قبل كل شيء يجب أن نبين بأن السؤال ينبغي أن يكون من شقين وهما:
هل هيئت الحكومة الاتحادية الظروف المناسبة لنقل الصلاحيات وفقاً للمدة الزمنية المقررة في القانون؟
الجواب كلاً لم تفعل، لأنه لم يكن لديها نية-سواء في رئاسة المالكي أو رئاسة العبادي- حقيقية لنقل الصلاحيات.
حيث كان من المفروض وفقاً لما جاء في نص المادة (45) من قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم (21) المعدل أن يتم: ذكرنا نص المادة في كاملاً في المقال الأول:
1-تأسيس الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات، وقد تم تأسيس الهيئة ولكنها عقدت اجتماعات قليلة ولم تباشر عملياً بنقل الدوائر الفرعية والأجهزة والوظائف والخدمات والاختصاصات التي تمارسها وزارات (البلديات والأشغال العامة، الإعمار والإسكان، العمل والشؤون الاجتماعية، التربية، الصحة، الزراعة، المالية ، الرياضة والشباب) كما المفروض وفق لنص المادة، وإنما استمرت في مناقشة تعديل القانون والجدل حول الإمكانية من عدمها.
2-وضع الدوائر والوزارات في صورة الحدث من ناحية الاستعدادات والتدريب وغيرهما وهذا لم يتم أيضاً.
3-اعتماد النقل التدريجي للصلاحيات بحيث تكون الصلاحيات قد نقلت بتاريخ 6/8/2015، وهذا لم يتم أيضاً وبدلاً منه كانت الحكومة الاتحادية بانتظار هذا التاريخ لمعرفة ردود أفعال المحافظات والسعي للتخلي عن الفكرة.
4-تهيئة القوانين أو التعليمات متعلقة بالموضوع، ولم يتم ذلك إلا مقترح التعديل الثالث والذي عُدل عليه كثيراً في الاجتماع مع المحافظات قبل أيام قليلة من انتهاء المدة ورحل بعدها إلى مجلس النواب ولم يتم إقراره بعد.
الخلاصة إن الحكومة الاتحادية لم تفعل أي شيء-تقريباً- يهيأ ظروف نجاح نقل الصلاحيات ولم تحرك أي خطوة إيجابية-عملياً- بهذا الاتجاه.
نعود إلى الشق الثاني من سؤالنا-وخاصة بعد هذه المعلومات التي ذكرناها عن موقف الحكومة الاتحادية- وهو “هل المحافظات مستعدة لنقل الصلاحيات إليها؟”
الجواب نعم ولكن بشروط.
كيف؟
نقل الصلاحيات لا يعني إلا التالي: سنذكره باختصار ونفصل فيه في مقالات لاحقة:
1-فك ارتباط الدوائر من الوزارات وربطها بالمحافظات إدارياً وقانونياً ومالياً مع بقاء عملها السابق نفسه.
2-تكون الحكومة المحلية (مجلس المحافظة والمحافظة) هي المسؤولة عن اتخاذ القرارات كافة.
3-تتوسع مسؤولية الحكومة المحلية فيما يتعلق بهذه الوزارات فقط وباقي الوزارات يبقى العمل على حاله.
4-لن يكون النقل دفعي خاصة في الجانب المالي وفي الصلاحيات التي يتطلب نقلها تشريعات جديدة.
والقول بإمكانية المحافظات لا يعني ضمان نجاح التجربة، ولا يعني عدم الحاجة لدعم الحكومة الاتحادية.
فرغم استعداد المحافظات مبدئياً إلا عن الموضوع تحدي كبير ويتطلب دراسة وخطة عمل لضمان النجاح وانعكاس ذلك على الخدمات المقدمة للمواطن وعلى الوضع الاقتصادي في البلد.
وعلى المحافظات اللجوء إلى الكفاءات والمكاتب الاستشارية المختصة خاصة في الجانب المالي لخطورته وإشراك أكبر عدد ممكن من الكفاءات في هذه العملية.
نعم سيكون هناك فرق بين محافظة وأخرى بكل تأكيد لاعتبارات كثيرة، ولكن الموضوع سيكون محل تتنافس إيجابي وسيحرك الكثير من الطاقات المهدورة أو المنسية.