7 أبريل، 2024 3:27 ص
Search
Close this search box.

تقرير- الموّلدات الخاصة

Facebook
Twitter
LinkedIn

* إستمراراً لنشر وفضح الممارسات الضارة بالبيئة العراقية وتأثيراتها على المدن العراقية، هذا تقرير عن الموّلدات الكهربائية الخاصة

ربما من أخطر الخطوات غير السياسية بعد ٢٠٠٣ هو التوجه نحو الموّلدات الكهربائية الخاصة لتوليد وتوزيع الكهرباء. فهذا القرار الذي أتخذته بعض العقول التجارية الجشعة مستغلة حاجة الناس للكهرباء كان قراراً هو الأشد تأثيراً وتدميراً للبيئة العراقية وجمال فضاءات مدن العراق وكذلك التأثير المجتمعي.
فهذه الخطوة والتي في ظاهرها ( مساعدة) الناس وتزويدهم بالكهرباء بعد العجز الحكومي الفاضح في إصلاح منظومة الكهرباء الوطنية، لكن الحقيقة هي خطوة تجارية لها أثار سلبية مباشرة للبيئة العراقية خاصة أن تلك المولّدات هي كلها موّلدات تعمل بالديزل ومعظمها إن لم نقل كلها مولّدات قديمة بضجيج عال وإنبعاثات كاربونية شديدة.
و تكون هذه المولّدات في داخل الأحياء السكنية وبين البيوت في بيت مهجور أو أرض متروكة ( يشتريها) صاحب المولدة ويضع عليها مولّدته، ويكون الموقع مركزياً بين البيوت لضمان عملية توزيع الإسلاك والتي تشكل ما يشبه عش اللقلق أو قل عش العنقاء فوق المولّدة تماماً حاجزاً الفضاء الفسيح. ويقوم عامل غير ماهر وغير مهني بإدارة وتشغيل المولدة وتبديل زيت المحركات وملء خزان المولدة بالديزل، ولا وجود لخزان أو براميل لوضع الزيت المستخدم فيها بل يقوم العامل بسكب الزيت المستخدم مباشرة في مكان المولّدة على التربة، أو في أي ( خرابة) قريبة، وذلك واضح حتى من تأثر حدائق البيوت المجاورة والملاصقة لموقع المولّدة حيث جفاف الأشجار.
كما أنّ تلك المولدات بإنبعاثاتها الكاربونية أدّت إلى تدهور جودة الهواء في الأحياء السكنية العراقية، وبملاحظة الجدران المحيطة بالمولّدات الخاصة تلك نعرف مقدار وكمية تلك الإنبعاثات التي تدخل رئة الناس في الأحياء السكنية. أما الضجيج والضوضاء العالي الصادر من المولدات فأنها تؤثر على الحالة المزاجية للساكنين، فتلك الأصوات وذبذباتها المستمرة هي عامل تدميري للأعصاب صيفاً وشتاءاً وخاصة أيام الإمتحانات أو مع المرضى والأطفال، لذلك نرى مزاج الناس قد تدهور بصورة حادة بعد دخول المولّدات الكهربائية الخاصة في الأحياء السكنية.
وبما أن تلك المولدات هي مولدات قديمة بشكل عام، فأن لها إهتزازات تؤثر بمرور الوقت والشهور على أساسات البيوت وإن لك تكن محسوسة في البداية ولكن إشقاقات الجدران هي الحالة الواضحة في جميع البيوت العراقية في الأحياء السكنية التي فيها مولدات كهربائية.
إضافة لتلك التأثيرات فأن التوزيع البشع للأسلاك الخارجة من المولدة إلى البيوت قد حجب الفضاء عن تلك البيوت وكأن تلك البيوت قد وقعتْ داخل شبكة عنكبوت عملاق وما في ذلك من تأثير نفسي سيء ومصدر كبير للحريق في حال زيادة الحمل على أي سلك من تلك الأسلاك حين تكون خاصة أن تلك الأسلاك سيئة النوعية والحمل الحقيقي لها ليس كما هو المعلن في ملصق المصنع.
ورغم هذه التأثيرات البيئية والمجتمعية المدمرة لهذه المولّدات إلا أن أي جهة لم تقم بدراسة تأثيراتها البيئية والمجتمعية ووضع توصيات بنقلها لخارج الأحياء السكنية وتبديل كل مجموعة مولدات متفرقة صغيرة بواحدة كبيرة تكون مشتركة بين أصحاب تلك المولدات الصغيرة، ولتنظيم عمل هذه المولدات والتي أصبحتْ مع الأسف حقيقة مؤلمة نرى أن يكون هناك تشريع قانون تنظيم عمل المولدات الأهلية وضرورة أن تكون خارج الأحياء السكنية وإلزام صاحب/ أصحاب المولدة الخاصة بتعيين مهندس كهرباء لإدارتها مع فنيين إثنين لصيانتها مع شرط وجود خزان للزيت المستخدم، كما يكون من شروط إعطاء رخصة وإجازة مولدة كهرباء خاصة أن يقوم صاحب المولدة بإعطاء نسخة من تقرير التأثير البيئي Environmental Impact Assessment للجنة البيئة في المحافظة للمصادقة عليها قبل بدء عمل المولدة.
كما قلنا، فأن خطوة المولدات الأهلية كانت تدميرية وساهمت في إنتاج طبقات جشعة وفاسدة من مستغلي حاجة الناس للكهرباء، وتدمير البيئة السكانية في المدن العراقية وتشويه جمال الأحياء السكنية، وكذلك كانت من نتيجتها المماطلة في إصلاح المنظومة الوطنية ما دام هناك مصدر آخر للكهرباء، لذلك نراها بعيدة عن أي ملاحظة رسمية أو من المجالس المحلية ولم نرَ أو نسمع عن أي جلسة برلمانية مخصصة لمناقشة التأثيرات البيئية والمجتمعية لتلك المدن، فالأمر في الآخير يحكمه مبدأ معروف وهو ( الجيب واحد) و( كلنا حبايب في الفساد) والتلوث نوع خطير من الفساد.

ملاحظة: لمن يهتم/ تهتم بالبيئة في مدينته/ مدينتها، الإهتمام بما جاء في هذا التقرير، للسيطرة على هذه الخطوة التي دمرت وتدمر الأحياء السكنية في المدن العراقية، وهذه دعوة أيضاً للجهات الإعلامية والفضائيات بالقيام بدورها المطلوب في هذا الجانب.
………….
المهندس
برهان المفتي
الإدارة البيئية والمسؤولية المجتمعية

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب