7 أبريل، 2024 10:04 م
Search
Close this search box.

تقنين الفساد

Facebook
Twitter
LinkedIn

من الواضح للعيان أن العديد من رجال الدين، من كلتا الطرفين، ساهموا، بشكل أو بآخر، بعملية الفساد الواسعة الانتشار في الدولة العراقية ما بعد 2003 والى لحظة كتابة هذا المقال، حيث دخل هذا الفساد جميع اروقة دوائر ومؤسسات الدولة وتسرب الى المدارس والجامعات وغيرها في عملية منظمة لم يشهدها العراق من ذي قبل منذ تأسيس الدولة العراقية.
ولا أريد القول: أن رجال الدين هم وحدهم الذين فعلوا ذلك، بل أن ساسة ما يعبر عنهم بـ “ساسة الصدفة” هم الاكثر فساداً وسرقة حتى صار بعضهم يتهم بعضاً بسرقة أموال الشعب واخذ الرشوة سراً وعلانية، وهو ما تتحدث عنه جميع وسائل الاعلام المختلفة، وفيها يظهر سياسيين يتحدثون علنا وبالوثائق والادلة ويؤكدون على صحة ما يدعون.
لكن حينما نتكلم عن رجال الدين ونقول انهم قد ساهوا بالفساد وندينهم، على اعتبار كون هؤلاء هم من ينصح الامة، ويدعو الى الصلاح والاصلاح والتخلق بمبادئ الأخلاق الحميدة اسوة بالأنبياء والصالحين، وهي رسالتهم وهدفهم السامي. لكن أن يقوموا هم بالدعوة الى الفساد ومحاولة تقنينه، فهذه هي الطامة الكبرى، والمصيبة العظمى، والسبب انهم تركوا واجبهم الاسمى وذهبوا الى السياسة وركوب موجتها بدل الواجب الديني الذي هو من اختصاصهم وراحوا يشاركون السياسي عمله، طلباً للمصلة والمنفعة الشخصية وجني المكاسب المالية والدنيوية والسفر للدول الاوربية، وغير ذلك، وهم بذلك قد خانوا رسالتهم الدينية والاخلاقية وذهبوا الى دهاليز السياسة وراحوا ينافسون السياسي في عمله، وهو ما لا يقره المنطق السليم، لأن السياسة سياسة، والدين دين، ولا يجوز أن يتداخل عمل الاثنين معاً، وبحسب مبدأ” ما لقيصر لقيصر، وما لله لله.
اقول هذا الكلام بعد أن انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) لرجل دين معمم وقد سأله احد المواطنين: ما حكم اعطاء رشوة بهدف التعيين في دوائر الدولة؛ وكان رد الرجل بالإيجاب، اذ اجابه انه يجوز اعطاء ذلك اذا كان الراشي متأكداً من التعيين!.
وهذه الفتوى تعتبر رسالة واضحة للناس بأخذ الرشوة والتعامل بها، وجعلها رخصة من الشرع بمرسوم جمهوري من الله، وأن ذلك يجوز وبموافقة الله نفسه، على اعتبار رجل الدين حينما يصدر تلك الفتوى انما هو مرخص من الله وقوله هو ما يريد الله! بحسب زعمه.
ولا ادري هل الله اعطى لمثل هذا الرجل الاذن بالتكلم بالنيابة عنه؟، حيث بعث له ملكاً مخوّل من الله، أو انزل عليه كتاباً مختوماً بخط الله وتوقيعه؟!.
نعم، انهم بهذا ارادوا تقنين الفساد، فتارة يغسلون تلك الاموال، بعد سرقتها من جيوب الشعب، حتى تصبح حلالاً طيباً، واخرى ينسبونها الى الله، والله منه براء، لأن الله لا يريد ظلم الناس، وثمة حديث منسوب الى النبي مفاده: أن الراشي والمرتشي بالنار!. فهل يا ترى أن هذا المعمم قد قرأ الحديث؟، أم لا، أم اعتبره حديث ضعيف الاسناد وفتواه وحدها هي الصحيحة الاسناد؟!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب