قالها نابليون بونابرت ” الديكتاتور هو الحاكم الذي يبدو أنه حائز لثقة الأمة و تأييد الرأي العام حتى قبل سقوطه بدقائق معدودة ” .
واذا كان ماقاله نابليون يصدق على بلد فإنما يصدق على العراق ، حين تجسد قوله حرفيا على رئيس إقليم كردستان المنتهية ولايته منذ عامين ، مسعود بارزاني، و الذي كان والى فترة ما قبل الاستفتاء في 25 ايلول الماضي ، القائد المحنك والزعيم والمجاهد اﻷقدم ، باني مجد كردستان ونهضتها ، الحليف القوي لبغداد ، داحر الارهاب ، مصدر- لبن أربيل والكباب – ، لينقلب المديح المفرط الى ذم مقذع وبنفس الحدة فجأة وبدرجة 180 ويصبح بنظر الوسائل الاعلامية ذاتها ، اللص ،سارق الـ 55 مليار دولار وحقول النفط وحليف اسرائيل ، مفتت وحدة العراق، حاضنة الموساد ، كاتم أنفاس الصحافة ، مع مطالبات بإلقاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة عن عشرات القضايا المرفوعة ضده ، وكذب ارسطو حين زعم بأن ” في الديمقراطية،يمتلك الفقير سلطة أكبر من الغني لأن الفقراء أكثر عدداً،ولابد ان تسود إرادة الأغلبية”ذاك الفقراء وان كانوا اﻷكثرية ، إلا أنهم اﻷقلية – صندوقيا وأصبعيا -ﻷن الحناجر المبحوحة المصابة بفقر الدم والهزال الحاد بسبب الجوع ستشترى وتباع في سوق النخاسة بدءا من الدعايات الانتخابية العابثة بمزاج الشارع والمداعبة لهواه وتطلعاته – زيفا – وبملايين الدولارات والمدافئ والبطانيات والخيام وإنتهاء بالعبث بصناديق الإقتراع أو تزوير نتائجها ، ﻷن ( الفالصو ..قراطية) في البلاد التي لاتؤمن بها واقعا تعني وببساطة ” ضرب الشعب بالهراوات بواسطة الشعب لصالح الشعب” ، على حد وصف الروائي والمسرحي الانكليزي ، أوسكار وايلد !
وعلى ذكر التفخيم الذي يعقبه التقزيم المعتاد وأنا متابع يومي لمواقع معظم المؤسسات والدوائر المحلية تقريبا ، وجلها وﻻ أقول كلها تبدأ مضمون أخبارها – أي خبر يخص أنشطتها – بحرف الجر مع أنه خطأ فادح في تحرير الخبر الصحفي ، ﻷن الخبر يجب أن يبدأ بفعل بخلاف العنوان الذي يجب أن يبدأ بإسم ، بعلمهم أو بجهلهم بذلك إلا ان إشكالية الثناء والمديح على الرئيس تدفع بالمرؤوسين المهووسين الى إرضاء – الشيف – الطامحين ببركاته وإن كان بمخالفة كل اﻷعراف والتقاليد لعل القائد يرضى ولن يرضى ، لعله يكافئ ولن يكافئ ، لعله يثني ولن يثني، يعاقب نعم من باب الشر يعم والخير يخص ، يكافئ ﻻﻻﻻﻻﻻ …إﻻ أن (اللواكة) أبت أن تفارق أهلها كما الحماقة وأعيت من يداويها !!
