23 ديسمبر، 2024 4:48 ص

تقييم أداء منظومة انتاج الطاقة الكهربائية في الشبكة الوطنية خلال شهر حزيران 2019

تقييم أداء منظومة انتاج الطاقة الكهربائية في الشبكة الوطنية خلال شهر حزيران 2019

منذ ثمانينيات القرن الماضي ولازال العراق يعاني من أزمة خانقة في مستوى تجهيز الكهرباء أثرت كثيرا على الفرد العراقي بل حولت هذه الازمة حياة العراقيين الى جحيم وكابوس مزمن.
لقد كتبنا كمهتمين ومختصين وتحدثنا كثيرا وكتب وتحدث العشرات من المختصين في العراق عن مشكلة الكهرباء بعد أن فشلت الوزارات المتعاقبة بعد 2003 من ايجاد حلول واقعية وفنية لها وكتبت يوما (أن الكهرباء مشكلة عصية على الاغبياء) وهي فعلا كذلك اضافة الى أنها ارادة الفاسدين الذي تحكموا بقرارات الوزارة منذ تأسيسها والى أمد قريب وربما أن هناك عوامل خفية لا يعلمها الا الراسخون في القرار السياسي للبلد عرقلت وتعرقل أي منهج علمي وفني لاصلاح الحال والا لماذا لم يتم الركون الى الحلول اليسيرة التي يمكن لآي مختص في القطاع من أن يصل اليها وانهاء هذه المعضلة التي باتت تؤرق حياة الناس رغم ما صرف على هذا القطاع من أموال كثيرة.
ولابد لي أن أشير الى الجهود الكبيرة التي يبذلها منتسبو وزارة الكهرباء من أصحاب العقول الخلاقة والضمائر النظيفة من أجل ديمومة العمل في المنظومة الكهربائية وعملهم الدؤوب في صيانتها وتطويرها رغم كل الظروف التي أحاطت بوجود الادارات الفاسدة أو القاصرة في هذا القطاع.
من خلال تقرير الانتاج الصادر من مركز السيطرة الوطني ليوم 25 حزيران الماضي يمكن لنا أن نبين الخلل الكبير في أداء وحدات الانتاج في العراق والتي تمثل القلب في المنظومة الكهربائية ولنا عودة على تقييم واقع النقل والشبكات ومن ثم التوزيع في مقالات قادمة ان شاء الله.
يتوضح من التقرير ما يأتي:
اولا: ان مقدار الانتاج الكلي بحدود ( 17100) ميكاواط ويمثل الانتاج في المحطات الحكومية (12600 ميكاواط) والاستثمار (3300 ميكاواط ) والمستورد من ايران والاقليم (1200 ميكاواط) بينما يدعي التقرير أن الحمل المطلوب بحدود ( 23880 ميكاواط) وهو تقدير غير واقعي وربما يصل الحمل الاقصى الفعلي الى 27000 ميكاواط أي أن نسبة التجهيز هي بحدود 63% وهذا هو المتحقق فعلا.
ثانيا: أن مجموع انتاج الوحدات البخارية بحدود (3500 ) ميكاواط أي بنسبة 28% من مجموع انتاج المنظومة الحكومية وما نسبته 20% من مقدار الانتاج الكلي (أي الحكومي والاستثمار والمستورد )وهذا خلل واضح في عدم الاعتماد على الوحدات البخارية التي يجب أن تشكل عادة النسبة الاعظم في معظم دول العالم فمثلا الكويت التي تماثل أجواءها معظم مناطق العراق والتي تفتقر لوجود مصادرالمياه فيها فأن نسبة انتاج الوحدات البخارية فيها تتجاوز 75% من مجموع انتاج الشبكة حيث أعتمدت الوحدات التي تحوي منظومات تحلية مياه البحر لانتاج البخار ثم تكثيف البخار بعد استنزافه وتحويله الى مياه صالحة للشرب وهذا ما تحتاجه مدينة البصرة الان أيضا.
ثالثا: بلغ مجموع انتاج الوحدات الغازية والمتنقلة بحدود (7500) ميكاواط أي ما نسبته حوالي 60% من مجموع انتاج المنظومة الحكومية وهي نسبة مرتفعة نسبيا بسبب أن الوحدات الغازية تعد أقل وثوقية من الوحدات البخارية لاسباب عدة وأهمها أن معظم الوحدات المستخدمة في الشبكة هي وحدات مفردة ذات انتاجية قليلة عدا تلك الوحدات الجديدة التي تم ادخالها للشبكة بعد عام 2003 و أن عمل هذه الوحدات يتأثر بشكل كبير بارتفاع درجات الحرارة ونوع الوقود المستخدم. ويبين التقرير أن نسبة انتاج هذه الوحدات التنظيمية وعددها (40) من مجموع سعاتها التصميمية منخفضة جدا بسبب توقف عدد كبير من الوحدات او انخفاض طاقتها الانتاجية الحالية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة أو استخدام أنواع بديلة من الوقود.
