23 ديسمبر، 2024 11:26 ص

الموج عاتي والسفينة خالية الصواري دُسُرها متآكلة تُبحر بربان كسيح الى الجزيرة المفقودة، كل من عليها يضمر شيئا فهم في عالم المباغتة وإن تشاركوا في مائدة واحدة فلا حرمة لملح وزاد، فعملهم يكثر فيه لواط الألسن حين يأتي الحق عاريا حتى بدون فتنة، والأغرب أنهم يبيعون غايات دون وسيلة فَهمِهم الذين ينشدون مع من يرافقهم فيه الشيطان ذلك الذي أمسك بالتفاحة وتحول الى دودة كي ينخرها ثم يسممها بأفكار شياطين، أما البذرة فقد أستمنى عليها لغرض فيما لو زرعت يكون الثمر فاسدا فاسقا من الأساس، هكذا هي الأفكار فحتى الذين أعتاد ان ينصت إليهم كمثقفين او أصحاب منار يكونون على شاكلته، خاصة عندما يدسون السم في العسل يدعون الى الطائفية التي استمناها الشيطان داخل تلك التفاحة التي ما ان تذوقها حواء وآدم حتى نزعت من قلبهما الإنسانية وكُشِفت لهما سوأتهما صارا بلا عقل مُسَيرين بفحيح ثعبان ينشد الفسق والفرقة… يا له من عالم!! ويا لها من عقول!! تحبل حتى تلد تنانين همها نفخ النار لتوقد الفتنة وتذيب ميزان العدالة الذي أخسروه في الوزن وصار رقميا ليكون اكثر دقة في الخسران، إننا بشر فطرنا على قول الزور والكذب والنفاق… إلا من أراد الله له ان يكون بقلب سليم، ولا نعلم في عالم الفتنة والنفاق ايا منا يحمل القلب السليم، فقد ماجت النفوس التي تزكي نفسها وصارت كل واحدة تضع معايير للعدالة والحق وهي واقفة على خط تجاوزت فيه حق غيرها بحجة الأعلم والاكثر سلطة والأحقية المعطاة بالنفوذ والجبروت، لم يكن هينا أو سهلا ان تركب النوايا سفينة الى جزيرة مجهولة لا علم لأحد أهي مأهولة أم خالية ام يسكنها الشياطين ام الجن؟ لم يتوقعوا او يضعوا في حسبانهم ان هناك من يقطن فيها اتخذها عزلة بعيدا عن نفوس مريضة غير مؤهلة لأن تكون من البشر فالعالم تحول الى عفاريت وزنادقة تحول بأيديها شعل من نار تحرق كل من يروم العدل دستور حياة يبحث عن الحق في شق تمرة، أو يكتبه في قرطاس ليعلقة على جدران عقول أفل النور فصارت تتحسس بلسان فكرها كالثعابين همها اللدغ دون أهمية للفريسة..
جزيرة مليئة بالسواد تحيط بها الأشجار ذات الرؤوس السوداء ماكثة رابضة على هيئة وهالة عظيمة ثمرها تفوح منه العفونة، تساقط تفاح آدم الذي استوقدوا من شجرة نارا حتى يمكنهم نَشد الطريق، هم لم يدخلوا مثل هذه الجزيرة من قبل رغم انهم داسوا بأقدامهم جزر عديدة يبحثون عن الرب الأوحد الذي يشعرهم بأن له السطوة فما يعبدون وما يحملون على بطونهم أرباب صغار ربما استطاعوا ان يسجدوا لآدمهم لكن آدم نفسه خارت قواه ودنت نفسه بعد وسوسه فصنع لخطيئته عذرا بعبارة وسوس لي الشيطان، نسي أمر ربه الحق، ماجت نفسه الى حيث الرذيلة والمهانة ساقته الى ان يخرج من الجنة التي كان فيها، تاه سنين ومن معه حتى وجد هذه الجزيرة التي ظن أنه بعيد كل البعد عن نفوس الشياطين الأفراخ التي تكاثر من حيوانات الشيطان المنوية التي لقحت بذور تفاحة أكلت منها حواء لتنجب للشياطين ابناء إنسية… كان الظلمة حالكة، حتى قال أحدهم: هلا أنتظرنا قليلا؟ دعونا نجلس لبرهة نشعل نارا توقد لنا الدفء أو تجلب لنا الأنس من بعيد يراها لعلها تستقطب سائل او فضولي او حتى قاطع طريق فنحن فينا أو أغلبنا من نفس الصنف.. وافق الأغلب وساد الصمت لوهلة ليست بقصيرة، راع البعض وأرتجفت قلوب بصدور فاق جلدها الشيطان نفسه، حسحسة أقتربت حركة مريبة شيء ما يتقدم نحوهم أستعد البعض بما يمتلك من سلاح ليدافع عن نفسه لا عمن بجانبه فالوقت طوفان خوف أنا ومن بعدي يهلك، لاح لهم هالة رجل ضخم الجثة لم يتبينوا وجهة لكثافة الشعر على رأسه وذقنه…
