تفجير الكرادة هذه الفاجعة التي ستبقى عالقة في ذهن كل عراقي ، ذلك الذهن الذي يحتفظ بخزين هائل من (المآسي ، المحن ، الآلام ، الأحزان ، الكوارث ، الأنفجارات ، الأغتيالات ، سبايكر ، سقوط الموصل ، وداعش …) ، هذا التفجير الذي راح ضحيته المئات من الشباب ، النساء ، الاطفال والشيوخ ، هذه الكارثه جعلت من العيد يمر على العراق وهو حزين ، وخجول جدآ من مجيئه خصوصآ بعد عدم استقبالة والترحيب به والفرح بقدومه ، من قبل ابناء الشعب العراقي كـافه الذين تضامنوا مع شهداء الكرادة ، كل محافظة ، قضاء ، ناحية بل وحتى القرى اعلنت الحداد و وقفوا وقفة تضامنية من اجل شهداء الكرادة ، وهذا ما فعله ايضآ ابناء شعبنا المغتربين ببقاع العالم ، وكعادة الحكومة فأنها عاجزة تمامآ عن مواجهة ما حصل واكتفت بتصريحات عشوائية ، واعمال لا طائل منها سوى تضييق الخناق على المواطن من خلال اغلاقها الشوارع بعد وقوع اي انفجار ، اما موقف رئيس جمهوريتنا فكان مشرف جدآ فقد كان قريب من شاشة التلفاز في لندن – حسب ما تناقلتهُ بعض وكالات الأنباء – ليشاهد ابناء شعبه وهم متفحمين . لقد حان الوقت ليعلم كل عراقي ان لا داعي للوقفات الأحتجاجية والتضامنية من أجل الدول العربية وغير العربية ، كفى تمجيدآ بأيران والسعودية والبحرين والقدس ، هل وقف شعب البحرين او السعودية وقفه تضامنية مع شهداء الكرادة ؟ علينا تفهم ذلك جيدآ انه لن يقف احد معنا في حربنا ضد الأرهاب والفساد ، ولن يساهم أحد ببناء العراق ، فكما نتشاطر الأفراح والأحزان معآ كأخوه ، يجب ان نساهم بالبناء و وقفاتنا التضامنية والأحتجاجية تكون بأسم العراق ولإجله فقط . وأنا اتصفح في المواقع الألكترونية الأخبارية ، كذلك اثناء تجوالي في شوارع وأزقة “الفيسبوك” بحثاً عن أخبار جديدة أو معلومات متحصلة بشأن التفجير ، شاهدت صور لإشخاص مشتبه بتورطهم بعملية تفجير الكرادة ، الصفحات التي تناقلت هذه الصور غير رسمية وغير موثوقه لذلك شرعتُ بالبحث من جديد عن شيء اخر ، قرأت خبر أخر “استقالة وزير الداخلية محمد الغبان” لا يهم ، ماذا ستضيف اسقالة الغبان لعوائل الشهداء والضحايا ؟ لا شيء .
كذلك تناقلت المواقع الالكترونية قصص لإبطال انقذوا الكثير من الضحايا ، وصور تقشعر لها الأبدان وتبكي عليها كل عين ، وصور اخرى يغلب عليها الطابع الأنساني البحت أنها صور التعاون من أجل انقاذ الضحايا ، صور ذوي الشهداء ، صور اشعال الشموع ، صورة شخص يحتضن أخته الصغيرة التي جاءتْ معـه
ليشتري لها ملابس العيد ، محاولآ حمايتها من الأنقاض التي تساقطت فوق رأسه ، لكن شاءت أرداة السماء ان يكون موتهم بهذا اليوم . من بين كل هذه الأخبار أستوقفتني هذه الحملة وهذا الهاشتاك #مسلمون_بلا_مذهب ( اسمي فلان اعلن التبرؤ من اي معتقد او مذهب او طائفة ولا انتمي لإي مرجعية ولا يمثلني اي حزب او سياسي انا امثل العراق فقط ) كالعادة اندفع الشاب العراقي لهذه الحملة وفاءً لشهداء الكرادة ، بدون أن يعرف الكثير منهم ماهية المعتقد والمذهب والطائفة ، كان على الشباب قبل نشر هذه الحملة التي لها ابعاد خطيره ، ان يتوقفوا قليلاً ويراجعوا انفسهم من اجل تفسير ماهية المعتقد والمذهب والطائفة ، فمن حق كل انسان ان يكون لـه معتقدات خاصه به ، ومذهب وطائفة يتبعها ، وفق مبدأ التعايش والأنسانية ، فالمذهب في اللغة : هو الطريق والسبيل ، وفي الأصطلاح هو مذهب العالم سواء كان في العقيدة او الفقة او في اصوال الفقه وفي اصول الحديث ، او في اللغة العربية او غيره من العلوم الشرعية ، لذا كيف يسير المرء من دون ان يعرف الطريق والسبيل ؟ اما الطائفة الدينية فهي مجموعة فرعية تنتمي لدين معين وتتميز ، بأسم محدد ولها تقاليد وهوية مستقلة . كيف يمكن ان نتخلى عن طائفتنا ؟ هذه الطوائف التي نشأت على مدى فترات زمنية طويلة وببطء ، لإسباب جغرافية وتاريخية وثقافية ولإسباب تتعلق بالمجموعة المنشئة للطائفة الجديدة ، حيث يكتشف اعضاء هذه المجموعة بمرور الزمن، انهم يختلفون مع اصحاب الدين الذي ينتمون الية ، بجملة من المعتقدات والأفكار والاخلاقيات والفلسفة لذا يلجأون لإنشاء طائفة جديدة . ولو افترضنا جدلاً ان المرء تخلى عن مذهبه وطائفته ، هل يستطيع ان يتخلى عن معتقده ؟ حيث ان المعتقدات هي الاشياء التي نؤمن بصحتها ، والمعتقد كما عرفه البعض على انه المجموع العام للإجابات التي تفسر علاقة البشر بالكون ، فلو أنك اعتقدت انه يمكنك ان تكون طبيباً ناجحاً ولديك ما يؤهلك لتحقيق معتقدك ، فستكون كما تعتقد ، هذا هو المعتقد فكيف يعيش الانسان بدون معتقدات ! حتى الملحد بتعريفة البسيط هو الشخص الذي (يعتقد) بعدم وجود إله . ان التخلي عن المعتقد والمذهب والطائفة امر سلبي لأنه يؤدي الي نتيجة خطيره تدفع الاخرين بالقول ، بعدم قدرة الشعب العراقي على التعايش السلمي ، وان العراقيين عبر تاريخهم وحضاراتهم المختلفة هم اهل التعايش والمحبه ، والشواهد التاريخية مليئه بالعديد من النماذج التي تشهد على ذلك ، ان المطلوب هو التخلي عن كل حزب وسياسي وعدم وصف فلان بالخط الاحمر ، والانسياق وراء رغبات الاحزاب التي اوصلتنا الى ما نمر به ظروف مأساوية .
والعراق من وراء القصد ، كما قالها الاستاذ (عدنان الفضلي) اقولها انا ، في الختام اسأل من الله الرحمة لشهدائنها والخلود لذكراهم .