17 نوفمبر، 2024 12:41 م
Search
Close this search box.

تفوق الاقتصاد الاميركي.. الأسباب والنتائج

تفوق الاقتصاد الاميركي.. الأسباب والنتائج

المقدمة : تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية إحدى أهم وأكبر الدول اقتصادياً في العالم، حيث تمتلك قوة اقتصادية هائلة وتأثير كبير على الاقتصاد العالمي, وتعود هذه القوة إلى عدة عوامل تساهم في تفوق اقتصاد الولايات المتحدة، وتجعلها تحتل مكانة مرموقة على الساحة العالمية.
أولاً : الأسباب
الحرية الاقتصادية : تعتبر الحرية الاقتصادية من أهم العوامل التي تسهم في تفوق الاقتصاد الأمريكي، حيث تسمح الحكومة الأمريكية بتنظيم الأسواق بشكل فعال وتوفير بيئة ملائمة للتجارة والاستثمار.
الابتكار والتكنولوجيا: تشتهر الولايات المتحدة بقطاع التكنولوجيا والابتكار، حيث تستثمر الشركات والحكومة بشكل كبير في البحث والتطوير، مما يساهم في تقدم الصناعات التكنولوجية وتطوير الابتكارات الجديدة.
قطاع الخدمات: يعتبر قطاع الخدمات من أبرز القطاعات الاقتصادية في الولايات المتحدة، ويشمل الخدمات المالية والتجارية والتكنولوجية والصحية والتعليمية، مما يجذب الاستثمارات ويعزز نمو الاقتصاد الأمريكي.
البنية التحتية القوية: تتمتع الولايات المتحدة ببنية تحتية تدعم التطور الاقتصادي والنمو، حيث توجد شبكات نقل حديثة ومتطورة وموانئ بحرية ومطارات كبيرة، مما يسهل التجارة والتواصل مع العالم.
القوة العسكرية والسياسية: تمتلك الولايات المتحدة نفوذاً كبيراً في الشؤون السياسية والعسكرية مع وجود تحالف دولي معها يضم دول أوربية وعربية وإسلامية, وهذا ما نلاحظه في حرب غزة وحرب أوكرانيا التي لم تتوقفا.

