المعيار الذي يجب ان يضعه الجميع في تقييم اداء تشكيلات وزارة الدفاع في اجواء التحقيق بمذبحة سبايكر والتي راح ضحيتها المئات من ابناء العراق الابرياء بقتلهم بطريقة وحشية وبربرية هو معيار القصور والتقصير فاذا كانت هذه التشكيلات ضعيفة في تجهيزها وتسليحها وتدريبها وعدد افرادها وواجهت عدو اكبر واقوى منها في حسابات المعارك وفشلت في صد هذا العدو فان ذلك قد يكون قصورا في قوتها ليس لها ذنب فيه وقد يشفع لها ذلك في تبرير الهزيمة وان كانت هناك استثناءات محدودة يرويها التأريخ في انتصار قوة صغيرة على عدوتها الكبيرة ، اما اذا كان العكس اي ان هذه التشكيلات اكبر من حيث العدة والعدد والتجهيز والتسليح من القوات المعادية المهاجمة ومع ذلك فشلت في صد هذه القوة الصغيرة وانهزمت امامها شـر هزيمة فهذا يعني ان هناك تقصير كبير تحاسب عليه القيادات العسكرية التي تقود هذه التشكيلات حسابا عسيرا وتعاقب بأقصى العقوبات بغض النظر عن كل التفاصيل التي سيحاول المسؤولون العسكريون المهزومون سردها لصرف النظر عن التقييم الحقيقي وعن معيار القصور والتقصير سواء جاء هذا التقصير بسبب انعدام الكفاءة لدى هذه القيادات او نتيجة للخيانة او الفساد وما الى ذلك من تبريرات لا تشفع لمثل هذا التقصير وهذا ما حدث مع الوحدات وقيادات العمليات العسكرية العراقية التي فرت قياداتها الكبيرة بسرعة البرق من ساحة المعركة في الموصل وتركت وراءها عشرات الالوف من الجنود والضباط دون قيادة تأمرهم بما يفعلون كما تركت كل معداتها والياتها واسلحتها الكثيرة لتستولي عليها عصابات داعش الارهابية بسهولة ومن ثم تستخدمها في احتلال مناطق اخرى كثيرة بالرغم من الحجم الكبير للقوات العسكرية العراقية من حيث تسليحها وتجهيزها والعدد الهائل من افرادها ومنتسبيها وهذا ينطبق على ما جرى في صلاح الدين وفي موقع قادة سبايكر على وجه التحديد حيث وقعت اكبر مذبحة يشهدها العراق في تأريخه الحديث والقديم عندما قتل الداعشيون المجرمون بالتعاون مع بعض ابناء العشائر في تكريت المئات من منتسبي الجيش من الذين كانوا متواجدين في ذلك الموقع دون ان تفكر القيادات العسكرية المسؤولة عن تلك المنطقة في اتخاذ اجراءات احترازية مسبقة تحمي هذا العدد الكبير من المنتسبين حيث ظهر من خلال افادات العسكر في مجلس النواب انهم كانوا على علم بتواجد هؤلاء المنتسبين في تلك الاوقات في هذا الموقع الخطير والذي ينذر بالموت وكان مع الضحايا بعض الضباط الكبار الذين يمكنهم التصرف في تلك الظروف الحرجة من خلال الاتصالات يالقيادات العليا وايصال الصورة وطلب المدد والمساعدة العاجلة لانقاذ هذه الاعداد الكبيرة من كماشة الموت المُحقق باعتبار ان هناك تنسيق مستمر ولحظي بين كل الصنوف والوحدات ، كما ان وزارة الدفاع ممثلة بغرفة العمليات فيها مسؤولة عن اعطاء ايجاز عن صورة المعركة ووضع الجيش والعدو في كل منطقة الى الوزير وتحديث هذه المعلومات في كل لحظة لان الاحداث في لحظات المعركة تكون متسارعة ولا بد من وجود منظومة كفوءة تتابع هذا التسارع وتتابع موقف الوحدات المقاتلة سلبا او ايجابا ، ويبدو ومن خلال ما حدث من انتكاسات كبيرة ان هذه الصورة المطلوبة في عمل المؤسسة العسكرية في التنسيق والسرعة في التحرك والتحسب لكل الاحتمالات لم تكن موجودة على ارض الواقع واكتشفنا كشعب مغلوب على امره ان هذه المؤسسة الخطيرة لم تكن تخضع لمراقبة ومتابعة كفوءة من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة وانها كانت مؤسسة مغلقة تعمل بصمت مريب ولا تسمح لاحد في التدخل في شؤونها بحجة الحفاظ على الاسرار الامنية وما افتضح منها فقط هو شبهات الفساد الكبيرة التي حامت حول ملفات التسليح . وفي النهاية فان سرعة تشكيل المؤسسة العسكرية والخلل في هيكليتها والاختيار السييء لقياداتها التي لا تتمتع بسمعة مهنية جيدة فضلا عن تمرسها على الفساد بكل اشكاله هو الذي افضى الى هذه النتائج الامنية الكارثية ولم نشهد طوال السنين الماضية أية نجاحات في عمل هذه المؤسسة الكبيرة في هيكلها والمنخورة من داخلها ولم يظهر منها الا فضائحها وفـشلها المخزي .