للمحاربين القدامى . في حين تؤكد دراسات اخرى ان الازمة المالية العالمية والركود الاقتصادي الذي اجتاح امريكا والعالم كان احد اسبابها هي الحرب على العراق واحتلاله وتقويض السلم والامن الدوليين .بالرغم من الخسائر الانسانية والمادية جراء قرار الحرب المرتجلة ، يبقى العراق ضحية دولية مستمرة وجريمة امريكية اشتركت بها اطراف اقليمية ودولية ولا زالت التدخلات في شؤونه الداخلية على قدم وساق ولا نجد من يقول كفى . والمؤسف ان امريكا لم تحصل شيئاً في حرب العراق وانما زادت من نشاطات المتشددين وفتحت الباب على مصراعيه لجعل العراق حاضنة قاعدية وسببت صدمة للعراقيين جميعاً لدعواها الكاذبة في تحرير العراق وجعله دولة ديمقراطية .
[email protected]