23 ديسمبر، 2024 11:49 ص

تقسيم العراق ….قراءة واقعية ؟!!

تقسيم العراق ….قراءة واقعية ؟!!

لا يخفى الواقع الامني والسياسي الذي القى بظلاله على المشهد في البلاد ، أي تطور على الارض يعني تطوراً في الملف السياسي ، لأنهما يمثلان ملفاً واحداً يسيران بخطى تتسق مع طبيعة المتغيرات على الارض ، وعلى الرغم من وجود الامل في استقرار الوضع السياسي والأمني للبلاد ، إلا اننا نعيش تعقيدات وكثيرة وكبيرة ، تحولت من كونها ملفاً امني الى الجانب الاقتصادي ، إذ ان انخفاض اسعار النفط ، والأزمة المالية الكبيرة التي يمر بها البلاد ،جعلت الامر اكثر تعقيداً عما مرت عليه البلاد خلال الحقبات الماضية من الادارة الفاشلة والفساد المستشري في مؤسسات الدولة ، وسقوط ثلاث محافظات كبيرة ومهمة بيد الارهاب الداعشي ، جعلت الوضع يبدو مأساوياً وخطير .
من خلال قراءة الواقع العراقي نجد ان هناك أرادات تعمل على التقسيم وكلاً وفق الاجندة التي يعمل بها ، ويمكن قراءته كالتالي :-
أولاً) الاكراد ، وهم غير متأثرين كثيراً بالوضع الانفصالي الذي يدعو اليه البعض ، ولكن في داخل صفوفهم هناك اتجاه يسعى الى المصالحة الوطنية وعدم التفكير بالانفصال عن البلاد ، والذين يمثلون الاتحاد الوطني الكردستاني والتغيير ، وهولاء يسعون الى البقاء كجزء من العراق ارضاً وشعباً ،لان يعتقدون ان الارضية الكردية غير مهيأة لهذا الامر ، خصوصاً مع وجود التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية ، الامر الذي يجعلهم في مرمى النيران الدائم .
الاتجاه الآخر والمتمثل بالحزب الديمقراطي برئاسة مسعود البارزاني ، والذي يسعى الى الانفصال عن العراق ، ويعمل على ذلك ولم يبقى سوى الاعلان فقط ،بل تشير التقارير ان العملة الكردية قد تم طباعتها في سويسرا ، مع العلم ان الاجندة هذه تتسق الى حد بعيد مع الاهداف التركية التي تسعى الى تقسيم العراق وتحقيق احلامها في السيطرة على المنطقة وعودة اطلال الدولة العثمانية .
ثانياً ) السمة العرب ، والذين يعدون من أكثر المواقف ارباكاً وضبابية ، وذلك لعدم وجود القيادة الدينية والسياسية ، ناهيك عن الامر المهم الا وان القيادات السياسية السنية تعمل هي الآخرى وفق الاجندات الخارجية ( السعودية ، قطر ، الاردن ، تركيا ) ، فالسعودية مع اعادة السلطة في العراق الى السنة ، فمازالت تعتقد أن العراق الذي يحكمه السنة منذ الف عام ، لا يمكن للشيعة ان يكونوا البديل ، لهذا هم يسعون الى اعادة المعادلة السابقة ووفق رؤية جديدة ، أما تركيا فتسعى الى انفصال السنة عن العراق ، ويكونوا دولة مستقلة لا يرتبطون بالعراق سوى بالمصالح الاقتصادية والمال ، وهذا ما يعمل عليه السياسيون اصحاب الاجندات التركية .
ربما هناك محاولة من رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري ، في أحداث ثورة في داخل العمق السني ، من خلال حمل راية التغيير والإصلاح من خلال بناء مرجعية دينية وبمسميات واضحة وحقيقية ، وبناء جيش سني قادر على حماية المناطق السنية ، يكون مرتبطاً بالقوى الغربية وتحديداً الاميركان ، كما انه يسعى ان يكون هو الممثل الحقيقي للسنة العرب في العراق ،وسط تراجع واضح للقوى الاخرى كالنجيفي والمطلك وآخرين .
ثالثاً ) الشيعة العرب : ويبدو ان اوضاعهم ربما تكون اكثر وضوحاً ، مع وجود المرجعية الدينية العليا ، والقيادة السياسية المتمثلة بالتحالف الوطني ، وامتلاكهم للسلطة والقوة والمال في البلاد ، جعل أوضاعهم تكون اكثر استقراراً من الاخرين ، مما يجعل فرص نجاح استقرار في حال نُفذت اجندة التقسيم وعلى أسس طائفية ، ولكن موقفهم اكثر وضوحاً من الاخرين تجاه التقسيم لانهم يسعون الى بناء عراق موحد ، كما ان التحالف الشيعي لا يريد تحمل مسؤولية التقسيم ، بل يسعون الى اعادة تجسير العلاقة بين جميع القوة الوطنية بمختلف توجهاتها ، وما اطلاق مبادرة السلم الاجتماعي وبناء الدولة الا واحدة من اهم الخطوات التي تسعى اليها قوى التحالف الوطني في لملمة المواقف وتوحيدها ، والوقوف بحزم امام الاجندات الخارجية التي تريد تمزيق البلاد وتشتيت اواصره الاجتماعية ، وسيبقى صراع الاجندات يضرب في العراق وشعبه ، وننتظر اي الاجندات ستكون المنتصرة ، التقسيم ام التعايش السلمي