23 ديسمبر، 2024 2:03 م

تفعيل الواقعة الإحالية بين إيحاء القصيدة وقصدية النص

تفعيل الواقعة الإحالية بين إيحاء القصيدة وقصدية النص

مباحث في شعرية عبد الرزاق الربيعي
على الرغم من إشكالية التغيرات النقدية التراثية السالفة

الذكر و جديتها الغير مأخوذ بها حداثويا ، و هذه التغييرات

النقدية التراثية كانت تقر و تنص حينذاك من إن علاقة النص الشعري لابد و أن تكون قياسا حاويا لجل المواصفات الأجتماعية المعيشة في الواقع اليومي . طبقا للمفهوم المادي

الماركسي للمادية التاريخية و نزاعاتها المشروطة في دخيلة كل أنتاج أجتماعي لاجذور له إلا من جهة المحسوسية المادية . تبعا لهذا التعليل من هيئة مفكرة النقدية التراثية القديمة ، يلزم على القصيدة أن تتحرك في فضاء مساحة أيقونية من الحادثة المعيشية المادية اليومية ككائن منسوخ في الصوت و الهوية و العلامة و الشرط و الروح و الكيفية الذاتية ، إذ بمعنى ما أن الشاعر لابد له أن يدون أصوات عجلات السيارات و اشارات علامات السير المرورية في الشارع و لابد له أيضا من أن يدون حجب و طبقات دخان أواعي قدور و أطباق أطعمة المأكولات في المطاعم الشعبية ،كما و يسجل حركة المارة عبر وتيرة حكاية حب عجائزية شفاهية مباشرة تنقل على لسان العجائز من على عتبات أبواب بيوتهن النائية

.. لا لا ليس هكذا صورة القصيدة ؟ ولا تسمح بذلك شاعرية الكلمات و المنطلق الأنشائي في الرؤية من تسجيل هكذا

( حدوتات !!) أنا شخصيا أعيب على ما قاله نقاد التراث حول الأنتاج الشعري و التفسير لكافة حالاته الموضوعية و البنائية و الفنية و المنظورية . بل هم في الواقع ليسوا بنقاد شعر بكل ما تقتضيه عجلة إدارة التسمية و آثارها الدراسية و الرؤيوية للنص الشعري إجمالا .. كما أن التحليل النفسي للشعر و النص الشعري في كافة أنساقه التشكيلية قد لا يتعدى مؤشرات أيقونة الأشارة و التلميح و قصدية تشظيات المشهد الإيحائي لموضوعة القصيدة .. على هذا الأساس تبقى مديات واقعة النص الشعري عبارة عن فورات زئبقية خاطفة من خطابية لا يدعمها سوى حسن التأويل و مقابلاته الإيحائية و الإحالية . أننا في هذه المقدمة المدخلية نود دراسة مكونات و مجالات و بنى و فضاءات عوالم شاعرنا الكبير ( عبد الرزاق الربيعي ) هذا الشاعر العراقي اللامع الذي أسهم الى حد بعيد في تدوين أنشط و أروع و أدق فلسفة البراعة الشعرية في دوائر تنصيصاتها المتفوقة في رسم مشهد جغرافيا القصيدة العراقية و العربية إجمالا و على مساحة دلالية تفردية من الرؤية و التطبيق و المنظور و المعالجة و الاشتقاق و المحاكاة و المرجعية .. و ليس كل ما قرأناه للشعراء حصرا من شعر و توصيف و حسية ، كما الحال في ما وجدناه في ما كتبه هذا الشاعر الفذ .. لا أحبذ الإطالة في مقدمة دراسة مباحث هذا المقال ، و لكن فقط أردت الأشارة تحديدا بالقول مني خاصة ، أن الكلام الجميل ماهو إلا صورة فائضة في كل بيئة حياتية و ذاتية و موضوعية و شيئية ، و لكن الصعوبة التامة تكمن في كيفية صياغتها حسيا في خطية من مشروعية الداخل و الخارج و كيفية الإيحاء بشرطيتها ،

أنطلاقا من أصواتها المرجعية المغيبة في كهوف مقابر النصوص و الدوال الحفرية اللامباشرة في صنيع التشكيل و العلامة الأنشائية الوافدة في بنية ملكة الدال المشهدي في شكله و مضمونه و فلسفة حياة مدلوله النصي .

