15 نوفمبر، 2024 3:31 م
Search
Close this search box.

تقييم (الانتكاسة العسكرية) في نينوى من وجهة نظر خبراء ومحليين عسكريين

تقييم (الانتكاسة العسكرية) في نينوى من وجهة نظر خبراء ومحليين عسكريين

تقييم ما حصل في محافظة نينوى من انتكاسات وهزائم عسكرية بحاجة الى استقراء معالم تلك الاحداث قبل واثناء الاحداث، للخروج بنتائج غاية في الاهمية تخدم الباحثين واللجان العسكرية التي شكلت لاستقصاء ما جرى، والبحث المتعمق في هكذا خسارة باهضة ينبغي ان تغوص في أعماق تلك الخسارة ومسبباتها، بعيدا عن تصريحات القادة العسكريين ومنهم الفريق الركن مهدي الغراوي قائد عمليات نينوى، وحتى القيادات الامنية في نينوى المتمثلة في الشرطة الاتحادية وشرطة نينوى المحلية، على أن لايمكن تجاهل تلك التصريحات كلية، لكن المحللين العسكريين ومن لديهم خبرات عسكرية من قيادات عسكرية وبحثية، لابد وان يضعوا (خارطة طريق) يمكن ان تهدينا الى الاسباب الحقيقية لمعركة سقوط نينوى..ومن يتحمل (أوزار) تلك (الكارثة) ..وهنا نود أن نوضح الحقائق التالية:
1.    ان ملاحظة حركة القطعات العسكرية والشرطة الاتحادية والشرطة المحلية وو وأماكن تمركزها يشير بصراحة لاتقبل التأويل ان توزيع تلك القطعات في الساحل الايمن كان كالآتي (شرطة محلية وهي على امتداد الشريط الايسر من الساحل الأيمن، ثم الشرطة الاتحادية آلتي تلي الشرطة المحلية وبمساحة اوسع ثم القطعات العسكرية المتمثلة بقوات (قيادة عمليات نينوى) وقد كانت قيادة عمليات نينوى تستحوذ على المساحة الاكبر من شمالي المحافظة في الساحل الايمن، ويفترض بها هي من تضع خطط المواجهة بمساندة الشرطة الاتحادية والشرطة المحلية، وقد كانت المساحة المخصصة للتحرك للشرطة المحلية على مقربة من نهايات الساحل الايمن وتنتشر بامتدادها الشرطة الاتحادية وبمساحة اوسع، ثم يأتي الانتشار الاكبر للقطعات العسكرية التي تمثل كل الالوية والفرق العسكرية التي تتمركز في محيط الساحل الايمن والتي تقع عليها مسؤولية مواجهة أي خرق يحصل، وهي تمثل (خط الصد الاول) والمواجهة المباشرة مع قوات داعش التي تتمركز في مناطق الشورة المواجهة لقطعاتنا انذاك قبل ان تتوغل في الساحل الايمن.       
2.    يعد السادس من حزيران عام 2014 هو بدء الساعات الاولى للمواجهات الاولى مع قوات داعش في منطقة الشورة (ساحة الحدث) التي تنطلق منها هجمات داعش، وكانت الشرطة المحلية هي من تدخل في مواجهات مع قوات داعش وقد احبطت قوات الشرطة المحلية اكثر من عملية توغل لاجتياح الساحل الايمن قبل اربعة ايام من الانتكاسة العسكرية، ولم تدخل قوات الجيش او الشرطة الاتحادية في اية مواجهة حتى سقوط نينوى في العاشر من حزيران.ويؤشر سجل حركة الشرطة المحلية ونشاطها العسكري بالتوقيتات العسكرية المؤشرة في وثائق وسجلات حركة القطعات كم واجهات قوات الشرطة المحلية من هجمات وصدت اخرى دون ان تشاركها اية قوات اخرى من قوات الجيش او الشرطة الاتحادية.