وهناك أسباب أخرى منها :
وجود شركات تصنيع كبرى عريقة عمرها فوق الخمسين عام, ثلثي اقتصاد اميركا GDP يأتيها من ٥٠٠ شركة فقط تسمى Fortune 500.. تساهم هذه الشركات ب 14 ترليون دولار سنويا.. تصور في دولتك 500 شركة بحجم أرامكو.. كيف يصبح اقتصادك؟.
دعم الحكومة للشركات عبر القروض و المساعدات.. خلال أزمة كوفيد19 التي أغلقت حينها كل الشركات و المؤسسات , أذ قامت الحكومة بتقديم مساعدات لكل من تضرر عمله.. بلغت حجم المساعدات خلال عامي/ 2020 و 2021 مبلغ 4,6 ترليون دولار.
و للمقارنة.. حجم اقتصادات الدول العربية مجتمعة هو 3,5 ترليون دولار.. بوجود حكومة كهذه تحمي مصالحك أكيد ستنجح ان اجتهدت.
كثرة الجامعات و المعاهد التقنية و مختبرات الأبحاث التي تقوم بالبحث العلمي.. كثير منها يتلقى دعما حكوميا.. للحفاظ على تفوق اميركا تقنيا على بقية العالم.. في اميركا وحدها 130 ألف مختبر ابحاث من أصل 600 ألف حول العالم.. اي 20 بالمائة من مجمل المختبرات.. رغم ان سكانها 4 بالمائة من سكان العالم.
سوق استهلاكي ضخم جدا.. النظام الرأسمالي يعمل بشكل افضل عندما تستمر النقود بالحركة.. الحكومة تشجع الناس على الصرف عبر التحكم بأسعار الفائدة.. مبيعات اكثر تؤدي لإنتاج اكبر و لتنافس اكبر.. المنافسة تدفع بالجودة و بخدمة العملاء.
ثانياً : ماذا عن منافسة الصين و روسيا ؟.
روسيا : خارج المعادلة.. لا تقارن ابدا بالدول الصناعية.. حجم اقتصادها لو استثنينا النفط و الغاز أصغر من اقتصاد تركيا مع ان سكانها اكبر بمرة و نصف عن تركيا.. التي هي المتوسطة بين الدول الصناعية.
روسيا فيها فقط تقنية عسكرية متقدمة و علوم فضاء… لكن في بقية الصناعات كالهندسيات و الطب و الصناعات الدوائية و المركبات غير العسكرية و غيرها ليست افضل حالا من دول العالم الثالث.. التشيك و المكسيك فيها تقنية افضل منها.
الصين : عملاق اقتصادي.. حجم اقتصادها اليوم 18 ترليون دولار.. مقابل 28 ترليون لأميركا.. الاقتصادان يسبقان بقية دول العالم بأشواط.
ويتوقع الاقتصاديون ان يتجاوز اقتصاد الصين اميركا بحلول/2035.. لكن لا ننس.. الصين عدد سكانها أكبر بخمس اضعاف, اي يجب ان تنتج خمس مرات حجم اقتصاد اميركا لتتفوق عليها, وهذا صعب للغاية.
ايضا الصين اقتصادها هجين بين شيوعي و رأسمالي.. مع اشراف مباشر من الدولة على كل مرافق الاقتصاد.. 9 من أكبر 10 شركات في الصين مملوكة للدولة.
لكن تبقى الصين الأقرب من بين دول العالم لمنافسة اميركا.. فنمو اقتصادها مذهل.. لاحظ اين كانت بين دول العالم عام /2000.. ونحن الأن في منتصف عام/ 2024.
ثالثاُ : النتائج
أدى ارتفاع أسعار المستهلكين إلى إعاقة التقدم في الحد من التضخم في الولايات المتحدة، مما حطم الآمال في أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، بينما ترتفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وفقًا لبلومبرج، مما يبقي تكاليف الإقراض منخفضة.
ويظل الدولار القوي يمثل مشكلة كبيرة, ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي بنسبة 10 بالمائة يقلل النمو السنوي في الاقتصادات الناشئة بنسبة 1,9 بالمائة، مما يؤثر على أداء التجارة والائتمان وأسواق الأوراق المالية.
لكن استمرار قوة الاقتصاد الأمريكي لا يمكن اعتباره أمرًا مفروغًا منه، مع تدهور معنويات الشركات الصغيرة من أكبر انكماش منذ أكثر من عام مع انخفاض توقعات الأرباح والمبيعات.
إن ديون بطاقات الائتمان المستحقة على الأميركيين آخذة في التزايد، الأمر الذي يفرض ضغوطاً خاصة على الأسر ذات الدخل المنخفض. أذ يبلغ متوسط ​​سعر الفائدة على حسابات بطاقات الائتمان المركبة 22,75 بالمائة وهو الأعلى منذ عام/ 1995، وفقًا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، وكان متوسط ​​سعر الفائدة على قرض السيارة لمدة 60 شهرًا عند أعلى مستوياته في عام/2006.
وهناك تهديد آخر يتمثل في استمرار إضعاف الصين وأوروبا، وهو ما قد يصدم الولايات المتحدة ويترك العالم بلا قائد للنمو.
كما أن الاقتصاد الأمريكي لا يعتمد فقط على الاقتصاد المحلي، مما سيولد المزيد من الضعف في الاقتصادات الكبرى الأخرى في العالم قد تكون له آثار خطيرة على الولايات المتحدة.. لكن في الوقت الحالي، يبدو أن الاقتصاد الأمريكي يحافظ على هيمنته على الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن .

أحدث المقالات