كشف تقرير التنمية البشرية لعام 2014 ان المنطقة العربية في موقع متقدّم من حيث نصيب الفرد من الدخل ، إذ يبلغ المعدل 15817 دولارلكل فرد سنويا ، وهو معدل يفوق المتوسط العالمي بنسبة 15%، وقال التقرير الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في طوكيو أن التنمية البشرية بالمنطقة العربية تشهد تحسنا ولكن الفوارق كبيرة فيما بينها ، فبعضها يحلّ في مجموعة التنمية البشرية المرتفعة ، بينما تواجه المنطقة بمجملها تحديات ضخمة تعوق التنمية , ويظهر من خلال التقرير ان دول (الربيع ) العربي تشهد مؤشرات متدنية في مجال تنمية الموارد البشرية بينما تنتعش في دول الخليج العربي التي ربما يغذي بعضها هذا الربيع الذي انتج دمارا واعمالا ارهابية وظهور تنظيمات متطرفة هدفها اشاعت الرعب والموت وحالة عدم الاستقرار بالسكان كما هو الحال في سوريا والعراق واليمن وغيرها من بلدان العالم العربي .
وتتصدر قطر الدول العربية حيث جاءت في المرتبة 31 عالميا مقابل 36 في تقرير 2013، وجاءت السعودية في المرتبة الثانية عربيا و34 عالميا بينما جاءت في المرتبة الـ 60 في تقرير 2013، وحلت الإمارات في المرتبة الثالثة عربيا والـ 40 عالميا بينما جاءت في المرتبة الـ 42 عالميا في تقرير العام الماضي, وقال البرنامج إن مصر جاءت في المرتبة 110 في فئة التنمية البشرية المتوسطة بينما جاءت في المرتبة 113 في تقرير العام الماضي, وجاءت البحرين في المرتبة الـ 44 والكويت في المرتبة الـ 46 ضمن فئة التنمية البشرية المرتفعة جدا، بينما جاءت ليبيا في المرتبة الـ 55 وسلطنة عمان في المرتبة 56 ولبنان في المرتبة 65 والأردن في المرتبة الـ 77 وتونس في المرتبة الـ 90 والجزائر في المرتبة الـ 93 ضمن فئة التنمية البشرية المرتفعة, وجاءت فلسطين في المرتبة الـ 107 وسوريا في المرتبة الـ 118 والعراق في المرتبة الـ 120 والمغرب في المرتبة 129 ضمن التنمية البشرية المتوسطة, بينما جاءت اليمن في المرتبة الـ 154 والسودان في المرتبة الـ 166 ضمن فئة التنمية البشرية المنخفضة , ومن الملفت للنظر ان ( إسرائيل ) جاءت في المرتبة 19 ضمن فئة التنمية البشرية المرتفعة جدا .
وصدر تقرير التنمية البشرية لعام 2014 تحت عنوان ( المضي في التقدّم نحو بناء المنعة لدرء المخاطر)، ويتناول مفهوم التعرّض للمخاطر من منظور متجدّد ويقدّم اقتراحات لبناء المنعة , وذكر التقرير أن المخاطر التي تواجه المنطقة العربية من نزاع وبطالة في صفوف الشباب وعدم مساواة، إذا ما بقيت من غير معالجة يمكن أن تعطّل مسيرة التنمية البشرية حاليا وفي المستقبل, وقالت هلن كلارك مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي : ” بدرء المخاطر يصبح للجميع حصة من التقدم في التنمية وتصبح التنمية البشرية أكثر إنصافًا واستدامة”, وقد اشار التقرير صراحة ان الدول العربية المنشغلة بصرعاتها الداخلية لم تولي الاهتمام المطلوب بتنمية الموارد البشرية مما ادى الى تراجع مؤشراتها وجعلها في مراكز متدنية مما يعرض مستقبل هذه البلدان الى اخطار عديدة لان اعادة التوازن لها يتطلب الكثير من الجهود كما ان لها تداعيات خطرة تتعلق بالهجرة وفقدان الكفاءات الشابة .