وقف أمامهم وهم على حذر من أن يظهر غيره لكنه وعندما وجدهم هكذا قال: إسجدوا لي…
لكن عنتهم وطغيانهم والغلو عمى نفوسهم فأردف… يبدو أنكم اضعتم الطريق أو ان بوصلة ربان سفينتكم قد ضاع شمالها عن جنوبها او شرقها عن غربها، دلفت نواياكم تدفع بدفتها الى حيث أنتم وأظن ان دسر السفينة لم تعد كما هي فمن يجوب هذا البحر بحثا عن الكنز لا يكترث لما يركب، فالطمع والجشع والفضول يعملون على طمس النور في عينيه فلا يرى سوى الخلود والربوبية… حسنا جئتم ولكم حق اللجوء فمن جاء قبلكم طلب ذلك ولم اسمع بأحد من قبل أنه طلب العودة فهذه الجزيرة من يدخلها لا يستطيع الخروج منها فمغريات النفس فيها كثيرة و وهم العيش بإغداق فرص الرغيد على النفس كثيرة لكم ما ان ترونها قيود ذلك بحلي ذهبية نفوس تمرض ولا تشفى من فقد الحياء، الشرف، الغيرة، الإيمان، الصدق والأمانة، فكل ما كنتم تعتقدوه صواميل آلية ستفقدونها تلك التي جاهد الأنبياء والرسل على أن تكون دساتير او منجيات إلا أنه لا يوجد لكم منجيات في زمن المحظيات… فأنت ستجدون ربكم الأعلى الذي جئتم ليقلدكم أوسمة بأن تكونوا ابناء للشياطين، سيزرقكم بإبر ما ان يسري ترياقها في عروقكم حتى تخروا ساجدين للعين والمثلت سيعيد لكم سامريهم الجديد بعجل أنتم له الخوار، ستولدون من رحم الشيطان، سترجمون الرحمة والمواثيق السماوية بحجر من سجيل من نفوسكم المرضية، ستصنعون عالما آخر يبعد كل البعد عن العالم الذي تستوطن به من تطلقون عليهم بشر، ستكونون دون نواميس، أو قيم أو مباديء، حياتكم لا معايير ولا أطر عقيدة او ميثاق تسير عليه إنما انتم كالروبوت الحديث مجرد آلة بأزرار تنفذ ما يعبئ في داخلها سواء من أستكم او في عقولكم فكل الفتحات التي بكم هي عبارة عن منافذ للسقوط، لا هم لمن تعبدون سوى أن تكونوا عبيدا … فآدمكم الأول سقط من أول وهله وأنتم لستم بأفضل منه، اما تلكم البشر فهم رعية او لنقل تابعين ونفوس ضعيفة أجل لكن لا قدرة لها إلا أن تكون أكثر من ذلك عبيد.. اما أنتم فقد تخطيتم الحدود وصرتم كالشياطين التي تخرق السماوات البعض منها يسقط بالشهب والبعض يسترق السمع ليشي بما رآه فعالم الغيب بالنسبة لكم غاية ومنها تنطلق العروش أما الإستحواذ فذلك صولجانكم الذي ستحكمون فيه… ولكن عليكم أن تمعنوا بقولي إن هذه الجزيرة ليست سهلة الولوج فمن إستطاع البقاء حينه يرافق إبليس دربه.. أنا إن سألتم عني ومن أكون؟؟ فأنا ذلك الآدم الذي خرق ناموس الحق وتعرى، آدم الذي إستباحت نفسه الأمارة بالسوء بأن يسرق تفاحة وهي ليست ملكا له، آدم الذي عصى وأنتكس، ولولا أن لله غاية ما رمى بي الى هذه الجزيرة كي اقف على من يريد البحث عن الكنز المفقود والذي خاب كل من نشده، فالكنز هو بين خلجاتكم إنه الإيمان لقد فقدتم إيمانكم وزاغ البصر، صرتم من اتباع الشيطان فهنيئا لكم ورودها… هيا فمن رغب منكم فذاك هو إتجاه الجبل الذي إن أستطعم تسلقه ستنالون كنزكم.. لكن تذكروا ان الطوفان آت لا محالة ولا عاصم من أمر الله هذا ما قلته لولدي الذي حاول ان يلوذ بجبل يعصمه عن أمر الله لكن أمر الله نافذ… فلكم من الدنيا ما قَدَر لكم ولكم في الآخرة ما قُدِر لكم، فشأنكم وما تعبدون وتذكروا ان الحياة مسيرة يوم مما تعدونه سنين وما انتم إلا عُباد للشيطان ذلك الذي رفض السجود كما فعلتم حين قلت لكم إسجدوا لي فتعاليتم فلعنة الله سترافقكم طيلة أزمانكم ما دمتم عن طرق الحق زالفين.