تحليل يستند إلى وقائع وفق عدة معطيات تؤكد ذلك:
لكن قبل الحديث عن أخر التطورات التي شهدتها لبنان مؤخرا لابد أن نستعرض بشكل موجز إشكالية العنف السياسي في لبنان وتداعيات النزاع الإقليمي والدولي وأثره على الوضع السياسي في لبنان.
لم تكن لبنان البلد الوحيد الذي تعرض لانعكاسات الصراع الإقليمي والدولي، فقد عاش المشرق برمته فترة طويلة من عواقب سياسة القوة والعنف السياسي التي أفرزتها تداعيات المواجهة في الخمسينات بين القومية العربية والهيمنة الغربية، في اضطرابات لم تستثني أيا من الدول في المنطقة. حيث كانت لبنان في خضُم هذه التطورات التي حصلت على الصعيدين الإقليمي والدولي، فسياسة الأحلاف الغربية وإعلان دولة إسرائيل مع بروز الناصرية، بالإضافة إلى عوامل خارجية أخرى، حددت علاقات قوة إقليمية انعكست بصورة سلبية على الوضع في لبنان، والتي كرست الانقسامات الطائفية فيها. لكن ما يُميز لبنان عن الدول المجاورة، هو أن الأصداء الداخلية للسياسة الإقليمية، لم يقتصر تأثيرها على الخيارات الحكومية، بل شملت مسألة التوازن في البلاد. فكان الخلاف والإخفاق في الاتفاق على الهوية الوطنية، حمل مختلف مكونات الجسم السياسي اللبناني، وبالتالي انعكس ذلك على اتخاذ القرار المناسب المستمد من مرجعتيه الخاصة. وتمثل مسألة عروبة لبنان وعلاقتها مع الغرب، والخلاف بين السُنة والشيعة رمز الخلاف على الهوية الوطنية، ورهان علاقات القوة الداخلية.
ونتيجة لهذا انعكست حالة اللا حرب واللا سلام، أو شبه الحرب أو شبه السلم على اللعبة السياسية في لبنان، من خلال تبلور أزمة تميل دائما إلى إعادة إنتاج نفسها، عبر العديد من التناقضات التي تُغذيها، كان أبرزها النزع في الشرق الأوسط وخصوصا الصراع الإسرائيلي-السوري، واجتياح إسرائيل للبنان عام 1982، الأثر الخطير الذي يُلخص مختلف العوامل التي ساعدت في بلوغ التطرف والعنف السياسي في لبنان إلى أقصاه. بعد أن اعتبرا طرفي النزاع السوري والإسرائيلي أن الساحة اللبنانية موقع استراتيجي بالنسبة لهما. في الجانب الآخر، كان لانتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 ووصول الخميني للحكم، الأثر الكبير على المشهد السياسي اللبناني، بعد تأسيس حزب الله اللبناني، ليكون الذراع العسكري للقوى الشيعية اللبنانية. ومنذ اغتيال الحريري، سيطر على السياسة اللبنانية تحالف 8 آذار المدعوم من إيران، وعلى رأسه حزب الله.
وتأسيسا لما تقدم” سيطر حزب الله على الساحة اللبنانية وتحديدا المشهد السياسي، من خلال غطاءين أولهما غطاء شرعي يتمثل في مشاركته بالسلطة واحتكاره القرار السياسي، والغطاء الثاني المتمثل بالدعم الإيراني علنا والصمت الدولي الذي بات واضحا جدا”.
فالدول الكبرى وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية تعرف كل شيء عن الانفجار والمواد المتفجرة، وتعلم بأنه انفجار مفتعل، ذلك الانفجار الذي سعى من خلاله حزب الله أن يطمس الحقائق، ويضع إسرائيل في الفخ، وفي الوقت نفسه إن الحكومة اللبنانية تعرف جيدا أن حزب الله صاحب المادة المتفجرة وأراد الحزب نقلها إلى مكان آخر وبحسب حاجته إليها. ومن خلال قراءة الاحداث نصل إلى حقيقة مهمة جدا مفادها” إن حزب الله حاول نقل المواد المتفجرة من نترات الأمونيوم من المرفأ إلى مخازن ومخابئ خاصة به، والانفجار جاء مفتعلا لتغطية على ما تم نقله من كمية كبيرة من هذه المواد، وكذلك لطمس مصدر استعماله”.