3.     ان (خط الصد) الوحيد الذي شكله الفريق الركن مهدي الغراوي كما يؤكد خبراء عسكريون قبيل الاجتياح الاول في العاشر من حزيران كان قد انهار اصلا لمجرد هجوم شنته قوات من داعش لايزداد تعدادها على 300 فرد في اكثر الاحوال، مقابل تمركز قطعات بحجم فرقتين على الاقل، وتمثل هجوم داعش من خلال تفجير سيارة مفخخة انهار على اثرها خط الصد في منطقة 17 تموز وهجوم ثانوي من الجهة الغربية للساحل الايمن لكنه لم يكن الهجوم الحقيقي، بل كان هجوم مشاغلة وتمويه، ولم يدخل خط الصد في مواجهة اصلا وانسحبت قطعات الغراوي الى الساحل الايسر، ولم يتبق أي من القوات او القيادات العسكرية في الساحل الايمن وهربت جميعها الى الساحل الايسر، ظنا منها انها يمكن ان تقاتل داعش في الساحل الايسر، الا ان (المفاجأة) الاخرى كانت ان قوات الساحل الايسر انسحبت هي الاخرى ما ان انهزمت قوات الساحل الايمن وما ان وصلت الاخيرة حتى وجدت ساحة العمليات فارغة امامها، واخذت هي الاخرى تباشر بالانسحاب باتجاه كردستان العراق، وسلم اغلب قادة الفرق والالوية والافواج انفسهم لقوات اليبشمركة بعد ان تركوا الالاف من قواتهم لوحدهم وهم يواجهون مصيرا لايحسد عليه، بعد ان توجهوا هم ايضا للبحث عن أي طرق تخلصهم من الموت بوجه داعش التي اذهلتهم بسرعة الاندفاع خلفهم بالرغم من ان تعداد قوات داعش كان قليلا جدا، ولا يقارن بحجم القطعات العسكرية التي كانت تتمركز في الساحل الايمن.
4.    كان تسليم الساحل الايمن من قبل الفريق الركن مهدي الغراوي قائد عمليات نينوى يهدف الى (محاصرة) محافظ نينوى أثيل النجيفي وتعريض حياته للخطر ليكون تحت رحمة داعش كي تتمكن من القاء القبض عليه، لكن المحافظ ما ان عرف بتقدم القطعات من الساحل الايمن الى الايسر دون قتال اضطر الى البحث عن اماكن آمنة خارج المحافظة لتخليص حياته من موت محقق مع ضباط وقيادات شرطة وجيش كانوا برفقته.
5.    ان الوثائق الموجودة وسجل حركة قطعات الشرطة المحلية الموجودة اصلا لدى قيادة العمليات، التي ترتبط الشرطة المحلية بإمرتها، تعطي مؤشرات لاتقبل التأويل ان الجيش لم يشترك في تلك المعركة وان انهيار خط الصد كان بسرعة غريبة عجيبة، اذ لم تحدث (مواجهة) اصلا، ما يؤكد ان القيادات العسكرية المتمثلة بالفريق مهدي الغراوي تخاذلت في اداء واجبها، وان كل احاديثها عن مواجهات حدثت من افراد حمايته مع قوات داعش لا اساس لها من الصحة، اذ ليس بمقدور افراد حماية مواجهة حالة انهيار سريعة، ولم يكن الغراوي اصلا في نينوى الا قبل ساعات من المواجهة اضطر بعد ان رأى قطعاته تنهار الى ان يبحث عن (مهرب) يخلصه من هجمات داعش وينقذ نفسه وبعض افراد حمايته ممن استطاعوا تخليصه باعجوبة، ثم اختفى اثر الغراوي بعد ان وصل الى كردستان ومن هناك غادر الى خارج العراق ويقال انه موجود حاليا في القاهرة لحظة اجراء الحوار معه في قناة البغدادية قبل اكثر من شهر.