( سيميائية الدال في شيفرة التبئيير التعليقي )

المبحث الأول :

لو تعرفنا على شكل الكتابة الشعرية لدى نصوص الشاعر عبد الرزاق الربيعي لوجدنا ثمة خاصية تفاصيلية عجيبة في تذويب الواقعة الإحالية بين إيحائية القصيدة و قصدية علامات النص الدوالية ، كما و في تذويب موضوعة التلقي الشكلي للنص عبر حدود محكى تفاصيل تأويلات الأمكانية الأخراجية الجاعلة من مادة الحلم الشاعري صفة ذات مؤشرات حادثية خاصة تشق لذاتها طريقا نحو لحظة جريان الحلم الشعري و التوصيفي على لسان شاشة تعليقات ملكات الشكل و المحتوى من زمن الدال الموجه في موحى أندماجي شيفري نحو محاكاة مرجعية تاريخية في جل بحوثها الاشتقاقية المستخلصة أصلا من جذور إجرائية واقعة نصية مصدرية التكوين و الإزاحة المرجعية . فعلى سبيل المثال و التدليل نقرأ مثلا هذه القصيدة :

عشية خروج القرن ( قصيدة : خيول المهلهل )

من حانة الألفية الثانية

تكون حرب البسوس

التي أندلعت عام 1961 بصرخة لا معنى لها

بكل خرائط هزائمها

بكل ما ثكلت الأمهات

من أحلام رضيع .

هنا بالرغم من الاشارة الصريحة الى موضوعة مرجعية و مصدرية من قبل حسية الشاعر في فكرة النص ، إلا أننا في الوقت نفسه نعاين أفق سلطة تبئير مادة ( الحلم ) في حدود سلطة إيحائية القصيدة و قصدية علامية علائقية أنساق التنصيص الدال في النص التي من شأنها الإفادة من مجالية موحيات تلك الواقعة التاريخية الى جهة التركيز نحو أظهار معادلة التداعي و التعليق الشعري و ذلك أستنادا الى صوت الشاعر / السارد ولاشك أن في آلية التمركز المحوري المتمثل في ( من حانة الألفية / خروج القرن / حرب البسوس / خرائط هزائمها ) ثمة إحالة واضحة في أصل حلمية أدلة استنباط الشاعر لمجمل استعادة الخلفية التصويرية في مرجعية شيفرة التبئيير الصاعدة من قوة حضور ( الأنا / الحلم / إيحائية القصيدة / قصدية النص ) وتواصلا مع هذا التوظيف لمشروطية النص نلاحظ حضور شكل هذه الترسيمة الأفتراضية منا ( الألفية الثانية + حرب البسوس = مقولة أدوات التبئيير / خرائط هزائمها = التصديق لصورة هيمنة الواقعة الوصفية / بكل ما ثكلته الأمهات = دليل = حلم / رضيع = أداة تموضع مؤشرية =استعادة = تذويب اتصال = معلن تشبيهي مخالف ) و هكذا يحصل الاتصال و الانفصال و تمظهر الحالة المرجعية عن وجهها الدلالي الأصلي و تكوينها الحلمي من جهة ما .

المبحث الثاني :

في ذاكرة أي شجرة ( قصيدة : الأخضر )

آلاف الشواهد

على هيئة ندوب سوداء

لأوراق صفراء سقطت

وحده الأخضر

يمسك بزمام الأمور

لذلك فم التاريخ

يتمضمض بكلمات خضراء .

أن السارد المثالي في مروى إيحاء القصيدة و قصدية النص

لا يستطيع دوما ان يتجاوز حدود طبقة التخالف في الوعي المرجعي أصلا إضافة الى أنه لا يخالف الرؤية الانشائية في رحم درجة زمنية المسافة الدلالية المرسلة بين المرجع و المحاكاة الواقعة في معالجة الحالة التبئيرية في حبكة النص . فالقارىء لقصيدة ( الأخضر ) حتما سوف يتنبه الى مستوى متغيرات الحالة الحضورية و الغيابية في زمن متوسط شيفرة الدال القصدي ( في ذاكرة أي شجرة = النقطة الأولى زمنيا /

