المقايضة أسلوب تفرضه الضرورة ولا تفرضه القناعة ولذلك لاتعتبر تأسيسا لوحدة وجود صحيحة في العراق ومثالها ماحدث بين ألاقليم والمركز بصورة دفع ” 500 ” دولار الى ألاقليم مقابل قيام ألاقليم بتسليم المركز ” 150 ” ألف برميل نفط يوميا من أصل “400 ” ألف برميل يوميا هو أنتاج ألاقليم والذي يجب أن يكون حسب نص الدستور تحت تصرف الحكومة الفدرالية بأعتبار النفط والغاز ثروة الشعب العراقي , فهذه الخطوة هي مقايضة غير دستورية ستظل تشكل ثغرة في عمل مؤسسات الدولة الفدرالية وفي علم الجيوسياسية أقتصادية يجب تلافيها , بينما يأتي تفجير أربيل ليؤسس لوحدة الوجود العراقي بناء على معطيات العقل التركيبي التراكمي , وليس بناء على تداعيات العقل القطعي ألاجتزائي السائد في المشهد العراقي وفي المنطقة الذي ينظر لداعش من خلال المساحة الجغرافية التي تمدد فيها بدون مرتكزات حيوية ضامنة لبقائه , وتنظر لخطاب أبو بكر البغدادي ألاخير الذي دعا الى تحرير الحرمين من سلطة أل سعود والتمدد في مناطق كثيرة على أنه خطاب أنتصار عقائدي يدغدغ مشاعر الشباب الشيشاني مثلما يدغدغ مشاعر الشباب الوهابي السعودي المندفع بعقل قطعي أجتزائي أسسه العقل القطعي ألاجتزائي عند أبن تيمية في القرن الثامن الهجري وهو العقل الذي رد عليه علماء أهل السنة والجماعة وكان للفقيه المصري عطا الله مساجلة عقلية فقهية مع أبن تيمية أظهرت عجز وتصاغر أبن تيمية تجاه العقل المرجعي لآهل السنة والجماعة الذي سعى جادا لتطويق ظاهرة أبن تيمية لما تمثله من أستنساب غير برهاني يخلو من الحجج والبينات القرأنية ويستعجل تفسيرها بالقفز على الدليل وطمس معالم ألالفاظ ودلالاتها في أستنتاج الحكم الشرعي نتيجة مخالفة واضحة للعقل ألاصولي وهروب من معاني اللغة العربية وأصطلاحاتها التي تشكل مرتكزات التفكير التي تقوم عليها المفاهيم التي تظل ثروة العقل التركيبي التراكمي .
أن تفجير أربيل يمثل توأما لتفجيرات بغداد وكركوك وألانبار وصلاح الدين ونينوى , وهو في دلالاته يعني أن الوجود العراقي بغض النظر عن مسمياته هو المستهدف من قبل عصابات ألارهاب التكفيري , فألاخ مسعود البرزاني في العراق والمناضل عبد الله أوجلان في تركيا , والسيد حسن نصر الله والبطرك الراعي في لبنان , وعبد الملك الحوثي في اليمن , وأياد علاوي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وأحمد أبو ريشة ورؤساء عشائر أل بونمر والجبور وبعض رؤساء عشيرة الدليم وشمر وعنزة وطي , وعمار الحكيم , ومقتدى الصدر كلهم مستهدفون من قبل تنظيم داعش والجماعات التكفيرية التي أنقضت حتى على من يعمل معهم ولكن بولاءات تختلف عنهم مثل جمال معروف الذي أضطر للهرب أخيرا من حلب الى تركيا لآن أمريكا أعتبرته من المعارضة السورية المعتدلة حسب رأيها , أمام هذا المشهد الملتبس والمعقد والضبابي لجهة العقل القطعي ألاجتزائي , والواضح والمفصل عند العقل المركب التراكمي لابد لنا في العراق من أنهاء ألاشتباك اللفظي الضبابي ألاجتزائي وألانتقال الى خيارالعقل المركب التراكمي الذي يضع ألامور في محلها على قاعدة تعريف العقل ” وضع الشيئ في محله ” كما قال ألامام علي بن أبي طالب “ع” وعند ذلك يتضح لنا : أن عدم تسليح الجيش