رابعا: سجلت الوحدات الكهرومائية حضورا مهما بسبب زيادة الايرادات المائية وبلغ مستوى الانتاج بحدود (750 ميكاواط) أي مانسبته 6% من مجموع الانتاج الحكومي وهذه النسبة قابلة للزيادة باستكمال أعمال الصيانة وتشغيل باقي الوحدات شرط استمرار الايرادات المائية المرتفعة.
خامسا: ماتبقى من الانتاج (850 ميكاواط) والبالغة نسبته 6% تم الحصول عليه من وحدات الديزل في (28) وحدة تنظيمية والتي لا يمكن أن تكون وحدات مناسبة للعمل المستمر بسبب كلف الوقود وأعمال الصيانة ويجب التوقف عن اعتمادها في أقرب فرصة.
الاستنتاجات:
ان لوزارة الكهرباء خططا متعددة يلوح بها كل وزير في بداية فترة عمله لكننا لم نشهد الا تغييرات طفيفة في مستوى الانتاج في كل عام والتي لا تكافئ الزيادة الانفجارية في الحمل وبافتراض أن كل من شركتي سيمنس الالمانية وجي ئي الامريكية قد التزمتا بخططهما في رفد منظومة الانتاج بالوحدات الغازية فأن المطلوب من وزارة الكهرباء العمل على رفع مستوى الانتاج بغض النظر عن تلك الوحدات الى (30 ألف ميكاواط) خلال 3 سنوات وحتى يكون لدى العراق ما مقداره (45 الى 50 ألف ميكاواط) لغاية العقد القادم ومن خلال التدابير التالية:
ا- ان مجموع انتاج الوحدات البخارية لا يشكل سوى (40%) من الطاقة التصميمية الكلية للمحطات البخارية المنتشرة في البلاد وما عدا محطة بيجي المتوقفة تماما عن العمل و محطة الزبيدية التي تعد عماد الشبكة اليوم فالمحطات البخارية العملاقة مثل الناصرية والمسيب والهارثة لا تعطي الا أرقاما متواضعة من سعاتها التصميمية وهذا يتطلب استبدال الوحدات المتهالكة فيها بأخرى جديدة والاستفادة من المكان والمنشأت المدنية والميكانيكية ومصادر الوقود والمياه والشبكة والكادر الفني المتمرس والذي يمكن له تنصيب وتشغيل الوحدات الجديدة بكل كفاءة وبذلك يمكن اضافة ما يزيد على (3000) ميكاواط من الوحدات البخارية خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات من العمل بطريقة مباشرة أو عن طريق الاستثمار.
كما يجب انشاء المزيد من المحطات البخارية مماثلة لمحطة الزبيدية في مناطق الوفرة المائية وبما لايقل عن خمسة محطات تكون سعة الواحدة منها (2000 ميكاواط) في كل من الفاو والبصرة واليوسفية والرمادي والموصل ليكون انتاج البخاريات في الشبكة بحدود (20 ألف ميكاواط) لتغطية الحاجة التي تتمثل بقاعدة منحنى الحمل.
2- أن يتم تنصيب الوحدات الغازية لشركتي سيمنس و جي ئي في مواقع المحطات القديمة وذات السعات التوليدية الواطئة (الغازية والديزل) للاستفادة من الارض والمعدات والكادر الوظيفي والفني ومصادر الوقود المتوفرة وعلى الوزارة عدم استحدات وحدات تنظيمية جديدة لهذا الغرض الا عند الضرورة القصوى.
3- التوقف عن مشاريع الاستثمار في مجال انشاء المحطات الغازية مفردة كانت أو مركبة وتشجيع الاستثمار في تشغيل وصيانة الوحدات الغازية التي تم انشاؤها أو سيتم انشاؤها من جي ئي وسيمنس وتطويرها ورفع كفاءتها وتشجيع الاستثمار في تحوير الوحدات الغازية المفردة الى وحدات مركبة وفي تحسين أداءها في اضافة المبادلات الحرارية .
4- فيما يتعلق بالوحدات الكهرومائية فلا طائل من التوسع في انشاء مثل هذه الوحدات مستقبلا ويجب الاستمرار في تأهيل وصيانة الوحدات الموجودة للوصول الى السعات التصميمية للمحطات.
5- لا بأس في الاستثمار في مجال محطات الطاقة الشمسية رغم أننا سوف نشهد معوقات ومشاكل فنية وبيئية في هذا القطاع كما ويمكن أن يصار الى استخدام المنظومات المنزلية المرتبطة مع الشبكة مستقبلا وبعد انجاز منظومة وطنية ذات وثوقية عالية.