حسب النص القانوني والعرفي، يمثل كل عضو في مجلس النواب مائة الف مواطن، يعبر عن ارائهم ويعمل على تقنين مايحقق طموحاتهم وتطلعاتهم، ولصعوبة ان يعمل كل نائب بمفردة ويعبر عن مايريده ناخبيه، تتشكل كتل وقوائم على الاغلب تمثل طيف او فئة ما في المجتمع تربطها مصالح واهداف واحدة.
التجربة العراقية طيلة الفترة المنصرمة بعد عام ٢٠٠٣، لم تمكن النائب على الاغلب من اداء واجبه والتزامه الاخلاقي اتجاه ناخبيه، وتخلى عن هذا الواجب بالذوبان برأي الرمز ورئيس الكتلة او الحزب، مما دفع هذا النائب لاشعوريا الى الجنوح لاعمال ونشاطات بعيدة كل البعد عن تخصصة وواجبه، كالتعيينات والتعقيب واتخاذ منابر الفضائيات كمتنفس يعبر به عن ارائه، ويوصل رسائل لجمهورة عن واقع الحال، هذا الحال نتج عن ديكتاتورية مخفية في نفوس اغلب قادة الكتل مع ضعف وجهل من النواب، فمع اهمية وجود كتل سياسية لتسهيل عمل البرلمان، يبقى للنائب الحق في اداء دورة ورأية في القرارات وتحديد الاولويات للفئة التي يمثلها وبالتالي تمثلها القائمة او الكتلة المنضوي تحتها، ولتنظيم هذا يفترض وجود اليات تمكن النائب من اداء هذا الدور ليكون شريك حقيقي في القرار وبالتالي يكون ملزم بالدفاع عنه.
التحالف الوطني الكتلة النيابية الاكبر وتمثل الاغلبية السكانية، اصيبت بشلل حقيقي لمدة تجاوزت ال٦اعوام، تحديد بعد رحيل السيد عبدالعزيز الحكيم، وتلاها انشقاق حزب الدعوة وعدد من المكونات ضمن قائمة ائتلاف دولة القانون، حينها عصفت بالعملية السياسية احداث كادت تودي بالبلد للمجهول.
اليوم بعد اتفاق التحالف الوطني على ترأس السيد عمار الحكيم للتحالف الوطني، تمكن لاول مرة منذ ٦ سنوات، تنظيم اجتماع لهيئات التحالف الثلاثة العامة والسياسية والقيادية، ووضع نظام داخلي حظي بقبول ومصادقة الهيئات الثلاثة، وتشكيل عدد من اللجان ابرزها اللجنة الحكومية المختصة بتقييم اداء المسؤولين التنفيذيين، واختيار الشخصيات التي تمتلك القدرة على الاداء الناجح النزيه لتولي المواقع الحكومية، اضافة للجان اخرى بأختصاصات مختلفة، تضع نواب التحالف في صدارة القرار، وبالتالي يصبح النائب شريك النجاح كما شريك الفشل، مما يجعله ملزم بالدفاع عن قرارت ومواقف التحالف الوطني لانه جزء منها، هذا الحال سيحقق للجمهور الوضوح في التقييم، فالنائب الذي يسلك طريق الزعيق والنقد والشتم من خلال الفضائيات يعبر عن عجزه في طرح رؤية عملية وواقعية تقنع التحالف الوطني ككتلة لاقرار مايريد، وبالتالي يلجأ للتصعيد، كذلك سيظهر النائب الحر من الاخر التابع او البوق الذي ينفخ به غيره، ليكون صدى لصوته عندما يجد ان خطوات التحالف الوطني بدأت تزلزل عرش ديكتاتوريته وسيطرته على النواب وتوجيبهم بما يحقق مصالحة الشخصية.
ان خطوات التحالف الوطني الاخيرة تصلح كنموذج تقتدي به الكتل الاخرى، لتقليص سلطة الرموز الذي اصبح معظمهم الان يوجه الامور حسب مايريد هوه والاجندة التي يحملها، لا مايحقق مصالح البلد والمكون او الفئة التي يمثلها، مع خضوع وخنوع لنواب كتلته، ولو على حساب الحق والحقيقة، لهذا تجد تناقص بين رأي وموقف النائب خارج البرلمان عن داخله.
تجربة التحالف يفترض ان تشجع النواب في الكتل الاخرى على المطالبة بالاقتداء بها، والتحرر من سلطة رئيس الكتلة الذي حول نفسه الى رمز بالفهلوه والبلطجة، ليتحرر البلد وكل مكوناته من اصحاب النظرة القاصرة والمصالح الشخصية والاجندات الخارجية.
لعل ماجرى في التصويت على قانون الحشد الشعبي عامل مشجع على مطالبة نواب الكتل الاخرى بالمأسسة، حين صوت نواب من تحالف القوى لصالح القانون، لكن النجيفي الذي وضع نفسه كرمز، لتلقيه تعليمات بعرقلة تمرير هذا القانون، تجاوز من صوت من النواب وظهر في مؤتمر صحفي يهدد بأسم اتحاد القوى بأجراءات ومواقف ضد العملية السياسية، دون اكتراث او احترام لرأي من صوت من النواب السنة، في موقف عبر بوضوح عن واقع حال يحتاج الى تغيير ليكون النائب كما يفترض ان يكون، ويؤدي الدور الذي انتخب من اجله.