كثر الحديث مؤخرا عن مشروع معروض على الكونكرس الامريكي لتقسيم العراق الى ثلاث دويلات . والحقيقة ان الرئيس اوباما لايرغب بالتقسيم في الوقت الحاضر على الاقل ، لانه يريد التعامل مع جهة واحدة او دولة واحدة . ولكننا في الواقع لم نستطع ان نبني دولة واحدة لحد الان . حيث ان هناك مجاميع مسلحة وتكتلات سياسية تدير قطاعات مختلفة من العراق اضافة الى جغرافية مقسمة واقعيا بين اكراد وداعش واراضي للمهجرين وسكان في الوسط والجنوب ، ولاتوجد دولة واحدة تجمعهم . وان الامريكان يعتقدون ان الاراضي المحتلة من قبل داعش لا يمكن ان تتحرر بمعزل عن اهالي هذه المناطق . وفي الحقيقة ان اسهام ابناء المناطق لتحريرها سيعزز الامن فيها ، كما انه سيخفف من معاناة الشعب من ازمة النازحين . حيث ان اعادة النازحين الى اراضيهم واستقرارهم سيوفر ليس الامن فقط لهذه المناطق وللعراق كله وانما سيخفف ايضا العبء على موازنة الدولة كما سيحد من الخسائر البشرية التي نقدمها يوميا في معارك كر وفر. ان من يقف حجر عثرة امام هذا الرأي كتلة دولة القانون والمالكي بالذات ، الذي قال في مناسبات كثيرة اننا تغابينا في معرض حديثه عن ادارته للسلطة في العراق . ان المالكي والكتل المؤيدة له لا ترغب في تسليح العشائرالعربية في المناطق المحتلة من قبل داعش ، كما انها لا ترغب في تشريع قانون الحرس الوطني وهم يريدون السيطرة على العرب السنة وعلى الكورد بحكومة مركزية قسرية . وقد حاول المالكي تحقيق هذا الحلم ولكنه لم ينجح في ذلك . وهناك اصوات خارج دولة القانون وداخل التحالف الوطني تحاول مسك العصا من الوسط والحفاظ على وحدة العراق من خلال تحقيق قدر مقبول من الادارة المشتركة بين الاطراف الثلاثة . حيث ان العراق لا يمكن ان تحكمه طائفة واحدة او قومية واحدة . ان اصرار كتلة المالكي على هذا الرأي سيؤدي الى تقاتل الاخوة حتى داخل الطائفة الواحدة . كما سيؤدي الى تقسيم العراق تقسيما قانونيا ودوليا ، بعد ان قسم فعليا على ارض الواقع
ان السياسة فن الممكن . . . وان فرض الراي السياسي بالقوة يعني اعلان الحرب على الاطراف الاخرى المشاركة في العملية السياسية وهذا هو ما يحدث فعلا الان . ان هذه الاطروحات الاستبدادية ستدفع بالتاكيد الى تشكيل اقاليم ثلاثة في العراق . . وان تعذر ذلك فأن هناك الاسوأ ، وهو توسع داعش او ما يسمى بالدولة الاسلامية على اراض اخرى وفرض الامر الواقع . ان تطرف جهة واحدة سيدفع الجهات الاخرى الى تطرف مماثل . وهذا ما حصل ويحصل يوميا في العراق .
ان كل الشرفاء والخيرين والوطنيين من ابناء العراق الواحد يجب ان يتكاتفوا ويقفوا سدا منيعا امام كل الاراء المتطرفة والاستبدادية التي ستؤدي بنا جميعا الى كوارث لا تحمد عقباها . الا هل بلغت ، اللهم فاشهد .