وقد أصاب الصراع في سوريا إضافة إلى الصراعات الأخرى التي تشهدها المنطقة الأسر بأضرار جسيمة وخلف أكبر الأعداد من النازحين واللاجئين في العالم الذين باتوا يعيشون في ظروف اقتصادية واجتماعية قاسية ، ويشير التقرير إلى أن عدم المساواة في التعليم يبلغ مستويات مرتفعة ويصل الى نحو 38 % وكذلك في الصحة والدخل حيث يصل متوسط عدم المساواة إلى أكثر من 17 % في المنطقة العربية, ويؤكد التقرير على أن الأعداد الكبيرة من الشباب في المنطقة العربية تتطلب اهتمامًا خاصًا على مستوى السياسة العامة ليحظوا بفرص العمل اللائق ولتستفيد المنطقة من العائد الديمغرافي , وقالت مديرة المكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: ” الشباب فرصة هذا ما أثبته التاريخ والواقع أن بلدان العالم ومناطقه حققت تحوّلات إيجابية في فترات مماثلة من التحوّل الديمغرافي، حيث بلغت أعداد الشباب الذروة” ويدعو التقرير إلى الالتزام بالتشغيل الكامل كهدف في السياسة العامة وتعميم الخدمات الاجتماعية الأساسية والحماية الاجتماعية وتحسين التنسيق العالمي في بناء المنعة لدرء المخاطر, وبينما لا يزال الفقر المتعدد الأبعاد تحديًا يواجه بعض البلدان، ، يصنّف 82 % من سكان الصومال ضمن هذه الفئة, وحسب الأرقام المطلقة تسجل اليمن أكبر عدد من الفقراء الذين يعيشون أوجهًا متعددة ومتداخلة من الحرمان إذ بلغ عددهم 7,7 مليون شخص .
ويتناول التقرير موضوع التعرض للمخاطر الناجم عن التمييز وقصور المؤسسات، وهما من العوامل التي تلحق أكبر الأضرار في الدول العربية بالنساء والنازحين, وتحلّ الدول العربية في المرتبة الثانية من حيث نسبة الأطفال من مجموع السكان، ويتوقف الكثير من إمكانات المستقبل على الاستثمار في الطفولة المبكرة في الرعاية والتغذية والصحة والتعليم , وعالميا كشف التقرير أن 2.2 مليار شخص يعيشون في حالة فقر أو هم على حافة الفقر، وحسب مقاييس فقر الدخل، يعيش 1,2 مليار شخص على 1,25 دولار في اليوم أو أقل, ووفقا لآخر تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدليل الفقر المتعدد الأبعاد تبيّن أن حوالى 1,5 مليار شخص في 91 بلداً نامياً يعيشون في حالة فقر، إذ يعانون من أوجه حرمان متداخلة في الصحة والتعليم ومستوى المعيشة، ومع أن الفقر ينحسر عمومًا لا يزال خطر العودة مجددًا إليه يهدّد حوالى 800 مليون شخص .
ان الغاية من عرض هذا التقرير ليس التشهير ببلدنا لكونه يحتل مركزا متدنيا لانه في التسلسل 120 عالميا في مجال تنمية الموارد البشرية, وانما للتذكير بان اعادة التوازن وبلوغ المؤشرات المطلوبة لايمكن ان يتم من خلال الامنيات والتعويل على المعجزات , فذلك يتطلب نكرانا للذات والترفع عن المنافع وعدم الركض وراء المناصب وانما السعي لتصحيح الوضع الحالي لكي لاتكبر المسافة بيننا وبين الاخرين , فكل مستلزمات النهوض متوفرة في بلدنا من موارد بشرية ومادية وخيرات متوفرة ولكن ما ينقصنا هي الارادة والاداراة , واذا لم نستحضر العوامل الكفيلة بتجاوز الازمة والنهوض من جديد سنفقد هذه الموارد من حيث استخدامها الفاعل والكفوء وما نشهده اليوم هو تراجع في صادرات النفط وتعطل التنمية وتهافت بعض الشباب على الهجرة وحدوث عجز كبير في موازنة 2014 رغم انها لم تقر لحد الان ونحن على وشك الدخول في ثلثها الاخير, البعض يقول ان المشاكل من صنع السياسيين والعقل يقول هل ان العراق هو ملكا للسياسيين ام للشعب ؟ كما ان السؤال هل بامكان الحكومة المرتقبة التي يعدها البعض الامل في التغيير ستتمكن من وضع القطار على السكة لكي نمضي قدما للامام ؟.