6 أبريل، 2024 10:56 م
Search
Close this search box.

تفاصيل اغتيال الخوئي – رواية الشاهد معن فياض

Facebook
Twitter
LinkedIn

أبادر إلى القول بأني لست معنياً بالدفاع عن السيد رضا السيستاني ولست مهتماً بتبرئته من تهمة اغتيال السيد عبد المجيد الخوئي , كما إني لست معنياً بملاحقة قتلة الخوئي فتلك مهمة قام بها القضاء العراقي وأوشك على إتمامها لولا تدخل بعض السياسيين , ولكني كحقوقي وككاتب وكمواطن معنيّ بالتصدّي كسائر العراقيين الملتزمين بقضايا بلدهم , لتلك القوى التي تسلطت على العراق عقب احتلاله وقامت مجتمعة ومنفردة بتخريبه والتآمر على سلامته ووحدته , و التيار المقتدائي بلا شك واحد من أسوأ تلك القوى .                                                                                                     
كان اغتيال الخوئي جريمة تلاقت فيها دوافع الحسد والحقد وعقدة الدونية التي شبّ عليها السيد مقتدى الصدر مع إملاءات ايرانية أريد بها التخلص من وريث حوزة ومرجعية كانت معادية للثورة الإيرانية ولفكرة ولاية الفقيه , وعلى وجه القطع كان بقاء عبد المجيد الخوئي على قيد الحياة  سيخنق الظاهرة المقتدائية في مهدها ؛ ولقد كانت تلك الجريمة دليلا على انحطاط الزمرة التي ذبحته , ونذيراً مبكراً بما ينتظر العراق إذا تمكنت من تثبيت جذورها في أرضه ؛ لن أتحدث هنا عن أخلاقيات مجاميع هذا التيار التي خلعت على عجل الزيّ الزيتوني يوم العاشر من نيسان 2003 لترتدي الدشاديش السوداء والعمائم البيضاء , ولن أتطرّق لتفاصيل صفقتهم مع القيادي البعثي السيد مزبان خضر هادي والسماح له بمغادرة النجف سالماً مقابل تسليمهم أسلحة الحزب , ولن أتوقف عند إصرارهم على الذبح الفوري للدكتور حيدر الرفيعي كليدار الحضرة العلوية حتى يأخذ معه إلى العالم الآخر سرّ الراتب الشهري الضخم الذي كان مكلفاً من قِبل ديوان الرئاسة بتسليمه للسيد محمد صادق الصدر – رحمه الله –  والذي وقع عليه اختيار الرئيس صدام حسين ليكون مرجعاً دينياً وذلك لأسباب تتعلق بسياسة الدولة وبمصالحها العليا .
أدرك العراقيون صبيحة العاشر من نيسان 2003 أن الغزوالأميركي قد اجتاح بلدهم بما في ذلك العاصمة بغداد , وكان أول ردّ فعل في مدينة النجف استبدال صورة ضخمة للرئيس صدام حسين – رحمه الله – معلقة في الصحن العلوي  بصورة لمحمد صادق الصدر , وظهور مجاميع مسلحة تجوب أرجاء المدينة صارخة بهيستريا ” لازعيم إلا الصدر ” , و في تلك الصبيحة ذاتها عرفت النجف أن السيد عبد المجيد الخوئي قد رجع من المنفى ويؤدي زيارة للمرقد العلوي , وبعد ساعة واحدة من ذيوع هذا الخبر فوجيء الناس بحوالي مئتي رجل يحملون قاذفات صاروخية ورشاشات وقنابل يدوية وأسلحة بيضاء , يحاصرون غرفة سادن الحضرة التي تواجد فيها السيد الخوئي بصحبة الكليدار الرفيعي والصحفي معد فياض والسيد ماهر الياسري ومعهم ثلاثة آخرون , وبلا مقدمات فتحوا نيران تلك الأسلحة و تقدموا لاقتحام الغرفة يقودهم معمم اسمه مصطفى اليعقوبي ممسكا بسكين طويلة حاول بها عبر النافذة طعن الخوئي الذي صاح به ” اشدتسوي ولك تريد تقتلني ؟ ” فأجابه اليعقوبي على مسمع من كل الناس ” أقتلك وأقتل أهلك وكلكم ميتين اليوم ” !
ثم اقتحم الغوغاء تلك الغرفة بعد مصرع ماهر الياسري وتقدم معمم اسمه رياض النوري وقال للخوئي ورفاقه ” آنا مدير مكتب مقتدى الصدر , وأنتم الآن أسرى لدى السيد مقتدى ” ! ثم جرى سرقة كل ما حوته جيوب ” الأسرى ” من أموال وساعات اليد و آلات التصوير وقيل لهم أنها غنائم سيستردّونها من مكتب مقتدى , ثم شدّوا وثاقهم وجروّهم إلى الصحن حيث انهال المقتدائيون على الكليدار الرفيعي بالسواطير والقامات مع صيحات ” يا حسين ” وتركوه أشلاء مقطعة على الأرض ليواصل موكب الأسرى سيره إلى زقاق يُطلق عليه ” عكد الحمير ” حيث يسكن مقتدى الصدر في بيت كان وقفاً للملاية أمينة قبل أن يغتصبه والده , وأمام باب ذلك المنزل خفتت أصوات الجمع وكأنهم يترقبون إطلالة السيد القائد , ولكن الباب انشق عن معمم وقف على العتبة قائلا  ” يقول السيد مقتدى اقتلوا المجرمين في الخارج ولا تدخلوهم بيتي ” ! فتكالبوا على ” الأسرى ” طعناً بكل ما تحمله أيديهم من أسلحة بيضاء ثم قام أحدهم بإطلاق رصاصات الرحمة على رؤوسهم , وقد ظلت جثة عبد المجيد الخوئي مطروحة في ” عكد الحمير ” من الظهيرة وحتى المغرب على بعد مئة متر من مسكن مقتدى , وسرت في النجف رواية تقول أنه كان يطلّ عليها من نافذة علوية في بيته متشفيا !
……………………….
……………………….
يمكن الاطلاع على التفاصيل الدقيقة لهذه الجريمة في كتاب عنوانه ” ظهيرة ساخنة جدا ” ألّفه صديق الخوئي وشاهد العيان الذي نجا من تلك المذبحة بمعجزة , السيد معد فياض الذي يضيف إلى اتهامه الجازم لمقتدى الصدر بارتكاب تلك الجريمة عن سابق ترصّد وتصميم , وثائق تؤكد هذا الاتهام صادرة عن القضاء العراقي وعن هيئة تحقيق أميركية ومعهما نتائج تحقيق أجراه عام 2006 السيد موفق الربيعي مكلفاً من الحكومة العراقية , والأهم من ذلك اعترافات اثنين من الجناة اللذين ألقي القبض عليهما وهما مصطفى اليعقوبي ورياض النوري , واللذين تم الإفراج عنهما بعد ثلاث سنين بضغوط من ابراهيم الجعفري وأحمد الجلبي لاعتبارات تتعلق بمصالح سياسية ومالية متبادلة مع مقتدى الصدر , وقد تصاعدت جهودهما المحمومة لغلق هذه القضية حتى تمكنا في نهاية الأمر من سرقة ملفها من دائرة قاضي التحقيق !
بشكل ما فإن السيد الخوئي قد يكون استحق مصيره المروّع , ذلك أن والده أبا القاسم الخوئي كان لعشرين سنة أستاذاً  لمحمد الصدر والد مقتدى , وبعد كل الذي جرى يمكن لنا أن نقرر باطمئنان أن الأستاذ لم يحسن تربية تلميذه !

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب