يكشف مسار سير الأحداث السياسية في العراق الادعاءات التي تحدث بها سياسيون طائفيون، بشأن المواطنة والدولة الممكنة في عراق ما بعد 2003 . كما توضح المواقف السياسية لبعض الكتل والشخصيات التي تتبنى الخطاب الطائفي في العراق عدم رغبتها في دولة تؤمن بالتعددية، حيث تسعى إلى تحطيم التواصل الاجتماعي مع الجماعات البشرية المختلفة بمذاهبها وأديانها منذ سنوات طويلة. وتبنى سياسيون خطاب المظلومية والتهميش خاصة في الحملات الانتخابية، لكسب ود الجماهير من أجل الأصوات الانتخابية، فيما يحرص البعض على التحريض الطائفي بشكل علني أمثال النائبة حنان الفتلاوي وخميس الخنجر وال النجيفي وظافر العاني وأسماء سياسية بارزة في المشهد العراقي. وتسبب التحريض والكراهية الذي سعى إليه هولاء السياسيون الى إثارة العنف الطائفي بشكل واضح وتعميق الخلافات. ويكشف ظهور الإرهاب عمق تلك المشاكل التي عجزت عنها الحكومات التي كانت سببا في ظهور داعش، وتزامن ذلك مع حرب نفسية على المواطنين واستفزازهم فكان ذلك نقطة تحول في إثارة المشاكل اجتماعيا بفعل الخطاب الآخر الذي يحرض ضد كيان الدولة، وهو ما ظهر في قضية الاعتصامات في الانبار التي كانت السبب بظهور الإرهاب والتمرد ضد الدولة وتدمير البنى التحتية وعودة العراق الى المربع الاول وخسارة في الأرواح والأموال. لم تساهم قضية الخطاب الطائفي التي سعى اليه البعض في تثبيت مصالحهم وامتيازاتهم الخاصة على حساب الحقوق المدنية للناس فحسب، بل تجاوز الامر الى تحطيم البلاد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، لتصبح ممرا دوليا للصراع في المنطقة . وعند الوقوف على اغلب المواقف التي تتبناها الكتل السياسية، نجد ان اغلبها تسعى الى عرقلة مشروع بلد يعيش ويحظى بكرامة مثل شعوب المنطقة . سنوات طويلة كنا ننتظرها في عراق جديد خال من الأوبئة الطائفية، لكن السياسات التي مارستها الجهات الطائفية على مدى 13 عاما، أظهرت إننا لا نستطيع ان نخطو إلى الأمام في ظل هذا التقاطع الكبير في الرؤى والأفكار وتقديم المصلحة الخاصة والحزبية على أساس المصلحة العامة للبلد. من غير الممكن ان نتحدث عن منطق الدولة العراقية، والجميع يفكر على أساس الطائفة والمكونات لا على اساس المواطنة، على اقل تقدير يجب ان تكون هناك ثمة طرق معينة لازاحة كل من تلطخت يداه في سرقة أموال الشعب العراقي ونشر الفتنة الطائفية بين مكوناته، بغض النظر عن حجمه ومكانته .