العراقي تقف وراءه نوايا تدمير الدولة العراقية وحل الجيش العراقي بعد 2003 , وأن مقولة تهميش السنة تقف وراءها نظرية الطوق النظيف الصهيونية التي تسعى جاهدة لآشعال نار الفتنة بين الشيعة والسنة , وأن معسكر بوكا في جنوب العراق كان مشروعا لتجميع البؤر ألارهابية التكفيرية وأعطائها فرصة النمو والتحرك ولذلك تخرج المسمى ” أبو بكر البغدادي ” من سجن بوكا عام 2008 ليكون بديلا لآبي مصعب الزرقاوي الذي قتله ألامريكيون في هبهب من مناطق ديالى عام 2008 , وهذه التواريخ وألادوار لم تكن تحدث صدفة وأنما يقف ورائها عقل يخطط ويطبق بعيدا عن الضجيج وهذا هو العقل المركب والتراكمي الذي يستذكر ويستفيد من خبراء بريطانية في العراق بعد أحتلاله عام 1917 م ومن خبراء فرنسا في لبنان وسورية والجزائر ومن خبراء أيطاليا في الصومال والسودان أيام ثورة ملا حسن عبد الله عام 1919 م والتي أستعملت فيها الحرب الجرثومية ضد الثوار العرب لآول مرة , وهذا التعاون من قبل أصحاب العقل التراكمي ظهر واضحا عند دخول أمريكا لآفغانستان لمحاربة الروس في ذلك الوقت فقد أرسل الرئيس ألامريكي ريغان على مسؤول المخابرات الفرنسية السابق وسأله عن عملية تمويل القوات ألامريكية في أفغانستان فاشار عليه بأستثمار زراعة الحشيشة والمخدرات في أفغانستان فصفق ريغان فرحا لمعرفة الحل كما فرح نيوتن لاكتشاف الجاذبية عند رؤيته لسقوط التفاحة ؟
أن مايسمى بالتحالف الدولي لمحاربة داعش وضربه ضربات جوية في سوريا والعراق هو عبارة عن أعتراف بعدم شرعية مايسمى بثوار سورية والذين ظهروا بأنهم جماعات أرهابية , وهذا الشيئ نفسه يسفه ويسقط منطق الذين كانوا يقولون في العراق لاتدخلوا الجيش في المدن , فهذه أمريكا تسعى جاهدة لآعادة أدخال قواتها البرية الى العراق بحجج وذرائع مختلفة , وهو في نفس الوقت أسقاط لمنطق الذين يحلو لهم تصوير ماحدث في الموصل والرمادي وتكريت وديالى وكركوك على أنه نتيجة ظلم الحكومة وأخطائها , ونحن نقول ونكتب دائما عن أخطاء الحكم ونرفض الظلم الذي يتعرض له كل أبناء الشعب العراقي من الموصل الى البصرة مرورا بمحافظات الوسط والشمال والجنوب , ولكن الظاهرة ألارهابية التكفيرية وجدت قبل وجود الحكومات الحالية في كل من سورية والعراق ومصر ولبنان وليبيا وتونس والمغرب واليمن , لذلك ليس صحيحا تفسير الظاهرة ألارهابية التكفيرية تفسيرا جزئيا طائفيا فهذا مما يعطيها المبرر لعملها ويساعدها على أجتذاب ميول بعض الشباب الذين وقعوا في فراغ فكري لاسيما الذين يعيشون في أوربا , أما الشباب في بعض المناطق العربية وألاسلامية فهم ضحايا الفقر والجهل الذي تقف ورائه أنظمة الحكم في المنطقة التي همشت المواطن وأفقدت الدولة صفتها القانونية وجعلت الحكومة تعيش أنفصاما مع المواطن الذي ظل ينتهز الفرصة للتمرد عليها بغض النظر عمن يصنع الفرصة , ولذلك أصبحت الفرصة هذه المرة مشتركة بين أمريكا والصهيونية وألارهاب التكفيري ” داعش وجبهة النصرة والقاعدة ” وأصبح الظواهري والبغدادي والجولاني يتنافسون على ولاء مصطتع لايملكون القدرة على مزاوجته مع مرتكزات الحضارة لذلك أكتفوا بالمشاغبة والمشاغلة ألاعلامية وهو طوفان مؤقت حالما تبلعه ألارض وترفضه السماء .