6.    يستغرب المتتبعون لشؤون العمليات العسكرية من خبراء وقيادات عسكرية عليا من تصريحات الفريق مهدي الغراوي الذي كان يتحدث دوما عن وجود (مؤامرة) ادت الى الهزيمة العسكرية، وهم يؤكدون انه لو افترضوا جدلا ان حالة الهزيمة حدثت ب (مؤامرة) كما يدعي الغراوي، وهم يتساءلون: الا كان من الاجدى ان تكون مهمة الغراوي (احباط) تلك (المؤامرة) ومواجهة أية تطورات قد تحدث وهو قائد عسكري مكلف بقيادة عمليات .. الم تكن مهمته اصلا افشال اية مؤامرة، وانقاذ البلد من نتائج (كارثة) كبرى، كان من الممكن قبرها لو كانت هناك استعدادات للمواجهة، وان هناك خططا عسكرية قد أعدت فعلا، لكن ما ظهر من حالة التداعي الرهيبة التي رافقت تلك الهزيمة تؤكد بما لايقبل الشك ان الغراوي كان يجهل الكثير عن مسرح عملياته وتوزيع القطعات واماكن تمركزها، ثم يتساءل الخبراء العسكريون الا كان بامكان الغراوي ان يشكل أكثر من (خط صد) ليضمن تفادي الهزيمة اذا ما انهار خط الصد الاول ليكون بوسع الخط الثاني او الثالث ايقاف حالة الانهيار وبالتالي افشال خطة الهجوم وتلقين داعش درسا مريرا ورد عدوانهم على اعقابه أو على الأقل تاخير تقدمهم لحين امدادهم بقوات ساندة، لو كانت هناك قوات مستعدة للقتال فعلا ولديها قدرة على المواجهة؟
7.    يؤكد الخبراء والمحللون العسكريون ان قائد عمليات نينوى لم يجهز قواته اصلا بالمعدات العسكرية اللازمة لاغراض المواجهة وقد اعترف نفسه من على شاشة قناة البغدادية بأن قذائف واطلاقات المدفعية لم تكن تعمل وهي لاغراض التدريب وليس لاستهداف العدو، كما يشير الى ان قذائف الهاون لم تكن متوفرة لدى القطعات ، وهو يعلق حالات الفشل كذلك على سحب قطعات عسكرية من هذه القوات والحاقها بقيادة عمليات الجزيرة لتبرير وجود ما سمي ب (مؤامرة) ما يعني انه لم يهييء استحضارات المواجهة اصلا وترك قواته في وضع مكشوف امام عدو استخدم عمليات حرب نفسية بسيطة بشن عمليات انتحارية محدودة بسيارات مفخخة لاحداث حالة (الرعب) وخلق حالة الانهيار، ومارس هجوما اخر اقل حجما من نقطة اخرى قريبة لاحداث حالة الارتباك بموجود لايتجاوز الثلاثمائة من افراد قواته، ويفترض ان تكون القطعات المهاجمة ثلاثة اضعاف القطاعات المدافعة لكن العدو استخدم سلاح الحرب النفسية لاحداث حالة الارتباك بوسائل بسيطة تصل احيانا الى ترك سيارات عسكرية على ساتر المواجهة ليلا وهي توجه (بروجكتراتها) الضوئية الى القطعات ظنا منها ان ساحة عملياتها مهددة من اكثر من جانب، وان التدفق كما حاول التمويه عليه كان كبيرا، بالرغم من ان القطعات المهاجمة كانت كما ذكرنا قليلة لاتتجاوز بضعة مئات، قياسا الى حجم قطعات عسكرية تتجاوز الاربعة الاف كما يفترض من حالة الحجم الحقيقي لتوزيعها على الارض.
8.     كانت تصريحات قائد شرطة نينوى العميد خالد الحمداني وتصريحات مدير شرطة الطواريء واثق الحمداني من وجهة نظر قادة عسكريين ومحللين مختصين بالشأن العسكري اكثر واقعية من تصريحات الفريق الركن مهدي الغراوي، وأثبتت الاحداث وسجلات وحركة القطعات ان قوات الشرطة المحلية هي من كانت قد دخلت في مواجهة داعش منذ السادس من حزيران وصدت عدة عمليات عسكرية وابطلت خططها في التقدم قبل ستة ايام من الهزيمة العسكرية، ولم توثق سجلات قيادة عمليات نينوى وحركة قطعاتها مايشير الى صدها لهجوم تعرضت خلال تلك الفترة، عدا عن عمليات عسكرية (وهمية) من خلال تجميع عدد من الاليات المدمرة واحراقها وتوجيه النيران نحوها، لايهام القيادات العليا انهم دخلوا في مواجهة مع داعش، لكن الحقيقة هي غير ذلك تماما.
