21 ديسمبر، 2024 7:33 م

هل هم قادة

المقال توصيف لحالة قد تفيد القارئ لبناء فكرة عن عودة ترامب للحكم.

من يراقب تصريحات رؤساء الولايات المتحدة المتأخرين المتأثرين بالتيارات أو بجماعات الضغط يجد انهم ليسوا قادة يحملون ايدلوجيا وإنما هم واجهة لدولة عميقة قد يظهر من جبل الجليد بعض ما يتحرك فوقه ما يسمى باللوبي، وان كان لوبي الأشكنازيةمنظما وعتيقا مؤثرا وقويا فهو ضمن النظام يحكم القائمين على القرار ينفذون ليس بشرط القناعة لكن لا يشعر بتأنيب الضمير، فما يُحاول عمله من دول عربية أو شخصيات تريد دعم مناصبهابتشكيل شيئا مشابها يحتاج اختراقا؛ واختراق التقاليد يحتاج لتأسيس وزمن.

ترامب أكثر رؤساء الولايات المتحدة تجسيدا للنفعية وشفافيته أظهرت مواطن الضعف في إحكام قبضة أصحاب المصالح، هم يحتاجون من يستجيب لهم وليس لشخصية نرجسية فيضطرون للعمل على إزالتها أو تعليق الأمور لحين مغادرتها لذا فليس هو ونمطه صالحا لكل العصور.

ترامب من دورته السابقة عند تصفح راي المراقبين تستخلص انه شخص عادي الموهبة لكنه يجيد جباية المال، ليس لديه حواجز ومحددات، يتعامل مع الحكم كإدارة حلقات سينما الواقع، ظهر كمزاجي في الأولويات حسود ينظر بفوقية الى المخالف والدول الضعيفة كالدول العربية، ويعتبر أن أي مدنية عندها هي مدنية مستوردة وهذه حقيقة لكن يضيف انهم لا يستحقون هذا وانهم ينبغي أن يدفعوا للولايات المتحدة نظير حماية نظمهم وهذا أيضا يحتاج نظر من حكام العرب، لان قوتهم في شعوبهم ودعمهم من داخلهم، فمن يحتمي بدولة ممكن أن يحكمها أناس تحسدهم وتنظر إليهم بدونية ليست موثوقة وممكن أن تساوم عليهم إن حققت مصالحها.

ترامب كان يعرض بضائعه على الوفود العربية بأسلوب السمسار وليس دبلوماسيا، رغم أن من يعرض عليه قد يحمل شهادة علمية لم يصلها ترامب.

ليس خيارا:

مع كل ما ذكرنا فهي ليست معايير عند الولايات المتحدة والدولة العميقة (نفوذ وسلطة أصحاب المصالح) لكن ما ينظر له:

1. سلوك ترامب آخر حكمه وعدم تقبله للنتائج بعقلية الديمقراطية بصيغتها المعتاد عليها في أمريكا، وهو شخصية تحب الإثارة والمناكفة وهذا يصبح سؤالا كبيرا إن اضطرت الولايات المتحدة لخوض معارك عسكرية مصيرية تتعرض للخطر المباشر فيها.
2. ترامب رجل مال وأعمال يميل لتحصيل المال وربما يستخدم التهديد والوعيد إلا انه ليس مع قرار ربما يكون النظام العالمي بحاجة لاتخاذه وهو سيؤجل أمورا تحتاج لحسم وفق الراشح من التوجه الأمريكي فهو يحقق ما يريده الآخرين وفي ظنه انه ربح الموقف.
3. الرجل متمرس على التمثيل وإبداء الحركات المسرحية التي فات وقتها وربما تتطلب قرارات غير مدروسة، فهو مثلا يطالب باستعلاء إطلاق سراح الأسرى عند القسّام دون أن يطلق سراح الأسرى عند الكيان أو يذكر هذا، لا يشير الى بعد ثقافي أو عمق سياسي هو كلام مبهم لجلب صرخات المؤيدين.
4. تعامله مع دول الخليج الحليف التقليدي للحزب الجمهوري من ضمن تحالفها العام مع الولايات المتحدة كان بعيدا عن الفهم وكانت هنالك ظروف اضطر الخليج أن يتجاوب بسببها الخليج مع سطحية وخفة هذا الرئيس الأمريكي، وهنا أكرر بأني أصف الحال ولا اعبر عن موقف تجاه الموضوع.
5. مكانة الخليج مهمة في الاستراتيجية الأمريكية وتعامله بفوقية ومن خلال مشاعره الشخصية خطر جدا بل ربما سيبعد المنطقة عن الاستراتيجية الأمريكية نهائيا، وهذا ليس بالأمراليسير إن فكرت دول الخليج بتشكيل رابطة للعملة النفطية بعيدا عن الدولار في أدني الأحوال، ناهيك عن الفاعلية للمنطقة وتوجهاتها وفق استراتيجية جديدة ربما تنبع من المنطقة.
6. ونظرا لثقافته وتعامله وكان الموضوع سيناريو سينمائي هزلي فلربما يعيد نفس السياسة باعتبارها ناجحة وانه فعلا من يحمي النظم هذه بينما أدرك الجميع أن الخسائر كانت بسبب الثقة الزائدة بحكومته تماشيا مع علاقات تاريخية باتت بوجود ترامب منقطعة عن مسارها ومنهجها.
7. ربما يظن أن إنهاء حرب القرم كيفما اتفق ستسجل له موقفا، دون أن يهتم لراي خلفائه الغربيين ودونما أي ضمان لروسيا باستعادة استقرارها وأسواقها وهو امر مهم فلا يمكن أن تبقى الطاقة المستوردة من الولايات المتحدة بديلا لروسيا، لان الحرب بلا تحقيق الأهداف ليست في اهتمام بوتن.
8. الصين وتايوان ومعالجة النفوذ والتوافق عليه يحتاج الى قرارات ربما ليست ناضجة بعد فهو سيحرج بها وربما لا يسيطر على انفراط الأوراق التي سار معها بايدن على الحافة، ولا حتى كاملا إن تولت الحكم، فالأمور مؤجلة ولا تدار بحكمة منذ عقود.

هذه النقاط الظاهرة التي دخلنا في نقاشها ليس تأييدا لطرف على آخر فهذا خيار الشعب الأمريكي ودولته العميقة، لكن لينظر فيه من يقرأه من أصحاب القرار من الأطراف كلها عربية أو أجنبية، وان فاز ترامب فلابد أن يعيد النظر في سياسته تجاه المنطقة وبالذات دول الخليج من خلال مستشارين ومراكز دراسات تعطيه المنهج والأسلوب ونوعية الخطاب بل الكلمات التي يختارها في أي تطرق للمنطقة ، لانها كانت في دورته السابقة مستفزة وماراه من صبر هو صبر أناس تربت لتكون ملوكا وأمراء يتجاهلون الأساليب السوقية ويتعاملون مع دولة لا مع أشخاص.