22 نوفمبر، 2024 10:55 م
Search
Close this search box.

تقاعد النواب والوزراء

تقاعد النواب والوزراء

واجه تقاعد النواب والوزراء والدرجات الخاصة إعتراضات متواصلة، وتظاهرات شعبية عمت مدن العراق ومحافظاته، ولعل واحدا من اهم جوانب الاعتراض يتعلق بالخدمة الوظيفية التي يحددها القانون لحصول الموظف على الراتب التقاعدي.
بداية، المعترضون يرون ان المهمات المنوطة بأصحاب هذه الدرجات تندرج ضمن عنوان التكليف وليس التوظيف، وبالتالي يحصل المكلف على استثناءات المهمة والدور الذي يتصدره ضمن سقف زمني محدد، ما ان ينتهي يعود الى صفوف المواطنين، من دون امتيازات تمنح له، او راتب تقاعدي يتقاضاه عن المدة التي قضاها سواء في الوزارة او مجلس النواب، الا اذا كان هو في الاصل موظفا ، فيعود الى وظيفته السابقة ، او يتقاعد منها ضمن الاستحقاقات القانونية، لكن، كما هو معروف ان الاحالة الى التقاعد بالنسبة الى الموظفين طبعا، مشروطة بخدمة وظيفية لا تقل عن 15 سنة صعودا، اضافة الى الاحالة المرتبطة ببلوغ الموظف السن القانونية ، غير ان المكلف بخدمة عامة من ذوي الدرجات الخاصة قد لا يخضعون لهذه الشروط، بدليل ان من يتبوأ مقعداً متقدماً او خلفياً في منصب ما، لا يشترط عليه سناً معينة، فقد يصاب بـ”الزهايمر” ويبلغ من الكبر عتياً وهو لم يزل متشبثا بكرسيه، كما انه قد يصاب بعوق يمنعه عن الحركة، ومع ذلك يبقى في السلطة، وهذا الامر قد يوصف اسثناءً او امتيازاً، وقد لا يوصف هذا ولا ذاك ، وانما هو واقع قهري يلزم الجميع بالقبول والرضى به!.
وما دمنا نسير ونمشي على خطى الديمقراطية ، فان الفيصل الذي يحكم العلاقة بين الحاكم والمحكوم هو صناديق الاقتراع ، وبالتالي يذهب أناس ويأتي آخرون الى المناصب لأداء خدمة معينة ضمن مدة زمنية محددة، يكملون ما بدأه سلفهم ، لكن، هذا التداول لم يحصل الا في حدود قليلة، وما يجري من ممارسة انتخابية انما هو عملية استنساخ ، ربما ستأتي بتوزيع جديد ضمن خارطة الرقعة الشطرنجية، الا انها لن تغير من الواقع شيئا، وعليه نحن ازاء تجديد للوجوه نفسها، التي بدأت في تبوء  المراكز السياسية، والمناصب الحكومية، او المقاعد النيابية، قبل عشر سنوات ولا تزال، وهذه المدة تحسب ضمن الخدمة بالتأكيد، خصوصا ان لا احد في العموم يكتفي بدورة ولا دورتين ولا ثلاث، ويبدو ان من يذوق المنصب مرة (يبلش) ولا يفارقه الا في “الشديد القوي”، وازاء حالة التناوب في المراكز الحساسة وغير الحساسة، والتقلب في نعم السلطة، تصبح فكرة التقاعد اصلاً ملغاة من قواميسهم ، لأن اصحاب الطبقة “العلية” يصرون على البقاء على الكراسي ، تحت عناوين خدمة الوطن والمواطن !!، لذا فإنه بعد ان يغادرها بعد عمر طويل سيستحق الراتب التقاعدي بجدارة ، كونه يمتلك الخدمة التي تؤهله لذلك قانوناً.
وعليه، ربما ستتغير المواقف يوما ما، فالذين خرجوا اليوم احتجاجاً على منح الرواتب التقاعدية للنواب والوزراء والرؤساء واصحاب الدرجات الخاصة .. سيخرجون بعد سنين، بإنفسهم، أو سيوصون اولادهم وأحفادهم للخروج في تظاهرة يطالبون فيها بتقاعد “اصحاب السيادة والمعالي والنواب”، ومنحهم الرواتب التقاعدية بنفس راضية مرضية.. المهم ان يتقاعدوا والسلام.

أحدث المقالات