فمعظم الاخبار تبدأ بالاتي: ” برعاية فلان بن فلان انطلقت الحملة الكبرى لتنظيف …بتوجيه مباشر من فلان بن علان قامت المؤسسة العامة بإعادة تأهيل .. بإشراف علان بن علان تم تدوير النفايات ونحو ذلك واﻷمر كله ليس بحاجة الى هذه المقدمات ﻷن ما تقوم به المؤسسة من انجازات وفعاليات ونشاطات إنما هو مجير بالمحصلة النهائية لقائدها كما في العرف العسكري ” الوحدة بقائدها ” فهو الوحيد الذي سيحصل في نهاية المطاف على نوط الشجاعة ووسام الشرف والاستحقاق العالي والسوبر والاولدز وقطعة الارض ومايقابلها اليوم من استحقاقات ﻻتحصى فيما البقية الباقية – من ولد الخايبة – مجرد أرقام ومستشفيات وعشوائيات وبسطيات وإستقطاعات وعقوبات وووووو مقابر !
وأسأل محرري تلكم اﻷخبار “هل تحتاج ، أو هل سمعتم ، بأن مؤسسة عملاقة كبرى حول العالم قامت بإختراع جديد مذهل دبجته بـعبارة “بتوجيه مباشر من ،مارك زوكربيرغ ، قامت شركة فيس بوك ، بتطوير برنامج x ، برعاية تيم كوك، قامت شركة ابل بإطلاق هاتفها الذكي الجديد y” .
لم نسمع ﻷن مدير المؤسسة هو ربانها وبالتالي فإنه ليس بحاجة الى زج إسمه بكل شاردة وواردة ولو كان إختراعا جديدا ، فما بالك بإحتفالية بائسة تقام في قاعة بلا تهوية وﻻ كهرباء وﻻ ماء صالح للشرب لتكريم عدد من المبدعين – هذا إن كانوا مبدعين فعلا وليسوا من أقرباء المدير وأصدقائه المقربين – بـ ” سيت اقلام جاف ” وحقيبة ديسبوسيبل تم شراؤها بأضعاف سعرها لتكريمهم !!
شخصيا أحمل مسؤولي هيئات وشعب التحرير – اللوكية – مسؤولية هذا التحرير – الكسيف – وأضيف ” أن كل خبر يبدأ بـ ” برعاية ” فإعلم بأن “الشيف ﻻيعلم عنه شيئا وﻻيريد ان يعلم عنه شيئا قط ﻷنه في سفر الى خارج العراق أو في اجتماع مهم وهو مشغول حاليا بقضايا أكبر بكثير على المستوى الشخصي أو المؤسساتي والدليل انه لو كان حاضرا ومتفاعلا مع الحدث لقيل ” بحضور فلان بن علان أو نائبه ، أقيم الاحتفال السنوي ولما قيل برعاية !!!
الرعاية تكون للشركات أو المنظمات أوالجهات الداعمة التي تتولى الإنفاق على مهرجانات ومؤتمرات وبرامج لمؤسسات أخرى لذكر فضلها وتأكيد حضورها أولا ولعمل دعاية إعلانية لها مدفوعة الثمن ثانيا ، أما عن رئيس ذات المؤسسة فلا يقال ﻷنشطة مؤسسته برعاية ﻷنه الرئيس الذي يقود ويوجه ويصوب ويجتمع ويرعى الكل وهو ليس بحاجة لأن يخصص له منجز نمو ورعاية خروف واحد أو بضعة خرفان بين القطيع ﻷن ” ابو مهاوش” يمتلك قطيعا من 3000 رأس والكل تحت إمرته ورعايته والتخصيص هنا يعني انه – فشنك – وبحاجة الى التذكير بإنجازاته أو فبركتها له على الدوام مهما صغرت للحيلولة من دون الإطاحة به داخليا ولإثبات أنه يعمل بجد ونشاط ولو على مستوى رعاية حفل صغير في دائرة صغيرة بقرية مجهرية مليئة بالنفايات مع إنعدام الخدمات فيها والحياة”.
وﻻشك أن مايجري في إعلام المؤسسات هو أنموذج مصغر لما يحدث في إعلام الساسة المسيس و المذبذب بين المدح والذم ، بين التقزيم والتفخيم ، لعل الشيف المقدس قبل إعتزاله أو قبيل عزله مدنسا ..يرضى . أودعناكم اغاتي