تابع العراقيون يوم 23/6/2020 تصريحات السيد علي علاوي وزير المالية بشأن التقشف المطلوب لمدة سنتين على الاقل وبانه لا يوجد خيار امام الحكومة الا اتباع هذه السياسة او الاصطدام بالحائط. وتعليقاً على ذلك نحن نتفق من حيث المبدأ على ضرورة التقشف ليس لمدة سنتين ولكن كسياسة عامة، ولكن الرؤيا للتقشف هي ما نختلف به مع السيدين مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء ووزير ماليته السيد علاوي، فما هو مطلوب هو الاصلاح وايقاف الهدر ومكافحة الفساد عبر عقلنة وترشيد الانفاق، هذه السياسة تتطلب اولاً ان تطبقها الحكومة على نفسها، فالنظام الحكومي العراقي ارهق نفسه ليس فقط بملايين الموظفين والعجز عن خلق فرص العمل في القطاع الخاص، بل دمر البنية الحكومية بسوء الادارة والفساد، وعلى سبيل المثال موضوع هيئة المستشارين التي تشكلت في حكومة المالكي الاولى (على الارجح) هي فساد وهدر بدون أي مبرر، وحسبما نسمع ان هناك حوالي 80 مستشار بدرجة وزير وهذا يعني بلغة الارقام على الاقل كل واحد يأخذ 8 ملايين دينار مع سيارتين واربع الى خمس افراد حماية (غالباً فضائيين) وطبعا كلف السيارات من صيانة ووقود تتحملها الحكومة ايضاً، واذا حسبنا فقط جزافا والمبلغ اكبر ان كل واحد من المستشارين يكلف مع حماياته وسيارته وراتبه 10000 الاف دولار هذا معناه كلفتهم السنوية 9600000 دولار يعني حوالي 10 مليون دولار سنويا، نفس الحساب او اكثر في رئاسة الجمهورية وحسب علمي هذا الامر ممتد الى بعض المحافظات،، السؤال ما هي فائدتهم، الجواب لا شيء مطلقا، فرئيس الوزراء لا يحتاج الى الاستعانة بصديقه حارث حسن والذي لا يملك أي خبرة سوى بعض البحوث الاكاديمية ليكون مستشاره للشؤون الخارجية، فمستشاره لهذا المنصب هو وزير الخارجية الموجود، ولا يحتاج الى مظهر محمد صالح كمستشار اقتصادي لان وزير المالية موجود، فعندما يحتاج رئيس الوزراء الى راي اقتصادي يطلبه من الوزير المختص واذا احتاج رأي اكاديمي يطلبه من المختصين في الجامعات العراقية والنتيجة المحمودة لالغاء هذه الحلقة الزائدة هو انها جزء من الفساد اولا وثانيا هدر بدون نتيجة لملايين الدولارات سنوياً، وكما اسلفت نفس الشيء ينطبق على رئاسة الجمهورية المثقلة بالمستشارين فالرئاسة بمنظورها الحالي هي في الواقع شرفية بدون صلاحيات لهذا وجود مستشارين لرئيس الجمهورية هو جزء من العبث السياسي والفساد والهدر المالي، طبعا الموضوع لا يتحمله الكاظمي او برهم صالح لانه نشوء هذه الحالة قبلهم ولكن يتحملون استمرارها وعدم ايقافها…
وفي جانب اخر نحتاج الى الغاء عقود استثمار الكهرباء التي هي الواقع اكشاك جباية تاخذ نسبة في حين ان موظفي وزارة الكهرباء ألوف مؤلفة غير قادرين على الجباية لانه لا تتوفر لهم القوات الامنية للدعم اسوة بشركات اكشاك الجباية الخاصة، وهذا سيوفر ملايين الدولارات التي تذهب لهذا الفساد المقنن.
وبالتأكيد لا نغفل مافيا الفساد في المنافذ الحدودية والموانئ العراقية والمليارات التي تهدر، وهنا فان الحل هو باستخدام منطق واسلوب القوة العسكرية لدحرها وتغيير قيادات المنافذ والموانئ وبالتالي استحصال مليارات تذهب الى جيوب المليشيات والفاسدين.
والصحة غير بعيدة فيجب مراجعة كافة عقودها وقضية الوزير السابق وعقود ايران وغيرها الفاسدة وتوفير عشرات المليارات لخزينة الدولة، وعودة للكهرباء فيجب ان يستقل القرار السياسي واولا يتم تفعيل عقدي شركة سيمنز وجنرالب الكتريك للحصول على الاكتفاء الذاتي من الكهرباء بعد ان عطل اذناب ايران هذين العقدين، والتفاوض مع ايران لتنزيل اسعار الكهرباء او استبدال عقدها بالاتفاق مع هيئة الكهرباء الخليجية وهو الاتفاق الذي ايضا عطله اذناب ايران، فسعر الخليج بحسب ما تسرب اقل بحوالي 65% من سعر الكهرباء الحالي من ايران.
ويبقى الاهم هو تفعيل موضوع الفضائيين واصحاب الشهادات المزورة في الوظائف المدنية والعسكرية والحشد الشعبي والبيشمركه، وبالتالي توفير ايضا مبالغ مليارية لخزينة الدولة.
ولا يفوتنا ذكر الوقفين السني والشيعي والبدء بالتحقيق ووقف السرقات وفقاً لقرير قناة الحرة التي فضحت المستور وبدل ان يتم التحقيق في فحوى التقرير تسارع الفاسدون للدفاع عن الوقفين المعروفين بفسادهما غير المسبوق.
كما ان اصلاح البطاقة التموينية وقصرها فقط على من دخله في القطاعين العام والخاص اقل من مليون دينار امر مهم، فهذا سيوفر مليارات الدولارات التي تتبخر في الفساد.
ولا ننسى ضرورة ثبات ووضح السياسة مع الاقليم قبل دفع أي مبلغ من الموازنة المقررة للاقليم، وليس اتباع اسلوب عبد المهدي بارضاء الكل على حساب حقوق العراقيين.
طبعا القائمة تطور وصولاً الى مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين واسترداد الاموال المنهوبة، ومراجعة عقود التراخيص النفطية بالاستعانة بشركة قانونية دولية رصينة، كلها امور ممكنة وغير ممكنة، فالفاسدين لديهم قوة السلاح وفساد الدولة العميق والكاظمي يملك الدعم الدولي وممكن ان يحصل على دعم الشارع العراقي والمؤسسات العسكرية العراقية اذا غامر بسياسة الاصلاح..
باختصار تقشف يتحمله الشعب هو امر مرفوض مادامت مليارات العراق منهوبة وتنهب يومياً،، نعم الشعب سيدعم تقشف اذا ما وجد ان الحكومة فعّلت سياسة الاصلاح ومكافحة الفساد وتحتاج الى مزيد من الدعم من الشعب، بغير هذا فخياركم ليس كما قال الوزير علاوي اما التقشف او الاصطدام بالحائط، وانما اما الاصلاح والاصطدام بالمليشيات الحزبية وخصوصا الشيعية منها ذات النفوذ، او التقشف على الشعب والاصطدام بحائط الشعب، بالحالتين سيكون هناك اصطدام فاما ان تواجهوا المليشيات او ان تسفكوا دماء العراقيين كما فعلت حكومة عبدالمهدي.