9.    يؤكد المهتمون بالشأن العسكري من خبراء ومحللين وحتى علما نفس ان الجهات المتخصصة بمحاسبة المقصرين من القيادات العسكرية هي من اختصاص المحاكم العسكرية، اما اللجان البرلمانية التي تم تشكيلها فهي ليست متخصصة اصلا في الاغلب وهي لجان سياسية ترتبط بكتل وكل واحد لديه جهات تحاول ابعاد (الشبهات) عن طرفه، والقاء (التهم) على الاخرين، كما ان نتائج هكذا تحقيقات لن تتوصل الى حقيقة ماجرى من هزيمة عسكرية ومن تسبب بكل تلك الخسارة لان اطرافها اصبحوا كثيرين وتعددت جهاتهم ومراجعهم وتوجهاتهم وكل لديه (مخاوف) من ان يكون (المحسوب عليه) هو المتهم ، وان الوقت الطويل الذي تستغرقه تلك التحقيقات لابد وان تجري فيها عمليات مماطلة وتسويف وحرف لاعترافات ووقائع كل يريد ان تجري التحقيقات بما يخدم اغراضه وجماعته، ولهذا يصعب التوصل الى (قناعات) و (استنتاجات) مهمة يمكن الاعتماد عليها في تأشير جوانب خلل او اكتشاف علل او خلل كبير أدى الى كل الذي حدث، وان (هزيمة عسكرية) بهذا الحجم من الخطورة والتداعيات يصعب التكهن بما ستؤول اليه نتائج تحقيقات لجان برلمانية طابعها سياسي وان المحاكم والخبراء العسكريين هم من يمكنهم معرفة ما جرى وتحليل الحدث وأبراز المتسبب بكل تلك الانتكاسات، ولا بد من ان يكون القادة العسكريون المسؤولون عن حماية محافظة نينوى هم من يتحملون القسط الاكبر من هذه (الخسارة) الفادحة، وان القائد العام لقوات المسلح هو (المسؤول الأول) أمام قيادة البلد كونه القائد العام للقوات المسلحة.
10.          وحتى لو توصلت اللجان التحقيقية البرلمانية الى نتائج وأشرت أسباب الاخفاقات ومن يتحمل تلك (المسؤولية) عن تلك (الهزيمة) فأن هذه اللجان ليس بمقدورها ان تستدعي القيادات العسكرية لمحاكمتها كونه ليس من اختصاصها، ولهذا يبقى الحكم الاول والاخير للمحاكم العسكرية التي بإمكانها إن توفرت لها ( وسائل الحماية القانونية) اللازمة من ان تتخذ قرارات مهمة، تستطيع تحديد الجهات المسؤولة عن تلك الانتكاسة، وتقرر نوع العقوبة التي تستحق، ولابد من ان يكون (الاعدام) هو الحد الادنى لعقوبة من هذا النوع تتعلق بمستقبل بلد تعرض مستقبله لمخاطر جمة، ومنها اجتياح كامل لمحافظة مهمة تعد ثاني أكبر محافظة في العراق وهي نينوى، ما يتطلب ان تكون العقوبة مشددة، تتناسب وحجم (الخيانة الكبرى) التي حصلت، وأدت الى كل هذه الانتكاسات الاليمة.
11.          لايضع المحللون العسكريون محافظ نينوى ولا مجلس محافظتها في دائرة المسؤولية القانونية عن تلك الانتكاسة، لكون المحافظ لايمتلك اية سلطة فعلية على قيادات أجهزة الجيش والقوات الأمنية، فحتى الشرطة المحلية لاترتبط بالمحافظ الا اداريا لاغراض الملاك والرواتب، اما حركة القوات العسكرية والامنية فهي بيد قيادة عمليات نينوى ، ولا سلطة للمحافظ عليها، وهي المسؤولة عن تأمين الحماية للمحافظ والمحافظة وحدودها الادارية، وهم وحدهم من يتحملون وزر تلك الكارثة بكل ابعادها، أما مسؤولية المحافظ فهي (ادارية) لقيادة مجلس المحافظة وتأمين العلاقة مع بغداد والاشراف على دوائر الوزارات التابعة اداريا لمحافظته، وعمل الدوائر البلدية والخدمية ودوائر وزارة التربية والصحة التي ترتبط اصلا بوزاراتها، ولا علاقة للمحافظ بالاشراف على شؤون القوات العسكرية والأمنية التي يرفض القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أي تدخل في عملها وبأي شكل من الاشكال، وليس لدى المحافظ علم حتى بتوزيع حركة تلك القوات.

أحدث المقالات

أحدث المقالات