آلاف الشواهد = ازدواجية مكرر الأصوات الأستشهادية / ندوب سوداء = اظهارية + حملية = توتر مساحة عرض = علامة إيصال = دليل = مرجع = توصيف / لأوراق صفراء سقطت = إيحاء استطرادي + مواصفات = منسوج علامي مشاكل الثيمة في المصدر / وحده الأخضر = معاودة دلالية في مغاليق الموقف الاشاري / يمسك بزمام الأمور = خصيصة اطلاقية في فسحة الاستشراف الأولي النابع من

فكرة التساوق و التوازي التبئيري / يتمضمض بكلمات خضراء / فم التاريخ = علائقية التموذج المرجعي مقابل حلمية الحالة الواصفة و الموصوفة ) الى حد بعيد تذكرنا هذه القصيدة بمقولة ( شتايجر ) في كتابه الكبير (أسس الشعر) و ذلك في قوله ــ أن ما يحفظ القصيدة من خطر التحلل و التشرذم ما بين المرجعي و صوت الأنا المحاكاة الحضوري في معالجة واقعة دليل النص هو ذلك التركيز و التكرار و المراجعة في وحدات الزمن الحاضر و الشاهد في رقعة درجات التوقع التبئيري الكامن في ضمير روح الفاعل الذاتي في أنسنة واقعة النص الشعري ــ . ولابد هنا من الأشارة الى أن قصيدة الشاعر الربيعي تؤسس للرؤية المرجعية صيغة ثنائية تتقاسمها إيحائية القصيدة و قصدية صوت التنصيص في علاقات دوال النص في كافة مناحي الحلمية الخطابية وصولا الى ترحيل المفارقة التوثيقية و الذاكراتية و التاريخية في اطروحة صيغة المتعدد الوصفي و الموضعي و في أطروحة أيضا تفعيل واقعة الإحالة بين مؤشرات القصيدة و أسئلة الشاعر الذاتية في تجريبية مناصات ذاتية لغة الأشياء في خطاب الدلالة .

المبحث الثالث :

حين أهترأت

ألواح سفينتنا المعطوبة ( قصيدة : السندباد )

و أسود الشفق

لملمنا أدمعنا

و رسائل من غرقوا

و تساءلنا

ــ أنزلنا بلدان ؟

أم أشعلنا في الليل مواقدنا

فوق ظهور الحيتان ؟

أن علامات الاستفهام الخطابي في دوال هذه القصيدة و مساحتها الكتابية من التعليق تسلط من جهة حركية القول الشعري نحو فضاء الصورة اللحظوية المحالة نحو شرطية الفضاء الأنسيابي في اطلاق الملفوظ . لذا نجد دلالتها ترتبط و تتجه نحو ( فضاء التخييل ) فالخطاب هنا يتوقف لالتقاط انفاسه التشكيلية وصولا الى ثيمة التمهيد الانفتاحي على صورة مدخلية فاعلية شعرية الارتباط بين تفعيل آلية الحلم و كاميرا الفاصل الحلمي المرتبط بجسور بلاغة فواصل تكثيف و محاور شاعرية الذهن الانتاجي في قلب دلالات الارتفاع بشعرية الواقعة النصية .

( تعليق القراءة )

يعشق جدي ( قصيدة : بيت )

صخب الأحفاد

بحوش البيت

طريق المسجد

حيث يؤدي الفرض به

تلو الفرض

و ينسى أثقال السبعين

أن السؤال الشعري التوصيفي في عوالم تفعيل الواقعة الإحالية بين إيحاء القصيدة و قصدية النص في تجربة عبد الرزاق الربيعي لا تستهدف في الحصول على الإجابة المعرفية بقدر ما تسعى الى كشف قابلية و فاعلية المرجع في دوائر حسية مبنى الداخل و الخارج من زمن القصيدة ، لذا نجدها بهذا الشكل و كأنها تقنية في الرؤية و حداثة السؤال و تمرين ناشط في دلالة عنوانية الاستمرارية و الديمومة في هواجس الذاكراتية و المرجعية و الحلمية وصولا الى القيمة التعبيرية و التشكيلية و السيميائية الفائضة في مساحة استقلالية التجربة الشعرية الكاملة في مخزون النص الشعري.