ومن هذا المنطلق، فلا يُستبعد قيام حزب الله بوضع صواعق تفجير عن بعد مع استثمار وجود الطيران الإسرائيلي في أجواء بيروت في نفس اللحظة، لكي تكون إسرائيل في دائرة الاتهام المباشر.
وبلا أدنى شك أن أمريكا لديها كل المعلومات عن هذه المادة المتفجرة، آلاف من (نترات الأمونيوم) التي يستعملها حزب الله في الصواريخ منذ سنوات، وكيف وصلت هذه الشحنة من المصدر وهي (جورجيا) عن طريق سفينة نقل روسية، وكذلك تعرف أمريكا أماكن تخزينها وتسريبها منذ تفريغ الشحنة في لبنان.
إذن فالعملية محبوكة وذكية، وأول دولة تحاول طمس الحقيقة هي فرنسا، وقد تعطي فرنسا الضوء الأخضر لمنع قيام أي تحقيق دولي وغلق الملف، وذلك باتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وبالتأكيد فإن هذه العملية التي لا تبتعد كثيرا عن إيران، بل ألف باء السياسة يؤكد أن العائدية والمالك لهذه التفجيرات يعود لإيران، وإن إيران وراء كل هذا الإرهاب والعالم كله يعرف. ومن هنا” ستستغل إيران قضية صواريخ حزب الله في عقد اتفاق مع أمريكا والغرب، وسيكون موضوع الصواريخ على رأس بنود الاتفاق”.
الجدير بالذكر وتأكيدا لما ذكرناه آنفا:
إن الولايات المتحدة الأمريكية لديها معلومات كافية حتى في العراق تعلم جيدا أن هناك مصنع صواريخ تابع للحشد الشعبي في منطقة معسكر الرشيد. والأكثر من ذلك، أن أمريكا سمحت لإيران أن تنقل (3000) جهاز طرد مركزي من العراق إلى إيران بعد الاحتلال مباشرة، بالإضافة إلى سرقة كل معدات التصنيع العسكري العراقي.
من دوافع حزب الله في ارتكابه الجريمة الفضيعة , ايصال رسائل عملية سوف افصلها .
1_ رسالة للشعب اللبناني مفادها , لبنان لنا ومن لا تعجبه سلطتنا عليه ان يرحل بظوع اختياره مهجرا أو نحرقه .
رسالة للعرب , مضمونها لدينا القوة بما يكفي أن نحرق كل لبنان وهذه مقدمة فقط لتكون عربون صمتكم وتحسين سلوككم مع ايران أو نفعل في عواصمكم ومصالحكم الأسوء .
رسالة لإسرائيل وهي الأهم بين رسائل التفجير , نحن نمتلك كل ما يؤهلنا في توازن الرعب معكم , وهذه التجربة العملية للاحاطة بعلمكم , وسيق لحسن نصر الله أن هدد اسرائيل بضرب حاويات في حيفا تتكدس فيها كميات من نترات الامونيوم تكفي لاحداث تغجير يعادل ضربة نوويه , وكان ذلك التهديد علنا عبر وسائل الاعلام وهذا التفجير هو تأكيد عملي لتهديده المعلن .
رسالته الاخيرة للعالم , ان يحسب العالم حساب ايران في وضع موازين القوى على الساحة الاقليمية والدولية وبأن زوال مفاعل نطانز الايراني لا يمنعها من بدائل تمتلك ما يوازي القنبلة النووية , كما يجب الذهاب الى مفاوضات لتسوية مشاكل العالم مع ايران مباشرة وحساب دورها الاقليمي على ارض الواقع
اذا لم يكن هذا الانفجار مفتعلا ومقصودا من حزب الله فهو اكبر ضربة حظ لانقاذ ايران من وحل تورطها وانهيارها على الصعيد الداخلي والخارجي .