أشياءٌ كُثر تشجعك على القراءة في ( مضافٌ إليّ ) المجموعة الشعرية للشاعر ضياء الدين العلاق من هذه الأشياء هي تلك الأشياء المقنعة والتي لايرى الشاعر بها بصيص إقناع وكذا تلك الأشياء التي يخبئها القدر في المنافي وسيل من الإفتراضات الكونية والتي قطعا لاتصل لحلول نهائية وكل تلك الأشياء تشكل جوهر البدء للبدء بعملية الإستدراج للذاكرة من طرف وللمخيلة من طرف آخر ليقدم الشاعر كشفه المناسب أمام تأملاته وترتيب تلك التأملات وتصنيفها لإستكمال عمله البنائي وفق يقينه بأسلوبيةٍ ما يراها ملائمة وقابلة لنقل مشاعره وعواطفه وحسه الوجداني وتوقه النفسي الى مساحته الفاضلة والتي يبدأ منها البدء بقيامة موجوداته ،وتلك من الضرورات التي تعني بأن الشاعر منتجا نشطا لإبتكار المعاني وهذه
الضرورات تحفز بعضها البعض لإستكمال تناسقها ونظامها الإبداعي بعد أن تلمس الشاعر طريقه عبر موسيقاه الخفية أو في عمليتي الإنتقال المكاني للزماني وبالعكس إشارة الى تكثيف شكل من أشكال اللفظ والإشارة وبهما يجدد فاعلية الدوافع اللغوية لإعطاء بعض النصوص مسوحات فلسفية بشحن عاطفي وقد بدأ برسالة أبيه الموجهة الى السماء :
مرةً
بين كلِّ الرّغائبِ
إخترتُ واحدةً
أن أفيقَ
على نفخة الصّورِ
في محشرٍ
ليس فيه سوانا ،
إن الشاعر ينتهز فرصته لتسجيل شئ ما ليُكوّن مركزَه الإستقطابي في مجموعته الشعرية ويحاول من هنا
تشطيب بعض العوارض التي تعيق النصوص (ثقافات قديمة – خيال تاريخي- تراث معين – قراءات مؤثرة … )أي تفكيك الخميرة العقلية والتخلص من إنبعاثاتها المفاجئة أثناء عملية خلق النص وهو مايؤدي الى رفع المهارة في التكنيك لتمتين صلات المفردات بعضها مع البعض ليأخذ النص شكلا إنسيابيا مُسيطرا عليه أينما ذهب الشاعر بتجواله سواء(تمنيت غير الأصابع خاتمة لليدين (أو) وغير اليدين على طرف العاصفة ) وهو إشفاق على النفس لأن وراءه أشياء أخرى يتمناها دون الإفصاح عنها ولعل إدراك ماوراء النص حالة ذهب اليها الشاعر ضياء الدين العلاق كي يفتح ممرا لخيارات متعددة في ذهنية المتلقي لتأسيس بيئة مشابهة تنسجم مع بيئة النص فهنا صورة مثيرة وهناك لغزغير معتم وهناك إشارة وتدرُج بالإشارات وكل تلك التي ذكرتها عبارة عن قنوات توصيلية لشئ ما وأعتقد أن الشاعر قد إستفاد من ذكائه فأجادَ مفهوم اللعبة في الشعرفي توزيع موسيقى الكلمات وفي المقاطع الشعرية التي تبنى من خلالها الومضة الشعرية وكذا في نصوصه المفتوحة في عالم واسع وكبيرضمن إرادته العاطفية ومجموعة مؤثراته الشعرية :
أين ترى..
مدائن الرّيحان والياقوت؟
قلت إقترب
لكنني وحيثما ألامس الطيفَ..
أرى أزقةً..
في إثرها الغراب والتابوت
بعد ذلك تنحو نصوص الشاعر بإستمرارية مختلفة من خلال التحول صوب مواضيع أخرى يحاول من خلالها تكثيف مايملك من المشاهد لتظهرالملامح القاسية لنصوصه المكثفة تلك المفردات التي تحمل هويتها التي تتطابق ووظيفة إستخدامها مثل (حي الملح-خفير الليل –أرض البور-خرابات الرقيم- طعم الطين-سراب الرمل- بريق الخيط – ذراع الغوث )هذا التشكيل من مفردتين وردَ في نص واحد فلنقس على هذا الإستخدام فكم ورد من ذلك التعانق اللغوي في نصوصه الأخرى والتي تشير الى المحنة وتشير الى الخراب والى الأوهام والأشباح والموتى ،
إن العالم غير منسجم أمام الشاعر وقطعا لن ينسجم أبداً وإن إنسجمَ سهواً لابد من إعادة تفكيكه ،ونعتقد أن
الشاعر قد عمل في مجموعته الشعرية وتحديدا ضمن هذا المضمون ،
هامش/مضافٌ إليّ/ مجموعة شعرية للشاعر ضياء الدين العلاق /إصدارات دار المدى للثقافة والنشر